تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: دفع الاشكال عن كلام الامام محمد ابن عبد الوهاب فى مسألة الاكراه في ضوء فهم كلام الامام لأصل المسألة فى موانع التكفير

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي دفع الاشكال عن كلام الامام محمد ابن عبد الوهاب فى مسألة الاكراه في ضوء فهم كلام الامام لأصل المسألة فى موانع التكفير

    السؤال
    أشكل علي كلام منسوب إلى الإمام محمد بن عبد الوهاب عليه رحمة الله تعالى ، وذلك أن واحدا مِن أهل البدع قال لي : إن الشيخ رحمه الله أتى بكلام مفهومه أنه يقول إن عمار بن ياسر كافر ، لذا أريد منكم بارك الله فيكم أن تبينوا لي هذ الكلام ، وإليكم الكلام المنسوب : قال محمد بن عبد الوهاب النجدي - في كتاب "مؤلفات محمد بن عبد الوهاب" في الجزء السادس/ 272-273 وهي الرسالة الثامنة والثلاثون التي توجد في "الدرر السنية" ج 8 ص 49 -51:: " واعلموا أن الأدلة على تكفير المسلم الصالح إذا أشرك بالله أو صار مع المشركين على الموحدين ولو لم يشرك أكثر من أن تحصر من كلام الله وكلام رسوله وكلام أهل العلم كلهم ، وأنا أذكر لكم آية من كتاب أجمع أهل العلم على تفسيرها ، وأنها في المسلمين ، وأن مَن فعل ذلك فهو كافر في أي زمان كان ، قال تعالى : ( من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) إلى آخر الآية وفيها : ( ذلك بأنهم استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة ) فإذا كان العلماء ذكروا أنها نزلت في الصحابة لمّا فتنهم أهل مكة ، وذكروا أن الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه مع بغضه لذلك وعداوة أهله لكن خوفا منهم أنه كافر بعد إيمانه ، فكيف بالموحد في زماننا إذا تكلم في البصرة أو الإحساء أو مكة أو غير ذلك خوفا منهم لكن قبل الإكراه ، وإذا كان هذا يكفر فكيف بمن صار معهم ، وسكن معهم ، وصار مِن جملتهم ، فكيف مَن أعانهم على شركهم وزينه لهم ، فكيف بمن أمر بقتل الموحدين وحثهم على لزوم دينهم ، فأنتم وفقكم الله تأملوا هذه الآية ، وتأملوا مَن نزلت فيه ، وتأملوا إجماع العلماء على تفسيرها ، وتأملوا ما جرى بيننا وبين أعداء الله نطلبهم دائما الرجوع إلى كتبهم التي بأيديهم في مسألة التكفير والقتال فلا يجيبوننا إلا بالشكوى عند الشيوخ وأمثالهم ، والله أسأل أن يوفقكم لدينه ويرزقكم الثبات عليه ".
    نص الجواب
    الحمد لله
    أولا :
    كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله يعتقد في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عظيم المنزلة ورفيع القدر والشرف والمكانة ، يلتزم في ذلك ما جاء في القرآن الكريم وفي السنة الصحيحة من الثناء عليهم وتعظيم قدرهم .
    وكان يرفض طريقة الرافضة الطاعنين فيهم ، وينص على عذر من أخطأ من الصحابة ، وأن خطأه خطأ اجتهاد يؤجر عليه ، ويرد على كل من اتهم صحابيا أو تكلم فيه بالذم والنقص .
    يقول رحمه الله "مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوهاب" (القسم الثالث/ مختصر سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم/ص 322) :
    " وأجمع أهل السنة على السكوت عما شجر بين الصحابة رضي الله عنهم ، ولا يقال فيهم إلا الحسنى ، فمن تكلم في معاوية أو غيره من الصحابة فقد خرج عن الإجماع "
    قال أيضا "مؤلفات الشيخ" ( رسالة في الرد على الرافضة/ ج12،ص14) :
    " وقوله : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) وغير ذلك من الآيات والأحاديث الناصة على أفضلية الصحابة واستقامتهم على الدين ؛ ومن اعتقد ما يخالف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كفر . ما أشنع مذهب قوم يعتقدون ارتداد من اختاره الله لصحبة رسوله ونصرة دينه ! " انتهى .
    ثانيا :
    النص المنقول عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يريد به التفريق بين :
    الخوف المجرد - الذي لا يستند إلى سبب مباشر ، فلا يعتبر هذا عذرا يرخص الوقوع في الكفر ؛ لأن الباعث عليه هو الطمع في المال والجاه والعافية –
    وبين التهديد الفعلي الحقيقي بالضرب والإيذاء والسجن والتعذيب ، ولما كان الكفر أعظم المحرمات ، لم يجز للمسلم الوقوع فيه إلا بسبب مباشر وتهديد حقيقي ، أما الحرص على الدنيا والخوف من نقص شيء منها دون أن يسبق ذلك تهديد أو فعل حقيقي ، فليس هذا بعذر يرخص الكفر بالله العظيم .
    وقد ساق الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله للاستدلال على هذه المسألة قوله تعالى :
    ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) النحل/106
    فالاستثناء في الآية هو للمكره ، وليس للخائف المتوهم ، أو الخائف الطامع ، وسبب نزول الآية يوضح ذلك ، فقد وقع على آل ياسر من العذاب الشيء العظيم ، حتى قتلت سمية وياسر ، وأوذي عمار بأشد أنواع الضرب والتعذيب ، ثم رخص له النبي صلى الله عليه وسلم في التلفظ بالكفر ، ولم يكن عمار متوهما ولا طامعا في الاحتفاظ بجاهه ومنصبه وماله ، بل كان يرد عن نفسه أشد أنواع العذاب الذي تعرض له .
    يوضح ذلك تكملة الآيات السابقة ، فقد قال تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآَخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) النحل/107
    فانظر كيف نفى الله العذر عن كل من أخلد إلى الدنيا ، وآثر شهواتها ، وركن إلى حظوظها .
    ومثله قوله عز وجل : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ ) المائدة/51-52
    ففي هذه الآية نفي العذر عن أولئك الذين يوالون الكفار على المسلمين ، ويعتذرون بالخوف من الدوائر والمصائب ونكاية الكفار بهم إذا ظهروا عليهم .
    لذلك يقول الشيخ رحمه الله – كما في "مؤلفات الشيخ" (القسم الأول، العقيدة، نواقض الإسلام، ص 387، والقسم الخامس، الشخصية، رقم 32، ص 212) والدرر السنية (2/362) :
    " ولا فرق في جميع هذه النواقض – نواقض الإسلام العشرة - بين الهازل والجاد والخائف ، إلا المكره ، وكلها من أعظم ما يكون خطرا ، ومن أكثر ما يكون وقوعا ، فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه "
    ويقول في "كشف الشبهات" :
    " لا خلاف أن التوحيد لا بد أن يكون بالقلب واللسان والعمل ; فإن اختل شيء من هذا لم يكن الرجل مسلما . فإن عرف التوحيد ولم يعمل به فهو كافر معاند ، كفرعون وإبليس وأمثالهما .
    وهذا يغلط فيه كثير من الناس ، يقولون : هذا حق . ونحن نفهم هذا ، ونشهد أنه الحق ، ولكنا لا نقدر أن نفعله ، ولا يجوز عند أهل بلدنا إلا من وافقهم ، أو غير ذلك من الأعذار .
    ولم يدر المسكين أن غالب أئمة الكفر يعرفون الحق ولم يتركوه إلا لشيء من الأعذار ، كما قال تعالى : ( اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً) وغير ذلك من الآيات ،
    وهذه المسألة مسألة كبيرة طويلة ، تتبين لك إذا تأملتها في ألسنة الناس ، ترى مَن يعرف الحق ويترك العمل به لخوف نقص دنيا أو جاه أو مداراة لأحد .
    وترى من يعمل به ظاهرا لا باطنا ، فإذا سألته عما يعتقد بقلبه فإذا هو لا يعرفه .
    ولكن عليك بفهم آيتين من كتاب الله :
    أولاهما : قوله تعالى : ( لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )
    فإذا تحققت أن بعض الصحابة الذين غزوا الروم مع الرسول صلى الله عليه وسلم كفروا بسبب كلمة قالوها على وجه المزح واللعب ، تبين لك أن الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفا من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحد أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها .
    والآية الثانية : قوله تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ )
    فلم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئنا بالإيمان .
    وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه ، سواء فعله خوفا أو مداراة أو مشحة بوطنه أو أهله أو عشيرته أو ماله ، أو فعله على وجه المزح ، أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره .
    فالآية تدل على هذا من جهتين :
    الأولى : قوله : ( إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ ) فلم يستثن الله تعالى إلا المكره ، ومعلوم أن الإنسان لا يكره إلا على الكلام أو الفعل ، وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد .
    والثانية : قوله تعالى : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ )
    فصرح أن هذا الكفر والعذاب لم يكن بسبب الاعتقاد أو الجهل أو البغض للدين أو محبة الكفر ، وإنما سببه أن له في ذلك حظا من حظوظ الدنيا فآثره على الدين " انتهى بتصرف يسير .
    وانظر أيضا : الرسالة رقم/33 من رسائله الشخصية (ص/21-218) "مؤلفات الشيخ" .
    والذي يقرره الشيخ محمد بن عبد الوهاب هنا هو مما اتفق عليه أهل العلم ، فلم يعد أحد من أهل العلم الخوف المتوهم النابع من طمع وحرص ورغبة في إيثار الدنيا رخصة في الوقوع بالكفر ، بل إن الإمام أحمد نفى أن يكون التهديد المباشر رخصة حتى يقع المهدد به ، كما أن الأحناف والمالكية نفوا أن يكون الضرب اليسير أو السجن اليسير عذرا في الوقوع في الكفر ، على خلاف وتفصيل عند الفقهاء ، يمكن مراجعته في "الموسوعة الفقهية" (6/105) .
    ثالثا :
    بعد ذلك يمكن أن نفهم النص المنقول في السؤال ، في ضوء فهم أصل المسألة في موانع التكفير ، فالشيخ رحمه الله يثبت أن عمار بن ياسر كان مكرها ، وأنه معذور بسبب العذاب الحقيقي الذي وقع عليه ، ولكنه ينكر أن يكون الخوف المجرد المتوهم عذرا كعذر عمار بن ياسر ، وتأمل معي مرة أخرى النص تجده على هذا الفهم ، وليس على الفهم السقيم الذي ذكره لك ذلك الرجل .
    يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب – كما في "الدرر السنية" (10/9) - :
    " قال تعالى : ( مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ) سورة النحل/106 إلى آخر الآية وفيها : ( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ ) سورة الأنفال آية/23
    فإذا كان العلماء ذكروا أنها نزلت في الصحابة لمَّا فتنهم أهل مكة ; وذكروا : أن الصحابي إذا تكلم بكلام الشرك بلسانه ، مع بغضه لذلك وعداوة أهله ، لكن خوفا منهم ، أنه كافر بعد إيمانه . – تأمل كيف ذكر قيد الخوف وليس الإكراه -
    فكيف بالموحد في زماننا ، إذا تكلم في البصرة أو الإحساء أو مكة أو غير ذلك خوفا منهم ، لكن قبل الإكراه ! – وهذا واضح أن مراده التفريق بين الخوف والإكراه وليس تكفير عمار بن ياسر رضي الله عنه -
    وإذا كان هذا يكفر فكيف بمن صار معهم وسكن معهم وصار من جملتهم ؟!
    فكيف بمن أعانهم على شركهم ، وزينه لهم ؟
    فكيف بمن أمر بقتل الموحدين ، وحثهم على لزوم دينهم ؟ " انتهى .

