العلامة الفقيه الحسن بن حامد
عبد العال بن سعد الرشيدي


العلامة الفقيه الحسن بن حامد أبو عبد الله الحسن بن حامد بن على بن مروان البغدادي، إمام الحنابلة في زمانه، قال القاضي أبو يعلى: كان أبن حامد مدرس أصحاب أحمد وفقيههم في زمانه وله المصنفات العظيمة منها كتاب الجامع نحو أربعمائة جزء يشتمل على اختلاف العلماء وله شرح الخرقي وشرح أصول الدين وأصول الفقه، وقد ناضر أبا حامد الأسفرايئني في وجوب الصيام ليلة الغمام في دار الإمام القادر بالله، بحيث يسمع الخليفة الكلام، فخرجت الجائزة السنية له من أمير المؤمنين فردها مع حاجته إلى بعضها، فضلاً من جميعها تعففاً وتنزهاً، وكان يبتدئ مجلسه بإقراء القراّن ثم التدريس، ثم ينسخ بيده ويقتات من أجرته، فسمي أبن حامد الوراق وكان في كثير من أوقاته إذا اشتهت نفسه الباقلاء: لم يأكل معه دهناً وإذا كان دهن لم يجمع بينه وبين البقلاء، وكان كثير الحج. فعوتب في كثرة سفره وحجه مع كبر سنه، فقال: لعل الدرهم الزيف يخرج مع الدرهم الجيد.. قال أبو بكر بن الخياط: سألت أبا عبد الله بن حامد إمام الحنبلية في وقته عند خروجه إلى الحج في سنة اثنتين وأربعمائة، فقلت: على من ندرس وإلى من نجلس، فقال: إلى هذا الفتى، وأشار إلى القاضي الإمام أبى يعلى.. وحكى أن إنساناً من الحاج جاءه بقليل ماء، وهو مستند إلى حجر وقد أشرف على التلف، فأومأ إلى الجائي له بالماء من أين هو؟ وأي شيْ وجهه؟ فقال: له هذا وقته؟ فأومأ: أن نعم هذا وقته، عند لقاء الله - تعالى -: أحتاج أن ادري ما وجهه؟ أو كما قال.. وتوفى راجعاً من مكة بقرب واقصة سنة ثلاث وأربعمائة وقال الذهبي في تاريخ الإسلام: ولعله هلك جوعاً وعطشاً فإن هذا العام كانت وقعة القرعا بطريق مكة وذاك أن بني خفاجة قاتلهم الله. أخذوا الركب في القرعا، وقال أبن العماد في شذرات الذهب: سنة ثلاث وأربعمائة، فيما سبق رجل بدوي أسمه فليتة أبن المقري الحاج إلى واقصة في ستمائة إنسان من بني خفاجة قبيلته، فغور المياه وطرح الحنظل مع مصانع البرمكى والريان وغورهما فلما جاء الركب إلى العقبة حبسهم ومنعهم العبور إلا بخمسين ألف دينار فخافوا وضعفوا وعطشوا فهجم الملعون عليهم فلم تكن عندهم منعة وسلموا أنفسهم فاحتوى على الجمال بالأحمال، فاستاقها فهلك الركب إلا قليل فقيل أنه هلك خمسة عشر ألف إنسان فأمر فخر الدولة الوزير علي بن مزيد فسار فأدركهم بناحية البصرة فظفر بهم وقتل طائفة كثيرة وأسر والد فليتة والأشتر وأربعة عشر رجلاً ووجد أموال الناس قد تمزقت فانتزع ما أمكنه فعطشوا الأسرى على جانب دجلة يرون الماء ولا يسقون حتى هلكوا