المسانيد نشأتها وأنواعها وطريقة ترتيبها
دخيل بن صالح اللحيدان
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (1).
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) (2).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) (3).
أما بعد:
فإن المسانيد من أوائل المؤلفات المخصوصة الأصيلة في تدوين الحديث النبوي، حيث تعتبر بمثابة موسوعات حديثية جليلة القدر جَمَّة النفع، ولا سيما مسند الإمام أحمد (ت 142 هـ) - رحمه الله -.
وقد عُني مؤلفوها ببيان أسانيد الأحاديث حفظًا للعلم، وإبراء للذمة، قال أبو السعادات ابن الأثير (ت 606هـ) عنهم: " منهم من قَصُرَت (4) همته على تدوين الحديث مطلقًا ليحفظ لفظه، ويستنبط منه الحكم...فإنهم أثبتوا الأحاديث في مسانيد رواتها، فيذكرون مسند أبي بكر الصديق؟ مثلا، ويثبتون فيه كل ما رووه عنه " (5).
ثم إنهم رتبوها - في الأصل - على المسانيد، فلا يلزمهم الاقتصار على الثابت، أو الحكم على الأحاديث، وسيأتي - إن شاء الله - كلام الأئمة في هذا الشأن (6) وقد اشتهر عن فريق من متقدمي أهل الحديث أن الذمة تبرأ بمجرد الإسناد؛ لأن من أسند فقد أحال إلى مَليء، وهذا ظاهر من مؤلفاتهم في تلك الفترة، يقول الحاكم أبو عبد الله (ت 405 هـ): " وكان الطريق إليه - يعني كتابه - رواية ما نُقل إلينا في كل فصل من فصوله بأسانيدهم، اقتداء بمن تقدمنا من أئمة الحديث من إخراج الغثِّ والسمين في مصنفاتهم " (7) وقال الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني (ت 852 هـ): " أكثر المحدثين في الأعصار الماضية من سنة مائتين وهلمّ جرّا، إذا ساقوا الحديث بإسناده، اعتقدوا أنهم بَرِئوا من عهدته، والله أعلم " (8)
وبالرغم من ذلك الجمع العام للروايات في المسانيد، فإن فوائدها عظيمة، ومنها:
إنها من المصادر الحديثية الأصيلة، حيث يروي مؤلفوها الأحاديث بأسانيدهم، ولا يخفى ما لمعرفة الإسناد من أثر كبير في الوصول إلى الحكم على الحديث الذي يراد الاحتجاج به في المسائل والاختيارات ونحوها.
إنها من مظان جَمْع طُرق حديث كل صحابي، ولاسيما المسانيد التي تُعنى بالعلل، ولهذا أثره الكبير على علوم الإسناد من تسمية الرواة، ومعرفة ألفاظ صيغ أدائهم ولاسيما المدلِّسين، والرواة عن المختلطين، واتصال الأسانيد، ونحو ذلك كما له أثره أيضًا في علوم المتن من معرفة الزيادات، وضبط الألفاظ، وفهم معانيها إضافة إلى ما يتصل بمدى تقوية الحديث بمعرفة متابعاته، وشواهده، أو تضعيفه بمعرفة اختلاف الرواة فيه المفضي إلى إظهار علله.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الفائدة تتحقق في الغالب - بعد توفيق الله - بواسطة المداخل والفهارس إلى هذه المسانيد، والتي تجمع طرق الحديث في موضع واحد، مع تسهيل الوصول إليه.
معرفة الصحابة، إذا صح الإسناد إليهم، لأن مؤلفي المسانيد رتبوا الأحاديث فيها - في الغالب - على الصحابة.
معرفة المكثرين من الرواية والمقلين منها من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتأسيسًا على ذلك، تم وضع هذا البحث المستقل في المسانيد؛ للأسباب التالية:
هذه المكانة - السابقة - المهمة للمسانيد في حفظ المرويات الحديثية، وما يترتب على ذلك من فوائد متعددة.
تحرير ما يتعلق بالمسانيد من مسائل اختلف فيها أهل الحديث، مثل أوائل المسانيد، ومراتبها ونحو ذلك.
إن علم المسانيد فن مستقل بذاته، يحتاج إلى جمع شوارده في بحث مفرد بحيث يبين فيه:
نشأتها، وأنواعها، ومراتبها، وما يتصل بها، ومن هنا جاء إعداد هذا الموضوع، وهو يتكون من:
المقدمة: وفيها بيان أهمية الموضوع وأسباب اختياره، وخطة البحث، وهي تتكون من تمهيد، وبابين، وخاتمة، وفهارس، وبيانها على النحو الآتي:
التمهيد: تعريف المسانيد.
