كتاب "إمتاع الأسماع بما للرسول صلى الله عليه وسلم من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع" لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي

- ترجمة المؤلف:

اسمه وكنيته ونسبه ونسبته:

تقي الدين أحمد بن علي بن عبدالقادر بن محمد بن إبراهيم المقريزي -بفتح الميم نسبة إلى مقريز -، أبو محمد البعلي ثم المصري، الشافعي المؤرخ.

مولده ونشأته:

ولد سنة 766هـ، بمدينة القاهرة بمصر، ونشأ وتربى بها.

وقد نشأ نشأة صالحة، فحفظ القرآن في صغره، ثم سمع الحديث على عدد كبير من العلماء، وتفقه على المذهبين الحنفي ثم الشافعي. كما في التبر المسبوك (ص 21-22).

ورحل إلى الشام وسمع من علمائها ورحل إلى الحجاز، وحج وسمع من علماء مكة المكرمة. إنباء الغمر (9/172).

أما أعماله الإدارية، فقد تولى عدة مناصب في دولة المماليك بمصر، ومنها:

أنه تولى رئاسة ديوان الإنشاء، ثم قاضياً، ثم إماماً للجامع الكبير الفاطمي، ثم الخطابة في جامع عمرو بن العاص، ثم مدرساً للحديث بالمدرسة المؤيدية، ثم عمل في مجال الحسبة. ( مقدمة محقق الكتاب).

وقد وصف بأنه " كان إماماً، بارعاً، ضابطاً، ديناً، خيراً... حسن الصحبة، حلو المحاضرة " إنباء الغمر (9/172).

مؤلفاته:

أما مؤلفاته فهي كثيرة جداً، فقد صنف التصانيف المفيدة النافعة الجامعة، ونظر في عدة فنون، نذكر من مؤلفاته:

1- اتعاظ الحنفاء بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفاء.

2- أخبار قبط مصر.

3- الإشارة والإعلام ببناء الكعبة البيت الحرام.

4- إغاثة الأمة بكشف الغمة.

5- الأوزان والأكيال الشرعية.

6- التاريخ الكبير المقفى.

7- تجريد التوحيد المفيد.

8- الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك.

9- السلوك في معرفة دول الملوك.

10- المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار.

إلى غير ذلك من المؤلفات الكثيرة التي ظهرت فيها شخصيته العلمية ونظراته الشمولية، وبخاصة في كتاباته التاريخية.

وفاته:

توفي سنة خمس وأربعين وثمانمئة.

2- دراسة عن الكتاب:

اسم الكتاب وتوثيق نسبته إلى المؤلف:

بين محقق الكتاب أنه قد حصل إشكال في اسم الكتاب، ولكن الصواب والعمدة في ذلك ما ذكره المقريزي نفسه في اللوحة الأولى والأخيرة من النسخة الخطية الكاملة للكتاب، حيث يقول:"فقد سميته إمتاع الأسماع بما للرسول صلى الله عليه وسلم من الأبناء والأحوال والحفدة والمتاع "

قلت: وقد ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون، فقال في (1/167): إمتاع الأسماع فيما للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم من الحفدة والمتاع، للشيخ تقي الدين: أحمد بن علي المقريزي المؤرخ المتوفى: سنة خمس وأربعين وثمانمائة، وهو كتاب نفيس في ست مجلدات، حدث به في مكة.

موضوع الكتاب ومباحثه:

اشتمل الجزء الأول من الكتاب على موضوعات عديدة منها :ذكر أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم ونسبه، وأسرته ونزول الوحي، وإسلام بعض الرجال والنساء، ثم تحدث عن الهجرة إلى المدينة وما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم من أعمال في المدينة، ثم ذكر المقريزي سرايا الرسول وغزواته مفصلة وشاملة وعامة، وقد تخلل ذلك عرض لبعض الأحداث الداخلية للدولة الإسلامية في عهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وتحدث عن الوفود التي وفدت على النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ختم هذا الجزء بوفاته صلى الله عليه سلم، أما بقية معلومات الكتاب فكانت تدور حول أبناء الرسول وبناته وأبنائهم، ثم تناول سلالة آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ذكر أزواجه ونسب أزواجه وأهلهن وأسرهن بالكامل، ثم تناول الكتاب بعض الأمور الشخصية للرسول صلى الله عليه وسلم في ملبسه وخدامه وسلاحه وطيبه وفراشه وغير ذلك.

والمتأمل في كتاب المقريزي هذا يدرك أنه أمام موسوعة كبرى في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقد مكَّنه علمه الغزير، واطلاعه الواسع أن يؤلف كتاباً جامعاً مثل هذا، اعتمد على مصادر أساسية في تأليفه، وتنوعت مصادر معلوماته بين السابقة لعصره أي كتب السيرة والأحاديث النبوية، والمعاصرة له ومنها: كتب التاريخ بصفة عامة؛ لذلك جاء كتابه على شكل عمل موسوعي ضخم ضمن جوانب كثيرة وعديدة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرته الذاتية.

سبب تأليف الكتاب:

قدم المؤلف لكتابه بمقدمة بين فيها فضل ومكانة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وضرورة الاعتناء بها من قبل العلماء والمتصدرين للتدريس والإفتاء، وذكر سبب تأليفه لهذا الكتاب فقال: " وبعد، فغير جميل بمن تصدر للتدريس والإفتاء، وجلس للحكم بين الناس وفصل القضاء، أن يجهل من أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبه وجميل سيرته ورفيع منصبه، وما كان له من الأمور الذاتية والعرضية، ما لا غنى لمن صدَّقه وآمن به عن معرفته، ولا بد لكل من اتسم بالعلم من درايته، فقد أدركنا وعاصرنا وصحبنا ورأينا كثيراً منهم وهم عن هذا النبأ العظيم معرضون، ولهذا النوع الشريف من العلم تاركون، وبه جاهلون، فجمعت في هذا المختصر من أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة أرجو أن تكون إن شاء الله كافية، ولمن وفقه - سبحانه - من داء الجهل شافية، التقط كتاباً جامعاً وباباً من أمهات العلم مجموعاً، كان له غنمه، وعلى مؤلفه غرمه.. ومع ذلك فقد سميته " إمتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأحوال والحفدة والمتاع " صلى لله عليه وسلم..

منهج المقريزي في هذا الكتاب:

يمكن إيجاز منهج المقريزي في كتابه إمتاع الأسماع بما يلي:

•1- اعتمد المفريزي في جمع مادة الكتاب على النقول من المصادر الأصلية، بدءاً من الكتب الستة ومسند أحمد ومستدرك الحاكم وموطأ مالك، واعتمد فيما أورده من دلائل ومعجزات على كتاب دلائل النبوة للبيهقي ودلائل النبوة لأبي نعيم. وهو عندما يورد الحديث أو الأثر يقوم بتخريجه من هذه المصادر.

•2- تدرج رحمه الله في سرد الأخبار من الأحاديث والآثار ذات الأسانيد العالية ثم ينتقل إلى ما دونها من درجات الصحة حيث يقول في بعض العناوين: إن صح الخبر، أو إن ثبتت الرواية.

•3- قام بشرح وعرض المسائل الفقهية الواردة في أثناء الكتاب على مذهب الإمام الشافعي.

•4- قسم المؤلف كتابه إلى عدة فصول، قد يصل الفصل الواحد إلى عشرات الصفحات، وقد قام المؤلف بوضع عناوين جانبية تحت الفصول ليسهل على القارئ، ولذا فقد صار كتابه سهلاً مرتباً، يصل القارئ إلى مبتغاه منه بلا عناءٍ ولا مشقة.

•5- لا يهتم المؤلف بإيراد الأسانيد إلا ما ندر، وإذا ذكر ذلك فهو يذكره مبهماً دون أن ينسبه إلى كتاب أو مصدر، مثل قوله: قال عطاء، أو قال قتادة، أو ما شابه ذلك وأحياناً يذكر قولاً مبهماً؛ مثل قوله: وقيل، أو وقالوا... إلخ.

•6- غالباً ما ينقل المعلومات من مصادرها دون أن يكون له فيها رأي أو نقد أو توجيه معين.

•7- غلب على كتابه الاهتمام بالأنساب، وبخاصة فيما يتعلق بذريته صلى الله عليه وسلم ونسلهم، وأصهاره وزوجاته وحفدته وغير ذلك، لدرجة أنه يخيل إليك وأنت تقرأ الكتاب وكأنه كتاب أنساب.

•8- يعد الكتاب موسوعة كبيرة في ذكر ما يتعلق بشئون النبي صلى الله عليه وسلم الخاصة، ونسبه، وأسرته ونزول الوحي، وإسلام بعض الرجال والنساء، والهجرة إلى المدينة، وما قام به الرسول صلى الله عليه وسلم من أعمال في المدينة، إلى غير ذلك.



طبعات الكتاب:

•1- طبع جزء من الكتاب بتحقيق: الأديب محمود محمد شاكر. ط: لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة، سنة 1941م

•2- ثم طبع كاملاً بتحقيق: محمد عبدالحميد النميسي، سنة 1419هـ.

•3- وقد حقق جزء من الكتاب كرسالة علمية في جامعة أم القرى، تقدم بها الباحث: طلال العصيمي.

منقول