*حكم من حكم بغير ما أنزل الله
49ـ «من» أطاع العلماء والأمراء في تحريم ما أحل الله، أو تحليل ما حرمه الله، فقد اتخذهم أربابًا من دون الله.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز:ومن أنواع الشرك الأكبر: من يجعل لله ندًا في التشريع، بأن يتخذ مشرعًا له سوى الله، أو شريكًا لله في التشريع، يرتضي حكمه، ويدين به في التحليل والتحريم، عبادة وتقرُّبًا وقضاءً وفصلاً في الخصومات، أو يستحله وإن لم يره دينًا.
50ـ «إذا» كانت الحكومة تحكم بغير ما أنزل الله، فهي حكومة غير إسلامية.
51ـ «من» لم يرد مسائل النزاع إلى الكتاب والسنة، فليس بمؤمن حقيقة، بل مؤمن بالطاغوت، لإخلاله بشرط من شروط الإيمان.
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً﴾
ثم أمر بردِّ كل ما تنازع الناس فيه، من أصول الدين وفروعه إلى الله والرسول، أي: إلى كتاب الله وسنَّة رسوله، فإن فيهما الفصل في جميع المسائل الخلافية، إما بصريحهما، أو عمومها، أو إيماء، أو تنبيه، أو مفهوم، أو عموم معنى يقاس عليه ما أشبهه.
52ـ «الذين» جعلوا القوانين الوضعية، بترتيب وتخضيع كفار، وإن قالوا: أخطأنا، وحكم الشرع أعدل.
53ـ «التشريع» حق لله وحده، فمن احتكم إلى غير شرع الله، من سائر الأنظمة، والقوانين البشرين، فقد اتخذ أصحابها شركاء لله في تشريعه.
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم :«واعتبار شيء من القوانين للحكم بها ولو في أقل قليل، لا شك أنه عدم رضا بحكم الله ورسوله، ونسبة حكم الله ورسوله إلى النقص وعدم القيام بالكفاية في حل النزاع وإيصال الحقوق إلى أربابها، وحكم القوانين إلى الكمال وكفاية الناس في حل مشاكلهم، واعتقاد هذا كفر ناقل عن الملَّة، والأمر كبير مهم وليس من الأمور الاجتهادية.
54ـ «من» دعي إلى تحكيم الكتاب والسنة فأبى، كان من المنافقين.
قال الشيخ عبد الرحمن بن حسن:«قوله: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ إِلَى مَا أَنزَلَ اللّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا﴾بيَّن تعالى أن هذه صفة المنافقين، وأن من فعل ذلك أو طلبه، وإن زعم أنه مؤمن فإنه في غاية البُعد من الإيمان.
قال ابن القيم: هذا دليل على أن من دُعي إلى تحكيم الكتاب والسنَّة، فأبى أنَّه من المنافقين»
55ـ «من» دعا إلى تحكيم القوانين البشرية، فقد جعل له شريكًا في الطاعة والتشريع.
56ـ «من» حكم القوانين البشرية لم يكن موحدًا، لأنه اتخذ شريكًا في الطاعة
والتشريع، ولم يكفر بالطاغوت، بل آمن به.
لأن قوله: ﴿ يَزْعُمُونَ﴾ متضِّمن لنفي إيمانهم، لأن هذه الكلمة تقال غالبًا لمن يدِّعي دعوى هو فيها كاذب، ولأن تحكيم القوانين تحكيم للطاغوت، والله قد أمر بالكفر بالطاغوت، وجعل الكفر بالطاغوت، ركن التوحيد
57ـ «من» خرج عن حكم الله، وعدل إلى ما سواه من القوانين الطاغوتية، وجعلها شريعة مقدمة على الكتاب والسنة في الحكم، فهو كافر يجب قتاله، حتى يرجع إلى حكم الله وحده في القليل والكثير.
58 «كل» من حكم بغير شرع الله، أو حاكم إلى غيره، فقد حكم بالطاغوت، وحاكم إليه.
قال الشيخ سليمان بن عبد الله :«وقوله: ﴿أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ﴾.
قال ابن كثير: ينكر تعالى على من خرج عن حكم الله تعالى، المشتمل على كل خير وعدل، الناهي عن كل شر، وعدّل إلى ما سواه من الآراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجل بلا مستند من شريعة الله
وما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: أن الحاكم بغير ما أنزل الله كافر: إما كفر اعتقاد ناقل عن الملَّة، وإما كفر عمل لا ينقل عن الملَّة.
أما الأول: هو كفر الاعتقاد فهو أنواع:
أحدهما: أن يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله أحقية حكم الله ورسوله، وهو معنى ما روي عن ابن عباس، أن ذلك هو جحود ما أنزل الله من الحكم الشرعي، وهذا ما لا نزاع فيه بين أهل العلم من جحد أصلاً فمن أصول الدين، أو فرعًا مجمعًا عليه، أو أنكر حرفًا مما جاء به الرسول r قطعيًا، فإنه كافر الكفر الناقل عن الملَّة.
والثاني: أن لا يجحد الحاكم بغير ما أنزل الله كون حكم الله ورسوله حقًا، لكن اعتقد أن حكم غير الرسول r أحسن من حكمه وأتم وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع وهذا أيضًا لا ريب أنه كفر لتفضيله أحكام المخلوقين
الثالث: أن لا يعتقد كونه أحسن من حكم الله ورسوله، لكن اعتقد أنه مثله.
فهذا كالنوعين اللذين قبله في كونه كافرًا الكفر الناقل عن الملَّة، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق
الرابع: أن لا يعتقد: كون حكم الحاكم بغير ما أنزل الله مماثلاً لحكم الله ورسوله، فضلاً عن أن يعتقد كونه أحسن منه، لكن اعتقد جواز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله، فهذا كالذي قبله
الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه ومشاقة لله ولرسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادًا وإمدادًا وإرصادًا وتأهيلاً وتفريعًا وتشكيلاً وتنويعًا وحكمًا وإلزامًا ومراجع مستمدَّات.فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع مستمَدَّات، مرجعها كلها
إلى كتاب الله وسنة رسوله r فلهذه المحاكم مراجع هي: القانون الملفَّق من شرائع شتى وقوانين كثيرة: كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي
السادس: ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر والقبائل من البوادي ونحوهم، من حكايات آبائهم وأجدادهم وعاداتهم التي يسمُّونها «سلومهم» يتوارثون ذلك منهم، ويحكمون به ويحملون على التحاكم إليه عند النزاع
وأما «القسم الثاني» من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله وهو الذي لا يخرج عن الملَّة وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى.وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملَّة، فـإنه معـصية عـظمى
59ـ «البلد» الذي يحكم فيه بالقانون الوضعي، ليس بلد إسلام، ويجب الهجرة منه على المستطيع.
60ـ «من» حكم القانون البشري، وقال: اعتقد أنه باطل، فهذا لا أثر له، بل هو عزل للشرع، كمن عبد الأوثان، واعتقد بطلانها.
61ـ «كل» دولة لا تحكم بشرع الله، ولا تنصاع لأمره، فهي: دولة جاهلية، كافرة، ظالمة، فاسقة، بنص الآيات المحكمات؛ ويجب على المسلمين بغضها ومعاداتها، ويحرم عليهم مودتها وموالاتها.