إن سعيكم لشتى


فاطمة الياسين


قال الله -تعالى-: {إن سعيكم لشتى}، ما إن تشرق شمس الصباح حتى تعج المدينة بالحركة، وتضج الشوارع بالأصوات، وتبدأ عجلة الحياة بالدوران من جديد؛ فسيارات هنا وهناك، وهذا متعجل يريد أن يصل إلى مكتبه في الوقت المحدد، وذاك لديه موعد مع شخص ما، وهذه لديها محاضرة، وتلك تقود سيارتها على عجل كي لا يفوتها موعد المستشفى، وذاك يسير ماشياً، وهذا يركض يريد أن يركب الحافلة، وذاك يعبر الشارع، حركة... حركة... حركة... الكل يتحرك، والكل له وجهة يريد أن يصل إليها، والكل يحمل هما في قلبه، وهدفا يريد أن يحققه، ولكن كما قال المولى -عز وجل-: {إن سعيكم لشتى}.

وكلمة (شتى) تعني مختلف وهي نكرة تجمع كل أنواع الاختلاف، فكل هؤلاء يختلفون في وجهتهم، ويختلفون في أهوائهم، ويختلفون في أهدافهم. والأهم من كل ذلك أنهم يختلفون في نواياهم؛ فمنهم من يضمر الشر فتجده يسعى لإفساد ذات البين، أو يسعى لخراب بيوت، أو تدمير علاقات، أو يسعى بالنميمة، أو يسعى لإفساد كل ما هو طيب.
ونجد آخرين مسرعين لفعل الخير، من تعليم العلم، وإصلاح ذات البين، أو تعمير الأرض، أو تطبيب، أو برُّ والدين، فهم شتى في مساعيهم؛ فهنيئاً لمن كان من الفريق الثاني، وكلٌ ميسر لما خُلِق له: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.