شوق إلى رحاب الهدى
عبد المنعم عبد الله حسن

الشوق جاوز للرحاب مداهُ
أتراهُ يهفو نحوها، أتراهُ؟
شدّ الرحال إلى العتيق فإنه
بيت تلألأ في الحياة ضياهُ
أتراه يعشق أرضه ودياره
ويحن بين ربوعها لهواهُ
فهناك يُلقي حزنه وهمومه
وهناك يَلقى سعده وهناهُ
وهناك يشهد للجلال معالماً
وهناك مالا أبصرتْ عيناهُ
***
وهناك يسمع محكم الذِّكر الذي
تصبو على شوق له أذناهُ
هذا خليل الله·· ذاك دعاؤهُ
مازال يصدح قائلاً: رباهُ
أسكنت من ذريتي يا خالقي
في واد قفرٍ أجدبت يمناهُ
والأم كفكفت الدموع فحسبها
ورضيعها أن الأنيس اللهُ
***
يا أم إسماعيل جد محمد
القفر روض ما أجلَّ بهاهُ
يا أم إسماعيل جد محمد
ذا بيت ربك هاهنا ركناهُ
مادمت في كنفِ الإله وحصنه
لا تحزني، من ذا يقى إلاهُ؟!
سيخلد التاريخ أروع صفحة
لك في قفارك فليعدْ ذكراهُ
حقاً برحلتك الطويلة حكمة
الغيب أخفى سرها وطواهُ
قم يا خليل الله أذِّنْ في الورى
بالحج، واصدح من هدى معناهُ
سيظلُّ صوتك يملأ الدنيا هدى
فاز المجيب، وجلّ من ناداهُ
***
الشوق يهفو والحجيج مواكبٌ
سارت، ويخفي دمعه وأساهُ
يا رب إني ما استطعت لألتقي
بالبيت والنور الذي أهواهُ
فبعثت للهادي البشير مدامعي
روحاً تطوّف في رحاب سناهُ
وقفتْ تمتم في جوارك سيدي
إن المحب تعثرت قدماهُ
يا سيدي وَلهٌ بحبك حائرٌ
ضاعت بأمواج الحياة خطاهُ
فأتى جوارك يا رسول ولم يعد
يلقى بغيرك دربه وهداهُ
هاجرت من نفسي إليك ومن يلذ
بجوار حبك نال كل مناه