" إيقَاعاتٌ على نِيلِ مصر "






هو الحبُّ يربَحُ من يَبْذُلُ .......****........ ويخسر في الحبِّ مَنْ يبخَلُ


ويسعد مَنْ بَابُه مشرَعٌ .......****........ لأحبابه، كلَّما أقبلوا



ويشقى به كلُّ مَنْ بابُه .......****........ أَمام أحبَّتِه مُقْفَلُ
...



هو الحبُّ يمنحنا راحةً .......****........ إلينا نسائمها تُقْبِلُ



يمدُّ إلينا الحبالَ التي .......****........ بها كلُّ منقطعٍ يُوصَلُ



ويرقى بأرواحنا طُهْرُه .......****........ فتسمو وتعلو ولا تنزِلُ



هو الحبُّ -يا مصرُ- إيقاعُه .......****........ جميلٌ وأنفاسُه أجمَلُ



بعيدُ المدى، مالَه آخرٌ .......****........ إذا سكــــــن القلـــــبَ أو أَوَّلُ



هو الصَّقْرُ في جوِّ أشواقنا .......****........ وفي روض أحلامنا البُلْبُلُ



هو الليلُ في بُعْدِ أحبابنا .......****........ وفي قُرْب أحبابنا المشعَلُ



أتيتكِ يا مصر في مهجتي .......****........ حنينٌ، وفي مقلتي جَدْوَلُ



وبين حناياي من حسرتي .......****........ على حال امتنا مرجلُ



أتيت، ترافقني قريتي .......****........ عَرَاءُ، بأزهارها تَرْفُلُ



ترفرف فوقي عصافيرها .......****........ ويُطربني شَدْوُها المُذْهِلُ



أمامي الحجازُ وأنوارُها .......****........ وتاريخها المشرقُ الأَمْثَلُ



وصحراء نجدٍ وواحاتها .......****........ وغيث الشموخ الذي يهطلُ




تزفُّ الرياض معي نخلَها .......****........ دليلاً على الحبِّ لا يُجْهَلُ



أتيتُكِ قافلتي أحرفي .......****........ وشعري حصاني الذي يَصْهَلُ



وليس مجيئي رحيلاً، وهل .......****........ إلى بيته ساكنٌ يَرْحَلُ



أيا مصرُ، تاريخنا حافلٌ .......****........ ونحن بتاريخنا نَحْفَلُ



ففسُطَاطُ عمروٍ له صورةٌ .......****........ حقيقتها فوقَ ما ننقلُ



وللأزهر الصَّرح إشراقةٌ .......****........ من الشمس أضواؤها تُصْقَلُ



وفي عين جالوتَ أعجوبةٌ .......****........ من النَّصر تُرْوَى ولا تُغْفَلُ




وفي خطِّ بَرْليْفَ ما دونه .......****........ جميعُ الأباطيل تُسْتَرْذَلُ



وربِّكِ -يا مصرُ- لولا أَسَىً .......****........ على أمتي نارُه تُشْعَلُ



ولولا جبال الهموم التي .......****........ على خافقي لم تَزَلْ تُثْقلُ



ولولا الحروب وتجَّارُها .......****........ وليل جراحاتها الأَلْيَلُ



ولولا سياسات عصرٍ لها .......****........ رجالٌ تقول ولا تَفْعَلُ



لا سقيت نيلكِ من فرحتي .......****........ رحيقاً، به ماؤُه يُذْهَلُ



أيا مِصْرُ، مازال إيمانُنا .......****........ هو النَّبْعَ مِنْ فَيْضِه نَنْهَلُ



أخوَّتُنا لم تَزَلْ جدولاً .......****........ به كلُّ أوهامنا تُغْسَلُ



إذا كان للعصرِ ظَلْمَاؤُه .......****........ فأقمارُنا فيه لا تَأْفُلُ



وانْ كان للعصرِ بيداؤُه .......****........ فَزَمْزَمُنا فيه مسترسِلُ



أخي، في الكنانةِ، في خافقي .......****........ مكانُك مهما نَأَى المنزِلُ



أتيت وفي القلب من كعبتي .......****........ ربيعٌ ومن زمزمي مَنْهَلُ



وفي طيبةِ المصطفى روضةٌ .......****........ بها القلب عن غيرها يُشْغَلُ



ويبقى الفراغ الكبير الذي .......****........ بمسجدِ مَقْدِسِنا يكْمَلُ




تَواصُلُنا يا أخي شامخٌ .......****........ برغم الفواصلِ لا يُفْصَلُ



يؤلِّفنا منهجٌ واحدٌ .......****........ أتانا به المصطفى المُرْسَلُ








{عبد الرحمن صالح العشماوي}