ثمرة العلم العمل، واللذة في الحياة بالإكثار من عمل الصالحات، وآية الإخلاص الإكثار من الطاعات،وهذه بعض عبادة السلف -رضي الله عنهم وأرضاهم وبعض مانقل عنهم :


رواى الإمام أبو نعيم الأصفهاني في " الحلية " ( 9 / 181 )عن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : " كان أبي يصلي في كل يوم وليلة ثلاثمائة ركعة ، فلما مرض من تلك الأسواط أضعفته ، فكان يصلي في كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة وكان قرب الثمانين ":


قونقل عن الحافظ عبد الغني مؤلف الكتاب المشهور عمدة الأحكام في ترجمته :
وقال سبط ابن الجوزي: كان عبد الغني ورعاً زاهداً عابداً يصلي كل يوم ثلاثمائة ركعة ويقوم الليل ويصوم عامة السنَة، " (البداية النهاية)


ونقل في كتاب رهبان الليل:عن زين العابدين علي بن الحسين أنه (كان يصلي في اليوم والليلة ألف ركعة)


وأما في قيامهم بالليل فحدث ولاحرج عنهم ، فقد قال عليه الصلاة والسلام : (عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم ، وقربة إلى الله تعالى ، ومكفرة للسيئات ، ومنهاة عن الإثم ، ومطردة للداء عن الجسد) [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني]


قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟ فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره .


روى معمر قال: صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه الله بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ في صلاته : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} حتى أتى على هذه الآية {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ، ثم خرجت إلى بيتي ، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة !! وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }


قالت امرأة مسروق بن الأجدع : والله ما كان مسروق يصبح من ليلة من الليالي إلا وساقاه منتفختان من طول القيام !!! ... ، وكان رحمه الله إذا طال عليه الليل وتعب صلى جالساً ولا يترك الصلاة ، وكان إذا فرغ من صلاته يزحف (أي إلى فراشه) كما يزحف البعير .


كان أبو الدرداء رضي الله عنه يقول: (لولا ثلاثة ما وددت أن أعيش في الدنيا ساعة: الظمأ بالهواجر، والسجود في جوف الليل، ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما تنتقى أطايب الثمر).


وكان أحد الصالحين يصلي حتى تتورم قدماه فيضربها ويقول يا أمّارة بالسوء ما خلقتِ إلا للعبادة .


كان شداد بن أوس رضي الله عنه إذا دخل على فراشه يتقلب عليه بمنزلة القمح في المقلاة على النار!! ويقول اللهم إن النار قد أذهبت عني النوم !! ثم يقوم يصلي إلى الفجر


ذكر عن أحد السلف أنه قال : كابدت قيام الليل عشرين سنة ، وتلذذت به عشرين سنة (أي أربعون سنة وهو يقوم الليل كله ، العشرون الأولى كأنه يلاقي تعبا ومشقة ، والعشرون الأخيرة يجد لقيام الليل لذة ، ويجد له راحة ، ويحبه ويتمنى أنه يطول),


حتى قال أحدهم : (ما أحزنني منذ عشرين سنة إلا طلوع الفجر)


قال محمد بن المنكدر رحمه الله : كابدت نفسي أربعين عاماً ( أي جاهدتها وأكرهتها على الطاعات ) حتى استقامت لي !!


فإن امتنعت عن قيام الليل فقد قيدتك ذنوبك
قال سفيان الثوري رحمه الله : (حرمت قيام الليل خمسة أشهر بسبب ذنب أذنبته)


قال رجل للحسن البصري رحمه الله : يا أبا سعيد : إني أبيت معافى وأحب قيام الليل ، وأعد طهوري فما بالي لا أقوم ؟!! فقال الحسن : ذنوبــك قيــدتك


وقال الفضيل بن عياض -رحمه الله تعالى-: "إذا لم تقدر على قيام الليل، وصيام النهار، فاعلم أنّك محروم مكبل، كبّلتك خطيئتك".


وحالهم في ختــــــم القران فحدث ولاتبالي:


فقد جاء في سير أعلام النبلاء أن لما حضرت الوفاة أبا بكر من عياش بكت أخته, فقال لها: ما يُبكيك, انظري إلى تلك الزاوية, قد ختمت فيها ثماني عشر ألف ختمة.


وروي في نفس المصدر عند الذهبي (أن محمد الكتاني ختم في الطواف اثني عشر ألف ختمة ) وكان الكتاني مشهورا بكثرة الطواف


وجاء عند النسائي في فضائل القران قال عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: "جمَعْتُ القرآن فقرأْتُ به في كل ليلة،... قد عدل عن الختم اليومي إلى الختم في كل ثلاثة أيام بعد توجيه الرسول صلى الله عليه وسلم له بذلك.


وجاء في عمدة القارئ وتحفة الاحوذي والأذكار للإمام النووي أنه كان يختم القرآن في اليوم الواحد مرة واحدة أو أكثر، فقد ورد ذلك عن عثمان وتميم الداري وعبد الله بن الزبير ،ويختم أبوحنيفة في شهر رمضان ستين ختمة


قيل أن منصور بن المعتمر –رحمه الله- لو قيل له: إن ملك الموت على الباب ما كان عنده زيادة في العمل


وجاء في السير للذهبي في الطبقة السابعة عن الحديث عن حماد بن سلمة –رحمه الله- لو قيل له: إنك تموت غداً ما قدر على أن يزيد شيئاً على عمله، يقول الذهبي -رحمه الله- معلقاً على ذلك:"كانت أوقاته معمورة بالتعبد والأوراد". وقد توفى حماد بن سلمة وهو ساجد كا جاء في السير


وقد تعتذر -أيها الأخ المسلم- بكثرة الأشغال والصوارف؛ وهو وهم كبير نعيش فيه ويسيطر على حياتنا، ويشغلنا عن معالي الأمور الحقيقية. نحن نعيش في وهم هو الشغل، فنحن مشغولون دائماً في جري متواصل


روى الحافظ ابن حجر وغيره عن معنى حديث لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم وتكثر الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل حتى يكثر فيكم المال فيفيض. رواه البخاري.
فقد ذكر أن المراد بتقارب الزمان نقص البركة منه. انتهى


ولا شك أن الله قد بارك للصالحين من سلف هذه الأمة في وقتهم يظهر ذالك من كثرة صلاتهم وتعليمهم وتأليفهم، ومع ذلك كانت لهم بيوت وزوجات وأشغال.