تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: أريد زوجاً!!

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي أريد زوجاً!!

    أريد زوجاً!!
    نبيلة عبد العزيز حويحي




    هل الفتاة المدللة والشاب المستهتر وراء تفاقم ظاهرة العنوسة؟
    ليس عيباً أن تحلم الفتاة بعريس ثري ووسيم، ولكن عليها أن تفرق بين الواقع والخيال.
    اختفت من مجتمعاتنا الحديثة "الخاطبة" التقليدية التي كانت تسعى إلى توفيق الرؤوس في الحلال- كما يقولون- وحلت مكانها إعلانات الزواج التي تنشرها المطبوعات اليومية والأسبوعية، والتي تسربت أيضاً بفعل التقنية الحديثة إلى عالم الإنترنت، فأصبح لدينا رغم أنف المعارضين والمعترضين عشرات مما يسمى بـ"مكاتب الزواج الإلكتروني"·
    وقد يرى البعض في هذه الوسيلة تقليلاً من شأن المرأة أو انتقاصاُ من مكانتها وكرامتها، ويرون أنه من غير اللائق أن تعطي الفتاة معلومات عنها لمن لا تعرف عنهم شيئاً، ولكن ماذا تفعل الفتاة التي يوشك قطار الزواج على تركها وحيدة فوق رصيف الصبر؟
    ولعلي لا أرى -من جانبي على الأقل- بأساً في ذلك، لأسباب عدة أبرزها: تفاقم ظاهرة العنوسة في مجتمعنا العربي، وليس عيباً أن تطلب الفتاة الزواج صوناً لنفسها، كما أنه ليس عيباً أن يسعى الأهل بكل طريقة ممكنة ولائقة إلى تزويج فتياتهم قبل أن يدخلن في نفق العنوسة المظلم، والقرآن الكريم يورد في سورة القصص عرض الرجل الصالح على موسى - عليه السلام - الزواج بإحدى ابنتيه، والفتاة نفسها قد ألمحت من طرف خفي إلى رغبتها في الاقتران به حين امتدحت قوة موسى - عليه السلام – وأمانته، وطلبت من أبيها استئجاره للعمل لديه بقولها الذكي اللماح: (قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين) [القصص:26].
    كما أن أم المؤمنين خديجة -رضوان الله عليها- قد أرسلت إلى النبي الكريم من يلمح إليه برغبتها في الزواج منه...، وفي مجتمع المدنية المنورة كان الصحابة –رضوان الله عليهم- لا يرون بأساً في عرض فتياتهم على من يرونهم أكفاء لهن كما فعل الفاروق عمر حين عرض ابنته حفصة - بعد وفاة زوجها وقبل زواجها من النبي الكريم- على الصديق أبو بكر وذي النورين عثمان بن عفان –رضي الله عنهما-، ولم يستهجن أحد ذلك أو يرى فيه عيباً أو انتقاصاً من مكانة أولئك السيدات العظيمات. وتورد كتب التراث العربي الكثير من مثل تلك النماذج، فها هو سيد التابعين سعيد بن المسيب جمع بين الحديث والفقه والزهد والعبادة والورع يقول لأحد تلاميذه وقد فقد زوجته: "ما يمنعك من الزواج"؟ فيقول الرجل: "ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة"؟
    وعلى الفور يقول ابن المسيب: "إن أنا فعلت تفعل"؟ فيجيب الرجل فرحاً: "نعم".
    ويزوجه سعيد بن المسيب ابنته على صداق قدره درهمان، بل إنه يحملها بنفسه في المساء إلى بيت زوجها من دون ضجة أو ضجيج.. فهل كانت ابنة سعيد بن المسيب رخيصة في نظر أبيها أو الناس؟ بل كانت من أجمل الناس وأحفظهم لكتاب الله وأعلمهم بسنة نبيه الكريم، ويكفي أن تعلم أن عبد الملك بن مروان وهو خليفة خطبها لابنه وولي عهده الوليد فرفض سعيد بن المسيب وزوجها لرجل فقير لا يملك قوت يومه ليس ضناً بالخير على ابنته ولكنه اختار لها ما يصلحها.. وذلك كان يحدث حين كان المجتمع الإسلامي بسيطاً خالياً من التعقيدات والعقد النفسية التي باتت تحكم الكثيرين منا وتتحكم فيهم.
    ولعلي لا أخفي شغفي الكبير بمتابعة تلك الإعلانات ليس بحثاً عن زوج، ولكن لأنني أظنها بحد ذاتها دراسة اجتماعية قيمة لا يلتفت إليها أحد رغم أنها تلقي الضوء على عقل فتاة اليوم وكيف تفكر؟ وبماذا تفكر؟ وما هي طموحاتها وأحلامها؟ وفي معظم الإعلانات التي وقع بصري عليها -وأظنها تتجاوز المئات- يتردد المضمون نفسه، حتى كأن فتاة واحدة كتبته ووزعته على صويحباتها، فأعمار "الفتيات" تتراوح غالباً بين الخامسة والعشرين والأربعين، وهن أيضاً في معظم الأحوال من حاملات الشهادات الجامعية، وهن كما يصفن أنفسهن - والعهدة عليهن - جميلات مرحات أنيقات أو على الأقل مقوبلات الشكل من ذوات المظهر الحسن ومن أسر طيبة، وكل منهن تطلب رجلاً وسيماً طويلاً ذا مركز مرموق ويفضل أن يكون مهندساً أو طبيباً أو رجل أعمال، وعلى أصحاب المهن الأخرى كالموظفين والصحافيين والعمال والمدرسين والحرفيين أن يمتنعوا...، ولا أذكر فيما قرأت أن فتاة تطلب زوجاً يتقي الله فيها أو تعلن أنها على استعداد للكفاح مع رجلها حتى يحققا معاً ما يطمحان إليه، وكأن الفتاة لا تطلب زوجاً تستعف به وتطمئن إليه وتشاطره حلو الحياة ومرها، وإنما تريد صاحب المصباح السحري الذي يلبي خادمه الأوامر ويحقق الأمنيات.
    ولاشك أن الأهل في أحيان كثيرة له دخل كبير في طريقة التفكير هذه، فكل أم تغرس بعقل ابنتها منذ نعومة الأظافر أنها جميلة الجميلات وأن الرجل الذي يستحقها لم يولد بعد، وأن أي رجل لا بدّ أن يزنها بالذهب الخالص قبل أن يفكر في الاقتران بها، وتظل الضحية المسكينة مخدرة بالأوهام ومسكونة بالخيال حتى يفوتها الزواج، ونحن لا نحاول أن نلقي باللوم كله على بناتنا وفتياتنا، ولا نطلب أيضاً من كل فتاة أن توافق على الزواج من أي رجل والسلام، ولكننا فقط ننبه إلى أن الفتاة نفسها قد تكون هي السبب في تأخر زواجه.
    بالطبع، ليس عيباً أن تحلم الفتاة بالاقتران برجل وسيم أو ثري، ولكن عليها أن تفرق دائماً بين الخيال والواقع، بين الممكن والمستحيل.
    وقد علق الباحث الاجتماعي المعروف الدكتور "أحمد المجذوب" على ما تطلبه فتاة اليوم في زوج المستقبل قائلاً: "جيل الأمهات والجدات كان -رغم انخفاض مستوى التعليم والثقافة- أكثر تقدماً وفهماً للحياة من فتيات اليوم، فالمرأة بالأمس كانت مستعدة للكفاح مع زوجها من نقطة الصفر، أما فتاة اليوم فهي تريد فقط من يحقق لها أحلامها وطموحاتها".
    والحق أن ظاهرة العنوسة أو تأخر سن الزواج ليست عربية خالصة، وإنما هي تكاد تكون ظاهرة عالمية موجودة في أوروبا وأمريكا واليابان، ولكن هذه المجتمعات لا يفزعها من الظاهرة سوى انخفاض عدد المواليد حيث يمارس الجميع العلاقات الجنسية بلا زواج ودون رابط أو ضابط، أما بالنسبة إلينا فالأمر جد مختلف في ظل الشريعة الغراء التي تسعى إلى صون المجتمع من الانحرافات الأخلاقية والتفكيك والانهيار.
    والفتاة كلما تقدم بها العمر دون زواج قد تتنازل شيئاً فشيئاً عن بعض طموحاتها ولكن هذا التنازل لا يفيدها كثيراً بعد أن تكون فقدت الكثير من رونقها ونضارتها وأخذت دورها في طابور العنوسة الطويل الذي تشير الإحصاءات إلى أن طوله قد تجاوز الملايين، ففي مصر وحدها وصل إلى (9) ملايين شاب وفتاة تعدوا سن الخامسة والثلاثين دون زواج..، وفي بعض دول الخليج كالكويت وقطر والسعودية والبحرين والإمارات نسبة عنوسة الفتيات (35%)، وفي اليمن وليبيا (30%)، وفي السودان والصومال (20%)، و(10%) في عمان والمغرب، (5%) في سورية ولبنان والأردن، وفي العراق (85%). وتؤكد الدراسات أيضاً أن نسبة غير المتزوجين من الشباب العربي وصلت إلى معدلات غير مسبوقة، وهذه الأرقام لا ريب تحمل في طياتها ظاهرة مفزعة تنذر بعواقب اجتماعية وخيمة ليس من اليسير تجاوزها.
    وربما لا يمثل الشباب غير المتزوج في نظر الكثيرين مشكلة معقدة كما حال الفتيات؛ لأن الرجل يستطيع الزواج في أي مرحلة عمرية، أما الفتاة فإن معدل الخصوبة لديها - كما يشير الأطباء والمتخصصون - يبدأ من سن (18) إلى (35) سنة، ويصل ذروته في الـ(30)، ويبدأ المنحنى في الهبوط كلما ابتعدت الفتاة عن الثلاثين، كما أن الفتاة حين تتزوج في سن متأخرة تقل فرص الحمل لديها، وحين يحدث فإنه يكون مصحوباً بمشكلات كبيرة مثل الإجهاض وتشوه الجنين ونزيف قبل الولادة وارتفاع ضغط الدم، وتعزو جل الدراسات الاجتماعية هذه الظاهرة المخيفة إلى: ضيق ذات اليد، والصعوبات المادية والبطالة، والزواج بالأجنبيات، وغلاء المهور، وارتفاع مستوى التعليم لدى الفتيات حيث تتنامى الأحلام وتحلق في عالم الخيال ثم يكتمل الحلم بالفارس السوبرمان القادر على تحقيقه...، كما أن ما نشاهده من مظاهر الانفلات في المجتمع يجعل كثيرين من الشباب يفقدون الثقة في الفتيات ويحجمون عن الزواج، وكثيراً ما نقابل شاباً محترماً ويمتلك إمكانات مناسبة للزواج، وحين تسأله عن تأخره في الزواج يقول: إنه لا يجد ابنه الحلال التي يرضاها كزوجة، والحال كذلك بالنسبة لفتيات كثيرات يقنعن بأقل القليل ولكن لا أحد يتقدم إليهن، وأنا شخصياً أعرف الكثيرات، حتى إن إحداهن تساءلت في مرارة وسخرية: أريد أن أتزوج وليست لي أي مطالب، فهل أحمل مكبراً للصوت وأهتف في الشوارع بأنني أريد الزواج!
    ومن الطريف أن البعض يحاول بحسن نية التخفيف من وطأة هذه الظاهرة المخيفة عبر تغيير كلمة عانس إلى كلمة أرق وألطف مثل "فتاة تأخر زواجها"، أو "فتاة لم يأت نصيبها بعد"، وكأننا بتغيير الألفاظ والتلاعب بالكلمات سنغير الواقع ونقضي على الظاهرة!
    والأفضل أن تظل الكلمة تتردد بكل قسوتها على مسامع الجميع حتى يمكن السعي بجدية وإخلاص لعلاجها.
    وأخيراً: لماذا لا تتبنى الهيئات والمؤسسات الإسلامية الجادة مشروعاً متكاملاً تسهم به في القضاء على هذه الظاهرة المخيفة ليس عن طريق الإعلانات والمحاضرات والندوات التي لا تقدم ولا تؤخر، وإنما بتقديم حلول عملية، كأن تقوم بفتح مكاتب يقوم على إدارتها أناس موثوق بأمانتهم وإخلاصهم للتعارف والتوفيق بين الفتيات والشباب في إطار محترم وشرعي.
    وهو مجرد اقتراح قد يكون لدى غيري مقترحات وأفكار أخرى أكثر شجاعة وفاعلية... المهم ألا نتأخر طويلاً حتى لا نندم كثيراً
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2019
    المشاركات
    3

