الإمام محمد بن نصر المروزي
الشيخ سليم بن عيد الهلالي
40- محمد بن يزيد بن محمد بن كثير العجلي، أبو هشام الرفاعي الكوفي، قاضي المدائي، ليس بالقوي، قال البخاري: رأيتهم مجمعين على ضعفه، مات سنة (248 هـ) / م د ق.
41- محمود بن غيلان العدوي -مولاهم-، أبو أحمد المروزي، نزيل بغداد، ثقة، مات سنة (239 هـ)، وقيل بعد ذلك / خ م ت س ق.
42- المنذر بن شاذان الرازي، أبو عمر التمار، قال ابن أبي حاتم: كتبنا عنه وهو صدوق، سئل أبي عنه، فقال: لا بأس به.
43- نصر بن علي بن صهبان الأزدي الجهضمي البصري، ثقة، مات قبل الخمسين ومئتين / 4.
44- الوليد بن شجاع بن الوليد بن قيس السكوني، أبو همام بن أبي بدر الكوفي، نزيل بغداد، ثقة، مات سنة (243 هـ) / م د ت ق.
45- وهب بن بقية بن عثمان الواسطي، أبو محمد، يقال له: وهبان، ثقة، مات سنة (239 هـ) / م د س.
46- يحيى بن حبيب بن عربي الحارثي، أبو زكريا البصري، ثقة، مات سنة (248 هـ) / م 4.
47- يحيى بن خلف الباهلي، أبو سلمة البصري الجوباري، صدوق، مات سنة (242 هـ) / م د ت ق.
48- يحيى بن يحيى بن بكير بن عبدالرحمن التميمي، أبو زكريا النيسابوري، ثقة ثبت إمام، مات سنة (226 هـ) / خ م ت س، وقد أكثر عنه المؤلف.
49- يونس بن عبدالأعلى بن ميسرة الصدفي، أبو موسى المصري، ثقة، مات سنة (264 هـ) / م س ق.
* مكانته العلمية، وثناء العلماء عليه:
لا يخفى على الناظر في ترجمة هذا الإمام المكانة العلمية العالية التي وصل إليها، فقد بزَّ أقرانه من العلماء في كثير من العلوم، لا سيما في مجال العقيدة، والحديث، والسنة، والفقه، ومعرفة مسائل الخلاف، شهد له بذلك القاصي والداني، الموافق والمخالف، من عاصره ومن جاء بعده.
وكل من ترجم للمؤلف -رحمه الله- قد أثنى عليه، ووصفه بالأوصاف الجميلة، وأطلقوا عليه ألقابًا لا تطلق إلاَّ على الأئمة العلماء، والفحول الكبراء.
* قال إسحاق بن راهويه: «لو صلح في زماننا أحد للقضاء؛ لصلح أبو عبدالله المروزي».
* وقال إسماعيل بن قتيبة: سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول غير مرة إذا سئل عن مسالة: «سلوا أبا عبدالله المروزي».
* وقال محمد بن عبدالله بن عبدالحكم المصري: «كان محمد بن نصر المروزي عندنا إمامًا، فكيف بخراسان؟».
* وقال أبو بكر -أحمد بن إسحاق- الصبغي: «أدركت إمامين من أئمة المسلمين، لم أرزق السماع منهما: أبا حاتم الرازي، وأبا عبدالله -محمد بن نصر- المروزي».
* وقال: «... ثم جالس يحيى بن يحيى النيسابوري: محمد بن نصر المروزي سنين، حتى أخذ من سمته وعقله، فلم ير بعد يحيى من فقهاء خراسان أعقل من ابن نصر».
* وقال محمد بن إسحاق الدبوسي: «دخلت سمرقند، ورأيت بها محمد ابن نصر المروزي، وكان بحرًا في الحديث».
* وقال محمد بن محمد بن يوسف القاضي: «كان الصدر الأول من مشايخنا يقولون: رجال خراسان أربعة: عبدالله بن المبارك المروزي، ويحيى بن يحيى النيسابوري، وإسحاق بن راهويه، ومحمد بن نصر المروزي».
* وقال ابن حبان: «كان أحد الأئمة في الدنيا ممن جمع وصنف، وكان أعلم أهل زمانه بالاختلاف، وأكثرهم صيانة في العلم».
* وقال أبو عبدالله الحاكم: «فضائل أبي عبدالله المروزي ومناقبه كثيرة، فإنه إمام الحديث بخراسان، وأما كلامه في فقه الحديث؛ فأكثر من أن يمكن ذكره، ومصنفاته في بلاد المسلمين مشهورة، ولعلها تزيد على ست مئة جزء، عندنا من المسموعات ما يزيد على مئة جزء».
* وقال: «الفقيه، العابد، العالم، إمام أهل الحديث في عصره بلا مدافعة».
* وقال الحافظ السليماني: «محمد بن نصر إمام الأئمة، الموفق من السماء».
* وقال عبدالقاهر بن طاهر البغدادي: «ومنهم: محمد بن نصر المروزي، صاحب «اختلاف العلماء»، وإمام الفقه والكلام والحديث، وكتابه في «اختلاف العلماء» يشتمل على أربعين مجلدة».
* وقال الإمام ابن حزم: «أعلم الناس: من كان أجمعهم للسنن، وأضبطهم لها، وأذكرهم لمعانيها، وأدراهم بصحتها، وبما أجمع الناس عليه مما اختلفوا فيه.
وما نعلم هذه الصفة بعد الصحابة أتم منها في محمد بن نصر المروزي، فلو قال قائل: ليس لرسول الله × حديث، ولا لأصحابه إلا وهو عند محمد ابن نصر؛ لما أبعد عن الصدق».
قال الذهبي عقبه: «هذه السعة والإحاطة ما ادعاها ابن حزم لابن نصر إلا بعد إمعان النظر في جماعة تصانيف لابن نصر، ويمكن ادعاء ذلك لمثل أحمد بن حنبل ونظرائه، والله أعلم».
وقال: «... ولقد لقي أحمد، وأخذ عنه وحوى علمه، ولقي أصحاب مالك والشافعي، وأصحاب أبي حنيفة، وأخذ علمهم، وقد كان في الغاية التي لا وراء بعدها في سعة العلم بالقرآن والحديث والآثار، والحجاج ودقة النظر، مع الورع العظيم، والدين المتين».
* وقال الخطيب البغدادي: «صاحب التصانيف الكثيرة والكتب الجمة، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة، ومن بعدهم في الأحكام».
قال الذهبي عقبه: «يقال: إنه كان أعلم الأئمة باختلاف العلماء على الإطلاق».
* وقال ابن الجوزي: «كان عالمًا بالحديث والفقه».
* وقال النووي: «هو الإمام البارع العلامة في فنون العلم، الفقيه الشافعي».
* وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: «منهم: محمد بن نصر المروزي، الإمام المشهور، الذي هو أعلم أهل زمانه بالإجماع والاختلاف، أو من أعلمهم».
ووصفه بأنه من علماء الحديث وأئمته، الذين يبنون الأحكام على الأحاديث، ويميزون صحيحها من ضعيفه.
وكذا عده الإمام ابن قيم الجوزية ممن جمع الاستنباط والفقه إلى الرواية.
* وقال الذهبي: «الإمام، شيخ الإسلام، أبو عبدالله الحافظ... وكتب الكثير، وبرع في علوم الإسلام، وكان إمامًا مجتهدًا علامة، من أعلم أهل زمانه باختلاف الصحابة والتابعين، قلّ أن ترى العيون مثله».
* وقال الحافظ ابن كثير: «كان من أعلم الناس باختلاف الصحابة والتابعين فمن بعدهم من أئمة الإسلام، وكان عالمًا بالأحكام».
* وقال الحافظ ابن حجر في «التقريب»: «محمد بن نصر المروزي الفقيه، أبو عبدالله، ثقة حافظ، إمام، جبل، من كبار الثانية عشرة / تمييز».
* وقال السبكي: «أحد أعلام الأمة، وعقلائها، وعبادها».
* وقال ابن قاضي شهبة: «أحد الأئمة الأعلام».
* وقال ابن تغري بردي: «الفقيه، أحد الأعلام، وصاحب التصانيف الكثيرة، والكتب المشهورة... وكان أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام».
