العلامات الأصلية للإعراب هي: الضمة للرفع، والفتحة للنصب، والكسرة للجر، والسكون للجزم.
وهناك علامات فرعية تـنوب عن الأصلية، وذلك في المواضع الآتية:
1- الأسماء الخمسة[1]:
وهي: الأب والأخ والحم والفم وذو (التي بمعنى صاحب).
وهذه الأسماء تُرفَع بالواو وتُنصَب بالألف وتُجر بالياء؛ تقول: جاء أبوك ورأيتُ أباك وذهبتُ إلى أبيك، فالأول مرفوع بالواو لأنه فاعل، والثاني منصوب بالألف لأنه مفعول به، والثالث مجرور بالياء، لدخول حرف الجر عليه.
وهذه الأسماء لا تُعرَب هذا الإعرابَ إلا بشروطٍ أهمُّها[2]: أن تكون مفردةً مضافةً إلى غير ياء المتكلم.
فإن كانت مثناةً أُعرِبت إعرابَ المثنى، تقول: جاء أبَواك، ورأيت أبوَيك، وذهبت إلى أبَويك. وإن كانت مجموعةً جَمعَ تكسير أُعربت إعراب جمـع التكسير، أي بالحركات، تقـول: جـاء آباؤك، ورأيت آباءَكَ، وذهبت إلى آبائِكَ.
وإن كانت مجموعة جمـع مذكرٍ سالمًا[3] أُعربت إعرابَه، تقول: جاء أبُونَ، ورأيت أبينَ، ومررتُ بأبينَ.
وإن كانت غير مضافة أعرِبت بالحركات، تقول: جاءَ أبٌ، ورأيت أبًا، وذهبت إلى أبٍ.
وإن كانت مضافةً إلى ياء المتكلم أعربت بحركات مقدرة، تقول: جاء أبي، وأكرمت أبي، وذهبت إلى أبي. فالأول فاعل مرفوع بضمة مقدرة على ما قبل الياء؛ أي: على الباء، والثاني منصوب بفتحة مقدرة كذلك، والثالث مجرور بكسرة مقدرة كذلك.
2- المثنى:
المثنى: «ما دلَّ على اثنين بزيادة ألف ونون أو ياء ونون، بحيث لو حذفنا الزيادة عاد مفردًا»، ويعرب المثنى بالألف رفعًا وبالياء نصبًا وجرًّا، تقول: حضر الرَجُلانِ، ورأيتُ الرَجُلَينِ، وَذَهَبتُ إلى الرجُلَينِ، فالأول فاعل مرفوع بالألف، والثاني مفعول به منصوب بالياء، والثالث مجرور بالياء كذلك.
وهناك أربعة ألفاظ ملحقة بالمثنى في الإعراب، وهي: (اثنان، واثنتان، وكِلا، وكِلتا)، تقول: جاء اثنان، ورأيتُ اثنين، وذهبت إلى اثنين، وتقول: جاء الرجلان كلاهما، ورأيتُ الرجلين كلَيهما، ومررت بالرجلين كلَيهما، فكلاهما توكيد للرجلين، مرفوع بالألف في الجملة الأولى، ومنصوب ومجرور بالياء في الجملتين الثانية والثالثة.
فهذه الألفاظ الأربعة مُلحَقَةٌ بالمثنى وليست منهُ؛ لأنها لا ينطبق عليها تعريف المثنى السابق. فالأول والثاني لو حذفنا منهما الزيادة لم يدلا على المفرد، والثالث والرابع لا نون فيهما.
ويشترط في (كلا وكلتا) أن تكونا مضافَتين إلى ضمير، كما في الأمثلة السابقة، أمَّـا إذا أضيفتا إلى اسم ظاهر، فإنهما تعربان إعرابَ الاسم المقصور؛ أي: بحركات مقدرة على الألف، تقول: جاء كلا الرجلَين ورأيتُ كلا الرجلين، ومررتُ بكلا الرجلين.
وجاءت كلتا المرأتين، ورأيت كلتا المرأتين، ومررتُ بكلتا المرأتين.
3- جمع المذكر السالم:
«هو ما دلَّ على ثلاثة فأكثر بزيادة واو ونون، أو ياء ونون».
ولا يجمع هذا الجمع إلا ما كان عَلَمًا لمذكر عاقل أو صفة له، وأن يكونا خاليين من تاء التأنيث[4]، وجمع المذكر السالم يُرفَع بالواو ويُنصَب ويُجَر بالياء؛ تقول: جاء الزيدون والمسافرون، ورأيت الزيدينَ والمسافرينَ، ومررتُ بالزيدين والمسافرين، (زيد علم ومسافر صفة)[5].
ومَا لا ينطبق عليه التعريف المذكور لا يُجمع هذا الجَمعَ، ولكن العرب ألحقوا به ألفاظًا أعربوها كإعرابه، مع أنها لا ينطبق عليها التعريف المذكور، ومن تلك الألفاظ:
1- أولو (بمعنى أصحاب)، فإنَّـه لا واحد له من لفظه، تقول: جاء أولو العلم، وجالستُ أولي العلم، ومَشَيتُ مع أولي العلم؛ قال تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الرعد: 19]، وقــال: ﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِي نَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النور: 22]، وقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 21]، فالأول فاعل، والثاني مفعول به، والثالث مجرور.
2- عشرون إلى تسعين، فإنها لا مفرد لها من ألفاظها، والعشرة مثلًا لو كانت مفردَ عشرين لصح إطلاق العشرين على الثلاثين وهذا باطل[6]؛ تقول: جاء عشرون رجلًا، ورأيتُ عشرين رجلًا، ومررتُ بعشرين رجلًا. قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الأنفال: 65].
3- أهـلُون، ومفرده أهـل وهـو لا عَلَم ولا صفة، تقول: جـاء الأهـلون، ورأيتُ الأهـلين، وذهبتُ إلى الأهلين، وفي القرآن الكريم: ﴿ شَغَلَتْنَا أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا فَاسْتَغْفِرْ لَنَا ﴾ [الفتح: 11]، وقال: ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ ﴾ [المائدة: 89]، وقال: ﴿ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُون َ إِلَى أَهْلِيهِمْ ﴾ [الفتح: 12]، الأول فاعل، والثاني مفعول به، والثالث مجرور بحرف الجر.
4- أرَضون، ومفرده أرض فهو مؤنث وليس علمًا ولا صفة؛ تقول: في العالَم أرَضون، وإنَّ الأرَضين لواسعةٌ، وإنَّ في الأرَضين عجائبَ، الأول مبتدأ مرفوع، والثاني اسم إنَّ منصوب، والثالث مجرور بفي.
5- سُنون، ومفرده سنة فهو مؤنث وليس عَلَمًا ولا صفة، تقول: مَضَتْ علينا سُـنون، وقَضينا سـنين في هـذا البلد، وما رأيت بحرًا منذُ سنين؛ قال تعالى: ﴿ وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ﴾ [الكهف: 25]، وقال: ﴿ ضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ﴾ [الكهف: 11].
6- عِليون، وهو اسم لأعلى الجنة، فهو مفرد؛ قال تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا عِلِّيُّونَ ﴾ [المطففين: 18، 19].
7- بَنُون، وهو لا عَلَم ولا صفة، تقول: جاءَ بَنُو عامرٍ، ورأيتُ بني عامر، وزيد من بني عامر. وقال تعالى: ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ ﴾ [الشعراء: 88].
4 - جمع المؤنث السالم[7]:
«هو ما جُمِعَ بألف وتاء مزيدتين في آخرهِ»؛ مثل: هِندات جمع هند، وهذا يُنْصَب بالكسرة نيابةً عن الفتحة؛ قال الله تعالى: ﴿ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 44]، وقد خَرَجَ عن الأصل في حالة النصب فقط، أمَّا في حالتي الرفع والجر، فإنَّـه على الأصل يُرْفَع بالضمة ويُجر بالكسرة؛ تقول: الصالحاتُ عابداتٌ، وتقول: للقانتاتِ أجرٌ عظيمٌ.
ويُشتَرَط في إعرابه هذا الإعراب (أي نصبه بالكسرةِ) - أن تكون الألف والتاء مزيدتين. فإن كانت إحداهما أصليةً (أي موجودة في المفرد)، فإنَّـه يُنصَب بالفتحةِ على الأصل؛ مثل: أَموات فإن التاء موجودة في مفرده؛ قال تعالى: ﴿ كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [البقرة: 28]، ومثل: قُضاة وغُزاة فإن الألف في قُضاة منقلبة عن الياء الموجودة في مفرده، تقول: راجعتُ القُضاةَ وشاركتُ الغُزاةَ، (ألف غزاة منقلبة عن واو)، وألحقوا بجمع المؤنث السالم (أُولات) بمعنى صاحبات؛ قال الله تعالى: ﴿ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ ﴾ [الطلاق: 6]، وكذا ما كان مفردًا وآخره ألف وتاء؛ مثل: أذرُعات.
5 - الممنوع من الصرف:
أي الممنوع من التنوين والكسر، وهذا يُجر بالفتحة نيابةً عن الكسرة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا ﴾ [النساء: 163].
ويُجر بالكسرة في حالتين: الأولى أن تدخــل عليه (أل)، والثانية أن يضاف إلى ما بعـده؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 187]، وقال: ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ [التين: 4].
وأسباب منع الصرف سيأتي تفصيلها في أواخر الكتاب إن شاءَ الله تعالى.
6- الأفعال الخمسة:
«هي كل مضارع اتصل به ألف اثنين مثل: تقومان ويقومان، أو واو جماعة مثل: تقومون ويقومون، أو ياء مخاطَبة مثل: تقومين».
وهذه تُرفَع بثبوت النون وتُنصَب وتُجزَم بحذفها، تقول: أنتم تقومون، ولن تقوموا، ولم تقوموا.
7- المضارع المُعتَل الآخر:
«هو ما كان آخره حرف علة (ياء أو واو أو ألف)»، مثل: يَرمي ويَدعو ويَرضى. فهذه وأمثالُها تُرفَع بضمة مقدرة، وتُنصب بفتحة ظاهرة في الأول والثاني، تقول: لن يرميَ، ولن يدعوَ، وبفتحة مقدرة في الثالث، تقول: لن يرضى، (كما سيأتي في الإعراب التقديري).
أمَّـا في حالة الجزم فإنَّ حرف العلة يحذف من الأفعال الثلاثة، تقول: لم يرمِ، ولم يدعُ، ولم يرضَ، وقد سبق التمثيل لذلك.
المصدر كتاب: توضيح قطر الندى
تأليف: الشيخ عبدالكريم الدبان التكريتي، بعناية: الدكتور عبدالحكيم الأنيس
----------------------
[1] ذكر بعض النحـاة اسمًا سادسًا وهـو (الهن)، لكن الأفصح أن يعرب بالحركات على النون.
[2] ومن تلك الشروط أن تكون هـذه الأسـماء مكـبّرة، فلو صُـغِّرَت أعربت بالحـركات.
[3] لم يجمع منها هذا الجمع إلا الأب والأخ والحم.
[4] ولو كان علمًا لمذكر مثل طلحة وعبيدة، وهناك شروط أخرى مذكورة في كتب أعلى من هذا المستوى.
[5] زيد علم لمذكر عاقل خال من التاء، والمسافر صفة له وخالية من التاء، كما هو واضـح.
[6] أي لو كانت عشرون جمعًا لاستوت مع ثلاثين باعتبارهما جمعًا، وإذا استوَيَا صح إطلاق أحدهما على الآخر، وهذا باطل. ع.
[7] هذا الاسم هو الجاري على ألسنة المعربين، وقال آخرون: هو ما جُمِعَ بألف وتاء؛ لأنه يدخل فيه ما كان مفرده مذكرًا؛ مثل: طلحات، ويدخل فيه ما يتغير بناء مفرده؛ مثل: رَكَعات - بفتح الكاف - جمع رَكْعة - بسكونها، ومثل: صحراوات جمع صحراء، بقلب الهمزة واوًا، فليس سالِمًا.

https://www.alukah.net/literature_language/0/138635/