هذا الحديث مما ذكره أبو حامدٍ الغزالي في «الإحياء»، وتداوله كثيرٌ من الصوفيّةِ حتَّى اشتهر على الألسنةِ، وهو حديثٌ باطلٌ، لا أصلَ له ولا سندَ له عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. وقد سُئل عنه شيخُ الإسلامِ ابن تيمية (ت728هـ) - قدَّس الله روحه - في «مجموع الفتاوى» (18/ 122، 376) فأجاب: «هذا مذكورٌ في الإسرائيليات، ليس له إسنادٌ معروفٌ عن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، ومعنَى «وسعني قلبه»: الإيمان بي ومحبَّتي ومعرفتي، وإلَّا فمَن قال: إنَّ ذات اللهِ تحلُّ في قلوبِ النَّاسِ فهذا أكفرُ من النَّصارى الذين خصُّوا ذلك بالمسيحِ وحْدَه».
وقال بدر الدين الزركشي (ت794هـ) في «اللآلئ المنثورة» (ص89 حديث 111): «قال بعض الحفاظ: هذا مذكور في الإسرائيليات، وليس له إسناد معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم. ومعناه: وسع قلبه الإيمان بي ومحبتي ومعرفتي، وإلَّا فمن قال: إنَّ الله يحلُّ في قلوب النّاس فهو أكفر من النصارى الذين خصُّوا ذلك بالمسيح وحده».
وسُئِل عنه العلّامةُ ابنُ حجرٍ الهيتمي (ت974هـ) في «الفتاوى الحديثية» (ص206)، فأجاب بقوله: «لا أصلَ له عن النَّبي - صلّى اللهُ عليه وسلّم - وإنَّما هو مذكورٌ في الإسرائيليات وقال الزَّركشي: هو حديث باطل من وضع الملاحدة. انتهى، وذِكْرُ جماعةٍ له من الصُّوفيَّةِ لا يريدون به حقيقة ظاهره من الاتِّحاد أو الحلول لأنَّ كلًا منهما - يعني الحلول والاتحاد - كفرٌ وصالحو الصُّوفيَّةِ أعرف النَّاس باللهِ وما يجبُ له وما يستحيلُ عليه وإنَّما يريدون بذلك أنَّ قلب المؤمن يسع الإيمان باللهِ تعالى ومحبَّته ومعرفته».
والحديث ذكره السبكي ضمن الأحاديث التي في «الإحياء» ولم يجد لها إسنادًا (6/ 331 - طبقات الشافعية)، ويراجع للحكم على هذا الحديث: «المغني عن حمل الأسفار» للحافظ العراقي (2/ 712 – 713 رقم 2599)، و«المقاصد الحسنة» للسخاوي (ص374 رقم 990)، و«فيض القدير» للمُناوي (2/ 496)، و«كشف الخفاء» للعجلوني (2/ 273 رقم 2256)، و«تنزيه الشريعة» لابن عرَّاق (1/ 148)، و«سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة» للألباني (ج5 / ق 1 / حديث 5103).
وصلى الله على عبده ورسوله محمّد وآله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/127861/#ixzz6B5KHX4os