    افتراضي رد: أريد زوجاً!!

    سابقا كان للزواج هدفا ساميا تتقدمه إنشاء أسرة مسلمة والعفاف. والتوالد بعدد الاولاد الذين يعادل أحيانا عشرة أو فما فوق والرزق بيد الخالق عقيدة ترسخت لأمهاتنا وأبائنا. دونما دراسة وتعلم. بدافع الفطرة السليمة فقط ولكن عقارب الساعة اليوم أدرات عقاربها للخلف بهدف التقدم والتعلم. الذي نمت معه الاحلام والطموحات للشباب. خاصة الفتيات على الخصوص فتنوعت الأفاق لها في مجالات الحياة. منافسة لأخيها الرجل أو حتى تتقدمه أحيانه. شكل لها ما يسمى مناعة. القوامة والاستقلالية والمزيد من الطموح قمة. .....تترواح كلها مع التكنولوجيا التي تحول فيها الزواج إلى زواج إفتراضي. مع وفق التنفيذ. تهربا من المسؤولية والفروض الزوجية. مما أدى إلى ارتفاع نسبة العنوسة مع عامل أهم وهو فقدان الثقة في الجنس الآخر لكلا الجنسين الأمر الذي ارتفعت فيه نسبة الشروط. بتسعين في المئة مع إهمال طبعا. الدين في الدرجة الثانية تعلوه الحالة المالية. أفقد الزواج هدفه الأسمى بأول خلاف مع قلة الصبر مما نتج عنه تفكك في الرابطة لأسرية لعموم المجتمع
    فهل نلوم الشاب أم الفتاة أم التكنولوجيا ونعيب التقدم أم نراجع قوانينا الاسلامية بمزيد من التوعية لنخرج من هذا النفق الضيق إلى الهدف الأسمى للزواج ؟

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •