الأمثال العربية - حرف الألف


إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب
هذا من كلام عمران بن حصين. والمعاريض جمع المعراض يقال عرفت ذلك في معراض كلامه أي في فحواه قلت أجود من هذا أن يقال التعريض ضد التصريح وهو أن يلغز كلامه عن الظاهر فكلامه معرض والمعاريض جمعه ثم لك أن تثبت الياء وتحذفها والمندوحة السعة وكذلك الندحة يقال إن في كذا ندحة أي سعة وفسحة. يضرب لمن يحسب أنه مضطر إلى الكذب.

إن السلامة منها ترك ما فيها
قيل أن المثل في أمر اللقطة توجد وقيل: إنه في ذم الدنيا والحث على تركها وهذا في بيت أوله:
والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت ... أن السلامة منها ترك ما فيها
إن العصا من العصية
قال أبو عبيد هكذا قال الأصمعي وأنا أحسبه العصية من العصا إلا أن يراد أن الشيء الجليل يكون في بدء أمره صغيراً كما قالوا أن القرم من الأفيل فيجوز حينئذ على هذا المعنى أن يقال العصا من العصية. قال المفضل: أول من قال ذلك الأفعي الجرهمي وذلك أن نزاراً لما حضرته الوفاة جمع بنيه مضر وإياداً وربيعة وإنماراً فقال: يا بني هذه القبة الحمراء وكانت من أدم لمضر وهذا الفرس الأدهم والخباء الأسود لربيعة وهذه الخادم، وكانت شمطاء، لإياد وهذه البدرة والمجلس لأنمار يجلس فيه فإن أشكل عليكم كيف تقتسمون فائتوا الأفعي الجرهمي ومنزله بنجران. فتشاجروا في ميراثه فتوجهوا إلى الأفعي الجرهمي فبينا هم في مسيرهم إليه إذ رأى مضر أثر كلأ قد رعي فقال أن البعير الذي رعى هذا لأعور قال ربيعة أنه لأزور قال إياد إنه لأبتر قال أنمار إنه لشرود. فساروا قليلاً فإذا هم برجل ينشد جمله فسألهم عن البعير فقال مضر أهو أعور قال نعم قال ربيعة أهو أزور قال نعم قال إياد أهو أبتر قال نعم قال أنمار أهو شرود قال نعم وهذه والله صفة بعيري فدلوني عليه قالوا والله ما رأيناه قال هذا والله الكذب وتعلق بهم وقال كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته فساروا حتى قدموا نجران فلما نزلوا نادى صاحب البعير هؤلاء أخذوا جملي ووصفوا لي صفته ثم قالوا لم نره فاختصموا إلى الأفعي وهو حكم العرب فقال الأفعي كيف وصفتموه ولم تروه قال مضر رأيته رعى جانباً وترك جانباً فعلمت أنه أعور. وقال ربيعة رأيت أحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدته فعلمت أنه أزور لأنه أفسده بشدة وطئه لازوراره. وقال إياد عرفت أنه أبتر بإجتماع بعره ولو كان ذيالاً لمصع به. وقال أنمار عرفت أنه شرود لأنه كان يرعى في المكان الملتف نبته ثم يجوزه إلى مكان أرق منه وأخبث نبتاً فعلمت أنه شرود. فقال للرجل ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه ثم سألهم من أنتم فاخبروه فرحب بهم ثم اخبروه بما جاء بهم فقال اتحتاجون إلي وأنتم كما أرى ثم أنزلهم فذبح لهم شاة وأتاهم بخمر وجلس لهم الأفعي حيث لا يرى وهو يسمع كلامهم فقال ربيعة لم أر كاليوم لحكماً أطيب منه لولا أن شاته غذيت بلبن كلبة فقال مضر لم أر كاليوم خمراً أطيب منه لولا أن حبلتها نبتت على قبر فقال أياد لم أر كاليوم رجلاً أسرى منه لولا أنه ليس لأبيه الذي يدعى له فقال أنمار لم أرَ كاليوم كلاماً أنفع في حاجتنا من كلامنا وكان كلامهم بإذنه فقال ما هؤلاء إلا شياطين ثم دعا القهرمان فقال ما هذه الخمر وما أمرها قال هي من حبلة غرستها على قبر أبيك لم يكن عندنا شراب أطيب من شرابها وقال للرعي ما أمر هذه الشاة قال هي عناق أرضعتها بلبن كلبة وذلك أن أمها كانت قد ماتت ولم يكن في الغنم شاة ولدت غيرها ثم أتى أمه فسألها عن أبيه ماخبرته أنها كانت تحت ملك كثير المال وكان لا يولد له، قالت فخفت أن يموت ولا ولد له فيذهب الملك فأمكنت نفسي ابن عم له كان نازلاً عليه فخرج الأفعي إليهم فقص القوم عليه قصتهم واخبروه بما أوصى به أبوهم فقال ما أشبه القبة الحمراء من مال فهو لمضر فذهب بالدنانير والإبل الحمر فسمي مضر الحمراء لذلك. وقال وأما صاحب الفرس الأدهم والخباء الأسود فله كل شيء أسود فصارت لربيعة الخيل الدهم فقيل ربيعة الفرس. وما أشبه الخادم الشمطاء فهو لأياد فصار له الماشية البلق من الحبلق والنقد فسمي أياد الشمطاء وقضى لأنمار بالدراهم وبما فضل فسمي أنمار الفضل. فصدروا من عنده على ذلك فقال الأفعي أن العصا من العصية وإن خشينا من أخشن ومساعدة الخاطل تعد من الباطل فأرسلهن مثلاً. وخشين وأخشن جبلان أحدهما اصغر من الآخر والخاطل الجاهل والخطل في الكلام اضطرابه والعصية تصغير تكبير مثل أنا عذيقها المرجب وجذيلها المحكك والمراد أنهم يشبهون أباهم في جودة الرأي. وقيل أن العصا اسم فرس والعصية اسم أمه يراد أنه يحكي الأم في كرم العرق وشرف العتق.
إن الكذوب قد يصد
ق
قال أبو عبيد هذا المثل يضرب للرجل تكون الإساءة الغالبة عليه ثم تكون منه الهنة من الإحسان.

إذا جاء الحين حارت العين
قال أبو عبيد: وقد روي نحو هذا عن ابن عباس. وذلك أن نجدة الحري أو نافعاً الأزرق قال له: أنك تقول أن الهدهد إذا نقر الأرض عرف مسافة ما بينه وبين الماء وهو لا يبصر شعيرة الفخ. فقال: إذا جاء القدر عمي البصر.
إن الذليل الذي ليست له عض
د
أي أنصار وأعوان ومنه قوله تعالى: " وما كنت متخذ المضلين عضداً " . وفت في عضده أي كسر من قوته. يضرب لمن يخذله ناصره.
إن كنت بي تشد أزرك فأرخ
ه
أي أن تتكل علي في حاجتك فقد حرمتها.
إذا عز أخوك فه
ن
قال أبو عبيد: معناه مياسرتك صديقك ليست بضيم يركبك منه فتدخلك الحمية به إنما هو حسن خلق وتفضل فإذا عاسرك فياسره وكان المفضل يقول أن المثل لهذيل بن هبيرة التغلبي وكان أغار على بني ضبة فغنم فاقبل بالغنائم فقال له أصحابه: أقسمها بيننا. فقال: إني أخاف أن تشاغلتم بالاقتسام أن يدرككم الطلب. فأبوا. فعندها قال: إذا عز أخوك فهن. ثم نزل فقسم بينهم الغنائم وينشد لابن أحمر:
دببت له الضراء وقلت أبقى ... إذا عز ابن عمك أن تهونا
أخاك أخاك إن من لا أخا له ... كساع إلى الهيجا بغير سلاح
نصب قوله، أخاك، بإضمار فعل أي الزم أخاك أو أكرم أخاك، وقوله: أن من لا أخا له، أراد، لا أخ له، فزاد ألفاً لأن في قوله، له، معنى الإضافة ويجوز أن يحمل على الأصل أي إنه في الأصل، أخو، فلما صار أخا، كعصى ورحى، ترك ههنا على أصله.
أخوك من صدقك النصيح
ة
يعني، النصيحة في أمر الدين والدنيا، أي صدقك في النصيحة، فحذف في وأوصل الفعل. وفي بعض الحديث، الرجل مرآة أخيه، يعني، إذا رأى من ما يكره أخبره به ونهاه عنه، ولا يوطئه العشوة.
إذا ترضيت أخاك فلا أخا ل
ك
الترضي، الإرضاء بجهد ومشقة. يقول: إذا ألجأك أخوك إلى أن تترضاه وتداريه، فليس هو بأخ لك.
إن ذهب عير فعير في الربا
ط
الرباط، ما تشد به الدابة. يقال: قطع الظبي رباطه أي حبالته. يقال للصائد، إن ذهب عير فلم يعلق في الحبالة، فاقتصر على ما علق. يضرب، في الرضا بالحاضر وترك الغائب.
الإثم حزاز القلوب
يعني، ما حز فيها وحكها أي أثر كما قيل الإثم ما حك في قلبك وإن أفتاك الناس عنه وأفتوك؛ والحزاز، ما يتحرك في القلب من الغم، ومنه قول ابن سيرين حين قيل له: ما أشد الورع؟ فقال، ما أيسره إذا شككت في شيء، فدعه.
إذا ضربت فأوجع وإذا زجرت فأسم
ع
يضرب، في المبالغة وترك التواني والعجز.
إنما أخشى سيل تلعت
ي
التلعة، مسيل الماء من السند إلى بطن الوادي. ومعنى المثل، أني أخاف شر أقاربي وبني عمي. يضرب في شكوى الأقرباء.
إياك وأن يضر لسانك عنق
ك
أي، إياك إن تلفظ بما فيه هلاكك، ونسب الضرب إلى اللسان لأنه السبب. كقوله تعالى: ينزع عنهما لباسهما.
إنه لرابط الجأش على الأغباش
الجأش، جأش القلب، وهو رواعة، أي موضع روعه إذا اضطرب عند الفزع. ومعنى رابط الجأش، أنه يربط نفسه عن الفرار لشجاعته. والأغبش، جمع غبش وهو الظلمة. ويضرب للجسور على الأهوال.
أول الشجرة النواة

يضرب للأمر الصغير يتولد منه الأمر الكبير.
إذا كنت في قوم فاحلب في إنائهم
يضرب في الأمر بالموافقة، كما قال الشاعر:
إذا كنت في قوم عدي لست منهم ... فكل ما علفت من خبيث وطيب
إياك وعقيلة المل
ح
العقيلة، الكريمة من كل شيء، والدرة لا تكون إلا في الماء الملح. يعني المرأة الحسناء في منبت السوء.
إياك وأعراض الرجا
ل
هذا من كلام يزيد بن المهلب فيما أوصى ابنه مخلداً، إياك وأعراض الرجال فإن الحر لا يرضيه من عرضه شيء، واتق العقوبة في الإبشار فإنها عار باق ووتر مطلوب.
إنه لفي حور وفي بور
الحور، النقصان. والبوور، الهلاك بفتح الباء، وكذلك البوار، والبور بالضم، الرجل الفاسد الهالك. ومنه قول ابن الزبعري: إذا أنا بور. يقال: رجل بور وامرأة بور وقوم بور وإنما ضم الباء في المثل لازدواج الحور. يضرب لمن طلب حاجة فلم يصنع فيها شيئاً.
إن من ابتغاء الخير اتقاء الشر
يروى هذا عن ابن شهاب الزهري حين مدحه شاعر فأعطاه مالاً وقال هذا القول.

الكتاب : مجمع الأمثال
المؤلف : الميداني

منقول