قال الله تعالى: ﴿ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، فيأمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بطلب الزيادة من العلم.
إخواني، بادروا بطلب العلم ومعرفة أحكام الدين؛ قال صلى الله عليه وسلم: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّل الله له طريقًا إلى الجنة»[1].
فالعلم يقترن مع العمل فهما قرينان، فإن ترك أحدهما هلك وخسـر، فكن عالِمًا أو متعلمًا أو مستمعًا أو محبًّا، ولا تكن الخامسة وهي المبغض لأهل العلم. وعلم بلا عمل كشجر بلا ثمر. قال سفيان الثوري: أكثروا من الأحاديث، فإنها سلاح.
فبالعلم والعمل تصفو الحياة، ويزداد المرء تقربًا إلى الله عز وجل بفعل الطاعات وترك المنكرات، فالعلم يحرسك والمال تحرسه، فكم من ميت مات ونسـي ذكره إلا العلماء؟ فإنهم لم يُنْسَوا؛ لأنهم ورثة الأنبياء، الأنبياء لم يورثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم.
فالعلم نور والجهل ظلام، وخاصة هذه الأيام التي كثُرت فيها البدع والشـركيات، نسأل الله السلامة والعافية.
ومن أشـرف العلوم تعلُّم القرآن الكريم بالتدبر والتفهُّم عن معانيه، ثم تعلم الصحيحين البخاري ومسلم، فالعمر قصير، فلا تنظر إلى الهالك كيف هلك، ولكن انظر إلى الناجي كيف نجا، فالعالم العامل بالعلم تجد حركاته وسكناته، وفقًا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ ﴾ [فاطر: 28]. وعن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته الأمير راع، والرجل راع على أهل بيته، والمرأة راعية على بيت زوجها وولده، فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»[2].
فالواجب على الأب والأم تعليم الأبناء هدي النبي صلى الله عليه وسلم في المأكل والمشـرب، وعند دخول الخلاء وعند النوم، وفي شؤون الحياة اليومية، فكما قيل إن تبذر خيرًا تجن ما زرعت.
فلا تأنس بالعمل ما دمت مستوحشًا من العلم، ولا تأنس بالعلم ما كنت مقصـرًا في العمل، ولكن اجمع بينهما وإن قلَّ نصيبك منهما، وهل أدرك من أدرك من السلف الماضين الدرجات العُلا إلا بإخلاص المعتقد، والعمل الصالح، والزهد الغالب في كل ما راق من الدنيا، وهل وصل الحكماء إلى السعادة العظمى إلا بالتشمير في السعي والرضا بالميسور، وبذل ما فضل عن الحاجة للسائل والمحروم.
وعن أبي إسحاق قال: قيل لرجل من عبدالقيس: أوصِ، قال: احذروا سوفَ[3].
قال بعضهم: اطلُب في الحياة العلم والمال، العلم لإزالة الجهل عن نفسك وعن المؤمنين، والمال لاستعماله فيما يرضي الله عز وجل لا للتكاثر والتباهي، وكما قيل: من أراد الدنيا فعليه بالعلم، ومن أراد الآخرة فعليه بالعلم، فهذا يدل على فضل العلم.
قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: "ما كتبت حديثًا إلا وقد عملت به، حتى مرَّ بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا، فاحتجمت فأعطيت الحجام دينارًا".
إخواني: لن نعرف سنن المصطفى صلى الله عليه وسلم إلا بالعلم، فالوسائل متاحة والإمكانيات متوفرة ولله الحمد، وما عليك إلا العزيمة على ذلك.
يقول الشافعي رحمه الله: "طلب العلم أفضل من صلاة النافلة".
وعن عمر بن عبدالعزيز قال: "من عمِل على غير علم، كان ما يفسد أكثر مما يصلح".
وقال عبدالرحمن بن مهدي: "الرجل إلى العلم أحوج إليه منه إلى الأكل والشـرب".
-------------------
[1] رواه مسلم.
[2] رواه البخاري.
[3] اقتضاء العلم العمل، للبغدادي.


رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/136920/#ixzz63k75yMBM