ورد هذا مرفوعًا من حديث أبي هريرة وجابر بن عبد الله الأنصاري ومعاوية بن حيدة القشيري وعبد الله بن عباس وأبي ذر الغفاري وأنس بن مالك وعمر بن الخطاب.
ونحوه من حديث أبي بكر وعلي بن أبي طالب وأسد بن وداعة رضي الله عنهم أجمعين، ولم يثبت من أي الطرق.
إنما وورد من كلام التابعين مثل مكحول الشامي ونحوه من كلام جعفر بن محمد.
حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: " من قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاللَّهِ، كان دواء من تسعة وتسعين داء، أيسرها الهم".
رواه الحاكم وغيره (1/542)، من طريق: عبد الرزاق، عن بشر بن رافع، عن محمد بن عجلان عن أبيه، به.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح ولم يخرجاه، وبشر بن رافع الحارثي ليس بالمتروك، وإن لم يخرجاه. اهـ. قال الذهبي: بشر واهٍ. اهـ.
قلت: وهو كما قال . انظر التهذيب (1/448).
بشر بن رافع الحارثي "فقيه ضعيف الحديث" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
وصححه ابن حجر الهيتمي في الفتاوي الحديثية (120)، وتبعه السيوطي في الحاوي للفتاوي (1/464)، قلت: هذا مردود بتضعيفه في موضع ءاخر.
فقد أخرج الترمذي في سننه (5/580) ت شاكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
" أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ " ، قَالَ مَكْحُولٌ:
( فَمَنْ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلَا مَنْجَى مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ: كَشَفَ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الضُّرِّ أَدْنَاهُنَّ الفَقْرُ).
أخرجه من طريق فقال: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الأَحْمَرُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ الغَازِ، عَنْ مَكْحُولٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: فذكره.
وهذا إسناد حسن إلا أنه منقطع كما قال الترمذي: "هذا حديث ليس إسناده بمتصل، مكحول لم يسمع من أبي هريرة".
وقول مكحول: "فمن قال ... إلخ" فإنه مقطوع أي أنه من كلام مكحول.
وله متابعة رواها الإمام أحمد وغيره في مسنده (8/304) من حديث يحيى بن يزيد بن عبد الملك عن أبيه، عن سعيد ابن أبي سعيد عن أبي هريرة أن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: فذكره.
إسناده ضعيف، رواه ابن عدي في الكامل (9/110) عن أبي هريرة، وأشار السيوطي إلى ضعفه في الجامع الصغير.
وله متابعة أيضًا رواها البزار وغيره في مسنده (15/181) من حديث خالد بنت مخلد، قَال: حَدَّثنا يزيد بن عَبد الملك عن الْمَقْبُرِيّ، عَن أبي هُرَيرة، قَالَ: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: فذكره.
وإسناده ضعيف، فيه يزيد بن عبد الملك "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
وله شاهد أخرجه الإمام أحمد وغيره في مسنده من حديث شعبة عَنْ أَبِي بَلْجٍ، قَالَ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ مَيْمُونٍ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم -: " أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كَنْزِ الْجَنَّةِ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ".
وهذا إسناد حسن، أبو بلج وهو يحيى بن سليم الفزاري "صدوق ربما أخطأ" كذا قال الحافظ ابن حجر.
حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
" شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - الرَّمْضَاءَ، فَلَمْ يُشْكِنَا، وَقَالَ: اسْتَعِينُوا بـ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا تَدْفَعُ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ بَابًا مِنَ الضُّرِّ أَدْنَاهَا الْهَمُّ ".
أخرجه الطبراني في المعجم الصغير (1/267)، وأبو نعيم في التاريخ (2/94)، من حديث محمد بن أَبِي عُمَرَ الْعَدَنِيُّ قَالَ: نا عَبْدُ الْمَجِيدِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: نَا بَلْهَطُ بْنُ عَبَّادٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: فذكره.
قال الطبراني: (لَمْ يَرْوِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ إِلَّا بَلْهَطُ بْنُ عَبَّادٍ الْمَكِيُّ وَهُوَ عِنْدِي ثِقَةٌ، تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ أَبِي عُمَرَ عَنْ عَبْدِ الْمَجِيدِ وَلَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ , وَلَا يَحْفَظُ بَلْهَطُ حَدِيثًا غَيْرَ هَذَا). اهـ.
وذكره ابن حبان في الثقات (6/119).
قلت: توثيق ابن حبان - سيما أنه متساهل في توثيق المجاهيل كعادته - مدفوع بقول العقيلي في الضعفاء الكبير (1/116) قال:
(بَلْهُطُ بْنُ عَبَّادٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ مَجْهُولٌ فِي الرِّوَايَةِ، حَدِيثُهُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَلَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ). اهـ.
وأما توثيق الطبراني مدفوع بقوله في موضع ءاخر في المعجم الأوسط (4/33) قال:
(لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، إِلَّا بَلْهَطُ، وَلَا عَنْ بَلْهَطٌ، إِلَّا عَبْدُ الْمَجِيدِ، تَفَرَّدَ بِهِ: مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عُمَرَ، وَلَا يُرْوَى عَنْ جَابِرٍ إِلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُسْنِدْ بَلْهَطٌ غَيْرَ هَذَا الْحَدِيثَ ). اهـ.
فكيف يوثقه ولم يسبر أحاديث بلهط ولم يتبين له أمره إلا من هذا الحديث، فتوثيقه أحيانًا يسلك مسلك ابن حبان على قاعدته وإلا فالقول قول العقيلي.
ولا شك أن قول العقيلي مقدم عليهما لزيادة علمه بل ويشهد له قول ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (2/440) فقال:
(بلهط بن عباد روى عن محمد بن المنكدر حديثا منكرا روى عنه عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد). اهـ.
ووجه إنكار هذا الحديث قد فسره العقيلي فقال:
(أَمَّا الْكَلَامُ الْأَوَّلُ فَرَوَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ وَهْبٍ عَنْ خَبَّابٍ قَالَ: شَكَوْنَا إِلَى النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا " رَوَاهُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، وَغَيْرُهُمَا مِنَ الثِّقَاتِ، وَأَمَّا اللَّفْظُ الْآخَرُ فَلَا يَصِحُّ فِيهِ شَيْءٌ). اهـ.
والكلام الأول رواه مسلم في صحيحه كما ذكر البوصيري في الإتحاف (1/433)، وكذلك أشار إلى إنكاره الهيثمي في المجمع (1/306)، وأنكره كذلك الذهبي في ميزان الاعتدال (1/352) .
قال المناوي كما في شرح الجامع الصغير (1/204):
(قال الهم أو قال الهرم هكذا هو على الشك عند مخرجه وذلك الخاصية فيها علمها الشارع وظهر أن المراد بهذا العدد التكثير لا التحديد). اهـ.
والراوي عن بلهط بن كثير إنما يجعل الإسناد أكثر وهاء وهو عبد المجيد بن عبد العزيز؛ قال الحافظ ابن حجر في التقريب ": صدوق يخطئ وكان مرجئا، أفرط ابن حبان فقال: متروك ". اهـ.
حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنه ورد عنه من طريقين إحداهما:
- ما أخرجه ابن شاهين في فضائل الأعمال (104) فقال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ بُدَيْلٍ، ثنا الْمُحَارِبِيُّ ، ثنا عَمْرُو بْنُ شَمِرٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ تَمِيمِ بْنِ حَذْلَمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَظِيمِ صَرَفَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الْبَلَاءِ أَهْوَنُهُنَّ الْهَمُّ وَالْغَمُّ». اهـ.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا، فيه جابر الجعفي "متروك الحديث" كذا قال الحافظ ابن حجر في المطالب العالية ومرة: "تالف"، والراوي عنه عمرو بن شمر الجعفي "كذاب خبيث سباب شتام للصحب الكرام"، كذا قال في التقريب.
- والطريق الأخر أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق (17/172)، والرافعي في أخبار قزوين (1/429) من طريق: أحمد بن محمد بن عيسى بن داود بن عيسى بن علي بن عبد الله بن عباس قال: حدثني أبي محمد بن عيسى نا جدي داود بن عيسى عن أبيه عيسى بن علي عن علي بن عبد الله عن ابن عباس قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن قول لا حول ولا قوة إلا بالله تدفع عن قائلها تسعا وتسعين بابا أدناها الهم". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، قلت: فضلًا عن النظر في سلامة صدر الإسناد إلا أن فيه مجاهيل.
فأحمد بن محمد بن عيسى بن داود "مجهول"، فقد ذكر في معجم رجال الحدیث (3 : 84) مستظهرًا في كتاب المرآة: "أنه رجل مجهول غير الأشعري المعروف".
وأما أبوه محمد بن عيسى بن داود فهو في معجم رجال الحدیث (18 : 92) يكثر عنه الروافض بالروايات الموضوعة.
وأما جده داود بن عيسى العباسي ترجم له الذهبي في تاريخ الإسلام (5/71) ت بشار وأورد قول وكيع: قَالَ: "أهل الكوفة اليوم بخير؛ أميرهم داود بْن عيسى، وقاضيهم حفص بْن غياث، ومحتسبهم حفص الدورقي". اهـ.
وأما عيسى بن علي العباسي فهو "صدوق" كذا قال الحافظ ابن حجر موافقًا لقول يحيى بن معين: " ليس به بأس ، كان له مذهب جميل ، معتزلا للسلطان "، ولكنه لا يسند له إلا حديثًا واحدًا كما ذكر أبو بكر البزار.
حديث معاوية بن حيدة القشيري - رضي الله عنه - قد ورد بعدة ألفاظ مقتصرًا ومطولًا واختلف في لفظه اختلافًا كثيرًا من عدة طرق أتممها:
- ما أخرجه الطبراني في المعجم الأوسط (1/298) فقال:حَدَّثَنا أَحْمَدُ، قَالَ: نا عَمْرٌو، قَالَ: نا صَدَقَةُ، عَنِ الأَصْبَغِ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:
" إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَإِنَّ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السَّوْءِ، وَإِنَّ صِلَةَ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ، وَتَقِي الْفَقْرَ، وَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ: لا حَوْلَ وَلا وَقُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ، فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ فِيهَا شِفَاءً مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ دَاءً، أَدْنَاهَا الْهَمُّ ". اهـ.
قال الطبراني: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ بَهْزٍ، إِلا الأَصْبَغُ، وَلا عَنِ الأَصْبَغِ، إِلا صَدَقَةُ، تَفَرَّدَ بِهِ: عَمْرٌو ". اهـ.
وأخرجه الطبراني في الأوسط (3/378) قال: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ الطُّوسِيُّ، نَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْمَوْصِلِيُّ، نَا عَمْرُو بْنُ أَبِي سَلَمَةَ التِّنِّيسِيُّ، نَا صَدَقَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ الْأَصْبَغِ يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ الْوَرَّاقَ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، به.
قلت: وهذا حديث منكر بهذا التمام وإسناده به علل:
- صدقة بن عبد الله وهو السمين "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
- والراوي عنه عمرو بن أبي سلمة "صدوق له أوهام" كذا قال الحافظ في التقريب، مما ترتب عليه اضطراب حديثه بين الرواة عنه كما سيأتي.
- الاختلاف الحاصل إسناديا أولًا هو التالي:
روي عن جعفر بن محمد الحروثي [المعجم الكبير للطبراني (19/480)] مقتصرًا: " لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ "، وزاد محمد بن المتوكل القرشي [تاريخ دمشق لابن عساكر (15/162)] قالا: ثنا صدقة بن عبد الله، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده، مرفوعًا: "مَنْ قَالَهَا أَذْهَبَ اللَّهُ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الشَّرِّ أَدْنَاهَا الْهَمُّ ".
سقط ذكر الأصبغ من الإسناد وجعفر بن محمد الحروثي مجهول لم أجد له ترجمة، وأما محمد بن المتوكل القرشي وإن كان صدوقًا فإنه كثير الوهم والغلط مع بيان أن الإسناد إليه مظلم ففي الطريق إليه مجاهيل.
والصواب ما رواه عبد الحميد بن عصام الهمذاني [أخبار قزوين للرافعي (3/67)] باللفظ الثاني، ومحمد بن عباس التنيسي [الجليس الصالح لزكريا بن المعافى (34)]اقتصرت باللفظ الأول وقبله: "صَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ"، وأحمد بن مسعود المقدسي رواه مقتصرًا ومطولًا ومحمد بن يحيى الذهلي مقتصرًا على لفظ "إِنَّ صَدَقَةَ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ" رواه لهما معًا [المعجم الكبير للطبراني (19/421)] قالوا جميعًا: حَدَّثَنَا عُمَرُ[و] بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ صَدَقَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الدِّمَشْقِيِّ، عَنِ الأَصْبَغِ، عَنْ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، مرفوعًا.
والعلم عند الله سبحانه وتعالى.
حديث أبي ذر الغفاري - رضي الله عنه -:
رواه عبد الله المحاملي في الرابع من أماليه [33] وأخرجه من طريقه الخطيب البغدادي في التلخيص (2/657) فقال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هَانِئٍ ، ثنا خَلادُ بْنُ يَحْيَى الْمَكِّيُّ ، ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ الْمُهَاجِرِ ، قَالَ: قَالَ أَبُو ذَرٍّ: أَوْصَانِي حِبِّي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُكْثِرَ مِنْ قَوْلِ : " لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ ، وَكَانَ يُقَالُ فِيهَا دَوَاءٌ مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ دَاءً ، أَدْنَاهُ الْهَمُّ ".اهـ.
حديث ضعيف، إسناد ضعيف لأن به موضع انقطاع بين محمد بن زيد القرشي وأبو ذر الغفاري ، وباقي رجاله ثقات عدا خلاد بن يحيى السلمي وهو "صدوق رمي بالإرجاء" كذا قال الحافظ، وهشام بن سعد القرشي "صدوق له أوهام ، ورمي بالتشيع" كذا ذكر الحافظ، إبراهيم بن هانئ وهو النيسابوري وثقه أحمد بن حنبل والدارقطني.
وله طريق ءاخر ليس أحسن حالًا من هذا وهو ما ورد في تيسير المطالب في أمالي أبي طالب يحيى بن الحسين بن هارون الهروي (18) قال:
أخبرنا أبي، قال أخبرنا حمزة بن القاسم العلوي العباسي قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد الأشعري عن عبد الله بن ميمون عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهم السلام، عن أبي ذر قال: أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أكثر من قول: "لا حول ولا قوة إلا بالله ، فإنها كنز من كنوز الجنة ويدفع الله بها تسعا وتسعين بابا من ابواب البلاء أدناها وأيسرها الهم والحزن ". اهـ.
وهذا إسناد فضلًا عن جهالة المصنف وجهالة أبيه وكونه من أئمة الزيدية ، فإن الإسناد ضعيف فبه علل أن أحمد بن عبد الله الأشعري مجهول لا توجد ترجمة له وشيخه عبد الله بن ميمون وهو الرقي "مقبول" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب، وانقطاع بين محمد الباقر وأبي ذر الغفاري رضي الله عنه.
حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -:
أخرجه الطبراني في الدعاء (212) من حديث عمر بن عبد الله بن أبي خثعم اليمامي، ثنا يحيى بن أبي كثير، عن عطاء بن أبي رباح، عن أنس بن مالك، رضي الله عنه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" ما من عبد يصلي الفجر ثم يقول حين ينصرف: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حيلة ولا احتيال، ولا ملجأ ولا منجا من الله إلا إليه سبع مرات إلا دفع الله تعالى عنه سبعين نوعا من البلاء ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف، أخرجه ابن عدي في الكامل (6/127) وقال: وهذا أيضا يرويه عمر بن خثعم، عن يحيى بن أبي كثير ". اهـ، وعمر بن عبد الله اليمامي "ضعيف" كذا قال الحافظ ابن حجر في التقريب.
حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -:
ورد في اثني عشر مجلسًا من أمالي أبي بكر الذكواني قال:
أخبرنا عبد الله بن جعفر بن أحمد، أنبأ أبي، أنبأ محمد بن حميد، ثنا مهران بن أبي عمر، عن النضر [بن] حميد، عن سعد، عن الشعبي، عن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" صدقة السر تطفيء غضب الرب تبارك وتعالى، وصنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصلة الرحم تزيد في العمر، وتوسع في الرزق، وأكثروا من ذكر: لا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة، وفيه شفاء من تسعةٍ وتسعين جزاء أدناه الهم ". اهـ.
وهذا إسناد ضعيف جدًّا، النضر بن حميد "متروك" كذا قال أبو حاتم الرازي، وقال البخاري: "منكر الحديث"، وشيخه سعد بن الطريف "رافضي متروك" كذا قال الحافظ ابن حجر.
وله طريقٌ ءاخر رواه أبو نعيم في تاريخ أصبهان (2/256) من طريق ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَصْرِيُّ، ثنا عَمْرُو بْنُ جَرِيرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَكْثِرُوا مَنْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهَا مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ ". اهـ.
قال الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة [1528]: لكن سليمان هذا وهو الشاذكوني كذاب ، وعمرو بن جرير كذبه أبو حاتم ، وقال الدارقطني: "متروك الحديث"، فلا يستشهد بها ولا كرامة ". اهـ.
حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ، مَنْ قَالَهَا نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ، وَمَنْ نَظَرَ اللَّهُ إِلَيْهِ أَعْطَاهُ خَيْرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ".
أخرجه الطبراني في «الدعاء» (صـ٤٦٧) باختلاف يسير، والجرجاني في «تاريخ جرجان» (صـ٤٧٤)، وابن عساكر في «تاريخه» (١٨/ ١٢٥)، قال الألباني في ضعيف الجامع [١١٢٢]: " موضوع ". اهـ.
حديث أسد بن وداعة أورده ابن القيم في الوابل الصيب (81) وعزاه إلى ابن أبي الدنيا فقال:
"روى ابن أبي الدنيا عن الليث بن معاوية بن صالح عن أسد بن وداعة رضي الله تعالى عنه قال: «قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من قال لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة في كل يوم لم يصبه فقر أبداً» ". اهـ.
قلتُ: هذا لم أقفُ عند ابن أبي الدنيا ولا عند غيره، وعلى فرض وجوده فأسد بن وداعة ليس بصحابي بل هو شامي من صغار التابعين فحديثه مرسل أو معضل، على أنه كان ناصبياً يسب سيدنا علياً رضي الله عنه، ولم يوثقه غير النسائي.
لذلك قد ورد مثل هذا في ثواب الأعمال (162) لأبي جعفر القمي فقال:
أبي قال حدثني سعد بن عبد الله [ابن أبي خلف الأشعري القمي] عن إبراهيم بن هاشم [أبو إسحاق القمي] عن عمرو بن عثمان [بن سعيد الثقفي "لا يتابع على حديثه" قاله العقيلي"] عن محمد بن عذافر عن عمرو بن يزيد [انفرد ذكره عند ابن حبان في الثقات] عن أبي عبد الله عليه*السلام قال:
" من قال في كل يوم مائة مرة لا حول ولا قوة إلا بالله دفع الله بها عنه سبعين نوعا من البلاء أيسرها الهم ". اهـ.
قلتُ: وهذا فضلًا عن جهالة عدالة المصنف وأبيه أيضًا فهذا من مصادر الشيعة، فإسناده مسلسل بالمجاهيل إضافة إلى أنه مرسل.
وخولف ابن القيم من قبل محمد بن يوسف الصالحي والقسطلاني ولعله تبعه في كتابيهما سبل الهدى (3/85) والمواهب (3/85) فذكرا:
ومن ذلك فى الأمان من الفقر: عن أبى موسى قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «من قال لا حول ولا قوة إلا بالله مائة مرة فى كل يوم لم يصبه فقر أبدا» . رواه ابن أبى الدنيا ". اهـ.
ولم أقفُ عليه عند ابن أبي الدنيا إنما هو كتاب الفرج من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وسبق بيانه.
حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ورد في السلسلة الضعيفة للألباني رحمه الله أن:
2721 - (إذا وقعت في ورطة فقل: بسم الله الرحمن الرحيم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإن الله يصرف بها ما شاء من أنواع البلاء) .
موضوع
أخرجه ابن السني في " عمل اليوم والليلة " (331) ، والرافعي في " تاريخ قزوين " (1/320) عن عمرو بن شمر عن أبيه قال: سمعت يزيد بن مرة يقول: سمعت سويد بن غفلة يقول: سمعت عليا رضي الله عنه يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يا علي! ألا أعلمك كلمات إذا وقعت في ورطة قلتها؟
قلت: بلى جعلني الله فداك، كم من خير قد علمتنيه! قال: " فذكره.
قلت: وهذا موضوع؛ آفته عمرو هذا، قال ابن حبان: " يروي الموضوعات عن الثقات ".
وقال البخاري: " منكر الحديث ".
وورد بلفظ ((قل إذا أصبحت - ثلاثاً - وإذا أمسيت - ثلاثاً -: بسم الرحمن الرحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فإنها شفاء من تسعة وتسعين داءً أدناها الهم)).
تخريج الحديث:
لم أقف عليه مسنداً: أخرجه المستغفري؛ كما في ((داعي الفلاح)) في ((أذكار المساء والصباح)) للسيوطي (ص52).
قلت: أظنه موضوعاً أو ضعيفاً جداً؛ لأن كتب المستغفري كـ((الدعوات))، و((فضائل القرآن))، وغيرهما مظنة الأحاديث الموضوعة والواهية.
والله أعلم.