عرض لرسالة ماجستير بعنوان: (الدراسات المستقبلية وأهميتها للدعوة الإسلامية)
عبد العزيز بن حمد الداوود
اسم الباحث: عبدالله بن محمد المديفر
عنوان البحث: الدراسات المستقبلية وأهميتها للدعوة الإسلامية
اسم المشرف: أ.د/عبدالرحمن بن إبراهيم الجويبر
أصل البحث: رسالة ماجستير تقدم بها الباحث إلى كلية الدعوة بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالمدينة -سابقاً- جامعة طيبة حالياً، وقد حصلت الرسالة على تقدير ممتاز، وقد ناقش الرسالة كل من: أ.د/ صابر طعيمة وأ.د/عبدالرحمن الزنيدي.
معلومات إضافية: لا تزال هذه الرسالة غير مطبوعة حتى كتابة هذه الأحرف، لكن نشر الباحث جزءاً يسيراً منها في مقالين نشرا في مجلة البيان ومجلة الحرس الوطني (1).
بلغت عدد صفحات الرسالة (1183) صفحة، كما جاءت مصادره في (50) صفحة.
ملخص البحث(2)
الدراساتُ المستقبليةُ: جهدٌ علميٌ مُنـظَّم، يَسعى إلى تحديدِ احتمالاتٍ وخياراتٍ مختلفةٍ مشروطةٍ لمستقبلِ قضيةٍ، أو عددٍ من القضايا، خلالَ مدةٍ مستقبلةٍ محددة، بأساليبَ متنوعة، اعتمادًا على دراساتٍ عن الحاضرِ والماضي، وتارةً بابتكارِ أفكارٍ جديدةٍ منقطعةِ الصلةِ عنهما.
قد ظهرت الدراسات المستقبلية في منتصف القرن العشرين الميلادي، في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم في أوروبا؛ وأذكتها عوامل الدفاع العسكري.
وتتنوع أهداف الدراسات المستقبلية، وهي ترجع إلى هدف عام، هو: محاولة تحسين القرار.
وللدراسات المستقبلية أربعة مناهج، هي: المنهج الاستكشافي، والاستهدافي، والحدسي، والتحليل المستقبلي.
وكذلك أساليبها كثيرة، من أهمها: أسلوب التشاور المتميز (دلفي)، والـمَشَاهد، والنماذج، والقياس التاريخي، وتميز المنهج الإسلامي عن المنهج الغربي بزيادة أساليب أخرى رصينة، منها: الوحي، والدعاء، والرؤى.
وأبان البحث ملامح المنهج الإسلامي في استشراف المستقبل، والقواعد المستقبلية في القرآن الكريم، والسنة النبوية، وفي القواعد الأصولية والفقهية.
وخلص البحث إلى أن للدراسات المستقبلية وأساليبها فوائد كثيرة للمؤسسة الإسلامية، والعلماء، والداعي، والمدعو، ووسائل الدعوة.
وفي الخاتمة نتائج وتوصيات عامة، وخاصة ببعض المؤسسات الرسمية وغير الرسمية.
تمهيد:
وقد استهل الباحث بتمهيد أشار فيه إلى أنه قد "كثرت في هذا العصر الوسائل المتنوعة الـمُعِيْنَة على نشر الدعوة مما لم يسبق له مثيل في أي عصر مضى، ومن الوسائل التي برزت في هذا العصر -وكان للعالم الغربي منها نصيب وافر- (الدراسات المستقبلية)، التي تضيء الطريق أمام المخطط ومتخذ القرار، ليكون تخطيطه أحكم، وقراره أقرب إلى الصواب، فهل اهتم الدعاة إلى الله بالتعرف على أكثر الأساليب والوسائل المتاحة للإفادة منها في نشر دعوتهم؟".
ثم أبان عن أهمية البحث:
حيث أشار إلى أنه ظهرت في منتصف القرن العشرين الميلادي تقريـبًا دراسات تُعنى بشؤون المستقبل في مجالات متعددة وتكاثرت هذه الدراسات حتى أصبح لها معاهدها الخاصة، وأصبح لهذه الدراسات أساليب متنوعة ومناهج متعددة.
وهذه الدراسات الناشئة ليست -كما يتبادر إلى الذهن لأول وهلة- ضربًا من الغيب المجرد، أو ادعاءات المنـجـمين التي لا أسـاس لها، بل هي ذات طابع علمي، تتناول (القضية) موضوع الدراسة بدراسة وافية لماضيها، وحاضرها بجميع معطياته ومؤثراته، ثم يُفْضِي ذلك عن طريق التحليل والتمحيص والمقارنة إلى نتائج تمثل مستقبل هذه القضية بعد عشر سنوات أو عشرين سنة أو أقل أو أكثر حسب المنهج المتبع في الدراسة.
ثم يأتي بعد ذلك دور المخطِّط وواضع المنهج الذي سيحاول بدوره التأثير على هذا المستقبل المتوقع، إيجابـًا أو سلـبًا، فالهدف الرئيس للدراسات المستقبلية إنارة الطريق أمام واضعي الخطط والمناهج ومتخذي القرارات.
وقد بلغ عدد المؤسسات التي تُعنى بشؤون المستقبل في الولايات المتحدة الأمريكية فقط في عام (1387ﻫ/ 1967م) ستمئة مؤسسة، بل وأصبحت الدراسات المستقبلية تدرس ضمن مقررات عدد من الجامعات والمدارس فيها، وانفردت السويد بإنشاء وزارة للمستقبل عام (1393ﻫ/ 1973م).
"ومن جانب آخر لم تحظ الدراسات المستقبلية ما تستحقه من اهتمام وعناية في العالمين العربي والإسلامي، حيث اقتصرت معظمها على جهود فردية تسعى لاستشراف بعض الجزئيات المتعلقة بالمستقبل العربي"(3).
وإن الأمة الإسلامية اليوم تواجه من أعدائها كيدًا عظيمًا، قد أُرسيت قواعده، وشُيِّدت أركانه، وعلت رايته، أحد ركائزه التخطيط المتقن والنظر البعيد، ومن ذلك ما يقوم به المنصِّرون، وكثير من أصحاب المبادئ الأرضية، الذين أبدعوا في استخدام وسائل العصر بأساليب لا تكاد تحصر، ووضعوا الخطط لبث أفكارهم الضالة بين المسلمين بأحدث الوسائل المتاحة وأوسعها انتشارًا، وامتدت بعض خططهم وأهدافهم إلى خمسين سنة، فالله المستعان.
ثم ذكر أهم الأسباب التي دعته إلى اختيار هذا الموضوع:
1- أن البحث في هذا الموضوع يبرز مدى حاجة الدعوة الإسلامية إلى الدراسات المستقبلية في جلب المنافع، ودفع المضار والأخطار.
2- أن الدراسات المستقبلية تعد ضرورية للاسترشاد بها في رسم الخطط، وتحديد الأولويات، واتخاذ القرارات.
3- جِدَّةُ الموضوع، فإن الدراسات المستقبلية نشأت منتظمة في منتصف القرن العشرين الميلادي، ولم يسبق -حسب علم الباحث – بحث هذا الموضوع بتأصيلٍ إسلاميٍ، وربطٍ له بالدعوة الإسلامية.
4- أن هذه الدراسات مظنة إثراء لعلم الدعوة وفتح آفاق جديدة أمامه.
5-حاجة الدعوة إلى التخطيط السليم المبني على أسس علمية وفكرية جديدة.
وعن مشكلة البحث يقول:
من خلال تتبع الباحث لِما وجد من الكتابات باللغة العربية أو ما ترجم إليها حول الدراسات المستقبلية ومناهجها وأساليبها لاحظ من حيث النظر أن استحضار البُعْـدِ المستقبلي لدى العاملين في الدعوة الإسلامية، وتطبيق الدراسات المستقبلية فيها، يُثري الدعوة الإسلامية فيما يتعلق بموضوعها، وفقهها، ودعاتها، ومدعويها، وأساليبها، ووسائلها.
ولاحظ أن الوعي بالدراسات المستقبلية، وأهميتها، ومناهجها، وأساليبها، يغيب عن كثير من الدعاة والمؤسسات الدعوية الإسلامية، من حيث الفكر ومن حيث التطبيق.
ويأتي هذا البحث ليسهم في حل هذه المشكلة من خلال الإجابة عن التساؤلات الآتية:
* ما الدراسات المستقبلية ؟ وما أهدافها ؟ وما أهميتها ؟
* ما مناهجها؟ وأساليبها؟ ونظرياتها ؟
* ما مدى مشروعيتها ؟ وهل لها نماذج عملية لدى السلف ؟
* ما ملامح المنهج الإسلامي في النظرة المستقبلية ؟
* ما أهمية الدراسات المستقبلية للدعوة الإسلامية ؟
ثم أشار إلى حدود البحث:
حيث قال: لا يدخل في البحث ما يلي:
1- الحديث عن اليوم الآخر وأهواله، ولا ما يتعلق بأشراط الساعة الكبرى والصغرى، إلا ما يرد من ذلك تبعـًا.
2- التكهنات والتخرصات التي ليس لها أساس من الواقع وتتنافى مع الشرع وتعاليمه.
3- لن يتطرق الباحث للحديث عن الأساليب الرياضية في الدراسات المستقبلية ؛ لعدم معرفة الباحث بعلم الرياضيات، كما أنها لا تفيد سوى المختصِّين في علم الرياضيات، وليس كل الدراسات المستقبلية تعتمد عليها، وليس إهمالها مخلاً بالبحث ؛ لأنها أساليب خاصة مقصور استخدامها على فئة معينة من العلماء يشكل عملهم آخر مرحلة من مراحل الدراسات المستقبلية التي تعتمد في نتائجها على استخدام الأساليب الرياضية.
وعن الدراسات السابقة يقول:
لا بد من بيان ما تتناوله خطة هذا البحث إجمالاً؛ ليتضح من خلال عرض الدراسات السابقة ما يقدمه هذا البحث من جديد للمكتبة الإسلامية.
فإن الخطة تتناول ثلاثة أمور، هي:
1- وصف الدراسات المستقبلية.
2- التأصيل الإسلامي للدراسات المستقبلية.
3- ربط الدراسات المستقبلية بالدعوة الإسلامية وبيان أهمية هذه الدراسات لها.
فأما الثالث فلم يقف الباحث على أي دراسة تعالجه؛ مما جعل المسؤولية كبيرة على الباحث، إذ انصبَّ أكثر جهده في بيان هذا الأمر.
وأما الثاني فلم يقف الباحث إلا على دراسة واحدة تعرضت لجانب من هذا الأمر بذكر بعض الأدلة على أن التخطيط للمستقبل من منهج الإسلام، وهي رسالة ماجستير –غير منشورة- تقدم بـها الباحث عبد المولى الطاهر المكي لكلية الدعوة والإعلام بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في الرياض، بعنوان (التخطيط للدعوة الإسلامية: دراسة تأصيلية)، عام (1415هـ)، تناولت مفهوم التخطيط، وأنواعه، وأهميته، وضوابط التخطيط الدعوي، ومشروعيته في القرآن والسنة، وعناصر التخطيط الدعوي، وهي: معرفة الواقع، وتحديد الأهداف، وتحديد الوسائل المستخدمة، وأشكال التخطيط الدعوي، وتأثير التخطيط في نجاح الدعوة، وعقبات التخطيط الدعوي وسبل مواجهتها.
ويُلحظ أن الرسالة لم تتعرض لذكر الدراسات المستقبلية وأساليبها وإنما تناولت جانب التخطيط، والتدليل عليه؛ مما يجعل ما جاء فيها غير كاف وشامل لموضوع الدراسات المستقبلية والجوانب المتعددة لهذه الدراسات.
وقد تضمنت كُتب عدد من علماء الإسلام ودعاته إشارات إلى أهمية أن يخطط المسلمون لمستقبلهم، وأن يكون لديهم قدر من الوعي المستقبلي، لكنها إشارات لا يمكن تصنيفها على أنها دراسات.
وأما الأمر الأول (وصف الدراسات المستقبلية) فقد تعَرَّض إليه عدد لا بأس به من المؤلفين على اختلافٍ في أسلوب الطرح، وتعدد في مجالات التناول، يصفون ما توصل إليه المجتمع الغربي فيها، وما وضع لها من مناهج وأساليب ووسائل، مجردًا من التأصيل الإسلامي لها ومن ربطها بالدعوة الإسلامية – كما سبق بيانه في الأمر الثالث والثاني - وكان عمل الباحث في هذا الأمر جمع ما تفرق منه، والتركيز في الحديث عند الأساليب التي يمكن أن تفيد منها الدعوة الإسلامية ، واستعان بمن يُترجم ما يُحتاج إلى ترجمته؛ وأهم ما اطلع عليه الباحث مما أُلف في هذا ما يأتي:
1- الدراسات المستقبلية وتحديات العصر، د.جورج طعمة، ود.سعد حافظ، وأصل الكتاب بحثان من أبحاث الحلقة النقاشية الحادية عشرة للمعهد العربي للتخطيط في الكويت، تحت عنوان (مستقبل التنمية في الوطن العربي)، عُقدت خلال المدة من (ديسمبر/1987م إلى أبريل/1988م)، في (147) صفحة.
يعرض المؤلفان إلى جوانب من الدراسات المستقبلية من حيث تعريفها، وهدفها، ونشأتها، وتاريخها، وعلماؤها، وبعض نظرياتها وخصائصها، وبعض مناهجها، وأسلوب من أساليبها، وعرض موجز للنماذج العالمية الخمسة التي استهدفت دراسة العالم بأسره دراسة مستقبلية في عدد من الجوانب، وإشارة إلى الجهود العربية في هذا مجال الدراسات المستقبلية، ومناقشة تسمية الدراسات المستقبلية عِلـمًا.
ويَعقِب كل بحث ردود وإجابات من الذين حضروا الحلقة النقاشية.
2- صور المستقبل العربي، تأليف د.إبراهيم سعد الدين، ود.علي نصار، ود.محمود عبد الفضيل، ود.إسماعيل صبري عبد الله، وهو من مشروع المستقبلات العربية البديلة، التي تبنتها الأمم المتحدة(4)، في (210) صفحة.
يتعرض الكتاب إلى أهمية الدراسات المستقبلية، وتاريخها، وإشارات إلى مناهجها، وإشارة إلى أبرز الدراسات العربية، ثم يعرض أهم النماذج العالمية وكيف كانت معالجتها للعالم العربي، ويبين قصورها في المعالجة وأسباب هذا القصور، ويعرض ملامح المستقبل العربي في وثائق الاستراتيجية العربية، ويبين الحاجة إلى الدراسات المستقبلية وضرورتها للعالم العربي، ويختم الكتاب بعدد من التوصيات المتنوعة، والكتاب ينهج منهجًا قوميًا عربيًا.
3- إطلالة على دراسات المستقبل، تأليف عبدالرحمن بن صالح المشيقح، في (117) صفحة، طبع عام (1418ﻫ)، تحدث المؤلف عن مفهوم الدراسات المستقبلية، وأهميتها، وما ينبغي مراعاته فيها، ومبرراتها، وهل من شرطها أن تنجح؟ وأبرز علمائها، وأهم مؤسساتها العالمية والعربية، وبعض العوامل المساعدة لها، وخطر إهمال الدراسات المستقبلية، ونماذج من التخطيط المأمول، وهي: التخطيط التربوي، والاقتصادي، والحضاري، وعرَضَ وصفًا موجزًا لبعض الدراسات المستقبلية غير ما عرضته الدراستان السابقتان، ويختمه ببعض التوصيات.
وقد حاول المؤلف أن يثبت مشروعية الدراسات المستقبلية في ثلاث صفحات، لكنه لم يوفق في إيراد دليل واحد يصلح للاستدلال، وإنما أورد حديثًا وآية في التفكر ليس فيهما دلالة على المقصود.
هذا العرض للدراسات السابقة يؤكد أهمية البحث في هذا الموضوع؛ لربط الدراسات المستقبلية بالإسلام تأصيلاً، وبيان أهميتها للدعوة الإسلامية.
يتبع