تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: فوائد من كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي فوائد من كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي

    فوائد من كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي (1-4)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ


    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فأكبر عدو للإنسان في هذه الحياة الشيطان الرجيم, الذي يسعى سعياً حثيثاً في إضلال بني آدم, بطرق ووسائل شتى.
    وقد حذر العلماء من مكره وصنوف غروره, ومن هؤلاء: الإمام ابن الجوزي رحمه الله في كتابه" تلبيس إبليس " فكان كما قال محقق الكتاب الدكتور أحمد بن عثمان المزيد: من أجمع ما كتب في هذا الباب...فقد أتى على ذكر أغلب صور التلبيس التي يكيد بها إبليس بني آدم.
    والشيطان لا يترك أحداً لا يلبس عليه - نسأل الله أن يحفظنا من كيده وشره – ففي كتاب ابن الجوزي رحمه الله مآخذ, يقول الدكتور أحمد المزيد: "رغم ما لكتاب " تلبيس إبليس " من مزايا, فإنه لم يخلُ –مع ذلك- من مآخذ ونقائص.من ذلك: وقوع مؤلفه في أخطاء عقدية, حيث خالف في تقريرها منهج السلف, وقد علقت على ذلك في مواضعه من التحقيق.وهذا مأخذ كبير على المؤلف والكتاب."
    والكتاب من أشهر كتب ابن الجوزي رحمه الله, ويوجد فيه فوائد, يسر الله الكريم لي فجمعتُ بعضها, أسأل الله أن ينفع بها, ويبارك فيها.
    الأمر بلزوم السنة والجماعة
    قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ( «من أحب منكم أن ينال بحبوحة الجنة فليزم الجماعة, فإن الشيطان مع الواحد, وهو مع الاثنين أبعد» ) [ قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح] .
    قال الأوزاعي: اصبر نفسك على السنة, وقف حيث وقف القوم, وقُل بما قالوا, وكُفَّ عما كفَّوا عنه, واسلك سبيل سلفِك الصالح, فإنهُ يسعُك ما وسِعهم.
    قال سفيان: لا يستقيم قول إلا بعمل, ولا يستقيم قول وعمل إلا بنية’ ولا يستقيم قول وعمل ونية إلا بموافقة السنة.
    قال سفيان: إذا بلغك عن رجل بالمشرق أنه صاحب سُنةٍ فابعث إليه بالسلام, وإذا بلغك عن آخر بالمغرب أنه صاحب سنة فابعث إليه بالسلام, فقد قلَّ أهل السنة والجماعة.
    قال أيوب: إني لأخبرُ بموت الرجُلِ من أهل السُّنة, فكأني أفقدُ بعض أعضائي.
    عن ابن شوذب: إنَّ من نعمة الله على الشاب إذا نسك (تعبد) أن يؤاخي صاحب سُنة يحمله عليها.
    عن سفيان الثوري قال: استوصوا بأهل السنة خيراً فإنهم غرباء.
    قال الجنيد: الطُّرُق كُلها مسدودة على الخلق, إلا من اقتفى أثر الرسول, واتبع سُنته, ولزم طريقته, فإن طرق الخيرات كلها مفتوحة عليه.
    ذم البدع والمبتدعين
    عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( «من فعل أمراً ليس عليه أمرنا فهو رد » ) [أخرجاه في الصحيحين] . وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( «من رغب عن سُنتي فليس مِنّي » ) [انفرد بإخراجه البخاري] .
    عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسم: ( « أنا فرطكم على الحوض, وليختلجن رجال دوني, فأقول: يا ربي أصحابي, فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك» ) [أخرجاه في الصحيحين] .
    كان ابن طاوس جالساً وعنده ابنه فجاء رجل من المعتزلة فتكلم في شيء, فأدخل ابن طاوس أصبعيه في أذنيه, وقال: يا بني أدخل أصبعك في أذنيك حتى لا تسمع من قوله شيئاً, فإن هذا القلب ضعيف, ثم قال: أي بني اسدد, فما زال يقول: اسدد حتى قام الآخر.
    قال رجل من أهل الأهواء لأيوب: أكلمك بكلمة؟ قال:لا, ولا نصف كلمة.
    قال سفيان الثوري: البدعة أحب إلى إبليس من المعصية, المعصية يُتاب منها, والبدعة لا يُتاب منها.قال فيضل بن عياض: من جلس إلى صاحب بدعة فاحذروه.
    التحذير من فتن إبليس ومكايده
    اعلم أن الآدمي لما خُلق رُكِّب فيه الهوى والشهوة ليجتلب بذلك ما ينفعه, ووضع فيه الغضب ليدفع به ما يؤذيه, وأُعطي العقل كالمؤدب يأمره بالعدل فيما يجتلب ويجتنب, وخُلق الشيطان محرضاً له على الإسراف في اجتلابه واجتنابه, فالواجب على العاقل أن يحذر حذره من هذا العدو الذي أبان عداوته من زمن آدم, وقد بذل نفسه وعمره في إفساد أحوال بني آدم.
    وقد أمر الله عز وجل بالحذر منه فقال: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ}[البقرة:169]
    وقال: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاءِ} [البقرة:268]
    وقال: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء:60]
    وقال: {وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّـهِ الْغَرُورُ} [لقمان:33] وفي القرآن من هذا كثير.
    وينبغي أن يعلم أن إبليس الذي شغله التلبيس أول ما التبس الأمر عليه, فأعرض عن النصح الصريح على السجود, وأخذ يفاضل بين الأصول, فقال: { خَلَقتَني مِن نارٍ وَخَلَقتَهُ مِن طينٍ } [الأعراف:12] ثم أردف ذلك بالاعتراض على الملك الحكيم فقال: { أَرَأَيتَكَ هـذَا الَّذي كَرَّمتَ عَلَيَّ }[الإسراء:62] والمعنى أخبرني لِمَ كرمتهُ, غور هذا الاعتراض أن الذي فعلت ليس بحكمه, ثم أتبع ذلك بالكبر.فقال: { أَنا خَيرٌ مِنهُ } [الأعراف:12] ثم امتنع من السجود, فأهان نفسه التي أراد تعظيمها باللعنة والعقاب.
    فمتى سوَّل للإنسان أمراً فينبغي أن يحذر منه أشد الحذر, وليقُل له حين أمره إياه بالسوء: إنما تريدُ بما تأمرني به نصحي ببلوغ شهوتي, وكيف يصح صواب النصح للغير لمن لم ينصح نفسه ؟ ثم كيف أثق بنصيحة عدو, فانصرف فما لقولك منفذ.
    معنى التلبيس والغرور
    التلبيس إظهار الباطل في صورة الحق, والغرور نوع جهل يُوجب اعتقاد الفاسد صحيحاً والردئ جيداً, وسببه وجود شبهه أوجبت ذلك, وإنما يدخل إبليس على الناس بقدر ما يمكنه ويزيد تمكُّنُه منهم ويقلُّ على مقدار فطنتهم وغفلتهم وجهلهم
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: فوائد من كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي

    فوائد من كتاب تلبيس إبليس لابن الجوزي (2-4)


    فهد بن عبد العزيز الشويرخ


    تلبيس إبليس في العقائد والديانات


    دخل إبليس على هذه الأمة في عقائدها من طريقين:
    أحدهما: التقليد للآباء والأسلاف...فزيّن للمُقلِّدين أن الأدلة قد تشتبه, والصواب قد يخفى, وقد ضلَّ في هذا الطريق خلق كثير وبه هلاكُ عامة الناس.
    وقد ذم الله سبحانه الواقفين مع تقليد آبائهم وأسلافهم فقال تعالى: { قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف:22] وقال تعالى: {إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ}[الصافات:69-70]
    واعلم أن المقلد على غير ثقةٍ مما قلَّد فيه, وفي التقليد إبطالُ منفعة العقل, لأنه إنما خُلِقَ للتأمل والتدبُّر, قبيح بمن أُعطي شمعةً يستضيءُ أن يطفئها ويمشي في الظُّلم.
    واعلم أن عموم أصحاب المذاهب يعظم في قلوبهم الشخص فيتبعون قوله من غير تدبر لما قال, وهذا عين الضلال, لأن النظر ينبغي أن يكون إلى القول لا إلى القائل.
    أما الطريق الثاني: فإن إبليس كما تمكن من الأغبياء فورطهم في التقليد..رأى خلقاً فيهم نوع ذكاء وفطنة فاستغواهم على قدر تمكنهم منهم.
    فمنهم من قبَّح عنده الجمود على التقليد وأمره بالنظر ثم استغوى كلاً من هؤلاء بفنٍ, فمنهم: من أراه أن الوقوف مع ظواهر الشرائع عجز, فساقهم إلى مذاهب الفلاسفة, ولم يزل بهؤلاء حتى خرجوا عن الإسلام.
    ومنهم من حسن له أن لا يعتقد إلا ما أدركته حواسه.
    ومنهم من نفرهُ إبليس عن التقليد وحسن له الخوض في علوم الكلام, والنظر في أوضاع الفلاسفة ليخرج بزعمه عن غمار العوام.
    فأعوذ بالله من نظرٍ وعلومٍ أوجبت هذه المذاهب القبيحة.
    تلبيس إبليس على الخوارج
    أول الخوارج وأقبحهم حالاً ذو الخويصرة.
    عن أبي سعيد الخدري, قال: «بعث علي من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذهبة...فقسمها رسول الله بين أربعة...فوجد من ذلك بعض أصحابه والأنصار وغيرهم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ألا تأتمنوني وأنا أمين من في السماء.يأتيني خبر السماء صباح مساء ) ثم أتاه رجل غائر العينين, مشرف الوجنتين, ناشز الجبهة, كثُّ اللحية, مُشمِّرُ الإزار, محلوق الرأس, فقال: اتِّقِ الله يا رسول الله, فرفع رأسه إليه, وقال: ( ويحك أليس أحق الناس أن يتقى الله أنا ) ثم أدبر, فقال: يا رسول الله ألا أضرب عُنُقهُ, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلعله يصلي ) فقال: إنه رُبَّ مُصلًّ يقول بلسانه ما ليس في قلبه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إني لم أؤمر أن أنقب على قلوب الناس, ولا أشقَّ بطونهم) ثم نظر إليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو مُقفًّ, فقال: ( إنه سيخرج من ضئضيء هذا قوم يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم, يمرقون من الدين كما يمرقُ السهمُ من الرَّميَّة)» هذا الرجل يقال له: ذو الخُويصرة التميمي وفي لفظ: أنه قال: اعدل فقال: ( ويلك ومن يعدل ) فهذا أول خارجي خرج في الإسلام, وآفته أنه رضي برأي نفسه, ولو يوفق لعلم أنه لا رأي فوق رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وأتباع هذا الرجل الذين قاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
    ولا أعجب من اقتناع هؤلاء بعلمهم واعتقادهم أنهم أعلم من علي عليه السلام, فقد قال ذو الخويصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اعدل فما عدلت.
    تلبيس إبليس على الرافضة
    وكما لبَّس إبليسُ على هؤلاء الخوارج حتى قاتلوا علي بن أبي طالب رضي الله عنه, حمل آخرين على الغلو في حُبِّهِ فزادوه على الحد, وقد روينا أن الشيعة طالبت زيد بن علي بالتبري ممن خالف علياً في إمامته فامتنع من ذلك, فرفضوه فسموا الرَّافضة.
    قال ابن عقيل: الظاهر أن من وضع مذهب الرافضة قصد الطعن في أصل الدين والنبوة, وذلك أن الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر غائب عنّا, وإنما نثقُ في ذلك بقول السلف...فإذا قال قائل: إنهم أول ما بدأوا بعد موته بظلم أهل بيته في الخلافة, وابنته في إرثها,...فإذا قالت الرافضة: إن القوم استحلوا هذا بعده, خابت آمالنا في الشرع, لأنه ليس بينا وبينه إلا النقل عنهم والثقة بهم.
    وغلو الرافضة في حُبِّ علي عليه السلام, حملهم أن وضعوا أحاديث كثيرة في فضائله أكثرها تشينُهُ وتؤذيه, وقد ذكرت منها جملة في كتاب الموضوعات.
    ومقابح الرافضة أكثرُ من أن تحصى, وقد حرموا الصلاة لكونهم لا يغسلون أرجلهم في الوضوء, والجماعة لطلبهم إماماً معصوماً, وابتُلُوا بسبِّ الصحابة.وفي الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( «لا تسبوا أصحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أُحد ذهباً, ما أدرك مُدَّ أحدهم ولا نصيفه» )
    تلبيس إبليس على الباطنية
    الباطنية: قوم تستروا بالإسلام ومالوا إلى الرفض, وعقائدهم وأعمالهم تُباين الإسلام, فمحصول قولهم تعطيل الصانع وإبطال النبوة والعبادات وإنكار البعث, ولكنهم لا يظهرون هذا في أول أمرهم, بل يزعمون أن الله حق, ومحمد رسول الله, والدين صحيح, ولكنهم يقولون: لذلك سِر غير ظاهر, وقد تلاعب بهم إبليس فبالغ وحسَّن لهم مذاهب مختلفة, ولهم أسماء: الباطنية, الإسماعيلية, القرامطة
    تلبيس إبليس على أهل العلم
    تلبيس إبليس على القراء:
    فمن ذلك أن أحدهم يشتغل بالقراءات الشاذة وتحصيلها, فيبقى أكثر عمره في جمعها, وتصنيفها والإقراء بها, ويشغله ذلك عن معرفة الفرائض والواجبات...ولو تفكروا لعلموا أن المراد حفظ القرآن, وتقويم ألفاظه, ثم فهمه ثم العمل به, ثم الإقبال على ما يصلح النفس ويطهر أخلاقها, ثم التشاغل بالمهم من علوم الشرع.
    تلبيس إبليس على أهل اللغة والأدب:
    قد لبس على جمهورهم فشغلهم بعلوم النحو واللغة عن المهمات اللازمة التي هي فرض عين, من معرفة ما يلزمهم عرفانه من العبادات, ومما هو أولى بهم من آداب النفوس وصلاح القلوب, ومما هو أفضل من علوم التفسير والحديث والفقه, فأذهبوا الزمان كله في علوم لا تُرادُ لنفسها بل لغيرها
    تلبيس إبليس على الشعراء:
    تراهم يهيمون في كل واد من الكذب والقذف والهجاء..والإقرا ر بالفواحش, وأقلُّ أحوالهم أن الشاعر يمدح الإنسان فيخاف أن يهجوه فيعطيه اتقاء شره....وترى خلقاً من الشعراء وأهل الأدب لا يتحاشون عن..الذب في المدح خارجاً عن الحد.



    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •