تقوية الملكة اللغوية
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة
السؤال
♦ الملخص:
سؤال عن كيفية تكوين الملكة اللغوية وتقويتها.
♦ التفاصيل:
السلام عليكم، لدي شغف باللغة العربية، وأريد أن يكون لدي مَلكة لغوية، وأكون ملمًّا بعض الشيء بالنحو، وقارئًا للكتب القديمة، وقد أنهيت قراءة بعض قصص الأطفال لكامل كيلاني، ونصف كتاب البخلاء للجاحظ، وكليلة ودمنة لابن المقفع وغيرها من الكتب، والآن أنا عاكف على تاريخ الطبري، ولكن عاجز عن الكتابة وصوغ الجمل بلغة الأوائل، فبمَ تنصحونني في ذلك؟ هل هناك دراسة لتعابير الأوائل وطرق كلامهم، أو دراسة لتعابير الأدباء والكتَّاب قديمًا وحديثًا؟ ولكم الشكر.

الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فأولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق والتيسير والسداد.
ثانيًا: ما أجمل أن يهتم المرء باللغة العربية، وأن يعيش معها ولها، ويسعى لتكوين الملكة اللغوية، وقد عرفها البعض بأنها: سجية راسخة في النفس، تمكِّن صاحبها من قوة الفهم لدقائق الكلام العربي الفصيح، وحسن التعبير عن المعاني المختلفة بلسان عربي سالم من أوضار العجمة ومفاسد اللحن، مع القدرة على الجمع والتفريق، والتصحيح والإعلال، ونحو ذلك.
ومن عوائق تكوين الملكة اللغوية: اختلاط العرب بغيرهم، والتأثر بالحضارات الأخرى، والتساهل في الكلام بغير العربية، وغيرها من الأمور.

ثالثًا: خطة عملية لتكوين الملكة اللغوية:
بداية بالنحو والصرف: تكون البداية بـ(متن الآجرومية) مع شرحه (التحفة السنية) للشيخ محمد محيي الدين عبدالحميد، ويدرس الطالب في هذه المرحلة شيئًا من الصرف.
ثم يقوم في المرحلة التالية بتلخيص كتابي (شرح شذور الذهب) و(شرح قطر الندى) لابن هشام في كراسة واحدة، فيها أهم مقاصد الكتابين، مع الاعتناء بإعراب الشواهد، والتعليقات النافعة لمحقق الكتاب الشيخ محيي الدين عبدالحميد.
أما في الصرف، فيقرأ بتمعُّن كتاب (شذا العرف في فن الصرف) للحملاوي، ثم يقرأ للتوسع والتطبيق كتاب (التطبيق الصرفي) لعبده الراجحي.
ثم المرحلة التالية: وهي مرحلة أهل التخصص والرسوخ، وأنه لا يلزم كل راغب في تكوين ملكته اللغوية أن يطرقها، ولكنه لا يستغني عن معرفة خطوطها العريضة، وأساس هذه المرحلة هي (متن ألفية ابن مالك)، ونرشح من شروحها (الشرح الميسر) لعبدالعزيز الحربي؛ لفك عباراتها، و(دليل السالك) للفوزان، و(شرح ابن عقيل) و(أوضح المسالك) لابن هشام، و(شرح الأشموني).
وللتوسع: (النحو الوافي) لعباس حسن، و(التصريح على التوضيح) لخالد الأزهري، و(المقاصد الشافية) للشاطبي، وغيرها من الكتب الموسعة.

أما في البلاغة، فأفضل ما يبدأ الطالب بدراسته: كتاب (البلاغة الواضحة)، ثم يَعمِد إلى كتاب (جواهر البلاغة) للهاشمي، مع تلخيص مقاصده، ويختم هذه المرحلة بالتعرف على تاريخ هذا العلم من خلال كتاب (البلاغة تطور وتاريخ) لشوقي ضيف.
ويجب على الطالب الحذر من الغوص في كتابات المتأخرين في علم البلاغة، دون زاد من كتابات المتقدمين.
ثم مرحلة التوسط، ويقترح فيها الاعتناء بـ(نظم الجوهر المكنون) للأخضري، مع شرحه (حلية اللب المصون)، ثم قراءة كتاب (المنهاج الواضح في البلاغة) لحامد عوني، ثم تكميل المرحلة بكتابين يعدان الأساس الذي بُني عليه هذا العلم: (دلائل الإعجاز) و(أسرار البلاغة)، كلاهما لعبدالقاهر الجرجاني.
أما مرحلة التوسع، فيذاكر فيها (متن التلخيص) للقزويني، والذي له في البلاغة ما لخلاصة ابن مالك في النحو.
وأما بالنسبة لعلم العروض، فلتكوين الملكة اللغوية لا بد من إتقان صنعة الشعر، واكتساب ملكة تذوُّقه والتمكن من نقده؛ فإن الشعر ديوان العرب الخالد، فالطالب في المرحلة الأولى يَعمِد إلى كتاب (ميزان الذهب في صناعة شعر العرب) للهاشمي، ثم شرح كتاب (أهدى سبيل إلى علمي الخليل) لمحمود مصطفى، ثم كتاب (شفاء العليل في علم الخليل) لمحمد بن علي المحلي،
وفي المرحلة الثانية يحفظ منظومة (مجدد العوافي من رسمي العروض والقوافي) للشنقيطي.
أما للاستزادة فأرشِّح لك (العيون الغامزة) للدماميني، و(الوافي في العروض والقوافي) للتبريزي، وغيرها.
أما الإملاء - وهو مجموعة من القواعد المعينة على الكتابة الصحيحة - فيقترح لدراسته كتاب (قواعد الإملاء) لعبدالسلام هارون، ثم إتقان القواعد بالممارسة العملية.
ثم لتنمية الزاد اللغوي، وهو معرفة أصول علم اللغة وفقه اللغة، ويقترح فيه قراءة كتاب (دراسات في فقه اللغة) لصبحي الصالح، وكتابي علي عبدالواحد (علم اللغة) و(فقه اللغة)، وكتاب (فصول في فقه العربية) لرمضان عبدالتواب.
ثم معرفة الألفاظ والتراكيب النافعة في الكتابة والخطابة، وأفضل ما يحفظ في هذا الباب (نظم موطأة الفصيح) لمالك بن المرحل، ويطالع كتاب (الألفاظ الكتابية) للهمداني، و(كفاية المتحفظ) لابن الأجدابي.
وأما عن المعاجم اللغوية، فأفضل ما يبدأ به الطالب هو مروره السريع على كتاب (المعجم العربي نشأته وتطوره) لحسين نصار، ثم تكون البداية في معجم صغير مثل: (المصباح المنير) للفيومي، أو (مختار الصحاح) للرازي.
وتحصيل الملكة اللغوية له تعلُّق كبير بمقدار التبحر في نصوص الشريعة الأولى؛ لهذا فلا بد من الاهتمام بالقرآن الكريم، والسنة النبوية، وكلام السلف، ونحو ذلك.
أما عن الأدب، فإن علوم اللغة العربية لا تنفع دون ممارسة الأدب، وأنه لا توجد ممارسة صحيحة للأدب دون تمكُّن من علوم العربية.
يرشح أن تكون البداية بقراءة مجموعة من الكتب؛ منها: (المنتخب من أدب العرب)، (الوسيط في الأدب العربي وتاريخه)، (جمهرة خطب العرب)، (جمهرة رسائل العرب)، ونحوها.
ثم المرحلة التالية وفيها: حفظ المعلقات، ومطالعة بعض الكتب؛ مثل: (كليلة ودمنة)، (البيان والتبيين)، (الكامل) للمبرد، وغيرها، ثم مطالعة بعض كتب المعاصرين، كـ(تاريخ الأدب العربي) لأحمد حسن الزيات، و(أباطيل وأسمار) لأبي فهر، وما أشبهها.
الدربة التطبيقية وفيه تناول الحديث عن التعبير الشفوي والكتابي وطرق تنميتهما:
في النحو والصرف: (نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة) لمحمد الطنطاوي، (جامع الدروس العربية) للغلاييني، (المغني في تصريف الأفعال) لعضيمة، (شرح المفصل) لابن يعيش، وغيرها.
وفي البلاغة: (مدخل إلى كتابي عبدالقاهر الجرجاني)، (التصوير البياني)، (خصائص التركيب)، ثلاثتهم لمحمد محمد أبي موسى، (ديوان المعاني) للعسكري.
وفي العلوم الشرعية: (التحرير والتنوير) لابن عاشور، (مختصر البخاري) للزبيدي، (مختصر مسلم) للمنذري، (سير أعلام النبلاء) للذهبي، وغيرها.
في الأدب: (أدب الكاتب)، و(الشعر والشعراء) كلاهما لابن قتيبة، (شرح ديوان الحماسة لأبي تمام) للمرزوقي، (شرح مقامات الحريري) للشريشي، (مقامات بديع الزمان الهمذاني)، (مؤلفات الطنطاوي)، (آثار الإمام البشير الإبراهيمي).
والنصيحة لك أيها الأخ الفاضل: مطالعة كتاب (تكوين الملكة اللغوية)، للبشير عصام المراكشي.
وكل ما ذكرته فهو من تلخيص لهذا الكتاب من إعداد موقع: الدرر السنية: https://2u.pw/rRoQk
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
https://www.alukah.net/fatawa_counsels/0/137359/