يحيى بن سعيد القطان

يحيى بن سعيد بن فروخ القطان التميمى ، أبو سعيد البصرى الأحول الحافظ ، يقال : مولى بنى تميم ، و يقال : ليس لأحد عليه ولاء . اهـ .
و قال المزى :
قال حنبل بن إسحاق ، عن أبى الوليد الطيالسى : قلت ليحيى : كم اختلفت إلى
شعبة ؟ قال : عشرين سنة .
و قال معاذ بن المثنى ، عن على ابن المدينى : سمعت يحيى بن سعيد القطان يقول :
لزمت شعبة عشرين سنة فما كنت أرجع من عنده إلا بثلابة أحاديث و عشرة ، أكثر ما كنت أسمع منه فى كل يوم .
و قال عبد الرحمن بن عمر رستة ، عن عبد الرحمن بن مهدى : اختلفوا يوما عند شعبة فقالوا : اجعل بيننا و بينك حكما ، فقال : قد رضيت بالأحول ، يعنى يحيى بن سعيد القطان .
فما برحنا حتى جاء يحيى فتحاكموا إليه ، فقضى على شعبة ، فقال شعبة : و من يطيق نقدك يا أحول .
و روى عن إبراهيم بن محمد بن عرعرة ، قال : قال خالد بن الحارث : غلبنا يحيى بسفيان الثورى .
و قال أبو بكر بن خلاد الباهلى ، عن يحيى بن سعيد القطان : كنت إذا أخطأت قال لى سفيان الثورى : أخطأت يا يحيى ، فحدث يوما عن عبيد الله بن عمر عن نافع ، عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" الذى يشرب فى آنية الذهب و الفضة إنما يجرجر فى بطنه نار جهنم " .
قال يحيى بن سعيد : فقلت : أخطأت يا أبا عبد الله ، هذا أهون عليك . قال : فكيف هو يا يحيى ؟ قلت : حدثنا عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن زيد بن عبد الله ، عن عبد الله بن عبد الرحمن ، عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال لى : صدقت يا يحيى أعرض على كتبك .
قلت : تريد أن ألقى منك ما لقى زائدة ؟ قال : و ما لقى زائدة أصلحت له كتبه
و ذكرته حديثه .
و قال يزيد بن الهيثم البادا ، عن عبيد الله بن عمر القواريرى : قال يحيى بن سعيد : بات عندى سفيان ليلة فحدثته بحديثين ، حديث عن شعبة و حديث عن عمرو بن عبيد . قال : و قام يتوضأ فنظرت تحت المصلى الذى كان عليه جالسا و إذا هو قد تبهما عنى .
قلت : يا أبا سعيد حدثنى بهما . قال : حدثته عن شعبة ، عن أبى بشر ، عن عكرمة فى قول الله تعالى : * ( و تعزروه ) * قال : تقاتلوا دونه بالسيف .
و حديثه عن عمرو بن عبيد عن الحسن فى قول الله تعالى : * ( فعززنا بثالث ) *
قال : شددنا .
و قال عمرو بن على ، عن يحيى بن سعيد : ما اجتمعت أنا و معاذ فى شىء إلا قدمانى و قال أبو الخصيب المصيصى ، عن القواريرى : سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول : ما رأيت أحدا أحسن أخذا للحديث و لا أحسن طلبا له من يحيى بن سعيد القطان ، و سفيان بن حبيب .
و قال محمد بن عبد الرحيم البزاز : سمعت عليا و ذكر من طلب الحديث ، فقال : لم يكن من أصحابنا ممن طلب و عنى به و حفظه و أقام عليه حتى حدث لم يزل فيه ، إلا ثلاثة : يحيى بن سعيد ، و سفيان بن حبيب ، و يزيد بن زريع ، هؤلاء لم يدعوه منذ طلبوه ، لم يشتغلوا عنه ، لم يزالوا فيه إلى أن حدثوا .
و قال الحسين بن إدريس الأنصارى : قال ابن عمار : أدخل عبد الرحمن بن مهدى فى تصنيفه ألفى حديث ليحيى بن سعيد القطان و هو حى ، فكان يحدث بها عنه و هو حى .
