من أصول أهل السنة التولي والترضي على جميع صحابة رسول الله لأن الله ترضى عليهم وزكاهم وتولاهم النبي صلى الله عليه وسلم ورضيهم وبين فضلهم ونهى عن سبهم
وجميع الصحابة بلا استثناء عدول ومرضيون ودلت السنة المتواترة على فضلهم على سائر القرون وحكى النووي الإجماع على عدالتهم.
فضائل الصحابة كثيرة من أعظمها صحبة النبي ونصرة دينه ونقل شريعته وبذل أنفسهم وأموالهم في سبيل الله.
والصحابة لهم منة عظيمة على كل مسلم لأن الإسلام انتشر في جميع البلاد بسيفهم ولسانهم ومن أنكر فضلهم فقد جحد وكابر.
وأجمع أئمة السنة والحديث على تولي جميع الصحابة والترضي عليهم والنهي عن القدح فيهم والإمساك عما وقع بينهم من الفتن.
ومن طعن في أحد الصحابة وتبرأ منه وقدح في دينه وعدالته فقد خالف الكتاب والسنة وتنكب طريق السلف الصالح.
وأئمة السلف السفيانان وابن المبارك وابو حنيفة ومالك والليث والشافعي والأوزاعي وأحمد كلهم أكمل نصحا وورعا وعلما يرون الإمساك عن عرض معاوية.
وكل من أبغض الصحابة وقدح فيهم أو أبغض بعضهم فهو خارج عن أصول أهل السنة والجماعة وداخل في أهل البدعة وسالك طريقة الرافضة.
وحرمة الصحابة أعظم من جميع المسلمين فلا يحل لأحد السكوت ومداهنة من يقدح فيهم
وأجمع أئمة السنة على التبرؤ ممن سب الصحابة وانتقصهم وهجره والرد عليه وكشف شبهاته
سئل الإمام أحمد بن حنبل عن الصلاة خلف ساب معاوية رضي الله عنه فقال لا ولا كرامة وكان ينهى ابنه عن الكتابة عن علي بن الجعد لأنه يغمز معاوية.
قال إمام السنة عبد الله ابن المبارك: معاوبة عندنا محنة فمن رأيناه ينظر إليه شزرا اتهمناه على القوم يعني الصحابة.
وقد ثبت في السنة وآثار السلف فضائل معاوبة وأجمع الأئمة على توليه والترضي عنه والنهي عن التطاول على مقامه.
ومن مناقبه أنه أول من غزا البحر وقد دعا له النبي بالجنة وقال الإمام أحمد معاوية رضي الله عنه كاتبه وصهره وأمينه على وحيه عز وجل.
قال ابن القيم فيما صح في مناقب الصحاب على العموم ومناقب قريش فمعاوية رضي الله عنه داخل فيه.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية: معاوية لم يدع الخلافة ولم يبايع له بها حتى قتل علي فلم يقاتل على أنه خليفة ولا أنه يستحقها وكان يقر بذلك لمن يسأله.
ولهذا لم يقدح الصحابة فى معاوية بل سلم له الراية الحسن وبايعه الحسين ودخل في ولايته أكابر الصحابة وسلموا لهم بالطاعة مع كمال نصحهم وقوتهم.
وقد ولاه الخليفة عمر على الشام ورضيه وكان يقول لا تذكروا معاوية إلا بخير وكذلك عثمان استخلفه وكان ابن عمر وابن عباس يثنيان على سياسته.
وقد ظهر عدل معاوية في ولايته وكثرت الفتوح وانتشر دين الإسلام ونشر السنة وكان من فقهاء الصحابة وعد سادة التابعين ولايته كالمهدي في عدله وفضله.
وقال شيخ الاسلام بن تيمية
ثبت بالنصوص الصحيحة أن عثمان، وعليًّا، وطلحة، والزبير، وعائشة من أهل الجنة ... وأبو موسى الأشعري، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيان هم من الصحابة، ولهم فضائل ومحاسن، وما يحكى عنهم كثير منه كذب؛ والصدق منه إن كانوا فيه مجتهدين: فالمجتهد إذا أصاب فله أجران، وإذا أخطأ فله أجر، وخطؤه يغفر له، وإن قدر أن لهم ذنوبًا، فالذنوب لا توجب دخول النار مطلقًا إلا إذا انتفت الأسباب المانعة من ذلك، وهي عشرة، منها: التوبة، ومنها: الاستغفار، ومنها: الحسنات الماحية، ومنها: المصائب المكفرة، ومنها: شفاعة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ومنها: شفاعة غيره، ومنها: دعاء المؤمنين، ومنها: ما يهدى للميت من الثواب، والصدقة، والعتق، ومنها: فتنة القبر، ومنها: أهوال القيامة ... اهـ.-----قال الشيخ صالح الفوزان - أما معاوية فهو صحابي جليل له قدره ومكانته فهو من جملة الصحابة الذين قال النبي صلى الله عليه وسلم: لاَ تَسُبُّوا أَصْحَابِى ، لا يجوز من سبة معاوية لأنه صحابي لا أحد يختلف بأن معاوية من الصحابة، فلا يجوز سبه أو تنقصه هذا من ناحية، الناحية الثانية أنه ما عرف من أعمال معاوية إلا الخير جمع الكلمة القيام في وجوه الفرق الضالة سد الطريق عليهم ولذلك سمي عام بيعته عام الجماعة لأن الله جمع به بين المسلمين وسد به على أهل الشر والضلال، وساس المسلمين سياسة حكيمة عادلة رضي الله تعالى عنه وأرضاه، ------------وقال ايضا --وَمِنْ فَضَائِلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أنَّ النبيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَهُ كَاتِباً للوَحْيِ، فكانَ مِنْ جُمْلَةِ كُتَّابِ الوَحْيِ بينَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلا يَخْتَارُ اللهُ لِكِتَابَةِ الوحيِ لرسولِهِ إِلاَّ الأَمِينَ، فهوَ مِنْ كُتَّابِ الوحيِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بينَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وقدْ جَاهَدَ معَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَوَلَّى الإِمارةَ على الشَّامِ في عهدِ عُمَرَ بنِ الخطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.وَلَمَّا حَصَلَت الفِتْنَةُ في خلافةِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَقُتِلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، وَبُويِعَ للحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ بَعْدِ أَبِيهِ، وَرَأَى الحسنُ أنَّ الأمرَ لا يَتِمُّ لهُ، عندَ ذلكَ تَنَازَلَ لمعاويَةَ عَن الخلافةِ مِنْ أجلِ حَقْنِ دِمَاءِ المسلمينَ وَجَمْعِ الكلمةِ، وَهذا ذَكَرَهُ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في خَبَرٍ مِن المُعْجِزَاتِ، حينَ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في الحسنِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ((إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)).
فكانَ في تَنَازُلِهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لمعاويَةَ مَصَالِحُ عظيمةٌ للمسلمينَ، فاجْتَمَعَت الكلمةُ على معاويَةَ، وَسَاسَ الناسَ بالحكمةِ وَالسياسةِ الشرعيَّةِ، وَسَاسَهُم بالعدلِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُ وَالعَقْلِ وَالحكمةِ وَالرِّفْقِ بالمسلمينَ، وَصارَ شَجْا في حُلُوقِ الفِرَقِ الضالَّةِ، وَسَدَّ الطريقَ عليهم.
وَسُمِّيَ العامُ الذي تَنَازَلَ فيهِ الحسنُ لمعاويَةَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُ الجميعَ، سَمَّاهُ المسلمونَ عامَ الجماعةِ.وعامُ الجماعةِ، يَعْنِي: الذي انْعَقَدَتْ فيهِ الجماعةُ، وتَوَحَّدَتْ فيهِ الكلمةُ؛ وَذلكَ لِفَضْلِ الحسنِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُ، آثَرَ مَصْلَحَةَ المسلمينَ وَجَمْعَ كلمةِ المسلمينَ على مصلحتِهِ هوَ، وتَحَقَّقَ فيهِ قولُ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وَسَيُصْلِحُ اللهُ بِهِ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ)).
(وَمعاويَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ).
لهُ فضائلُ:
أَوَّلاً: أَنَّهُ مِنْ صحابةِ الرسولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَهُ فضلُ الصُّحْبَةِ.
وَثانياً: أَنَّهُ أَخُو زَوْجَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فهوَ خالُ المُؤْمِنِينَ.
وَثالثاً: أَنَّهُ جَاهَدَ معَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ورابعاً: أَنَّهُ أَمَّرَهُ عمرُ بنُ الخطَّابِ الخليفةُ الثاني على إِقْلِيمٍ عظيمٍ مِنْ أقاليمِ المسلمينَ وَهو الشامُ، وَسَاسَهُ خيرَ سِيَاسَةٍ،
وَأَحَبَّهُ الناسُ حُبًّا عَظِيماً؛ لحُسْنِ سياستِهِ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عنهُ.
وَخامساً: أَنَّهُ جَمَعَ اللهُ بهِ بينَ المسلمينَ، وَدَرَأَ بهِ الفتنةَ التي كانتْ مُشْتَعِلَةً مِنْ مَقْتَلِ عثمانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إِلى تَنَازُلِ الحسنِ،
كانت الفِتَنُ مُشْتَعِلَةً بينَ المسلمينَ. [شرح لمعة الاعتقاد للفوزان]