الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد.
فإن الشيخين الفاضلين فضيلة الدكتور بشار عواد معروف، وفضيلة الشيخ شعيب الأرنؤوط في كتابهما ((تحرير تقريب التهذيب)) قد أصابا في مواضع، وأخطآ في أخرى، كما هي طبيعة البشر، وهذا الموضوع أسجل فيه بعض ما وقفت عليه مما كان الصواب فيه مع الحافظ ابن حجر بحسب علمي، والله أعلم.
1- عبد الرحمن بن وردان.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في ((التقريب)): ((عبد الرحمن بن وردان الغفاري أبو بكر المكي المؤذن، مقبول)).
فاعترض عليه صاحبا ((تحرير التقريب))، فقالا: «بل: صدوق حسن الحديث، فقد روى عنه ثلاثة، وقال ابن معين: صالح، وقال أبو حاتم: ما بحديثه بأس. وذكره ابن حبان وابن شاهين في «الثقات»، وقال الدارقطني: صالح، وفي رواية: يعتبر به. أما ما نقله الذهبي وابن حجر أن الدارقطني قال: «ليس بالقوي»، فلم نقف عليه». انتهى كلامهما.
قلت [محمد بن طه]: والصحيح ما ذهب إليه الحافظ رحمه الله؛ فقول أبي حاتم فيه: «شيخ، ما بحديثه بأس»، معناها كما قال ابن أبي حاتم في «المقدمة» (2/ 37): «إذا قيل له: إنه صدوق، أو محله الصدق، أو لا بأس به؛ فهو ممن يُكتب حديثه، وينظر فيه، وهي المنزلة الثانية، وإذا قيل: شيخ، فهو بالمنزلة الثالثة؛ يكتب حديثه، وينظر فيه، إلا أنه دون الثانية»اهـ.
وهو نفس معنى قول الدارقطني: «يعتبر به».
وهو نفس معنى قول الحافظ: «مقبول»؛ أي: حيث يتابع، وإلا فليِّن الحديث.
قلت: وهذا يدل على نظر ثاقب من الحافظ رحمه الله، وعلى علو كعب الحافظ على غيره من المتأخرين.
وأما عدم وقوفهما على قول الدارقطني: «ليس بقوي»، فليس معناه عدم وجوده.