إرث الأجداد
عبدالستار خليف



تحاول كل أمة من الأمم، الحفاظ على تراثها من الاندثار أو الضياع، لأنه رمز الأصالة والهوية ـ لهذه الأمة ـ منذ القدم، وحتى اليوم·
هذا التراث هو النبع الصافي الذي يتدفق من داخل الأفراد والمجتمعات، من داخل أعماقهم الثرية·
والتراث له الخصوصية والذاتية· ولكل أمة من الأمم أو جماعة بشرية لها تراثها الخاص بها، النابع من الديانات والعادات والتقاليد والطقوس والفنون والثقافة والأماني والآلام واللغة الواحدة والطبيعة الجغرافية المشتركة والتاريخ القديم· ولذا فإن كل الشعوب والأمم والجماعات تعتز بتراثها الخاص بها المعبِّر عن شخصيتها وهويتها وحضارتها، والدال على أصالتها الحقيقية المتفردة· كما يرمز لهم بالإرث الضخم الذي تركه لهم الأجداد والسابقون خلال مختلف العصور·
هذا الإرث الرائع، له الجانب المادي والجانب المعنوي· فمازالت الآثار التاريخية باقية تدل على الجانب المادي من حضارات الأقدمين والسابقين، ومازالت المخطوطات الإسلامية والكتابات والفنون والصناعات اليدوية خير شاهد على الحضارة الإسلامية، على ابتكارات، على المستوى الفردي والجمعي·
والتمسك بالتراث الإسلامي هو إصرار على الهوية الأصيلة، والوقوف على الأرض الصلبة القوية للانطلاق إلى آفاق المستقبل، على نحو أحكم وأمتن مزودين بالدين والعلم والتقدم لمواصلة السير في الدرب الطويل بقوة، درب السلف الصالح، هذا القلب أو الدرب الذي يضخ الدماء الذكية إلى العروق والشرايين وكل الأطراف البعيدة عن مركز الجسم·
وتراث الإنسانية، يحتوي على التجربة البشرية للأسلاف السابقين، وهو سجل حافل لحياتهم اليومية وأساليب معاملاتهم وعلاقتهم مع الآخرين وأيامهم في الحروب والقتال والدفاع عن الشرف والكرامة والأرض والديار والقبيلة·
الاهتمام بهذا التراث هو اهتمام بالآباء والأجداد والسير على هداهم واستكمالاً لمسيرتهم النابعة من الفضائل والقيم العليا والأخلاق والفروسية والمروءة والكرم وإغاثة الملهوف· هذا التراث، يمكن استلهامه في الأشكال الأدبية كالشعر والقصة والرواية التاريخية وسائر الفنون والآداب للاستفادة به والحفاظ على جوهره مع تطوير الشكل الخارجي حسب متطلبات العصر والزمن الذي نحياه·
وهناك اعتراض ـ على الرأي السابق ـ وهي وجهة نظر مغايرة تماماً، ترى أنه يجب علينا الحفاظ على هذا الإرث العظيم كما هو قلباً وقالباً، دون زيادة أو نقصان باسم التحديث أو التطوير، وترفض وجهة النظر هذه التغيير في مظهره الخارجي، حتى لو احتفظنا بروحه أو مضمونه الداخلي·