الوقت وتعلق الأمر به عند الأصوليين وتطبيقاته الفقهية
صَدَر حديثًا كتاب "الوقت وتعلُّق الأمر به عند الأصوليين وتطبيقاتُه الفقهية" للدكتور "أثير عوّاد جمال العاني"، وذلك عن دار الفتح لدى: أرْوقة للدراسات في مجلَّدٍ واحد.
وأصل الكتاب رسالة علميّة قُدِّمَتْ لنيل درجة الدكتوراه في تخصص الفقه وأصوله من جامعة العلوم الإسلامية العالمية بالأردن، بإشراف أ.د. "عبد الملك عبد الرحمن السعدي" عام 2015م.
حيث يتناول الأحكام المتعلقة بالوقت، وما يتعلق به الحكم الشرعي سواء أكان تكليفًا أم كان وضعًا.
ويجيب موضوع الكتاب على الأسئلة التالية:
هل للأمر تعلق بالوقت في الأحكام الشرعية؟ وكيف يكون هذا التَّعلُّق؟
وما الذي ينتجه هذا التعلق من أحكام شرعية، وكيف اختلف الأصوليون فيه؟
وما الذي بناه خلافهم من أحكام اختلفوا فيها؟
وتأتي أهمية البحث للحاجة الماسة إلى معرفة أهمية الوقت في بناء الحكم الشرعي، وكيفية استخراجه للأحكام الشرعية، والتي لا تخلو منها حياة الناس اليومية، سواء في الشعائر التعبدية اليومية كالطهارة والصلاة مثلًا، أم الموسمية كالصيام والزكاة والحج، أم في شئون أسرهم كعقود النكاح والطلاق، وما يترتب من آثار على الكل. كما أنها محاولة موفَّقة لجمع الأحكام الأصولية المتعلقة بالوقت من متفرقات كتب الأصول المتعددة؛ ليسهل التعرف عليها وتيسير تطبيقها فيما يحتاجه المسلم في حياته. ومن أهداف تلك الدراسة ومبرراتها:
1- تعريف الوقت وأقسامه.
2- معرفة العلاقة بين الأمر والمأمور به، وأقسامه حسب الوقت.
3- بيان وتوضيح العلاقة بين الأمر والوقت، وحصر صيغ الأمر.
4- بيان العلاقة بين الوقت والحكم الشرعي، ودخول الوقت في الحكم الشرعي بأقسامه، ومعرفة أقسام الحكم، ومعرفة التطبيقات الفقهية التي تدل على ذلك. وقدَّم للكتاب بفصل تمهيدي عرَّف بالحكم الشرعي وأقسامه، حيث عرَّفَ الكاتب الحكم الشرعي لغةً واصطلاحًا، وبيان تعريف الفقهاء للحكم الشرعي، وبماذا اختلفوا عن تعريف الأصوليين للحكم الشرعي؟
تلاه الفصل الأول في الوقت وأحكامه، عرَّفَ فيه الكاتب الوقت، وأهميته، والألفاظ ذات الصلة، وأقسام الوقت من ناحية الأداء.
أما الفصل الثاني فتناول علاقة الوقت بالمأمور به من ناحية الأداء، والعادة، والقضاء.
وتطرق الفصل الثالث إلى علاقة الوقت بالأمر، وتحدث عن ما يخص أحكام الأمر، من تعريفه لغةً واصطلاحًا، وشروطه، وصيغ الأمر.
أما الفصل الرابع فتناول علاقة الوقت بالحكم الشرعي. حيث بين الكاتب الحكم التكليفي، تعريفه وبيان أقسامه، وخلاف الحنفية مع الجمهور في تقسيم الحكم التكليفي إلى سبعة أقسام بإضافة الواجب، وتقسيم الكراهة إلى كراهة تحريمية وكراهة تنزيهية، مع ضرب الأمثلة على ذلك، وأتى الكاتب بتطبيقات في تعلق الأمر بالوقت في كل حكم تكليفي. تم تحدث الكاتب عن الحكم الوضعي تعريفًا وتقسيمًا، وخلاف الأصوليين في تعدادها، واعتبار بعضٍ منها، وإلغاء بعض، وخلاف الحنفية مع الجمهور في اعتبار الفساد في العبادات والمعاملات، وأتى بتطبيقات فقهية تبين أثر الوقت في الأحكام الشرعية.
أمَّا الخاتمة فقد لخَّصتْ أهم مضامين الدراسة ونتائجها؛ حيث بيَّن الكاتب في نتائج الدراسة أن الوقت الذي حدده الشارع؛ لإيقاع وأداء المأمور به ينقسم إلى أقسام ثلاثة، فإمَّا أن يكون الفعل مساويًا للوقت، أي يكون الوقت على قدر الفعل بحيث لا يزيد عن الفعل ولا ينقص عنه، فهذا يسمى الوقت المساوي، وإما أن يكون الوقت أقل من الفعل لا يتسع أداء الفعل في الوقت، فهو يسمي الوقت الضيق، وإما أن يتَّسع الوقت للفعل ويكون الوقت زائدًا على الفعل، فهو يسمى الوقت المخير أو الموسع أو الزائد.
كما أن التطبيقات الفقهية التي تخص تعلق الأمر بالوقت في الحكم التكليفي والحكم الوضعي، أظهرت هذا التعلق الواضح بين الأمر والوقت في تعيين الشارع لمواقيت العبادات لتؤدى على الوجه الصحيح، فالصلاة كتاب موقوت، والصيام أيام معدودات، والزكاة لحول بعد حول أو يوم الحصاد، فالأحكام لها أوقات معلومة، بل جميع أحكام العبادات المكلف بها المسلم، في يومه، نهاره وليله، وشهره، وعامه، ترتبط ارتباطًا كليًا بعامل الزمن، سواء كان هذا الزمن محددًا مضيقًا أم موسعًا. كما أوصى الكاتب بالعناية والتركيز بمسألة الوقت في الأحكام الشرعية، حيث حددت الأحكام بمواقيت منها: الزمانية ومنها المكانية، ومنها ما جمع بينهما، ولها أهميتها الواضحة في جعل الطالب يغوص في بحر كتب الأصول والفقه؛ للاطلاع على آرائهم النافعة وتطبيقاتهم الواضحة؛ للاستدلال والوصول إلى الترجيح بين أقوالهم، ورؤية أدلتهم، والترجيح من خلال استعراض أدلتهم. كما يجب على الباحث عن مقاصد الشرع في الأحكام معرفة مواقيتها؛ ليتطلع على حكمة الشارع في تحديد تلك المواقيت.