و قال زكريا بن يحيى الساجى : حدثت عن على ابن المدينى ، قال : ما رأيت أعلم بالرجال من يحيى بن سعيد القطان ، و لا رأيت أعلم بصواب الحديث و الخطأ من عبد الرحمن بن مهدى ، فإذا اجتمع يحيى و عبد الرحمن على ترك حديث رجل تركت حديثه ، و إذا حدث عنه أحدهما حدثت عنه .
و قال أبو الفتح الأزدى ، عن الحسن بن على : سمعت إبراهيم بن محمد التيمى
يقول : ما رأيت أعلم بالرجال من يحيى القطان . و ما رأيت أعلم بصواب الحديث من ابن مهدى .
قال إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد : قال لى على ابن المدينى : ما رأيت أحد أعلم بالرجال من يحيى بن سعيد .
قال أحمد بن يحيى بن الجارود : قال على ابن المدينى : لم أر أحدا أثبت من يحيى بن سعيد القطان .
و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل : سمعت أبى يقول : حدثنى يحيى القطان و ما رأت عيناى مثله .
و قال فى موضع آخر : قلت لأبى : من رأيت فى هذا الشأن ، يعنى الحديث ؟ قال : ما رأيت مثل يحيى بن سعيد . قلت : فهشيم ؟ قال : هشيم شيخ ، ما رأيت مثل يحيى .
قلت : فعبد الرحمن بن مهدى ؟ قال : لم نر مثل يحيى فى كل أحواله .
و قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدى ، عن أحمد بن حنبل : إليه المنتهى فى التثبت بالبصرة .
و قال صالح بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : يحيى بن سعيد أثبت من هؤلاء ـ يعنى من وكيع و عبد الرحمن بن مهدى ، و يزيد بن هارون ، و أبى نعيم ـ و قد روى عن خمسين شيخا ممن روى عنهم سفيان . قيل له : قد كان يكتب عند سفيان ؟ قال : إنما كان يتتبع ما لم يكن سمعه فيكتبه .
و قال أبو طالب ، عن أحمد بن حنبل : ما رأيت مثل يحيى بن سعيد و لم يكن فى زمانه مثله ، كان تعلم من شعبة .
و قال أحمد بن الحسن الترمذى : سمعت أحمد بن حنبل و سئل عن يحيى بن سعيد
و وكيع ، فقال : لم تر عينى مثل يحيى بن سعيد .
و قال أحمد بن الحسن الترمذى : سمعت أحمد بن حنبل و سئل عن يحيى بن سعيد
و وكيع ، فقال : لم تر عينى مثل يحيى بن سعيد . و قال محمد بن على بن داود : سمعت أحمد ابن حنبل يقول : ما رأيت فى هذا الشأن مثل يحيى بن سعيد .
و قال الفضل بن زياد : سمعت أبا عبد الله و ذكر يحيى بن سعيد القطان . فقال : لا والله ما أدركنا مثله ، ثم قال سمعت عبد الرحمن بن مهدى و ذكر يحيى بن سعيد القطان . فقال لم تر عيناك مثله .
و قال محمد بن الحسين بن مكرم ، عن عبد الله بن محمد : سمعت أحمد بن حنبل
يقول : ما رأيت أحدا أثبت من يحيى .
و قال أبو بكر الأثرم : قال لى أبو عبد الله : رحم الله يحيى القطان ما كان أضبطه و أشد تفقده ، كان محدثا ، و أثنى عليه فأحسن الثناء عليه .
و قال أبو داود : قلت لأحمد بن حنبل : كان يحيى يحدثكم من حفظه ؟ قال :
ما رأينا له كتابا كان يحدثنا من حفظه و يقرأ علينا الطوال من كتابنا .
و قال حنبل بن إسحاق : سمعت أبا عبد الله يقول : ما رأيت أحدا أقل خطأ من يحيى ابن سعيد ، و لقد أخطأ فى أحاديث . ثم قال أبو عبد الله : و من يعرى من الخطأ و التصحيف ؟
و قال عبد الله بن بشر الطالقانى : سمعت أحمد بن حنبل يقول : يحيى بن سعيد أثبت الناس . قال أحمد : و ما كتبت عن مثل يحيى بن سعيد .
