هو: محمد بن عبدالوهاب بن سليمان بن علي المشرفي الوهيبي التميمي النجدي الحنبلي.
ولد -رحمه الله تعالى- عام (1115هـــ) في العيينة، وهي بلدة قريبة من الرياض، وتلقى فيها علومه الأولية، ورحل في طلب العلم إلى الحجاز واليمن والبصرة، فحاز علومًا وحفظ متونًا، وقد تأثر الشيخ رحمه الله تعالى في دعوته وفي أسلوبه وفي كلامه في التوحيد بإمام المفسرين محمد بن جرير الطبري رحمه الله تعالى، وأخذ بمدرسته في التفسير بالمأثور[2]؛ وحصَّل كثيرًا من كتب شيخ الإسلام: أحمد بن تيمية، وتلميذه العلامة: شمس الدين ابن القيم، واستفاد منها كثيرًا، وقرأ كتب الحديث وأُجيز بكثير منها.
وكان الشيخ رحمه الله تعالى كثير الذكر لله، قلَّ ما يفتر لسانه من قول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، وكان لين الجانب لطالب العلم، والسائل، وذي الحاجة، وكان من بيت علم في آبائه وأعمامه وبني أعمامه، واتصل العلم في بنيه وبني بنيه، ومحاسنه أكثر من أن تُحصر، وكفى بفضله شرفًا ما حصل بسببه من تجديد الدين بعد دروسه، وقلع أصل الشرك من غروسه.
والشيخ رحمه الله تعالى لم يكن صاحب دنيا أو شهرة، وإنما هو صاحب دعوة؛ ولذا حرص أن يكون تصنيفه فيما ينفع عامة الناس، فهو لا يُطنب في التأليف ولا يستطرد؛ لأن دعوته كانت للتوحيد، وهذا ليس علمًا خاصًّا بفئة من الناس، ولهذا كان يختصر في تقرير التوحيد بالدليل من الكتاب والسنة؛ ليكون المتلقي لهذا المنهج معه الدليل الواضح البيِّن من الكتاب والسنة، وليس معه تفصيلُ كلامٍ يُذهب قوة الاستدلال [3].
وقد صنَّف الشيخ مؤلفات كثيرة في التوحيد، واهتم اهتمامًا بالغًا في جميع كتبه ورسائله بالتوحيد، وتحقيقه، والتحذير عن الشرك، ومن كتبه النافعة: كتاب التوحيد، والرسالة محل الشرح "ثلاثة الأصول"، وكشف الشبهات، وأصول الإيمان، ومسائل الجاهلية، وله مؤلفات أخرى: في الفقه، والتفسير، والحديث، والسيرة؛ وقد جُمعت مؤلفاته من قبل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وطبعتها في اثني عشر مجلدًا، عدا الكشافات التي وقعت في ثلاثة مجلدات.
وقد ذكر الشيخ رحمه الله تعالى عقيدته بقوله: «أُخبركم أني ولله الحمد عقيدتي وديني الذي أدين الله به، مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين؛ مثل: الأئمة الأربعة، وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكني بيَّنت للناس: إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأنبياء، والأموات من الصالحين، وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعبد اللهُ به، من الذبح، والنذر، والتوكل، والسجود، وغير ذلك مما هو حق لله، الذي لا يشركه فيه مَلَك مقرب، ولا نبي مرسل؛ وهو الذي دعت إليه الرسل، من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة»[4].
توفي رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته أواخر سنة (1206هــ)، وله من العمر نحو (92) سنة، وكان قد ثَقُل في آخر عمره، فكان يخرج إلى الصلاة مع الجماعة يتهادى بين رجلين حتى يُقام في الصف، ومات ولم يُخلف دينارًا ولا درهمًا، فلم يُوزعُ بين ورثته مال ولم يُقسم رحمه الله تعالى وجزاه عن التوحيد وأهله أحسن الجزاء وأوفاه.
---------------------
[1] ينظر: عنوان المجد في تاريخ نجد؛ تحقيق: د. محمد بن ناصر الشثري (1 /198-203)، مطابع الحميضي، الرياض، ط، الثالثة: 1433هـ.
[2] الأجوبة والبحوث والمدارسات المشتملة عليها الدروس العلمية، لمعالي الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ (6 /415)، جمعها: عادل مرسي رفاعي، الناشر: مكتبة دار الحجاز، ط، الأولى: 1436هــ.
[3] ينظر: المرجع السابق (6 /506).
[4] الدرر السنية في الأجوبة النجدية، جمع: عبدالرحمن بن محمد بن قاسم (1 /64).


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/culture/0/137088/#ixzz64smDLlsh