يسأل السائل:
لمن تشتكي من كثرة الضيوف استمعي إلى ذلك

ذهبت إمرأة تشتكي عند رسول الله صل الله عليه وآله وسلم من زوجها . .. كان زوجها يدعوا الناس في بيتها ويكرمهم وكثرة الضيوف سبب لها المشقة والتعب .
فخرجت من عند رسول الله ولم تجد الجواب منه ، وبعد فترة ذهب رسول الله إلى زوجها وقال له إني ضيف في بيتك اليوم ، سعد الزوج بالخبر وذهب إلى زوجته وأخبرها إن ضيفا عندنا اليوم وهو رسول الله .
سعدت الزوجة بالخبر وطبخت كل ما لذ وطاب وهي راضية ومن طيب خاطرها .
وعندما ذهب رسول الله إليهم ونال كرمهم وطيبة ورضى الزوجة قال للزوج عندما أخرج من بيتك دع زوجتك تنظر إلى الباب الذي أخرج منه .
فنظرت الزوجة إلى رسول الله وهو يخرج من بيتها والدواب والعقارب وكل ضرر يخرج وراء رسول الله .
فصعقت الزوجة من شدة الموقف وتعجبت مما رآت
فقال لها رسول الله هكذا دائما عندما يخرج الضيوف من بيتكِ يخرج كل البلاء والضرر والدواب من منزلكِ
فهنا الحكمة من إكرام الضيف وعدم الضجر.
البيت الذي يكثر فيه الضيوف .. بيت يحبه الله. . . ما أجمل البيت المفتوح للصغير والكبير. بيت تتنزل فيه رحمات وبركات السماء ..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إذا أراد الله بقوم خيراً أهدى لهم هدية. قالوا: وما تلك الهدية؟ قال: الضيف ينزل برزقه، ويرتحل بذنوب أهل البيت ".
وقال صلى الله عليه وسلم: كل بيت لا يدخل فيه الضيف لا تدخله الملائكة ". وقال صلى الله عليه وسلم: " الضيف دليل الجنة ". وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه
اذا اعجبك المنشور .. صل على سيدنا محمد واله وصحبه .
هل هذا الحديث صحيح ؟

الإجابة:
الحمد لله

أولا :

هذه القصة التي ذكرها السائل الكريم ليس لها إسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم نقف على أحد من أهل العلم ذكرها قط ، وغالب الظن أنها من أكاذيب القصاص .

وأما الحديث الذي ختم به القصة وهو قوله :" إذا أراد الله بقوم خيرا ، أهدى إليهم هدية . قالوا: يا رسول الله ، وما تلك الهدية؟ قال: الضيف ؛ ينزل برزقه ، ويرحل ؛ وقد غفر الله لأهل المنزل ".

فإنه حديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والحديث يروى عن أربعة من الصحابة ، ولا يصح عن واحد منهم ، وبيان ذلك كما يلي :

الأول : من حديث أبي قرصافة رضي الله عنه .

أخرجه أبو نعيم في "معرفة الصحابة" (1723) ، وأبو الشيخ في "الثواب" كما في "المداوي لعلل الجامع الصغير" للمناوي (1/357) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَعْدَانَ ، قال ثنا أَيُّوبُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْهَيْصَمِ ، ثنا زِيَادُ بْنُ سَيَّارٍ ، عَن عزة بنت أَبِي قِرْصَافَةَ ، عن أبي قرصافة ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:( إِذَا أَرَادَ اللهُ بِعَبْدٍ خَيْرًا أَهْدَى لَهُ هَدِيَّةً . قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، وَمَا تِلْكَ الْهَدِيَّةُ؟ قَالَ: بِضَيْفٍ يَنْزِلُ بِهِ بِرِزْقِهِ ، وَيَرْحَلُ وَقَدْ غُفِرَ لِأَهْلِ الْمَنْزِلِ ) .

وإسناده ضعيف جدا ، مسلسل بالمجاهيل .

فيه " عزة بنت أبي قرصافة " ، وهي " عزة بنت عياض بن أبي قرصافة ، مجهولة الحال ، ذكرها ابن نقطة في "تكملة الإكمال" (4/157) ، ولم يوثقها أحد .

والراوي عنها " زياد بن سيار " : ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" (1205) ، وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (3/534) ، ولم يذكرا فيه جرحا ولا تعديلا .

والراوي عنه " أيوب بن علي بن الهيصم " : مجهول أيضا ، سُئل أبو حاتم عنه فقال :" شيخ " . كذا في "الجرح والتعديل" (2/252) .

وهذا الطريق ضعفه الشيخ الألباني في "السلسلة الضعيفة" (2117) .

الثاني : من حديث أنس رضي الله عنه .

أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" ، ونقل إسناده الغماري في "المداوي لعلل الجامع الصغير" (1/357) فقال : قال الديلمي : أخبرنا أبو محمد الحسن بن أحمد الحافظ كتابة ، أخبرنا أبو عثمان الصابونى ، ثنا عبد اللَّه بن حامد ، أنا ابن بلال البزاز ، ثنا سحفويه بن ماربار ، ثنا معروف بن حسان ، ثنا زياد الأعلم ، عن الحسن ، عن أنس به .

وإسناده منكر .

فيه " معروف بن حسان " ، قال أبو حاتم :" مجهول " كما في "الجرح والتعديل" (8/323) ، وقال ابن عدي في "الكامل" (1805) :" منكر الحديث ". انتهى

وفيه كذلك " سحفويه بن ماربار " ، لم نقف له على ترجمة .

وهذا الطريق ضعفه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (62) .

الثالث : من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه .

أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" ، ونقله عنه بإسناده الغماري في "المداوي لعلل الجامع الصغير" (1/357) فقال : قال الديلمي : أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن زنجويه الزنجانى المعروف بالزنجوى ، عن القاضي أبي عبد اللَّه الحسين بن محمد الزنجانى الفلالى ، عن إبراهيم بن عبد اللَّه البصرى الحافظ ، عن عبد الرحمن بن عمران العبدى ، عن إسحاق بن إبراهم بن خنيس ، عن محمد بن الفرات ، عن سعيد بن نعمان ، عن عبد الرحمن الأنصاري ، عن أبي الدرداء به .

وإسناده موضوع .

فيه " سعيد بن نعمان " ، ويقال : " سعيد بن لقمان " ، ترجم له ابن حجر في "لسان الميزان" (3475) ، وقال :" قال الأزدي: لاَ يُحْتَجُّ بحديثه ". انتهى

وفيه " محمد بن الفرات " ، كذاب ، قال ابن أبي شيبة :" كذاب " كذا في "الكامل" لابن عدي (7/315) ، وقال البخاري في "الضعفاء الصغير" (339) :" منكر الحديث ". انتهى ، وقال الذهبي في "تاريخ الإسلام" (4/964) :" وهو واه باتفاق ". انتهى

الرابع : من حديث أبي ذر رضي الله عنه :

أخرجه الديلمي في "مسند الفردوس" ، ونقله عنه بإسناده الغماري في "المداوي لعلل الجامع الصغير" (1/357) فقال : قال الديلمي : ثنا محمد بن نصر بن أشكاب ، عن الحسين بن محمد بن أسد ، عن منصور ابن أسد ، عن أحمد بن عبد اللَّه ، عن إسحاق بن نجيح ، عن عطاء الخراساني ، عن أبي ذر رضي الله عنه به .

وإسناده تالف .

فيه " إسحاق بن نجيح الملطي " ، كذاب

قال أحمد بن حنبل :" هُوَ من أكذب النَّاس ". انتهى من "العلل" للإمام أحمد (1454) ، وقال ابن معين كما "تاريخ ابن معين – رواية ابن محرز" (1/51) :" كذاب عدو لله رجل سوء خبيث ". انتهى

وختاما : مما سبق يتبين أن القصة المذكورة لا أصل لها ، والحديث الذي ختم به القصة لا يصح ، والله أعلم
المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب.