أيها الإخوة الفضلاء: هذا رسالة صغيرة الحجم، أردت من خلالها تعريف عامة الناس بالآداب والسنن المتعلقة بأسفارهم وتنزهاتهم، وسوف تخرج بإذن الله على شكل كتب صغير أو مطوية، توزع في المطارات والمحطات البترولية وغيرها، لذا آمل من الإخوة إبداء الملاحظات على هذه الرسالة قبل نشرها، ليعم النفع. علماً بأني لم أثبت المراجع، حتى لا تطول الرسالة على العامة فيزهدوا فيها.

بسم الله الرحمن الرحيم
(آداب النزهة والسفر)
الشريعة المحمدية جاءت من عند الله، كاملة شاملة لجميع شؤون الحياة كلها، فما من فعل إلا وللشريعة فيه حكم، إما الوجوب أو الاستحباب أو الإباحة أو الكراهة أو التحريم، والحكم يختلف باختلاف الأفعال والنيات. ولما طبع الناس على حب الخروج إلى البرية، والضرب في الأرض بالأسفار والرحلات، جاءت الشريعة بجملة من السنن والآداب المتعلقة بهذا الأمر. هذه الرسالة التي بين يديك، تحمل مجموعة من السنن والآداب المتعلقة بالرحلة والسفر، منها المشهور الذي يحسن التذكير به، ومنها الخفي الذي ينبغي التنبيه عليه. فاجتهدا أيها المسلم والمسلمة في التطبيق، حتى لا تطوى صحيفة يومكما من دون عمل صالح. قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه:(ما ندمت على شيء، ندمي على يوم غربت شمسه، نقص فيه أجلي ولم يزدد فيه عملي).
وهذه السنن والآداب كما يلي:-
أولاً:-الاستخارة.تعرض للمسلم أمور كثيرة في الحياة، يحتار في اختيار أحسنها، وقد جاءت الشريعة بسنة عظيمة، هي من أسباب توفيق الله له في اختيار أصلحها، وهي سنة الاستخارة، ومعناها: طلب الخير ممن بيده مفاتيح الخير، ثم التوكل عليه والرضا بقضائه. والاستخارة بديل عما كان يفعله المشركون من زجر الطيور أو الاستقسام بالأزلام أو الاستدلال بالنجوم و الأبراج. يقول جابر رضي الله عنه:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ يُعَلِّمُنَا الِاسْتِخَارَةَ فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا كَمَا يُعَلِّمُنَا السُّورَةَ مِنْ الْقُرْآن( )يَقُولُ:" إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ( ) ثُمَّ لِيَقُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ(أي: أطلب منك الخير لأنك العالِمُ بالخير) وَأَسْتَقْدِرُك َ بِقُدْرَتِكَ(أي: أطلب منك القدرة على الخير لأنك القادر عليه) وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ الْعَظِيمِ، فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ، اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ(ويسمي حاجته) خَيْرٌ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي(أي: حياتي) وَعَاقِبَةِ أَمْرِي(أي: آخرتي) أَوْ قَالَ عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي، ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ، وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ، شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ، فَاصْرِفْهُ عَنِّي وَاصْرِفْنِي عَنْهُ(أي: كل واحد منا اصرفه عن الآخر) وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ، ثُمَّ أَرْضِنِي به" رواه البخاري
ثانياً:-الاستشارة. الناس يختلفون في تجاربهم وخبراتهم، والموفق من استشار أصحاب الخبرة والاختصاص، كل في عمله، فيسأل أصحاب السفريات عن أفضل الطرق، ويسأل أهل البلد عن أفضل الأماكن وهكذا. وفائدة الاستشارة: أنها تختصر على الإنسان أموراً كثيرة، قد يعاني منها لو وقع فيها. وعلى من استشير في شيء أن ينصح في استشارته. يقول النبي "إِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ "رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح غريب.وقال"حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ. وذكر منها: وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ "رواه مسلم.
ثالثاً:- تسديد الديون الحالة، وتأمين النفقة لمن تلزمك نفقته، والتخلص من مظالم الخلق، فإن الشقي التعيس من دعا عليه مظلوم في ظلمة الليل.قال "اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ "رواه البخاري ومسلم.
رابعاً:- أخذ الاحتياطات اللازمة للنزهة والسفر، حتى لا تكون عالة على غيرك، وقد بايع بعض الصحابة النبي على ألا يسألوا الناس شيئاً،رواه مسلم. وأخذ لوازم السفر، سبب لعدم سؤال الناس. ومما يحسن التنبه له: تفقد إطارات السيارة و سوائلها وأجهزتها. حتى لا تقع في موقف ترثى له. وإذا تعطلت إحدى محركات السيارة فقل: بسم الله.فعن أبي المليح عن أبيه قال: كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ فَعَثَرَتْ دَابَّةٌ فَقُلْتُ تَعِسَ الشَّيْطَانُ فَقَالَ:" لَا تَقُلْ تَعِسَ الشَّيْطَانُ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، تَعَاظَمَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الْبَيْتِ، وَيَقُولُ بِقُوَّتِي، وَلَكِنْ قُلْ بِسْمِ اللَّهِ، فَإِنَّكَ إِذَا قُلْتَ ذَلِكَ، تَصَاغَرَ حَتَّى يَكُونَ مِثْلَ الذُّبَابِ "رواه أبو داود والنسائي في الكبرى وصححه النووي.
خامساً:-الخروج يوم الخميس إن تيسر ذلك. قال كعب بن مالك رضي الله عنه: لقلما كان رسول الله يخرج إذا خرج في سفر، إلا يوم الخميس.رواه البخاري
سادساً:-التوديع يستحب للمسلم توديع الأقربين من أهله وأقاربه وأصحابه وجيرانه. قال سالم بن عبد الله كان ابن عمر يقول للرجل إذا أراد سفراً: ادن مني أودعك، كما كان رسول الله يودعنا فيقول:"أَسْتَوْد ِعُ اللَّهَ(أي:أطلب من الله حفظ) دِينَكَ وَأَمَانَتَكَ(أ :أهلك ومالك) وَخَوَاتِيمَ عَمَلِكَ "رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح غريب.وفي رواية قال"إذا اُسْتُودِعَ(أي:ا ُستحفِظ) اللهَ شيئاً حَفِظَهُ" رواه النسائي في الكبرى وحسنه ابن حجر.وفي رواية قال: كان النبي إذا ودع رجلا أخذ بيده فلا يَدَعَها حتى يكون الرجل هو يدعُ يدَ النبي.رواه الترمذي وصححه الألباني.وقال أنس رضي الله عنه: جاء رجل إلى النبي فقال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ سَفَرًا فَزَوِّدْنِي، قَالَ:" زَوَّدَكَ اللَّهُ التَّقْوَى" قَالَ: زِدْنِي قَالَ:" وَغَفَرَ ذَنْبَكَ" قَالَ زِدْنِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي قَالَ:" وَيَسَّرَ لَكَ الْخَيْرَ حَيْثُمَا كُنْتَ"رواه الترمذي وحسنه ابن حجر.وعن أبي هريرة رضي الله عنه : أن رجلا قال: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُسَافِرَ فَأَوْصِنِي قَالَ:"عَلَيْكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ"(أي:مرتفع) فَلَمَّا أَنْ وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ:"اللَّهُمّ َ اطْوِ لَهُ الْأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ"رواه الترمذي وحسنه وقال أبو هريرة رضي الله عنه: بعثنا رسول الله في بعث ثم أتيناه نودعه، حين أردنا الخروج.رواه البخاري. ويستحب أن يُودِع المسافرُ غيره بما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي قال:"من أراد أن يسافر فليقل لمن يخلف : أَسْتَوْدِعُكُم ُ اللهَ الذِيْ لا تَضِيْعُ وَدَائِعُهُ"روا ابن ماجة وابن السني واللفظ له وحسن إسناده ابن حجر.
سابعاً:- تجنب سفر المسلم وحْدَه. قال ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ النَّبِيّ" لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي الْوَحْدَةِ مَا أَعْلَمُ،(أي: من الآفات التي تعترضه) مَا سَارَ رَاكِبٌ بِلَيْلٍ وَحْدَه"رواه البخاري. وقال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قَالَ النَّبِيّ"الرَّ اكِبُ شَيْطَانٌ وَالرَّاكِبَانِ شَيْطَانَانِ وَالثَّلَاثَةُ رَكْبٌ" رواه الترمذي وحسنه. قال ابن عبد البر رحمه الله: الشيطان هو: البعيد عن خير الرفيق وعونه، فلا يؤمن على المسافر، أن تعترضه الشياطين، وإذا كانوا ثلاثة زال الخوف في الأغلب.وقال ابن عثيمين رحمه الله: وهذا يدل على الحذر من سفر الإنسان وحده، ولكن هذا في الأسفار التي لا يكون طريقها مسلوكاً بكثرة، وأما الأسفار التي يكون طريقها مسلوكاً بكثرة، فإن هذا لا يعد انفراداً في الحقيقة، لأن الناس يمرون به كثيراً، فهو منفرد في سيارته، وليس منفرداً في السفر بل الناس حوله.
ثامناً:- الإمارة. تأمير أحد الرفقة من أهم الأمور، والرفقة التي ليس فيها أمير عاقل خبير، عرضة للشقاق والتفرق والتحزب، قال أبو سعيد الخدري وأبو هريرة رضي الله عنهما: قال النبي "إِذَا خَرَجَ ثَلَاثَةٌ فِي سَفَرٍ فَلْيُؤَمِّرُوا أَحَدَهُمْ" رواه أبو داود وحسنه النووي. قال الإمام ابن تيمية: لا بد للناس عند الاجتماع من رأس، وقد أوجب النبي تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها بذلك على سائر أنواع الاجتماع.أ.هـ ثم إنه لابد من طاعة الأمير، وعصيان أمير الرفقة، يترتب عليه شر ونزاع عظيم، والموفق من هداه الله لطاعة أميره، حتى لو خالف ما يعلمه أو يهواه، ما لم يأمر بمعصية.قال أبو هريرة رضي الله عنه: قال النبي:"مَنْ أَطَاعَنِي فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَمَنْ يُطِعْ الْأَمِيرَ فَقَدْ أَطَاعَنِي وَمَنْ يَعْصِ الْأَمِيرَ فَقَدْ عَصَانِي " رواه البخاري ومسلم.
تاسعاً:- دعاء الركوب. للركوب دعاء خاص مهم، يحرص عليه المسلم كلما ركب سيارته.قال علي بن ربيعة قال: شَهِدْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَأُتِيَ بِدَابَّةٍ لِيَرْكَبَهَا فَلَمَّا وَضَعَ رِجْلَهُ فِي الرِّكَابِ قَالَ: بِسْمِ اللَّهِ، فَلَمَّا اسْتَوَى عَلَى ظَهْرِهَا قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ثُمَّ قَالَ:{سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا(أي: ذلل لنا هذا المركوب)وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ(أي:ق ادرين على تذليله) وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ }ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ: سُبْحَانَكَ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، ثُمَّ ضَحِكَ، فَقِيلَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ، قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ فَعَلَ كَمَا فَعَلْتُ ثُمَّ ضَحِكَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ ضَحِكْتَ، قَالَ: إِنَّ رَبَّكَ يَعْجَبُ مِنْ عَبْدِهِ إِذَا قَالَ: اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ غَيْرِي" رواه أبو داود والترمذي وصححه.
عاشراً:- دعاء السفر.هذا الدعاء فيه التجاء العبد لربه واعتصامه بخالقه وتوكله عليه وتفويض أموره إليه.قال ابن عمر رضي الله عنهما: كان رسول الله إِذَا اسْتَوَى عَلَى بَعِيرِهِ خَارِجًا إِلَى سَفَرٍ(أي: بعد مفارقة البلد) كَبَّرَ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ:"{سُبْحَان الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا(أي: ذلل لنا هذا المركوب)وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ(أي:ق ادرين على تذليله)وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ }اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ فِي سَفَرِنَا هَذَا الْبِرَّ وَالتَّقْوَى، وَمِنْ الْعَمَلِ مَا تَرْضَى، اللَّهُمَّ هَوِّنْ عَلَيْنَا سَفَرَنَا هَذَا وَاطْوِ عَنَّا بُعْدَهُ، اللَّهُمَّ أَنْتَ الصَّاحِبُ فِي السَّفَرِ، وَالْخَلِيفَةُ فِي الْأَهْلِ(أي: مُصاحِبنا في سفرنا، وحَافظٌ لنا أهلنا) اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السَّفَرِ(أي:مشق ته) وَكَآبَةِ الْمَنْظَرِ(أي: تغيره)وَسُوءِ الْمُنْقَلَبِ(أ : المرجع)فِي الْمَالِ وَالْأَهْلِ" رواه مسلم وفي حديث عبد الله بن سَرْجِسَ " وأَعُوذُ بك من الْحَوْرِ بَعْدَ الْكَوْنِ(أي: الانحراف بعد الاستقامة) وَمن دَعْوَةِ الْمَظْلُومِ"رو ه مسلم.
الحادي عشر:- الاستفادة من الطريق. يحسن بالمسلم أن يستفيد من طول الطريق، بسماع الأشرطة النافعة من محاضرات دينية، أو قصائد وأناشيد، تُعلم الأدب وتُبعد الملل. وليحذر من سماع مزامير الشياطين وآلات اللهو. قال أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُول اللَّهِ" لَا تَصْحَبُ الْمَلَائِكَةُ رُفْقَةً فِيهَا كَلْبٌ وَلَا جَرَسٌ" رواه مسلم. فكيف بك يا سامع الغناء، إذا ذهبت عنك ملائكة الرحمن وركبت معك الشياطين، ألا تخشى أن تكون عرضة للمصائب والنكبات.
الثاني عشر:- مراعاة آداب الطريق، من التزام السرعة النظامية، وعدم إيذاء الناس بالمنبهات المزعجة أو الأنوار البيضاء أو الوقوف في وسط الطريق أو رمي المخلّفات في الطرق. ولقد أرشد النبي بعبارة مختصرة، شاملة لجميع مخالفات الطريق فقال:"أَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ "رواه البخاري ومسلم.
الثالث عشر:-التكبير والتهليل والتسبيح، يمر المسافر بأماكن مرتفعة وأماكن منخفضة، والسنة أن يكبر ويهلل إذا صعد، ويسبح إذا نزل. يقول جابر رضي الله عنه:"كُنَّا إِذَا صَعِدْنَا كَبَّرْنَا وَإِذَا نَزَلْنَا سَبَّحْنَا".رواه البخاري ومسلم. وفي حديث أبي موسى رضي الله عنه قال:"هَلَّلْنَا وَكَبَّرْنَا".رو اه البخاري ومسلم.
الرابع عشر:- الدعاء في الليل، فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي كَانَ إِذَا كَانَ فِي سَفَرٍ وَأَسْحَرَ(أي: دخل وقت السحر)يَقُولُ:" سَمِعَ سَامِعٌ بِحَمْدِ اللَّهِ(أي: ليسمع السامع حمدنا لله)وَحُسْنِ بَلَائِهِ عَلَيْنَا، رَبَّنَا صَاحِبْنَا وَأَفْضِلْ عَلَيْنَا، عَائِذًا بِاللَّهِ (أي:معتصماً به)مِنْ النَّارِ" رواه مسلم. وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرٍ قَالَ:كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  إِذَا سَافَرَ فَأَقْبَلَ اللَّيْلُ قَالَ:"يَا أَرْضُ رَبِّي وَرَبُّكِ اللَّهُ، أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شَرِّكِ، وَشَرِّ مَا فِيكِ، وَشَرِّ مَا خُلِقَ فِيكِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَدِبُّ عَلَيْكِ، وَأَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ(أي:ال حية العظيمة التي فيها سواد)، وَمِنْ الْحَيَّةِ وَالْعَقْرَبِ، وَمِنْ سَاكِنِ الْبَلَدِ(أي:الج ن)، وَمِنْ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ(أي:كل مخلوق كبير أو صغير)"رواه أبو داود وحسنه ابن حجر.
الخامس عشر:- دعاء دخول القرية، إذا أقبل المسلم على قرية أو مدينة، فإنه يسن له أن يذكر الدعاء الوارد في ذلك.فعن صهيب رضي الله عنه أن النبي لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها" اللهم رب السماوات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن(أي:حملن)ور الشياطين وما أضللن(أي: غوين)ورب الرياح وما ذرين(أي: أطارت وأزالت) فإنا نسألك خير هذه القرية، وخير أهلها، ونعوذ بك من شرها، وشر أهلها، وشر ما فيها". رواه النسائي في الكبرى وحسن إسناده ابن حجر.
السادس عشر:- الأذان والصلاة، ليحرص المسلم على الأذان والصلاة في المنتزهات والصحاري ففيه فضل عظيم.قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال النبي:"لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ جِنٌّ وَلَا إِنْسٌ وَلَا شَيْءٌ إِلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"رو ه البخاري. وفي حديث ابن عمر"يَغْفِرُ اللَّهُ لِلْمُؤَذِّنِ مُنْتَهَى أَذَانِهِ وَيَسْتَغْفِرُ لَهُ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ سَمِعَ صَوْتَهُ" رواه أحمد وصحح إسناده المنذري.وفي حديث أبي أمامة"وَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ صَلَّى مَعَهُ" رواه النسائي وجود إسناده المنذري. وأما عن الصلاة فقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال رسول الله "الصَّلَاةُ فِي جَمَاعَةٍ تَعْدِلُ خَمْسًا وَعِشْرِينَ صَلَاةً فَإِذَا صَلَّاهَا فِي فَلَاةٍ(أي:أرض صحراء)فَأَتَمَّ رُكُوعَهَا وَسُجُودَهَا بَلَغَتْ خَمْسِينَ صَلَاةً" رواه أبو داود وحسن إسناده ابن مفلح.
السابع عشر:- دعاء النزول، إذا نزل المسلم منزلاً فإنه يستحب له أن يدعو بالدعاء الوارد في ذلك.قالت خولة بنت حكيم رضي الله عنها: سمعت رسول الله يقول:"مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا ثُمَّ قَالَ أَعُوذُ (أي:أعتصم)بِكَلِ َاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ حَتَّى يَرْتَحِلَ مِنْ مَنْزِلِهِ ذَلِكَ"( ).رواه مسلم.
الثامن عشر:- مراعاة نظافة الأماكن والمنتزهات، فاحرص على عدم رمي المخلفات، من الزبائل وبواقي الأطعمة في طرقات الناس أو تحت ظلال الأشجار، وإذا كنت تحب الأماكن النظيفة، لتجلس فيها مرتاحاً مع أهلك، فكذلك من بعدك يحب ذلك.وانتبه أن يلعنك الناس بسبب تلويث متنزهاتهم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي قال:"اتَّقُوا اللَّعَّانَيْنِ (أي اللذين يسببان اللعن) قَالُوا وَمَا اللَّعَّانَانِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ الَّذِي يَتَخَلَّى(أي: يقضي حاجته) فِي طَرِيقِ النَّاسِ أَوْ فِي ظِلِّهِمْ" رواه مسلم.
التاسع عشر:-الحرص على العفاف والحشمة وعدم التبرج والفتنة.فانتبه أخي المسلم على أهلك من لصوص البشر، وقراصنة الأعراض، وسراق الشرف والفضيلة. واحرص على تسترهم، وجنبهم العبايات المزخرفة والنقاب الواسع، وتفقد جهاز الجوال وخدمة البلوتوث، ولكن دون تعقيد وتضييق، فكن وسطاً بين طرفين. قال جابر بن عتيك كان النبي الله يقول:"مِنْ الْغَيْرَةِ مَا يُحِبُّ اللَّهُ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُ اللَّهُ، فَأَمَّا الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي الرِّيبَةِ(أي: في مواطن الشك)وَأَمَّا الْغَيْرَةُ الَّتِي يُبْغِضُهَا اللَّهُ فَالْغَيْرَةُ فِي غَيْرِ رِيبَةٍ" رواه أبو داود وحسنه الألباني.
العشرون:- تجنب حضور الحفلات الغنائية، والذهاب إلى أماكن اللهو والمحرمات، وإن من أعظم المصائب، أن تسن المحرمات وتنظم، وتوضع لها الدعايات، وتهيأ لها الأماكن، ويعتنى بها أشد من العناية بمجالس الدعوة وأماكن الخير. قال أبو عامر أو أبو مالك الأشعري: قال النبي:"لَيَكُون نَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ( ي:يحللون) الْحِرَ(أي: الزنا) وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ( ي:آلات اللهو والعزف)"رواه البخاري.
الواحد والعشرون:- دعاء الرجوع من السفر، يسن للمسلم إذا رجع إلى أهله، أن يعيد دعاء السفر ويزيد عليه، ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي إذا رجع قال:"آيِبُونَ(أي: راجعون) تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ"رواه مسلم. وفي حديث ابن عمر أيضاً أن رسول الله كَانَ إِذَا قَفَلَ(أي:رجع) مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ( )يُكَبِّرُ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ(أي: مرتفع)مِنْ الْأَرْضِ ثَلَاثَ تَكْبِيرَاتٍ ثُمَّ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، آيِبُونَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ،تَائِبُ ونَ عَابِدُونَ سَاجِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ، صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ، وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ"( ) وفي حديث أنس رضي الله عنه قال: فَلَمَّا أَشْرَفْنَا عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ النَّبِيُّ:" آيِبُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ" فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُهَا حَتَّى دَخَلَ الْمَدِينَةَ.رو ه البخاري ومسلم.
الثاني والعشرون:- التعجل إلى الأهل، يستحب للمسلم أن يتعجل إلى أهله، عند انتهائه من سفره.قال أبو هريرة رضي الله عنه قال النبي :"السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ(أي:ال ألم والمشقة) يَمْنَعُ أَحَدَكُمْ نَوْمَهُ وَطَعَامَهُ وَشَرَابَهُ، فَإِذَا قَضَى أَحَدُكُمْ نَهْمَتَهُ(أي:حا جته) فَلْيُعَجِّلْ إِلَى أَهْلِهِ"رواه البخاري ومسلم
الثالث والعشرون:- إخبار الأهل بالقدوم، يستحب للمسافر أن ينبه أهله قبل الدخول عليهم. قال أنس بن مالك رضي الله عنه: كان رسول الله لا يطرق أهله ليلا وكان يأتيهم غدوة أو عشية.رواه البخاري ومسلم. وقال جابر رضي الله عنه :قال رسول الله :"إِذَا أَطَالَ أَحَدُكُمْ الْغَيْبَةَ( ) فَلَا يَطْرُقْ أَهْلَهُ لَيْلًا"رواه البخاري ومسلم. وقال جابر:كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ فِي غَزَاةٍ،فَلَمَّ ا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ ذَهَبْنَا لِنَدْخُلَ فَقَالَ: أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا،أَيْ عِشَاءً، كَيْ تَمْتَشِطَ الشَّعِثَةُ وَتَسْتَحِدَّ الْمُغِيبَةُ "(أي:تزيل شعر عانتها بعد غياب زوجها)رواه البخاري ومسلم. قال النووي: يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة، وإذا علمت امرأته أنه قادم، فلا بأس بقدومه متى شاء، لزوال المعنى الذي نهي بسببه، فإن المراد أن يتأهبوا وقد حصل ذلك ولم يقدم بغتة. ويؤيد ما ذكرناه ما جاء في الحديث الآخر" أَمْهِلُوا حَتَّى نَدْخُلَ لَيْلًا " وذلك أنهم أرادوا الدخول في أوائل النهار بغتة، فأمرهم بالصبر إلى آخر النهار، ليبلغ قدومهم إلى المدينة.أ.هـ فعلى ذلك من أخبر أهله بمجيئه عن طريق الهاتف، فإنه يزول النهي في حقه، ويأتي متى شاء.
الرابع والعشرون:- سنة الوصول إلى البلد، من فضل الله عليك وحفظه لك، أن يوصلك إلى أهلك وبلدك صحيحاً معافى، وشكراً لهذه النعمة، يستحب لك الذهاب إلى المسجد قبل كل شيء،والصلاة فيه ركعتين لله تعالى.قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: لَمَّا قَدِمَ النبيالْمَدِين ةَ، أَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْمَسْجِدَ، فَأُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ.رو ه البخاري مسلم. وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: كَانَ رسول الله لَا يَقْدَمُ مِنْ سَفَرٍ إِلَّا نَهَارًا فِي الضُّحَى، فَإِذَا قَدِمَ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ.رو ه البخاري ومسلم.
الخامس والعشرون:-الدعاء عند دخول البيت، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: كان رسول الله إذا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ، فدَخَلَ أَهْلَهُ قَالَ:" تَوْبًا تَوْبًا، لِرَبِّنَا أَوْبًا (أي:رجوعاً) لَا يُغَادِرُ عَلَيْنَا حَوْبًا(أي:توباً ورجوعاً لا يدع ذنباً)" رواه أحمد والحاكم وحسنه ابن حجر.
السادس والعشرون:- الطعام عند القدوم . من آداب الإسلام، ومحاسنه العظام، إظهار الفرح والسرور،وتغذية الروح الإنسانية، بما يوافق الطباع السليمة، وإن من الآداب الواردة عن نبينا الكريم ما يسمى بالنَّقِيعَة، وهي: طعام القدوم، إظهاراً لبهجة الإنسان عند قدومه لبلده. قال جابر رضي الله عنه: لَمَّا قَدِمَ رَسُولَ اللَّهِ الْمَدِينَةَ، نَحَرَ جَزُورًا أَوْ بَقَرَةً. رواه البخاري ومسلم.انتهى،،، إعداد/محمد اليحيى25/6/1429هـ