و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : قال لى عبد الرحمن بن مهدى : لا ترى بعينيك مثل يحيى بن سعيد القطان أبدا ! .
و قال أيضا ، عن يحيى بن معين : يحيى بن سعيد أثبت من عبد الرحمن بن مهدى فى سفيان .
و قال أبو بكر بن خلاد : سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول : لو كنت لقيت إسماعيل ابن أبى خالد لكتبت عن يحيى ، عن إسماعيل لأعرف صحيحها من سقيمها .
و قال أبو زرعة الدمشقى : قلت ليحيى بن معين : يحيى بن سعيد فوق ابن مهدى ؟
قال : نعم .
و قال أبو بكر بن خلاد أيضا : سمعت يحيى بن سعيد يقول : جهد سفيان الثورى أن يدلس على رجلا ضعيفا فما أمكنه .
و قال مرة فى مسألة ذكرت : حدثنا أبو سهل عن الشعبى . فقلت : أبو سهل محمد بن سالم . فقال : يا يحيى ما رأيت مثلك لا يذهب عليك شىء .
و قال أبو بكر بن خزيمة ، عن بندار : حدثنا يحيى بن سعيد إمام أهل زمانه .
و قال إسحاق بن إبراهيم الشهيدى : كنت أرى يحيى القطان يصلى العصر ثم يستند إلى أصل منارة مسجده ، فيقف بين يديه على ابن المدينى ، و الشاذكونى ، و عمرو بن على ، و أحمد بن حنبل ، و يحيى بن معين و غيرهم يسألونه عن الحديث ، و هم قيام على أرجلهم إلى أن تحين صلاة المغرب ، لا يقول لواحد منهم اجلس ، و لا يجلسون هيبة له و إعظاما .
و قال الحسين بن إدريس ، عن ابن عمار : كنت إذا نظرت إلى يحيى بن سعيد ظننت أنه رجل لا يحسن شيئا ، فإذا تكلم أنصت له الفقهاء .
و قال فى موضع آخر : كان يحيى بن سعيد يشبه التجار إذا نظرت إليه ، حتى يأخذ فى الحديث ، فإذا أخذ فى الحديث علمت أنه صاحب حديث .
و قال إسماعيل بن أبى مريم ، عن على ابن المدينى : قال ابن يحيى : إن أباه يختم القرآن فى كل يوم . قال على : فتفقدته و أنا معه فى البستان فختمه بين المغرب و العشاء .
و قال أبو داود : سمعت يحيى بن معين يقول : أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن فى كل ليلة و لم يفته الزوال فى المسجد أربعين سنة ، و ما رؤى يطلب جماعة قط .
و قال أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان : لم يكن أبو سعيد ، يعنى جده ، يمزح و لا يضحك إلا تبسما ، ما أعلم أنى رأيته قهقه قط ، و لا دخل حماما قط ، و لا اكتحل و لا ادهن ، و كان يخضب خضابا حسنا .
و قال بندار : اختلفت إلى يحيى بن سعيد أكثر من عشرين سنة فما أظن أنه عصى الله قط .
و قال محمد بن سعد : كان ثقة مأمونا رفيعا حجة .
و قال العجلى : بصرى ثقة ، نقى الحديث ، كان لا يحدث إلا عن ثقة .
و قال أبو زرعة : يحيى القطان من الثقات الحفاظ .
و قال أبو حاتم : ثقة حافظ .
و قال النسائى : ثقة ثبت مرضى .
و قال أبو بكر بن منجويه : كان من سادات أهل زمانه حفظا و ورعا و فهما و فضلا و دينا و علما ، و هو الذى مهد لأهل العراق رسم الحديث ، و أمعن فى البحث عن الثقات ، و ترك الضعفاء .
قال عمرو بن على : سمعت يحيى بن سعيد يقول : ولدت سنة عشرين و مئة فى أولها ، و ولد معاذ بن معاذ سنة تسع عشرة فى آخرها ، هو أسن منى بشهرين .
و قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة ، عن على ابن المدينى : قلت ليحيى بن سعيد فى ربيع الأول سنة تسعين و مئة : كم لك من سنة ؟ قال : إذا مضى شهر أو شهران استوفيت سبعين سنة و دخلت فى إحدى . قيل له : فى أى سنة ولدت ؟ قال : سنة عشرين و مئة فى أولها .
و قال أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبى الأسود ، و عمرو بن على ، و على ابن المدينى ، و أبو موسى محمد بن المثنى ، و محمد بن سعد ، فى آخرين : مات سنة ثمان و تسعين و مئة .
قال على و محمد بن سعد : فى صفر .
و قال ابن أبى الأسود : قبل عبد الرحمن بن مهدى بأربعة أشهر .
و قال محمد بن المثنى : و مات عبد الرحمن بن مهدى بعده بأربعة أشهر .
و قال أحمد بن عبد الرحمن العنبرى ، عن زهير بن نعيم البابى : رأيت يحيى بن سعيد فى المنام عليه قميص بين كتفيه مكتوب :
" بسم الله الرحمن الرحيم كتاب من الله العزيز الحكيم براءة ليحيى بن سعيد القطان من النار " .
و قال عباس الدورى ، عن يحيى بن معين عن عفان بن مسلم : رأى رجل ليحيى بن سعيد قبل موته بعشرين سنة : بشر يحيى بن سعيد بأمان الله يوم القيامة .
و قال جعفر بن محمد بن أبى عثمان الطيالسى : حدثنى محمد بن عمرو بن عبيدة العصفرى ، قال : سمعت على ابن المدينى يقول : مكثت أشتهى أرى يحيى بن سعيد القطان فى النوم مدة . قال : فصليت ليلة العتمة ثم أوترت و اتكيت على سريرى .
قال : فسنح لى خالد بن الحارث فقمت ، فسلمت عليه و عانقته ، ثم قلت له : ما فعل بك ربك ؟ قال : غفر لى ، على أن الأمر شديد . قلت : أين معاذ فقد كان رسيلك فى الحديث ؟ فقال لى : محبوس . قلت : فما فعل يحيى بن سعيد القطان ؟ قال : نراه كما نرى الكوكب الدرى فى أفق السماء .
أخبرنا بذلك أبو العز الشيبانى ، قال : أخبرنا أبو اليمن الكندى ، قال : أخبرنا أبو منصور القزاز ، قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ ، قال : أخبرنا محمد ابن الحسين بن محمد المتوثى و عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ ، قالا : أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان ، قال : حدثنا جعفر بن أبى عثمان ، فذكره .
قال الحافظ أبو بكر الخطيب : حدث عنه شعبة ، و محمد بن شداد المسمعى و بين وفاتيهما مئة و تسع عشرة سنة ، و حدث عنه سفيان الثورى و بين وفاته و وفاة المسمعى مئة و ثمانى عشرة سنة ، و حدث عنه معتمر بن سليمان و بين وفاته و وفاة المسمعى اثنتان و تسعون سنة .
روى له الجماعة . اهـ .
ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ ْ
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 11 / 220 :
هذا الكلام برمته ( أى كلام ابن منجويه ) كلام أبى حاتم بن حبان فى " الثقات " فى ترجمة يحيى القطان .
و هذا دأب ابن منجويه رحمه الله تعالى ، ينقل كلامه برمته ، و لا يعزوه إليه . زاد ابن حبان : و منه تعلم أحمد و يحيى و على و سائر أئمتنا ، و كان إذا قيل له فى علته : عافاك الله تعالى ، قال : أحبه إلى أحبه إلى الله تعالى .
و قال الخليلى : هو أمام بلا مدافعة ، و هو أجل أصحاب مالك بالبصرة ، و كان الثورى يتعجب من حفظه ، واحتج به الأئمة كلهم ، و قالوا : من تركه يحيى تركناه . اهـ .
منقول