تعليم الأطفال الصلاة



أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة



السؤال
الملخص:
استفسار حول الحُكم الشرعي لطريقة جديدة لتعليم الأطفال الصغار الصلاةَ.
♦ التفاصيل:
ما حكم تعليم الصلاة للصغار بهذه الطريقة:
يتم اختيار إمامٍ، ويُصَفُّ الأولاد خلفه، ويقولون كل أذكار الصلاة خلف الإمام بصوت جَهْوَرِيٍّ؛ أي: يُكبِّر الإمام فيكبرون رافعين أصواتهم وكذا دعاء الاستفتاح، وفي الركوع وفي السجود؛ يعني: يقولون كل أذكار الصلاة إلى التسليم بصوت جهوريٍّ، وهذا للتعليم وليس مقام الفريضة، ويُكرَّر هذا في أيام؛ حتى ترسخ الصلاة عمليًّا عند الصغار.

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فأولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق، والتيسير، والسداد.
ثانيًا: اختلف العلماء في حكم الجهر والإسرار في الصلاة:
فذهب مالكٌ إلى أنها من هيئات الصلاة، وذهب بعض المالكية إلى أنها من واجباتها، وذهب الحنابلة إلى أنها مستحبة، والصلاة صحيحة على كل حال في أصح أقوال العلماء.
قال ابن قدامة في المغني: "الجهر في مواضع الجهر والإسرار في مواضع الإسرار لا خلاف في استحبابه، والأصل فيه فِعلُ النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ثبت ذلك بنقل الخلف عن السلف، فإن جهر في موضع الإسرار أو أسرَّ في موضع الجهر، تَرَكَ السُّنَّة وصحَّت صلاته"؛ [المغني: (1/ 332)].

وقال ابن القاسم من المالكية ببطلان الصلاة بسبب الجهر في غير محله عمدًا؛ قال الباجي في المنتقى: "وقد اختلف أصحابنا في الجهر والإسرار: هل هما من واجبات الصلاة أو من هيئاتها؟ فمذهب مالك رحمه الله وأكثر أصحابه يقتضي أنها من الهيئات، ومذهب ابن القاسم يقتضي أنها من الواجبات، فمن جهر فيما يُسَرُّ فيه أو أسرَّ فيما يُجهر فيه: قال مالك: يسجد لسهوِهِ إلا أن يكون الشيء اليسير؛ كقوله: الحمد الله رب العالمين، وقد روى أشهب عن مالك: لا سجود عليه، ومن فعل ذلك عامدًا، قال ابن القاسم: يعيد الصلاة، وقال ابن نافع: لا يعيد، وهو مبنيٌّ على ما تقدم"؛ [المنتقى شرح الموطأ: (1/ 161)].
والظاهر أن الصورة التي في سؤالك لا تصح في التعليم، فلا ينبغي الجهر في موضع الإسرار بغرض التعليم؛ لأنها مخالفة للسنة الفعلية المعهودة من فعله صلى الله عليه وسلم، فالأَولى أن يكون ما تقوم به من تعليم للقراءة في حلقة خارج الصلاة، من خلال الشرح الصوتي، أو التعليم العملي، ولا حرج في الاستعانة بالتقنيات الحديثة كعرض فيديوهات لتعليم هيئات الصلاة.
صحيح أنه يجوز أحيانًا الجهر ببعض الآيات في الصلاة بحيث يكون رفع الصوت بالقراءة مقتصرًا على إسماع المصلي نفسه فقط؛ لقول أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، ويُسمِعنا الآية أحيانًا [مسلم: (451)].




والفرق بين الجهر والسرِّ في الصلاة أن المصلي في الصلاة الجهرية يُسمِع مَن حوله القراءة، بخلاف السِّرِّية، فإنه لا يُسمِع إلا نفسه، بل يكفي عند بعض أهل العلم تحريكُ اللسان مع إخراج الحروف، دون اشتراط أن يسمع الشخص نفسه القراءة، هذا وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/137711/…