    بل إذا افترضنا جدلا أن تفريق الشيخ بين الإكراه الحقيقي ، المعتبر في الشرع ، وبين الخوف المتوهم ، إذا افترضنا أنه لم يوافقه عليه غيره من أهل العلم ، وأن الخوف المتوهم ، هو مثل الإكراه ، فإن الذي يعنينا هنا أن الشيخ رحمه الله يجعل عمار بن ياسر من أهل الإكراه الحقيقي ، وهم أهل العذر الذي نزلت فيهم الآية ؛ ولذلك يقول رحمه الله لمخالفه :
    " وأنت - والعياذ بالله - تنْزل درجة درجة، أول مرة في الشك، وبلد الشرك وموالاتهم، والصلاة خلفهم، وبراءتك من المسلمين مداهنة لهم ... من غير إكراه ، لكن خوفا ومداراة ؛
    وغاب عنك قوله تعالى، في عمار بن ياسر وأشباهه: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ 2 إلى قوله: ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ 3، فلم يستثن الله إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان، بشرط طمأنينة قلبه . والإكراه لا يكون على العقيدة ، بل على القول والفعل .. " الرسائل الشخصية ، رقم (33) ص (215) ، الدرر السنية (13/61) .
    وهذا واضح جدا ، ويكفينا هنا في تبرئة الشيخ رحمه الله من هذا الفهم السقيم لكلامه ، لا سيما إذا ضممنا إليه ما سبق من موقفه العام من صحابة النبي صلى الله عليه وسلم .
    المصدر: الإسلام سؤال وجواب

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2012
    المشاركات
    7,880

    افتراضي رد: دفع الاشكال عن كلام الامام محمد ابن عبد الوهاب فى مسألة الاكراه في ضوء فهم كلام الامام لأصل المسألة فى موانع الت

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابوسفيان مشاهدة المشاركة
    النص المنقول عن الشيخ محمد بن عبد الوهاب يريد به التفريق بين :
    الخوف المجرد - الذي لا يستند إلى سبب مباشر ، فلا يعتبر هذا عذرا يرخص الوقوع في الكفر ؛ لأن الباعث عليه هو الطمع في المال والجاه والعافية –
    وبين التهديد الفعلي الحقيقي بالضرب والإيذاء والسجن والتعذيب ، ولما كان الكفر أعظم المحرمات ، لم يجز للمسلم الوقوع فيه إلا بسبب مباشر وتهديد حقيقي ، أما الحرص على الدنيا والخوف من نقص شيء منها دون أن يسبق ذلك تهديد أو فعل حقيقي ، فليس هذا بعذر يرخص الكفر بالله العظيم .
    ..........
    فالاستثناء في الآية هو للمكره ، وليس للخائف المتوهم ، أو الخائف الطامع ، وسبب نزول الآية يوضح ذلك ، فقد وقع على آل ياسر من العذاب الشيء العظيم ، حتى قتلت سمية وياسر ، وأوذي عمار بأشد أنواع الضرب والتعذيب ، ثم رخص له النبي صلى الله عليه وسلم في التلفظ بالكفر ، ولم يكن عمار متوهما ولا طامعا في الاحتفاظ بجاهه ومنصبه وماله ، بل كان يرد عن نفسه أشد أنواع العذاب الذي تعرض له .
    .......
    لذلك يقول الشيخ رحمه الله – كما في "مؤلفات الشيخ" (القسم الأول، العقيدة، نواقض الإسلام، ص 387، والقسم الخامس، الشخصية، رقم 32، ص 212) والدرر السنية (2/362) :
    " ولا فرق في جميع هذه النواقض – نواقض الإسلام العشرة - بين الهازل والجاد والخائف ، إلا المكره ، وكلها من أعظم ما يكون خطرا ، ومن أكثر ما يكون وقوعا ، فينبغي للمسلم أن يحذرها ويخاف منها على نفسه "
    جزاك الله خيرا اخى ابوسفيان
    " ولا فرق في جميع هذه النواقض – نواقض الإسلام العشرة - بين الهازل والجاد والخائف ، إلا المكره
    هل يمكن ان توضح اكثر ما هو الاكراه المعتبر وما هى شروطه وهل يجوز للمكرَه أن يصبر ويحتمل ولو قُتل في سبيل الله؟

