تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مثل عالية في رعاية حق الزوجية

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي مثل عالية في رعاية حق الزوجية

    مثل عالية في رعاية حق الزوجية 1
    محمد بن إبراهيم الحمد



    لقد ذكر لنا التاريخ، وأرانا العيان أخباراً هي أقرب للخيال لأزواج كانوا يقضون حق المكارم، ويرعون المشاعر حق رعايتها، فكانوا مُثُلاً في التذمم، والتودد، والتحمل، والخلق، والذوق، والاحتساب، والوفاء إلى غير ذلك من المعاني الجميلة، وإليك طرفاً من هذا القبيل:
    قال ابن الجوزي - رحمه الله -: "قيل لأبي عثمان النيسابوري: ما أرجى عملك عندك؟ قال: كنت في صبوتي يجتهد أهلي في تزويجي فآبى، فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان! إني قد هَوِيتُك، وأنا أسألك بالله أن تتزوجني، فأحضرت أباها - وكان فقيراً - فزوَّجني وفرح بذلك، فلما دَخَلَتْ إليَّ رأيتها عوراءَ، عرجاءَ، مشوهةً، وكانت لمحبتها لي تمنعني من الخروج، فأقعد، حفظاً لقلبها، ولا أظهر لها من البغض شيئاً وكأني على جمر الغضا من بغضها، فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت، فما منْ عملي شيء هو أرجى عندي من حفظي قَلْبَها".
    وقال ابن القيم - رحمه الله -: "وقيل: تزوج رجل بامرأة، فلما دخلت عليه رأى بها الجدري، فقال: اشتكيتُ عيني، ثم قال: عميت، فبعد عشرين سنة ماتت ولم تعلم أنه بصير، فقيل له في ذلك، فقال: كرهت أن يحزنها رؤيتي لما بها! فقيل له: سبقت الفتيان".
    وقال الشيخ د.محمد بن لطفي الصباغ - حفظه الله -: "حدثني صديق أن شيخه أسرَّ له بحقيقة تقوم في حياته، قال: إن زوجتي هذه مضى على زواجي منها أربعون سنة، وما رأيت يوماً سارَّاً، وإنني من اليوم الأول من دخولي بها عرفت أنها لا تصلح لي بحال، ولكنها كانت ابنة عمي، وأيقنت أن أحداً لا يمكن أن يحتملها، فصبرت، واحتسبت، وأكرمني الله منها بأولاد بررة صالحين، وساعدني نفوري منها على الاشتغال بالعلم، فكان من ذلك مؤلفات كثيرة أرجو أن تكون من العلم الذي ينتفع به، ومن الصدقة الجارية، وأتاحت لي علاقتي السيئة بها أن أقيم مع الناس حياة اجتماعية نامية، وربما لو تزوجت غيرها لم يتحقق لي شيء من ذلك".
    وقال الشيخ الصباغ - حفظه الله -: "وحدثـني صديق آخر، قال: إنني من الأيام الأولى لزواجنا لم أجد في قلبي مَيْلاً لهذه المرأة ولا حُبَّاً لها، ولكنني عاهدت الله على أن أصبر عليها، ولا أظلمها، ورضيت قسمة الله لي، ووجدت الخير الكثير من المال، والولد، والأمن، والتوفيق".
    ثم قال الشيخ الصباغ معلقاً على تلك القصتين: "لكن ذلك كان من هذين الرجلين برضى داخلي، وإيثار لمصلحة رَأَياها، ولم يسلكا هذا المسلك؛ لأنه فرض عليهما لازم، فحقق الله لهما الخير العظيم، ومن هذا الخيرِ الثوابُ العظيم الذي أعده الله للصابرين، والحور العين التي ستكون لهم في الجنة، قال: أما إذا أراد الإنسان العافية من هذا الصبر، والبحث عن المتعة والهناءة والسعادة والصفاء، ووجد امرأة صالحة تحقق له في توقعه ذلك كله - فليس هناك مانع شرعي أن يتزوج منها، ويعدل بين الزوجتين بما يستطيع من وسائل".
