السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، مع انتشار التجارة الإلكترونية حول العالم، ظهَر نموذج تجاري إلكتروني يُطلق عليه الدروب شيبينغ Drop shipping، فما وصفُه الصحيح؟ وما حُكمه؟
الجواب:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أولًا: Drop shipping هو أن يقوم شخص بعرض سلع على موقعه على الإنترنت، وهذه السلع هو لا يملكها، وإنما هي ملك لأشخاص آخرين، ويقوم بإضافة هامش ربح له، ثم بعد أن يقوم أحد زوار موقعه بشراء أحد هذه المنتجات، يقوم صاحب الموقع بعمل طلب شراء لهذا المنتج من الموقع المالك لتلك السلعة، ولكن يضع عنوان الشحن الخاص بالعميل الذي أراد الشراء، فيقوم صاحب السلعة بشحن السلعة إلى العميل مباشرة، ويقوم عارض السلعة بالاحتفاظ بفارق السعر.
فنقول وبالله التوفيق: هذه المعاملة بهذه الصورة غير جائزة؛ لأمرين:
الأمر الأول: أنها بيع ما ليس عندك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندك؛ فعن حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: ((أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي، أبتاع له من السوق ثم أبيعه؟ قال: لا تبِعْ ما ليس عندك))[1]، وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من ابتاع طعامًا، فلا يَبِعْه حتى يقبضه، قال ابن عباس: وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام))[2]، والمتعامل بهذه المعاملة يبيع شيئًا لا يملِكه، ولم يَحُزْه في ملكه.
الأمر الثاني: أن فيه خداعًا للزَّبون بأنه يمتلك السلعة، وهو في الحقيقة لا يمتلكها.
وإنما يمكن تصحيح هذه المعاملة بصور معينة:
الصورة الأولى: أن يكون وكيلًا عن البائع؛ بحيث يتفق مع البائع أن يسوق له سلعه مقابل عمولة يأخذها منه، وفي هذه الحالة لا يجوز له الزيادة على السعر الذي حدَّده له صاحب السلعة، إلا أن يحدد له صاحب السلعة سعرًا، ويقول له: بِعْ بهذا السعر وما زاد فهو لك؛ فيجوز لك حينئذٍ أخذ ما زاد.
الصورة الثانية: أن يكون وكيلًا عن المشتري؛ بحيث يتفق مع المشتري على أن يشتري له سلعة معينة مقابل عمولة يأخذها منه، وفي هذه الصورة لا يجوز له أن يزيد على السعر الذي اشترى به هذه السلعة، وإنما يعطيها للعميل بنفس السعر الذي اشترى به، ويأخذ من العميل العمولة المتفق عليها فقط.
الصورة الثالثة: ألَّا يكون وكيلًا لأحد الطرفين، وإنما إذا طُلبت منه سلعة بصفات معينة، يقوم بشراء هذه السلعة، ثم تُشحن على عنوانه هو، ويتملكها، ويحوزها في ملكه، ثم يرسلها من عنده إلى المشتري.
وفي هذه الحالة يمكنه أخذ عربون من المشتري قبل شراء السلعة؛ لضمان جدية البيع، ويكون هذا المبلغ أمانة عنده، وفي حال نكول الزَّبون عن إتمام البيع، يأخذ من هذا المبلغ مقدار ما لحقه من الضرر، فإن لم يلحق به ضرر، لزمه ردُّ المبلغ كاملًا إلى الزبون، فهذه هي الصور التي تصح بها هذه المعاملة، وصلِّ اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
--------------
[1] أخرجه أحمد (15311)، وأبو داود (3503)، والترمذي (1232)، والنسائي (4613)، وابن ماجه (2187)، وصححه الألباني في الإرواء (1292).
[2] متفق عليه، أخرجه البخاري (2135)، ومسلم (1525).

رابط الموضوع: https://www.alukah.net/fatawa_counse...#ixzz62U8fTPFW