لماذا تستحي المرأة من الشيب ؟!
أميمة الجابر




لن تستمر العلاقة بين الزوجين علي حال واحد , لكن كثير ما يحدث اصطدام بينهما ربما يكون ذلك من كثرة الأعباء التي يعانيها كل منهما , فلكل منهما مسئوليته الخاصة المكلف بها , وفي النهاية قد يكون لكل مشكلة حل ,و يستمر الوضع علي هذا الحال فيعيش الزوجان في دوامة البيت و الأولاد حتى يغفل كل منهما في حق نفسه في كثير من الأمور ,فإن كانت هذه الغفلة في حق من أمور الدنيا فالأمر حينذاك يكون هينا ,لكن إن كان التفريط في حق يتعلق بكيانه الإيماني و امر آخرته فحينئذ تكون هذه هي المأساة الحقيقة ..


فلأول مرة ينظر إلي نفسه مستحيا عندما يجد أول شيبة تتلألأ في رأسه , يمر شريط العمر أمامه في لحظة واحدة و يسائل نفسه ماذا يا ترى قدمت من طاعة لربي ؟

فالشيب خلقة الله يكاد أن يكون لا مفر منه , يأتى كجرس تنبيه , يقول له الآن أصبحت في العهد التنازلي .... فقد بدأ الشيب , فعليك أن تدرك نفسك و تنقذها في الأيام الباقية , وربما تكون هذه التذكرة هي الحكمة من بروز الشيب لكثير من الناس ..

لكن عندما تظهر علامات الشيب عند البعض تبدو عليهم علامات استحياء آخر , وقد يتأثر الرجل مثل ما تتأثر المرأة لكن المرأة تزيد خجلا فتحاول إخفاءه ممن حولها جميعا , خاصة من زوجها حتى لا تجد منه تعليقا أو تلميحا على ذلك ولو مزاحا .

فالزوج لا يريد أن يرى زوجته دائما إلا زاهية نشيطة سارة , ولذلك تقوم بعض النساء بمحاولة التغيير لذلك الشيب – مجتنبة السواد - رغبة في تطبيق الحديث " إذا نظر إليها سرته " ولتظهر دائما بمظهر يسعده .

إن ديننا العظيم الذي دائما ما يوجهنا ويجعل لنا الحلول من كل العواقب والمشكلات التي تقف أمامنا فلما كان هذا الأمر يشكل مشكلة عند المرأة أجاز لها التشريع ما يبعدها عن كل ما يغضب الله تعالى منها , وقد وضحت لنا السنة النبوية أن للرجل والمرأة حق في تغيير الشيب فقال عليه والصلاة والسلام " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد " رواه مسلم

وقد تجد بعض النساء يتهاون , فلا تبال إحداهن أن تصبغ بالسواد وتراه أمرا يسيرا لا يستحق الاهتمام , وعليهن أن يعلمن أن الإنسان عليه أن يمتثل أمر نبيه صلى الله عليه وسلم ففيه الخير كل الخير .

وقد تجد بعض النساء يتأثرن نفسيا بظهور ذلك الشيب وتبدأ في الانطواء و إهمال نفسها ومظهرها , بل الكثيرات يقمن بتغطية رؤوسهن معظم مكوثهن بالبيت استحياء من ظهور ذلك الشيب , فيجد منها الزوج ذلك الإهمال فتتباعد بينهما المسافات ويطول الصمت حتى تكون الإشارة بعد ذلك هي لغة الحوار بينهما , لذلك فعلى المرأة التي غزا الشيب مفرقها عدة أمور :

1- أولا تغييره بإتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم مع تجنب الصبغ بالسواد

2- عليها أن تعوض ذلك الأمر بأشياء أخرى كالبشاشة ورقة الحديث مع الزوج

3- عليها أن تعلم أنها كما غزاها شيب فالزوج أيضا كذلك وكما هي تقدمت بها السن فالزوج أيضا تقدمت به السن فذلك أمر لا مهرب منه فلله تعالى حكمة في ذلك .

4- عليها أن ترتقي بتفكيرها إلى ما هو أعلي من ذلك فتستفيد من ذلك الشيب في الإقبال على الله تعالى ولا تستسلم لوساوس الشيطان في هدم نفسيتها .

5- عليها أن تهتم بنضارتها وتحاول أن تكون متجددة دائما ولتتحلى بالنشاط والحيوية والطموح في الخير

6- عندما يكون الزواج مبنيا على طاعة الله تعالى ويجتمع الزوجان فيه على المودة والرحمة فعلى الزوجة أن تطمئن إلى أن حب زوجها لها لن يقل لمجرد رؤيته لذلك الشيب , فالزوجة التي أحبها في شبابها لن يخذلها بعد مرور هذه السنين .


علينا إذن ألا ننظر للشيب هذه النظرة السلبية وقد كرم النبي صلى الله عليه وسلم الشيب حيث قال :" من شاب شيبة في الإسلام كانت له نورا يوم القيامة " رواه أحمد وأبو داود والترمذي

قال المناوي : أي يصير الشيب نفسه نوراً يهتدي به صاحبه ويسعى بين يديه في ظلمات الحشر إلى أن يدخله الجنة .

فلنحمد الله تعالى على نعمة الإسلام الذي حثنا على تلك القيمة قيمة الحياء , والحياء بالطبع ليس عيبا ولكنه لابد أن يوضع في موضعه ولكن ذلك الحياء في زمننا هذا جهله البعض وافتقده آخرون لأنه كما وضح لنا نبينا الكريم أنه شعبة من شعب الإيمان أي من اتخذ الحياء خلقا يسمو به فقد كان له شعبة من الإيمان , حيث أنه وقاية للكثيرين من ارتكاب المعاصي استحياء من الله تعالى .

و أيضا قد تعلمنا من نبينا صلي الله عليه و سلم ما كان الحياء في شيء قط إلا زانه , لكن الشيب في رأس المرأة ليس بالأمر الذي تستحي منه .
إن عليها أن تستحي من زوجها عندما تقصر في أداء حقوقه و واجباته , فالمرأة الحريصة علي ذلك عليها أن تعلم أنها ستظل عالية في نظر زوجها لأنه يعلم أنها بذلت و ضحت و أعطت بلا مقابل , فليس لها إلا أن يكافئها بالتقدير والعرفان , فهل جزاء الاحسان إلا الاحسان .