    هذا وقد تلقينا عن التاريخ، ورأينا بأعيننا أزواجاً عرفوا حقوق الزوجية، واحتفظوا بآدابها التي أمر الإسلام بها، فعاشوا في ارتياح وهناءة، موصولين بتعاطف واحترام، وربما ظهر هذا فيما يصدر من الزوجين من عبارات الأسف والتحسر عند الوداع.
    قال ابن زريق البغدادي لما ودع زوجته خارجاً لطلب الرزق في قصيدته العينية الطويلة المسماة باليتيمة:
    استودع الله في بغدادَ لي قمراً *** بالكرخ من فلك الأزرار مطلعُهُ
    ودَّعته وبِوُدي لو يودعني *** طيبُ الحياة وأني لا أودعه
    كم قد تَشَفَّع بي ألا أفارقه *** وللضرورات حالٌ لا تُشَفِّعُه
    وكم تَشَّبَث بي يومَ الرحيل ضحى *** وأدمعي مستهلاتٌ وأدمعه
    لا أكذب اللهَ ثوبُ العذر منخرقٌ *** عني بفُرقته لكن أُرَقِّعُه
    إني أوسِّع عذري في جنايته *** بالبين عنه وقلبي لا يوسِّعه
    أُعطيتُ ملكاً فلم أحسنْ سياسَتَه *** كذاك مَنْ لا يسوسُ الملكَ يخلعُه
    ومن غدا لابساً ثوبَ النعيمِ بلا *** شكر عليه فإن اللهَ يَنْزَعه
    اعْتَضْتُ مِنْ بَعْدِ خِلِّي بعد فرقته *** كأساً أُجرَّع منه ما أُجَرَّعه
    كم قائلٍ ليَ ذنب البين قلت له: *** الذنب والله ذنبي لست أدفعه
    ألا أقمت فكان الرشدُ أجمَعُهُ *** لو أنني يوم بان الرشدُ أتبعه
    إني لأقطع أيامي وأنفذها *** بحسرة منه في قلبي تُقَطِّعه
    بمن إذا هجع النُّوَّام بتُّ له *** بلوعة منه ليلي لست أهجَعُهُ
    لا يطمئن لجنبي مضجعٌ وكذا *** لا يطمئن له مذ بِنْت(1) مضجعُه
    إلى أن قال:
    بالله يا منزلَ الأنس الذي درست *** آثارُه وعفت مُذْ بنت أرْبُعُه
    هَل الزمانُ مُعيدٌ فيك لَذَّتَنا *** أم الليالي التي أمْضَت تُرجِّعه
    في ذمة الله من أصبحت منزله *** وجاد غيثٌ على مغناك يَمْرَعُه
    من عنده ليَ عهدٌ لا يضيع كما *** عندي له عهدُ ودٍّ لا أضيِّعه
    ومن يُصَدِّع قلبي ذِكْرُهُ وإذا *** جرى على قلبه ذِكْري يُصَدِّعُه
    لأصبرنَّ لدهر لا يمتِّعني *** به ولا بيَ في حال يُمتِّعه
    علماً بأن اصطباري معقبٌ فرجاٌ *** فأضيقُ الأمرِ إن فكَّرت أوسعُه
    عسى الليالي التي أضنت بفرقتنا *** جسمي ستجمعني يوماً وتجمعه
    وإن تَنَلْ واحداً منا منيَّتُه *** فما الذي بقضاء الله يمنعه
    ______________
    (1) بنت: من البينونة وهي الفراق


    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    16,352

    افتراضي رد: مثل عالية في رعاية حق الزوجية

    قال ابن قدامة في مختصره لمنهاج القاصدين: (الوفاء: الثبات على الحب حتى الممات).
    وأمتثل قول ربي: {فَسَتَذْكُرُون ما أَقُولُ لَكُمْ ۚ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ}

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,454

    افتراضي رد: مثل عالية في رعاية حق الزوجية

    بارك الله فيكم شيخنا الحبيب
    هل هذا الحب يأتى قبل الزاوج كما يعتقد اغلب الشباب
    فى هذه الايام ام بعد الزواج ؟
    من ثم تأتى المعاملة الحسنة والاولاد فيكون الحصاد من هذا
    كله الحب الذى قصدتموه
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •