قال تعالى (فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ لَا انفِصَامَ لَهَا ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
وقال تعالى (وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ )
قال ابن كثير أي : من خلع الأنداد والأوثان وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل ما يعبد من دون الله ، وَوَحَّدَ الله فعبده وحده وشهد : أن لا اله إلا الله. فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى أي : فقد ثبت في أمره واستقام على الطريقة المثلى والصراط المستقيم...
قال الامام محمد بن عبد الوهاب ((اعلم رحمك الله تعالى أن أول ما فرض الله على ابن آدم الكفر بالطاغوت والإيمان بالله، والدليل قوله تعالى: {ولقد بعثنا في كُل أُمةٍ رسولا أن اعبُدوا الله واجتنبوا الطاغُوت} (النحل: 36) )) الدرر السنية ج 1 ص 161 وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب ((واعلم أن الإنسان ما يصير مؤمناً بالله إلا بالكفر بالطاغوت والدليل قوله تعالى :(( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ) الرشد : دين محمد والغي : دين أبي جهل . والعروة الوثقى : شهادة أن لا إله إلا الله وهي متضمنة للنفي والإثبات تنفي جميع أنواع العبادة عن غير الله وتثبت جميع أنواع العبادة لله وحده لا شريك له)) مجموعة رسائل في التوحيد والإيمان ج 1 ص 378

و قال الامام محمد بن عبد الوهاب ((وأين الظلم الذي إذا تكلَّم الإنسان بكلمة منه، أو مدح الطواغيت، أو جادل عنهم خرج من الإسلام، ولو كان صائمًا قائمًا، من الظلم الذي لا يخرج من الإسلام، بل إما يؤدي إلى صاحبه بالقصاص، وإما أن يغفره الله، فبين الموضعين فرق عظيم )) الدرر السنية ج 10 ص 65 و 66
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه ((فالله، الله، إخواني: تمسكوا بأصل دينكم أوله وآخره، أسه ورأسه، وهو: شهادة أن لا إله إلا الله؛ واعرفوا معناها؛ وأحبوا أهلها، واجعلوهم إخوانكم ولو كانوا بعيدين؛ واكفروا بالطواغيت، وعادوهم، وابغضوا من أحبهم، أو جادل عنهم، أو لم يكفرهم، أو قال ما علي منهم، أو قال ما كلفني الله بهم، فقد كذب هذا على الله، وافترى؛ بل كلفه الله بهم، وفرض عليه الكفر بهم، والبراءة منهم؛ ولو كانوا إخوانه، وأولاده؛ فالله، الله، تمسكوا بأصل دينكم، لعلكم تلقون ربكم، لا تشركون به شيئا؛ اللهم توفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين )) الله الدرر السنية ج2 ص 119
و قال رحمه الله أيضا ((لا يصح دين الإسلام إلاَّ بالبراءة من الطواغيت وتكفيرهم، كما قال تعالى:(فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ) [البقرة: 256] )) الدرر السنية ج 10 ص 53
وقال الامام محمد بن عبد الوهاب (( السابعة: المسألة الكبيرة أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت؛ ففيه معنى قوله تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ} البقرة: 256 )) كتاب التوحيد ... و من العبادات الجهاد فهو غير مقبول بل مردود لمن لم يكفر بكل طاغوت كان .
وقال أيضاً (( وهذا من أعظم ما يُبين معنى لا إله إلا الله، فإنه لم يجعل التلفظ بها عاصماً للدم والمال، بل ولا معرفة معناها، بل لا يحرم ماله ودمه حتى يُضيف إلى ذلك الكفر بما يُعبد من دون الله، فإن شك أو تردد لم يُحرم ماله ودمه فيا لها من مسألة ما أجلها ويا له من بيان ما أوضحه وحجة ما أقطعها للمنازع )) كتاب التوحيد

قال الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله تعالى ((... فبيّن تعالى أنَّ المُستمسك بالعروة الوثقى، هو الذي يكفر بالطاغوت، وقدّم الكفر به على الإيمان بالله، لأنه قد يدعي المدعي أنه يؤمن بالله، وهو لا يجتنب الطاغوت، وتكون دعواه كاذبة. وقال تعالى: {ول - قد بعثنا في كل أُمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت} [النحل/36]. فأخبر أن جميع المرسلين قد بُعِثوا باجتناب الطاغوت، فمن لم يجتنبه فهو مخالف لجميع المرسلين )) الدرر السنية ج 10 ص 502
قال الشيخ سليمان بن عبد الله رحمه الله (( لأن معنى التوحيد وشهادة أن لا إله إلا الله أن لا يُعبد إلا الله وأن لا يعتقد النفع والضر إلا في الله، وأن يُكفر بما يُعبد من دون الله ويتبرأ منها ومن عابِديها )) تيسير العزيز الحميد ص 15
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن رحمه الله تعالى (( التوحيد: هو الكفر بكل طاغوت عبده العابدون من دون الله... والتوحيد هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال وتفسد بعدمه )) فتح المجيد ص 393 و 394
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ رحمه الله تعالى {وقد أمروا أن يكفروا به} لأن الكفر بالطاغوت ركن التوحيد، كما في آية البقرة، فإذا لم يحصل هذا الركن لم يكن موحداً، والتوحيد هو أساس الإيمان الذي تصلح به جميع الأعمال وتفسُد بعدَمِه، كما أنّ ذلك بيِّنٌ في قوله تعالى {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى} [البقرة: 256]الفتح المجيد ص 467 و 468
وقال أيضاً: ((قال تعالى: {فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها} [البقرة/256]. فدلت الآية على أنه لا يكون العبد مستمسكاً بلا إله إلاَّ الله إلاَّ إذا كفر بالطاغوت، وهي العروة الوثقى التي لا انفصام لها، ومن لم يعتقد هذا، فليس بمسلم، لأنه لم يتمسك بلا إله إلاَّ الله، فتدبر واعتقد ما ينجيك من عذاب الله، وهو تحقيق معنى لا إله إلاَّ الله نفياً وإثباتاً)) الدرر السنية ج 11 ص 263


قال محمد الأمين الشنقيطي (( قوله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه بعث في كل أمة رسولاً بعبادة الله وحده ، واجتناب عبادة ما سواه . وهذا هو معنى « لا إله الا الله » ، لأنها مركبة من نفي وإثبات ، فنفيها هو خلع جميع المعبودات غير الله تعالى في جميع أنواع العبادات ، وإثباتها هو إفراده جل وعلا بجميع أنواع العبادات بإخلاص ، على الوجه الذي شرعه على ألسنة رسله عليهم صلوات الله وسلامه . واعلم أن كل ما عبد من دون الله ، فهو طاغوت . ولا تنفع عبادة الله إلا بشرط اجتناب عبادة ما سواه . كما بينه تعالى بقوله : { فَمَنْ يَكْفُرْ بالطاغوت وَيْؤْمِن بالله فَقَدِ استمسك بالعروة الوثقى } [ البقرة : 256 ] ، وقوله : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بالله إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [ يوسف : 106 ] ، إلى غير ذلك من الآيات )) أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن ج 3


قال الامام محمد بن عبد الوهاب في الدرر السنية ج 2 ص 124 ((فاعلم: أن وصية الله لعباده , هي: كلمة التوحيد , الفارقة بين الكفر , والإسلام؛ فعند ذلك: افترق الناس , سواء جهلا , أو بغيا , أو عناداً؛ والجامع لذلك: اجتماع الأمة على وفق قول الله (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) وقوله: (قل هذه سبيلي أدعوا إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني)