أعمال الحاج في منى




ما شرعه الله تعالى على عباده من الأعمال والطاعات هو مما يرفع العبد عند ربه، وينال به خيري الدنيا والآخرة، ومن تلك الأعمال أعمال الحج التي جعل الله تعالى فيها المنافع لكل حاج عمل ما شرع عمله في حجه يقول تعالى: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}(سورة الحج:27).
ومن أعمال الحج ما يفعله الحاج في منى؛ إذ فيها يعيش الحاج لحظات عامرات لا تمحى من الذكريات، ولا تطمسها تفاني الليالي والأوقات، وفيها أعمال للحجيج لا تتم إلا على أرضها، وتنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1. أعمال يوم التروية.
2. وأعمال يوم العاشر من ذي الحجة.
3. وأعمال أيام التشريق.
وتفصيل هذه الأعمال كالتالي
أولاً: أعمال يوم التروية: اليوم الثامن من ذي الحجة:

1- قبل نية الدخول في النسك ولبس الإحرام يستحب للمتمتع أن يغتسل ويتنظف، ويقص أظافره، ويحف شاربه، ويلبس الإزار والرداء الأبيضين، أما المرأة فتلبس ما شاءت غير القفازين والنقاب (البرقع)، وأما القارن والمفرد فيكون عليهما الإحرام من قبل، فلا يفعلان كما يفعل المتمتع من قص وغيره.
2- يسن للمحل (المتمتع) الإحرام بالحج قبل الزوال.
3- ينوي الإحرام بالحج ويقول: "لبيك حجاً"، وإن كان خائفاً من عائق يمنعه من إكمال حجه اشترط فقال: "وإن حبسني حابس فمحلي حيث حبسني" وإن لم يكن خائفاً لم يشترط.
4- الخروج إلى منى يوم التروية، والمبيت بها ليلة التاسع، وعدم الخروج منها إلا بعد طلوع الشمس وصلاة خمس صلوات بها.
5- الإكثار من التلبية وصفتها أن يقول: "لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك" إلى أن يرمى جمرة العقبة يوم النحر.
6- قصر الصلاة الرباعية إلى اثنتين كالظهر والعصر والعشاء.
7- المحافظة على صلاة الجماعة مع الإمام وألا تفوتك تكبيرة الإحرام.
9- الحرص على صلاة الوتر سواء آخر الليل وهو أفضل، أو قبل النوم، أو بعد صلاة العشاء.
10- المبيت في منى تلك الليلة وهي ليلة التاسع من ذي الحجة، وهو مسنون.
ثانياً: أعمال يوم النحر: اليوم العاشر من ذي الحجة:

1- الدفع من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس بسكينة وخشوع.
2- يستحب الإسراع عند المرور بوادي محسر إن تيسر ذلك.
3- الانشغال بالتلبية حتى يصل جمرة العقبة ثم يقطع، ويجعل منى عن يمينه، والبيت عن يساره، ويرمي جمرة العقبة بسبع حصيات متعاقبات، يرفع يده عند كل حصاة ويكبر، ويحرص الحاج على ضرب الشاخص، ويجزئه إذا وقع الحصى في الحوض.
4- ذبح الهدي، ويستحب أن يباشره الحاج إن تيسر كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول عند ذبحه: ((بسم الله، والله أكبر، اللهم هذا منك ولك))[1].
5- يحلق شعر رأسه، أو يقصر، والحلق أفضل، ولا يكفي تقصير بعض شعر الرأس بل لا بد من تقصيره كله كالحلق، والمرأة تقصر من كل ظفيرة قدر أُنملة.
6- بعد رمي جمرة العقبة والحلق أو التقصير يباح للمحرم كل شيء حرم عليه بالإحرام إلا النكاح، ويسمى هذا التحلل الأول.
7- يسن له بعد هذا التحلل التنظف والتطيب، والتوجه إلى مكة ليطوف طواف الإفاضة، ويسمى هذا الطواف (طواف الزيارة)، وهو ركن لا يتم الحج إلا به، وبعده يحل له كل شيء حتى النساء.
8- السعي بين الصفا والمروة للمتمتع والمفرد والقارن الذي لم يسع مع طواف القدوم.
9- إن قدَّم النحر على الرمي، أو الطواف عليهما؛ أو الحلق أجزأه ذلك، فيفعل الحاج الأرفق به، وإن كان الأفضل الرمي، ثم الذبح، ثم الحلق، ثم الطواف؛ فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يُسأل يوم النحر بمنى فيقول: ((لا حرج))، فسأله رجل فقال: حلقت قبل أن أذبح؟ قال: ((اذبح ولا حرج))، قال: رميت بعدما أمسيت؟ فقال: ((لا حرج)) رواه البخاري (1620).
10- ويبيت في منى من تلك الليلة حتى اليوم الثالث عشر، وإن عجل فيبيت حتى صباح الثاني عشر.
ثالثاً: أعمال أيام التشريق: الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر:

1- رمي الجمرات الثلاث، ويبدأ بالصغرى، ثم الوسطى، ثم العقبة الكبرى، يرمي كل جمرة بسبع حصيات، يكبر عند كل حصاة يرميها في اليومين الحادي عشر والثاني عشر (إن تعجل)، وفي اليوم الثالث عشر (إن تأخر).
2- يسن له بعد الرمي أن يتنحى يميناً، ويستقبل القبلة، ثم يدعو طويلاً رافعاً يديه، يفعل ذلك عند الصغرى والوسطى، أما العقبة الكبرى فلا يفعل ذلك عندها.
3- المبيت بمنى وهو واجب.
4- طواف الوداع وهو آخر أعمال الحج، فإذا انتهى الحاج من حجه، وقضى حوائجه بمكة، وعزم على الرحيل؛ فعليه أن يودع البيت بالطواف لقول ابن عباس رضي الله عنهما: "أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض" رواه البخاري (1636)، ومسلم (2351) بلفظه.
5- استغلال هذه الأيام بطاعة الله من قراءة القرآن وذكر وتكبير وغيرها، فإذا قضى الحاج مناسكه فيستحب له أن يذكر الله، ويكثر من ذكره استجابة لما أرشدنا إليه ربنا عز وجل في قوله: {فَإِذَا قَضَيْتُم مَّنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُواْ اللّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً}(سورة البقرة:200).
والله أعلم، وصلى اللهم على محمد، وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.
[1] أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر، وصححه الألباني في الإرواء وقال: صحيح، وعزوه لحديث ابن عمر وهم وإنما هو من حديث جابر رضي الله عنه (4/366)، ويوجهه إلى القبلة.

منقول