* وعده السخاوي من نجوم الهدى، ومصابيح الظلام، والمستضاء بهم في دفع الردى، الذين هم أهل للكلام في علم الرجال.
* وقال السيوطي: «الإمام، شيخ الإسلام، أبو عبدالله المروزي الفقيه... وبرع في هذا الشأن، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام».
* مذهبه الفقهي:
قال المروزي: «كتبت الحديث بضعًا وعشرين سنة، وسمعت قولاً ومسائل، ولم أكن حسن رأي في الشافعي، فبينما أنا قاعد في مسجد رسول الله × بالمدينة؛ إذ أغفيت إغفاءة، فرأيت النبي × في المنام، فقلت: يا رسول الله! أكتب رأي أبي حنيفة؟ فقال: لا، فقلت: رأي مالك؟ فقال: اكتب ما وافق حديثي، فقلت: أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان، وقال: تقول: رأي! ليس هو بالرأي، وهو رد على من خالف سنتي، فخرجت في أثر هذه الرؤيا إلى مصر، فكتبت كتب الشافعي».
فتفقه -رحمه الله- على أبي إبراهيم إسماعيل بن يحيى المزني، وأخذ عنه كتب الشافعية ضبطًا وتفقهًا، وسمع من الربيع بن سليمان، ومحمد بن عبدالله ابن عبدالحكم آراء الشافعي وأقواله.
ولذلك عدَّه من كتب في التراجم والطبقات أنه شافعي، بل عدوه من أئمة الشافعية.
قال النووي: «الفقيه الشافعي».
وقال: «محمد بن نصر من أصحابنا أصحاب الوجوه، مذكور في الروضة».
وقال السبكي في «طبقاته»: «ابن نصر، وابن جرير، وابن خزيمة من أركان مذهبنا».
وعده الشيرازي من أصحاب الشافعي، وذكره في «طبقاته»، وكذا عده ابن الأثير من فقهاء الشافعية.
وقال بعضهم: «لم يكن للشافعية في وقته مثله».
قلت: والذي يظهر لي -والله أعلم- أن المؤلف -رحمه الله- كان مجتهدًا مطلقًا، معظمًا للسنة والدليل، يرجح من المذاهب والأقوال بحسب قربها من الأدلة وصحة الاستدلال عليها، وإن كان لا ينكر أنه تأثر بالإمام الشافعي، ونقل كثيرًا من أقواله؛ لكن أكثر نقله عنه في مسائل الأصول وبيان أنواع السنن وعلاقتها بالكتاب، ونحو ذلك.
وكتابنا -الذي بين يديك- دليل على ذلك، فهو كتاب أصول بحت، كل ما نقله المؤلف -رحمه الله- عن الشافعي فهو منقول عن غيره؛ كالإمام أحمد، وابن خزيمة، وابن المنذر؛ لكن الإمام الشافعي -رحمه الله- حاز قصب السبق بالتقعيد والتأصيل والكتابة.
وإلا؛ فلا يصحُّ ألبتة عَدُّ الإمامين ابن خزيمة وابن جرير الطبري من الشافعية، وهذا واضح لكل من نظر في كتب هذين العالمين، بل كانا مجتهدين، فهل إن وافقوا الإمام الشافعي -رحمه الله- في مسائل؛ عدوا من الشافعية؟! كلا.
* حسن عبادته وتمسكه بالسنة:
كتابنا -هذا- دليل على حب المؤلف -رحمه الله- للسنة، وذبه عن حياضها، والعمل بها، ونشرها بين الناس، وذم الاختلاف والبدع، والتحذير من أهلها، كل ذلك فعله صيانة للدين، وحرصًا وغيرة على سنة سيد المرسلين محمد ×.
أما عن عبادته وطاعته لربه؛ فحدث ولا حرج.
قال الإمام ابن كثير: «كان من أحسن الناس صلاة، وأكثرهم خشوعًا فيها».
وكان -رحمه الله- من العباد المعروفين.
ومن صور خشوعه في الصلاة ما ذكروه عنه -رحمه الله-:
قال أبو بكر الصبغي: «فأما أبو عبدالله؛ فما رأيت أحسن صلاة منه، وبلغني أن زنبورًا قعد على جبهته، فسال الدم على وجهه ولم يتحرك».
وقال محمد بن يعقوب بن الأخرم: «ما رأيت أحسن صلاة من محمد بن نصر؛ كان الذباب يقع على أذنه، فيسيل الدم ولا يذبه عن نفسه، ولقد كنا نتعجب من حسن صلاته وخشوعه وهيئته للصلاة، كان يضع ذقنه على صدره، فينتصب كأنه خشبة منصوبة».
وقال ابن الجوزي: «وكان كثير الصلاة، كريمًا».
* علاقته بالأمراء والسلاطين:
كان الإمام المروزي على سيرة أهل العلم من السلف الصالح في علاقته مع الخلفاء والأمراء، فلم يكن من عادته الدخول عليهم إلا لأداء واجب النصيحة، وتقديم الموعظة الحسنة، وكانت له هيبة، واحترام لدى العامة والخاصة، وكان الأمراء والحكام يجلُّونه ويحترمونه؛ نظرًا إلى منزلته العلمية والدينية، وكانوا يقدمون إليه العطايا والهدايا، قال الأمير أبو إبراهيم -إسماعيل بن أحمد-: كنت بسمرقند فجلست يومًا للمظالم، وجلس أخي إسحاق إلى جنبي، إذ دخل أبو عبدالله محمد بن نصر، فقمت إجلالاً لعلمه، فلما خرجا عاتبني أخي إسحاق، وقال: أنت والي خراسان، يدخل عليك رجل من رعيتك، فتقوم إليه! وبهذا ذهاب السياسة.
فبت تلك الليلة -وأنا منقسم القلب بذلك- فرأيت النبي × في المنام، كأني واقف مع أخي إسحاق، إذ أقبل النبي × فأخذ بعضدي، وقال: يا إسماعيل! ثبت ملكك وملك بنيك؛ بإجلالك محمد بن نصر، ثم التفت إلى إسحاق فقال: ذهب ملك إسحاق وملك بنيه؛ باستخفافه بمحمد بن نصر.
زاد النووي: فبقي ملك إسماعيل وبنيه أكثر من مئة وعشرين سنة.
* عقيدته:
كان -رحمه الله- على مذهب السلف الصالح في جميع أبواب العقائد، وكتابه «السنة»، و«كتاب تعظيم قدر الصلاة»، وباب الإيمان منه، أكبر شاهد على هذا، وقد درس مسألة الإيمان، ومذاهب الناس فيه دراسة وافية في كتابه القيم: «تعظيم قدر الصلاة»، وأيد مذهب السلف، وناقش جميع المذاهب والفرق مناقشة علمية.
فهو لم يكن على معتقد السلف فحسب، بل كان من الدعاة إليه، فيستحق أن يوصف بصاحب السنة، الداعية إلى العقيدة السلفية الصحيحة، وقد أنكر على جميع الفرق المبتدعة أشد الإنكار، كما هو واضح وجلي في باب الإيمان من كتاب «تعظيم قدر الصلاة».
وكان -رحمه الله- جريئًا في إبداء ما كان يراه، ولأجل هذا تكلم في بعض المسائل الحساسة لدى أهل الحديث والأثر، وأهل البدع في عصره بشيء من الصراحة؛ لبيان حقيقة المسألة، فأنكر عليه أهل العلم لخوضه فيها، فقال الحافظ ابن منده في مسألة الإيمان: صرح محمد بن نصر في كتاب «الإيمان» بأن الإيمان مخلوق، وأن الإقرار والشهادة وقراءة القرآن بلفظه مخلوق، ثم قال: وهجره على ذلك علماء وقته، وخالفه أئمة خراسان والعراق.
قال الذهبي معلقًا عليه: «قلت: الخوض في ذلك لا يجوز، وكذلك لا يجوز أن يقال: الإيمان، والإقرار، والقراءة، والتلفظ بالقرآن غير مخلوق؛ فإن الله خلق العباد وأعمالهم، والإيمان: فقول وعمل، والقراءة والتلفظ: من كسب القارئ، والمقروء الملفوظ: هو كلام الله ووحيه وتنزيله، وهو غير مخلوق، وكذلك كلمة الإيمان، وهي قول: «لا إله إلا الله، محمد رسول الله» داخلة في القرآن، وما كان من القرآن فليس بمخلوق، والتكلم بها من فعلنا، وأفعالنا مخلوقة، ولو أنا كلما أخطأ إمام في اجتهاده في آحاد المسائل خطأ مغفورًا له، قمنا عليه، وبدّعناه، وهجرناه؛ لما سلم معنا لا ابن نصر، ولا ابن منده، ولا من هو أكبر منهما، والله هو هادي الخلق إلى الحق، وهو أرحم الراحمين، فنعوذ بالله من الهوى والفظاظة».
هذا، وقد ذكر الذهبي في ترجمة الإمام البخاري في «السير» قصة البخاري مع محمد بن يحيى الذهلي في مسألة خلق القرآن، ومسألة: هل اللفظ مخلوق؟ فساق الذهبي عدة أقوال تلاميذ البخاري عن البخاري، فقال:
قلت: المسألة هي أن اللفظ مخلوق، وسئل عنها البخاري فوقف فيها، فلما وقف واحتج بأن أفعالنا مخلوقة، واستدل لذلك؛ فهم منه الذهلي أنه يوجه مسألة اللفظ فتكلم فيه، وأخذه بلازم قوله هو وغيره، وقد قال البخاري في الحكاية التي رواها غنجار في «تاريخه»: حدثنا خلف بن محمد بن إسماعيل: سمعت أبا عمرو أحمد بن نصر النيسابوري الخفاف ببخارى يقول: كنا يومًا عند أبي إسحاق القيسي، ومعنا محمد بن نصر المروزي، فجرى ذكر محمد بن إسماعيل البخاري، فقال محمد بن نصر: سمعته يقول: من زعم أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو كذاب، فإني لم أقله، فقلت له: يا أبا عبدالله! قد خاض الناس في هذا وأكثروا فيه، فقال: ليس إلا ما أقول.
قال أبو عمرو الخفاف: فأتيت البخاري فناظرته في شيء من الأحاديث حتى طابت نفسه، فقلت: يا أبا عبدالله! ههنا أحد يحكي عنك أنك قلت هذه المقالة، فقال: يا أبا عمرو! احفظ ما أقول: من زعم من أهل نيسابور، وقومس، والرى، وهمذان، وحلوان، وبغداد، والكوفة، والبصرة، ومكة، والمدينة، أني قلت: لفظي بالقرآن مخلوق؛ فهو كذاب، فإني لم أقله، إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة.
وقال الذهبي في ترجمة الذهلي: كان الذهلي شديد التمسك بالسُّنة، قام على محمد بن إسماعيل؛ لكونه أشار في مسالة خلق أفعال العباد إلى أن تلفظ القارئ بالقرآن مخلوق، فلوّح وما صرح، والحق أوضح، ولكن أبى البحث في ذلك: أحمد بن حنبل، وأبو زرعة، والذهلي، والتوسع في عبارات المتكلمين؛ سدًّا للذريعة، فأحسنوا -أحسن الله جزاءهم-، وسافر ابن إسماعيل مختفيًا من نيسابور، وتألم من فعل محمد بن يحيى، وما زال كلام الكبار المتعاصرين بعضهم في بعض لا يلوى عليه بمفرده... رحم الله الجميع، وغفر لهم ولنا آمين.
هذا، وأورد الذهبي ذكر الإمام المروزي في كتابه «العلو للعلي العظيم» من أئمة الإسلام ممن لا يتأول، ويؤمن بالصفات، وبالعلو في ذلك الوقت.
* مؤلفاته:
1- الإجماع:
نسبه له الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (12/ 157)، فقال: «ونقل محمد ابن نصر في «كتاب الإجماع» الاتفاق على نفي الزاني؛ إلاَّ عن الكوفيين» ا.هـ.
2- اختلاف الفقهاء:
طبع بتحقيق الشيخ صبحي السامرائي، باسم (اختلاف العلماء)، وهكذا نسبه له الإمام ابن قيم الجوزية في «إغاثة اللهفان» (1/ 129 -ط الفقي)، والحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (9/ 396 -ط دار الريان)، ومن قبلهما عبدالقاهر بن طاهر البغدادي (ت 429 هـ) في «أصول الدين» (ص 314).
وحققه محمد طاهر حكيم في الدراسات العليا بالجامعة الإسلامية في المدينة النبوية لنيل شهادة الماجستير باسم (اختلاف الفقهاء)، وهكذا سماه السبكي في «طبقاته» (2/ 253)، وفؤاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» (1/ 3/ 197).
3- الانتفاع بجلود الميتة:
ذكره ونسبه له ابن عبدالبر في «التمهيد» (2/ 28)، فقال: «فقد ذكر العلة الموجبة للعداوة بينهما: أبو عبدالله -محمد بن نصر- المروزي في كتاب «الانتفاع بجلود الميتة»».
4- الإيمان:
ذكره المؤلف في كتابه «تعظيم قد رالصلاة» (2/ 590)، فقال: «وسنذكر الأخبار المروية على هذا المثال في «كتاب الإيمان» خاصة».
وذكره الذهبي في «السير» (14/ 39) نقلاً عن ابن منده، ونقل منه
-أيضًا- الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (1/ 110)، و«تغليق التعليق» (2/ 52)، والعيني في «عمدة القاري» (1/ 275).5- تعظيم قدر الصلاة:
طبع بتحقيق أخينا الدكتور الفاضل عبدالرحمن بن عبدالجبار الفريوائي
-وفقه الله- في مكتبة الدار بالمدينة النبوية.
وانظر (1/ 67-69) من الكتاب نفسه.
6- كتاب الجنائز:
نسبه له السيوطي في «الدر المنثور» (1/ 116).
7- كتاب في الذب عن عكرمة البربري -مولى ابن عباس-:
نسبه له السخاوي في «فتح المغيث» (1/ 306 - ط دار الكتب العلمية).
8- رفع اليدين في الصلاة:
وهو في أربعة مجلدات.
نسبه له ابن عبدالبر في «الاستذكار» (2/ 125)، و«التمهيد» (9/ 213 و216)، وقال في الموضع الأول: «قال أبو عبدالله -محمد بن نصر المروزي- رحمه الله- في كتابه «رفع اليدين» من الكتاب الكبير...».
وقال صلاح الدين الصفدي في «الوافي بالوفيات» (5/ 111): «وله كتاب «رفع اليدين في الصلاة» في أربعة مجلدات، وكان ابن حزم يعظمه».
وقال الحافظ السليماني؛ كما في «السير» (14/ 37): «... وله كتاب «تعظيم قدر الصلاة»، وكتاب: «رفع اليدين»، وغيرهما من الكتب المعجزة».
ونسبه له شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة النبوية» (3/ 137 و6/ 441)، وابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (1/ 85)، وغيرهما.
9- الرد على ابن قتيبة:
ذكره الإمام ابن قيم الجوزية في «كتاب الروح» (ص 110)، وفي «أحكام أهل الذمة» (2/ 525 - تحقيق صبحي الصالح).
وقال السخاوي في «فتح المغيث» (3/ 48): «وقد انتصر لأبي عبيد: أبو عبدالله -محمد بن نصر- المروزي في جزء لطيف، رد فيه على ابن قتيبة».
10- السنة:
وهو كتابنا هذا، وقد تقدم الكلام عليه (ص 9 - 14).
11- سؤالات محمد بن نصر المروزي:
نسبه له الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 556 -ط دار الريان)، فقال: «رواه عنه محمد بن نصر في «سؤالاته»».
12- الصيام:
ذكره ونسبه له البغدادي في «هدية العارفين» (6/ 21)، و«إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون» (1/ 310).
13- فيما خالف أبو حنيفة عليًّا وابن مسعود.
قال أبو إسحاق الشيرازي في «الطبقات»؛ كما في «السير» (14/ 38): «صنف ابن نصر كتبًا ضمنها الآثار والفقه، وكان من أعلم الناس باختلاف الصحابة ومن بعدهم في الأحكام، وصنف كتابًا فيما خالف أبو حنيفة عليًّا وابن مسعود».
ونسبه له شيخ الإسلام ابن تيمية في «منهاج السنة النبوية» (3/ 156 و256 و4/ 125 و127 و222 و7/ 502 و8/ 299)، والزركلي في «الأعلام» (7/ 125).
14- كتاب الفرائض:
نسبه له الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (3/ 260 -ط دار الريان)، والروداني في «صلة الخلف بموصول السلف».
وهو من رواية أبي العباس الأصم عن المروزي؛ كما روى ذلك الحافظ ابن حجر بسنده في «المعجم المفهرس» (71/ 168).
15- كتاب القسامة:
قال أبو بكر الصيرفي: «لو لم يصنف المروزي إلا كتاب «القسامة»؛ لكان من أفقه الناس، فكيف وقد صنف كتبًا سواها؟».
ونسبه له البغدادي في «إيضاح المكنون ذيل كشف الظنون» (1/ 322)، و«هدية العارفين» (6/ 21)، والسيوطي في «طبقات الحفاظ» (ص 285)، وعمر رضا كحالة في «معجم المؤلفين» (12/ 78).
16- قيام رمضان:
نسبه له فؤاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» (1/ 3/ 198)، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» (3/ 159)، والزركلي في «الأعلام» (7/ 125).
17- قيام الليل:
قال حاجي خليفة في «كشف الظنون» (2/ 1367 و1451): «قيام الليل في مجلدين لمحمد بن نصر المروزي».
وقال الإسنوي: «له تصنيف آخر في قيام الليل أكبر من «تعظيم قدر الصلاة»، وقفت عليه في مجلدة ضخمة».
وقال ابن قاضي شهبة في «طبقات الشافعية» (1/ 43): «قيام الليل؛ مجلدين ضخمين».
ونسبه له البغدادي في «هدية العارفين» (6/ 21)، وبروكلمان في «تاريخ الأدب العربي» (3/ 159)، وفؤاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» (1/ 3/ 197)، وعمر رضا كحالة في «معجم المؤلفين» (12/ 78).
18- كتاب الوتر:
نسبه له الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (2/ 555 ط دار الريان)، فقال: «عند محمد بن نصر في كتاب: «أحكام الوتر»، وهو كتاب نفيس في مجلدة».
ونسبه له: حاجي خليفة في «كشف الظنون» (2/ 1367 و1451)، وبركلمان في «تاريخ الأدب العربي» (3/ 159)، وسزكين في «تاريخ التراث العربي» (1/ 3/ 198)، وعمر رضا كحالة في «معجم المؤلفين» (12/ 78).
وقد اختصر هذه الكتب الثلاثة أحمد بن علي المقريزي (ت 845 هـ)، وطبع المختصر طبعات عدة في الهند وباكستان والأردن.
19- كتاب الكسوف:
ذكره المؤلف نفسه -رحمه الله- في «تعظيم قدر اللاة- (1/ 230- 231)، فقال: «وقد كتبنا الأخبار المروية في هذا الباب في «كتاب الكسوف»؛ فلذلك تركنا كتابتها هنا».
20- الورع:
ذكره حاجي خليفة في «كشف الظنون» (2/ 1469)، والبغدادي في «هدية العارفين» (6/ 21)، وفؤاد سزكين في «تاريخ التراث العربي» (1/ 3/ 198)، وعمر رضا كحالة في «معجم المؤلفين» (12/ 78).
وتوجد منه نسخة خطية في المكتبة الظاهرية (129/ 1 - تصوف)، وهو في (29) لوحة، مقاس (28 × 18 سم)، نسخت في القرن التاسع الهجري.
* وفاته:
توفي -رحمه الله- في شهر محرم، سنة أربع وتسعين ومئتين (294 هـ) بسمرقند، وله من العمر اثنتان وتسعون سنة.
قال الحافظ ابن حجر في «تهذيب التهذيب» (9/ 432-433): «واتفقوا على أنه مات سنة أربع وتسعين ومئتين».
رحمه الله، وأسكنه الفردوس الأعلى بمنه وكرمه. آمين.