الباب الأول: نشأة المسانيد ومراتبها، وفيه فصلان:
الفصل الأول: نشأة المسانيد، وفيه:
المبحث الأول: تدوين المسانيد.
المبحث الثاني: مرتبة المسانيد بين المصادر الحديثية.
الفصل الثاني: مراتب المسانيد، وفيه:
المبحث الأول: المسانيد المنتقاة.
المبحث الثاني: المسانيد المعلة.
المبحث الثالث: المسانيد العامة.
الباب الثاني: أنواع المسانيد وطريقة ترتيبها، وفيه فصلان:
الفصل الأول: أنواع المسانيد، وفيه:
المبحث الأول: المسانيد الشاملة.
المبحث الثاني: المسانيد الخاصة.
الفصل الثاني: طريقة ترتيب المسانيد، وفيه:
المبحث الأول: طريقة ترتيب المسانيد إِجمالا.
المبحث الثاني: طريقة ترتيب أشهر المسانيد تفصيلا.
الخاتمة، وتشتمل على أهم نتائج البحث.
الفهارس.
هذا وسميت هذا البحث: " المسانيد: نشأتها، وأنواعها، وطريقة ترتيبها "، وأسأل الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم، الرحمن الرحيم، أن يغفر لي ولوالدي وذوي أرحامي وعموم المسلمين، والحمد لله رب العالمين.
التمهيد: تعريف المسانيد
المطلب الأول: التعريف اللغوي:
المسانيد أو المساند جمع: مسند، وهو: اسم مفعول من الثلاثي: (سَنَدَ)، قال ابن فارس (ت 395 هـ): " السين والنون والدال أصل واحد يدل على انضمام الشيء إلى الشيء. وقد سُمِّي الدهر: مُسنَدًا؛ لأن بعضه متضام " (9).
وقال الليث: " السند ما ارتفع عن الأرض " (10) وقال الأزهري (ت 370 هـ): " كل شيء أسندت إليه شيئًا فهو مُسنَد " (11) وحكى أيضًا عن ابن بُزُرْج أن السَّنَد مثقل: ((سنود القوم في الجبل))، وقال الجوهري (ت 393 هـ): " السَنَد: ما قابلك من الجبل وعلا عن السطح، وفلان سَنَده أي: معتمد " (12) وقال ابن منظور (ت 711هـ): " ما يسند إليه يُسمى مسْنَدًا ومُسْنَدًا، وجمعه: المَساند " (13) وزاد صاحب القاموس أنه يجمع أَيضًا بلفظ: (مسانيد)، ويرى أبو عبد الله: محمد بن عبد الله الشافعي الزركشي، (ت 794 هـ) (14) أن الحذف أولى.
ومما سبق يتبين أن المُسند هو: ما ضُمَّ إلى شيء أو رُفع إليه ليقوى به، أو ليعرف به ويُنسب إليه.
المطلب الثاني: التعريف الاصطلاحي:
المساند والمسانيد جمع مسند، ويطلق في الاصطلاح على الرواية بالإسناد، أي رفع الأحاديث إلى قائلها، وعلى الكتاب الذي يروي مؤلفه أحاديث كل صحابي على حدة، والمعنى الثاني هو المقصود في هذا البحث، قال الخطيب أبو بكر: أحمد بن علي بن ثابت البغدادي (ت 463 هـ) عن أنواع المؤلفين في الأحاديث: " ومنهم من يختار تخريجها على المسند، وضم أحاديث كل واحد من الصحابة بعضها إلى بعض " (15) وقال الزركشي عنهم: " ومنهم من جمع حديث كل صحابي وحده، ثم رتبهم على حروف المعجم، ومنهم من رتب على سوابق الصحابة، فبدأ بالعشرة المبشرين ثم بأهل بدر " (16)
وقد سُميت بعض المصنفات على الأبواب بالمسانيد، وهي ليست كذلك بالمعنى السابق، وإنما لإرادة مؤلفيها منها: مطلق الرواية بالإسناد، وعليه تحمل بقية المصنفات التي يرد في أسمائها لفظة " مسند "، وإلا فهي مرتبة على الأبواب الفقهية، مثل:
الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسُننه وأيامه، للإمام البخاري (ت 256 هـ).
المُسند الصحيح المختصر من السنن بنقل العدل عن العدل عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، للإمام مسلم (ت 261هـ).
مسند الدرامي، قال الحافظ عبد الرحيم بن الحسين العراقي (ت806 هـ): " عَدَّه - يعني ابن الصلاح - مسند الدرامي في جملة هذه المسانيد مما أُفرد فيه حديث كل صحابي وحده، وَهْم منه فإنه مرتب على الأبواب كالكتب الخمسة، واشتهر تسميته بالمسند كما سمى البخاري: المسند الجامع الصحيح - وإن كان مرتبًا على الأبواب - لكون أحاديثه مسندة، إلا أن مسند الدرامي كثير الأحاديث المرسلة والمنقطعة والمقطوعة، والله أعلم " (17)
مسند الإمام الشافعي، وهو من جمع غيره، وذكر محمد بن عبد الرحمن السخاوي (ت 902 هـ) (18) أنه مرتب على الأبواب.
مسند الإمام: عبد الله بن المبارك - ت 181 هـ - وهو مرتب على أبواب الفقه أيضًا.
وكذا يُحمل ما رتب على أبواب الآداب: مثل: مسند الشهاب لأبي عبد الله: محمد بن سلامة القضاعي (ت 454 هـ)، ومسند الفردوس للحافظ أبي المنصور: شَهْرَدار بن شَيْرَويه الديلمي (ت 558 هـ)، يقول العلامة عبد الرؤوف المناوي (ت 1031هـ): " هذا احتراز عن المسند بمعنى الإسناد، كمسند الشهاب ومسند الفردوس، أي: إسناد حديثهما " (19)
وغالبًا ما تكون تسمية هذه المصنفات بالمسند مقيدة بما يدل على ذلك كما تقدم في تسمية صحيح البخاري ومسلم.
العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي:
يتصل المعنى الاصطلاحي لكلمة: (مسند) بمعناها اللغوي من عدة أطراف، منها الضم والجمع فصاحب الكتاب المُسند يضم الأحاديث إلى راويها، أو يضم أحاديثه كلها على حِدة، ومنها الرفع والنِّسبة، ومنها الاعتماد، وذلك من جهة أن المحدث يرفع الحديث إلى قائله فيسوق إسناده به، بحيث يعتمد على صنيعه، قال الزركشي: " هو مأخوذ من السند، وهو ما ارتفع وعلا عن سفح الجبل؛ لأن المُسْنِد يرفعه إلى قائله، ويجوز أن يكون مأخوذًا من قولهم: فلان سَنَد، أي: معتمد، فسمي الإخبار عن طريق المتن: مسندًا؛ لاعتماد النقاد في الصحة والضعف عليه " (20).
الباب الأول: نشأة المسانيد ومراتبها.
الفصل الأول: نشأة المسانيد.
المبحث الأول: تدوين المسانيد.
بدأت عناية أهل العلم بتأليف المسانيد - بمعناها الاصطلاحي المختار (21) في أوائل عصر تدوين أصول المصادر الحديثية، وذلك في أواخر القرن الثاني الهجري ومطلع القرن الثالث الهجري، حيث عُني المتقدمون من أئمة الحديث بإفراد حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمساند خاصة به - في الغالب - وفي ذلك يقول الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت 852 هـ): " رأى بعض الأئمة أن يفرد حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - خاصة، وذلك على رأس المائتين، فصنف عُبيد الله بن موسى العَبْسي الكوفي مسندًا، وصنف مُسَدَّد بن مُسَرْهَد البصري مسندًا " (22)
وبالرغم مما اختاره الحافظ ابن حجر، فإن أهل العلم اختلفوا في أول من صنف مسندًا، على أقوال، منها:
القول الأول: إنه: عبيد الله بن موسى العَبْسي الكوفي (ت 213 هـ)، وأبو داود: سليمان بن داود الطيالسي البصري (ت 203 هـ).
وبه قال الحاكم (23) وابن الجوزي (ت 597 هـ) (25) وأبو السعادات ابن الأثير (25) والزَّرْكَشي (26) وغيرهم.
وقد ابتدأ الحافظ ابن حجر العسقلاني بعُبيد الله بن موسى، ولكنه ثنى بمُسَدَّد بن مُسَرْهَد الأسدي البصري (ت 228 هـ) (27) كما تقدم.
أما الإمام أبو عمرو: عثمان بن عبد الرحمن بن الصلاح (ت 643 هـ) فقد ابتدأ بالطيالسي فقال: " كتب المسانيد غير ملتحقة بالكتب الخمسة وما جرى مجراها في الاحتجاج بها.. كمسند أبي داود الطيالسي، ومسند عُبيد الله بن موسى " (28)
القول الثاني: إنه: نُعيم بن حماد الخزاعي المصري (ت 228 هـ)، وأسد بن موسى الأموي المصري المعروف بأسد السنة (ت 213 هـ)، وفي ذلك يقول الدارقطني (ت 385 هـ): " قال أحمد بن حنبل - رحمه الله -: أول من رأيناه، يكتب المسند: نُعيم ابن حماد " (29) ويقول أيضًا: " أول من صنف مسندًا وتتبعه: نُعيم بن حماد " (30) إلا أن الخطيب البغدادي يقول: " صنف أسد بن موسى المصري مسندًا، وكان أسد أكبر من نُعيم سنًّا وأقدم سماعًا، فيحتمل أن يكون نُعيم سبقه إلى تخريج المسند وتتبع ذلك في حداثته، وخَرَّج أسدٌ بعده على كبر سنه والله أعلم " (31)
القول الثالث: إنهم أوائل بحسب البلدان.
قال أبو أحمد: عبد الله بن عدي (ت 365 هـ) - عند ترجمة يحيى بن عبد الحميد الحِمَّاني الكوفي (ت 228 هـ) -: " ليحيي - يعني صاحب الترجمة - مسند صالح، يقال إنه أول من صنف مسندًا بالكوفة، وأول من صنف بالبصرة: مُسَدَّد، وأول من صنف بمصر: أسد السنة، وأسد قبلهما وأقدم موتًا " (32).
الترجيح: الذي يظهر - والله أعلم - من كلام الحفاظ السابقين، أن أوائل من جمع المسانيد، هم على النحو الآتي: الأول: نُعيم بن حماد الخزاعي المصري (ت 228 هـ)، يدل على ذلك كلام الإمام أحمد المتقدم - وحسبك به - فهو صريح بأن نُعيمًا صَنَّف المسند في حداثته، حيث اشتهر عن نُعيم بن حماد حثه على جمع حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وعنايته به يقول الإمام أحمد عنه: " أول من قدم علينا في آخر عمر هُشَيم يطلب المسند: نُعيم بن حماد " (33) وقال أيضًا: " جاءنا نُعيم بن حماد ونحن على باب هُشَيم نتذاكر المقطعات، فقال: جمعتم حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فعُنينا بها منذ يومئذ " (34).
وهُشَيم، هو: ابن بشير الواسطي (ت 183 هـ)، ونُعيم قد صنف مسنده قبل هذا التاريخ، فتبين وجه ترجيح كلام الإمام أحمد هنا عن غيره، وبه يتأكد الاحتمال الذي ذكره الخطيب البغدادي - آنفًا.
الثاني: عُبيد الله بن موسى العَبْسي.
الثالث: أسد السنة، كما أفاد الأئمة الحفاظ عنهما - وفق ما تقدم -.
* أما من أورد مسند الطيالسي، فصنيعه محل تأمل؛ لأن مسنده ليس من جمعه، فقد قال أبو نعيم: أحمد بن عبد الله الأصبهاني (ت430 هـ): " صنف أبو مسعود الرازي ليونس بن حبيب مسند أبي داود " (35).
وأبو مسعود، هو: الحافظ أحمد بن الفرات بن خالد الضبي الرازي ثم الأصبهاني سمع من أبي داود الطيالسي وغيره، ومات سنة 258 هـ (36).
ويونس بن حبيب، هو: العجلي مولاهم الأصبهاني، راوي مسند حديث الطيالسي، ومات سنة 267 هـ.
هذا ويقول ابن حجر العسقلاني عن المسند المذكور: " وهو... الذي جمعه بعض الأصبهانيين من رواية يونس بن حبيب عنه " (37) ويقول السخاوي: " لولا أن الجامع لمسند الطيالسي غيره بحسب ما وقع له بخصوص من حديثه لا بالنظر لجميع ما رواه الطيالسي، فإنه مكثر جدًّا، لكان أول مسند فإن الطيالسي متقدم على هؤلاء " (38) وقال أيضًا: " هذا المسند يسير بالنسبة لما كان عنده، فقد كان يحفظ أربعين ألف حديث، والسبب في ذلك عدم تصنيفه هو له، إنما تولى جمعه بعض حفاظ الأصبهانيين من حديث يونس بن حبيب الراوي " (39) وبنحو ذلك قال السيوطي (ت 911 هـ) (40).
ويرى الزركشي: أن يونس بن حبيب هو الجامع لمسند حديث الطيالسي (41).
وأما من رأى أن الأولية في جمع المسانيد مقيدة بالبلدان، فكلامه لا يطرد؛ لأنه يشترك في البلد أكثر من مؤلف واحد: فنُعيم وأسد السنة من مصر، وعُبيد الله العَبْسي ويحيي الحِمَّاني من الكوفة، والطيالسي ومُسَدَّد من البصرة، وكل واحد منهم ذكر فيمن صنف مسندًا أولا.
يتبع