على نهج الصحابة ماضون
حسين البلوشي

قالوا: لقد أكثرتَ النقد فهلاً تركتَ الناسَ وشأنهم؟! ولهؤلاء أقول: هذا الذي تسمونه نقداً قد سماه الشارع نُصحاً وديناً وديننا كله قائم على النصيحة والتناصح، والتواصي كما في الخبر: ((الدين النصيحة)).
هذا الذي تسمونه نقداً وقد ضقتم به ذرعاً قد سماه الشارع أمراً بالمعروف ونهياً عن المنكر الذي به جُعلت أمة الإسلام خير أمة أخرجت للناس.. فخيريتها ومكانتها مرهونة بمدى التزامها بعقيدة ومبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما قال - تعالى -: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) [آل عمران: 110].
وما أصاب الأمة مما أصيبت به في هذا الزمان إلا بسبب تقصير من بعض أبنائها بما يجب عليهم من النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
هذا الذي سميتموه نقداً.. هو من خصال الغرباء المرضيين الذين يصلحون إذا فسد الناس ويقفون في وجه التيار الجارف نحو الدمار والهلَكة هو من خصال المؤمنين والمؤمنات الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، كما قال - تعالى -: (وَالْمُؤْمِنُو َ وَالْمُؤْمِنَات ُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَالل َّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيرحمهم الله إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 71].
ترك النقد هو ترك لكل هذه المعاني؛ هو ترك للنصيحة وترك للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وهذا من أظهر خصال المنافقين والمنافقات، كما قال - تعالى -: (الْمُنَافِقُون وَالْمُنَافِقَا تُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنْكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ) [التوبة: 67] يعني الغش والكذب.. والمسلم أخو المسلم: لا يظلمُه، ولا يخذُله، ولا يكْذِبُه.. ومن غشه وأكذب الكذب عليه.. و تراه قد ضلَّ سواء السبيل ثم لا تنصحه ولا تُنكر عليه.
ترك النقد يعني السكوت على الباطل وعن بيان الحق وكاتم الحق ملعون وهو شيطان كما قال - تعالى -: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) [البقرة: 159].
ترك النقد يعني السماح لأصحاب النفوس المريضة المنحرفة بأن يُغرقوا السفينة ومن عليها فيَهلكوا ونُهلك معهم.
ترك النقد والنصح والتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني التخلُق بأخلاق الذين كفروا من بني إسرائيل الذين كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه فاستحقوا بذلك اللعنة والطرد من رحمة الله كما قال - تعالى -: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ. كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) [المائدة: 78-79].
أبعدَ كل ذلك تنهوننا عن النقد وتقولون لنا: قد أكثرت النقد فهلا تركتَ الناسَ وشأنهم؟! لا..ولن ندع السفينة تغرق بنا وبهم..بإذن الله