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: دفع الاشكال عن كلام الامام محمد ابن عبد الوهاب فى مسألة الاكراه في ضوء فهم كلام الامام لأصل المسألة فى موانع الت

    أحسنت نشرًا
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2020
    المشاركات
    362

    افتراضي رد: دفع الاشكال عن كلام الامام محمد ابن عبد الوهاب فى مسألة الاكراه في ضوء فهم كلام الامام لأصل المسألة فى موانع الت

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدعبداللطيف مشاهدة المشاركة
    جزاك الله خيرا اخى ابوسفيان
    هل يمكن ان توضح اكثر ما هو الاكراه المعتبر وما هى شروطه
    قال ابن حزم رحمه الله :
    " اتَّفقُوا على أَن الْمُكْره على الْكفْر وَقَلبه مطمئن بالايمان انه لَا يلْزمه شَيْء من الْكفْر عِنْد الله تَعَالَى .. " انتهى .
    "مراتب الإجماع" (61) . وينظر : "الإقناع في مسائل الأجماع" لابن القطان (2/272) .
    قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    " ولهذا لم يكن عندنا نزاع في أن الأقوال لا يثبت حكمها في حق المكره بغير حق .. " انتهى.
    "الاستقامة" (2/210) .
    ج. وفي " الموسوعة الفقهية " ( 22 / 182 ) :
    واتفق الفقهاء على أن من أكره على الكفر فأتى بكلمة الكفر : لم يصر كافراً .
    انتهى
    الإكراه الذي يعذر صاحبه هو الإكراه الملجئ لصاحبه على قول تلك الكلمة .
    جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 22 / 182 ) :
    والإكراه نوعان : نوع يوجب الإلجاء والاضطرار طبعاً ، كالإكراه بالقتل أو القطع أو الضرب الذي يخاف فيه تلف النفس أو العضو ، قلَّ الضرب أو كثر .
    وهذا النوع يسمَّى " إكراهاً تامّاً " .
    ونوع لا يوجب الإلجاء والاضطرار ، وهو الحبس أو القيد أو الضرب الذي لا يخاف منه التلف ، وهذا النوع من الإكراه يسمَّى " إكراها ناقصاً " .



    وقد ذكر العلماء شروطاً للإكراه التام الملجئ لقول كلمة الكفر ، وهي :
    أ. أن يكون التهديد بما يسبب إتلافاً كالقتل والقطع ، أو أذى لا يحتمله المسلم كالحبس ، والضرب .
    ب. أن يكون المكرِه قادراً على تحقيق ما هدَّد به .
    ج. أن يكون المكرَه عاجزاً عن الدفاع عن نفسه ، ولو بالهرب أو بالاستغاثة بغيره .
    د. أن يغلب على ظن المكرَه وقوع ما هدَّد به المكرِه .


    هل يجوز للمكرَه أن يصبر ويحتمل الضرر والأذى ولو قُتل في سبيل ذلك ؟
    نعم يجوز له ذلك ، وقد فعله بلال بن رباح رضي الله عنه وغيره .
    قال ابن كثير – رحمه الله - :
    ويجوز له أن يستقتل ، كما كان بلال رضي الله عنه يأبى عليهم ذلك ، وهم يفعلون به الأفاعيل ، حتى إنهم ليضعون الصخرة العظيمة على صدره في شدَّة الحر ، ويأمرونه أن يشرك بالله فيأبى عليهم وهو يقول : " أحَد ، أحَد " ، ويقول : والله لو أعلم كلمة هي أغيظ لكم منها لقلته ، رضي الله عنه وأرضاه .
    " تفسير ابن كثير " ( 4 / 606 ) .


    وأيهما أفضل : الصبر والتحمل ولو أدى إلى الموت ، أم الترخص برخصة الشرع وإظهار الكفر باللسان ؟ .
    الأقرب أن يُقال : الأفضل هو الصبر والتحمل ، وخاصة لمن كان من أهل العلم أو الفضل أو القدوة للناس ، وهو قول الجمهور .
    قال ابن كثير – رحمه الله - :
    والأفضل والأولى : أن يثبت المسلم على دينه ، ولو أفضى إلى قتله .
    " تفسير ابن كثير " ( 4 / 606 ) .
    وفي " الموسوعة الفقهية " ( 35 / 18 ) :
    ويتفق الحنفية والمالكية والحنابلة وهو الأصح عند الشافعية : على أن الصبر والثبات على الإيمان مع الإكراه ولو كان بالقتل : أفضل من الإقدام على الكفر ، حتى لو قتل كان مأجوراً ؛ لما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( قَدْ كَانَ مَنْ قَبْلَكُمْ يُؤْخَذُ الرَّجُلُ فَيُحْفَرُ لَهُ فِي الْأَرْضِ فَيُجْعَلُ فِيهَا فَيُجَاءُ بِالْمِنْشَارِ فَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ فَيُجْعَلُ نِصْفَيْنِ وَيُمْشَطُ بِأَمْشَاطِ الْحَدِيدِ من دُونَ لَحْمِهِ وَعَظْمِهِ فَمَا يَصُدُّهُ ذَلِكَ عَنْ دِينِهِ ) – رواه البخاري - .
    ومقابل الأصح عند الشافعية أوجه :
    أحدها : الأفضل الإتيان بكلمة الكفر صيانة لنفسه .
    والثاني : إن كان من العلماء المقتدى بهم : فالأفضل الثبوت .
    والثالث : إن كان يتوقع منه الإنكاء – أي : في العدو - والقيام بأحكام الشرع : فالأفضل أن ينطق بها لمصلحة بقائه ، وإلا فالأفضل الثبوت .

    وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية الحديث السابق في شأن من كان صبر على القتلة الشنيعة المذكورة ، ممن سبق قبلنا ، ثم قال :
    " ومعلوم أن هذا إنما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في معرض الثناء على أولئك ، لصبرهم وثباتهم ، وليكون ذلك عزة للمؤمنين من هذه الأمة " انتهى من "الاستقامة" (2/332) .


    لكن الواقع أن هذا الحديث ليس فيه المنع من الأخذ بالرخصة ، بل فيه بيان الأفضل عند الإكراه ، وقد سبق أن قول الجمهور أن الأفضل : الصبر والتحمل ، وأما الرخصة فثابتة في كتاب الله تعالى .
    قال أبو الحسن المباركفوري - رحمه الله - :
    وهذا يدل على أنه ينبغي اختيار الموت والقتل دون إظهار الشرك ، وهو وصية بالأفضل والعزيمة ، فإنه يجوز التلفظ بكلمة الكفر والشرك عند الإكراه ؛ لقوله تعالى: ( إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان ) النحل/ 106 .
    " مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح " ( 2 / 283 ) .

    وهذا الجواب في الواقع على سبيل التنزل .
    وإلا ، فالواقع أن ما يقوله المكره ، وإن كان في نفسه شركا ؛ فإنه ليس شركا في حقه ، ولا يسمى بمجرد ذلك : مشركا ، بل هو ما زال مؤمنا ، لم يثلم إيمانه شيء ، ولم يقع هو في الشرك ، ولا عبرة بهذا القول الذي أكره عليه ، ما دام قلبه مطمئنا بالإيمان ؛ وحينئذ فهو لم يخالف هذا الحديث ، ولم يشرك بالله .
    لكن المشكلة حقا ، هي أن يخاف بعضهم من القتل ، أو الأذى ، أو نحو ذلك من حصول ضرر ، أو فوات نفع ، فيقع في الشرك ، وينشرح صدره بذلك ، فيكون مشركا مرتدا .



    المصدر: الإسلام سؤال وجواب بتصرف

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •