تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: قصيدة: خير جار

  1. #1

    افتراضي قصيدة: خير جار

    بسم الله، الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه و من والاه، أما بعد:
    فقد نظمت قصيدة (خير جار) من ثلاثة أبيات في المدينة المنورة منذ زمن، و أشارككم بالقصيدة و بعض الفوائد.


    خير جار


    محمدُ داركم هي خير دار *** رسولَ الله أنتم خير جار
    أتيت نبينا أرجو سلاماً *** فنحوكم فشوقي مثل نار
    أيا خير الأنام عليك صلى *** إلهي ما سرى بالليل سار


    الفوائد:

    أولاً: الجار و الدار:
    في البيت الأول استخدمت التصريع بين (دار) و (جار)، و عند العرب مثل جميل يقول: (الجار قبل الدار) و هذا المثل له أصل في القرآن الكريم كما قال علماء التفسير حينما ذكر الله دعاء آسية بنت مزاحم عليها السلام امرأة فرعون في سورة التحريم: (رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة)، فقد سألت الجار (عندك) قبل الدار (بيتاً).


    ثانياً: خير جار بين المطلق و المقيد:
    عند علماء العربية و الإسلام مصطلح مهم اسمه: (المطلق و المقيد).
    عندما قلت: (رسول الله أنتم خير جار) فأنا أعني أن جوار رسول الله صلى الله عليه و سلم هو أفضل جوار من المخلوقين (أفضلية مقيدة) لأني أعتقد أن نبينا محمداً عليه الصلاة و السلام هو أفضل الخلق على الإطلاق كما يعتقد كثير من السلف و الخلف، قال ابن عباس رضي الله عنه: (ما خلق الله عز و جل و لا ذرأ و لا برأ نفساً أكرم عليه من محمد صلى الله عليه و سلم، و ما سمعت الله أقسم بحياة أحد إلا بحياته، قال: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون) [سورة الحجر]).


    و قال إبراهيم اللقاني رحمه الله في قصيدته (جوهرة التوحيد) و التي هي عمدة في العقيدة عند الأشاعرة:


    و أفضل الخلق على الإطلاق *** نبينا فمل عن الشقاق


    إذاً فما هو أفضل جوار على الإطلاق أو من هو أفضل جار على الإطلاق؟ إن جوار الله عز و جل هو أفضل جوار على الإطلاق (أفضلية مطلقة)، و لا زال الشعراء يعبرون عن جوار الله عز و جل بأوصاف جميلة.


    قال علي التهامي رحمه الله:


    جاورت أعدائي و جاور ربه *** شتان بين جواره و جواري


    و قال ابن نباتة المصري رحمه الله:


    الله جارك إن دمعي جاري *** يا موحش الأوطان و الأوطار


    و قال الشاعر رحمه الله:


    إذا أمسى وسادي من تراب *** و بت مجاور الرب الرحيم
    فهنوني أصيحابي و قولوا *** لك البشرى قدمت على كريم


    و قال أبو بكر النابلسي رحمه الله بعد أن قتله أعداؤه لصاحبه الذي رآه في الرؤيا:


    حباني مالكي بدوام عز *** و واعدني بقرب الانتصار
    و قربني و أدناني إليه *** و قال انعم بعيش في جواري


    ثالثاً: الكلام حمال أوجه:
    كلام العرب حمال أوجه أي هناك بعض العبارات التي تحتمل أكثر من معنى و سأضرب مثالاُ على ذلك:
    ذكرت في الفقرة السابقة قول ابن نباتة المصري رحمه الله:


    الله جارك إن دمعي جاري *** يا موحش الأوطان و الأوطار


    إن كلمة (جاري) تحتمل معنيين أو وجهين: الوجه الأول أن (جاري) بمعنى (جار لي - من الجوار) أما الوجه الثاني أن (جاري) بمعنى (يجري أي يسيل).


    و خاصية (حمال أوجه) هي خاصية أصيلة من خواص القرآن الكريم فهناك عبارات في القرآن الكريم تحتمل أكثر من وجه للتفسير و سأضرب مثالين على ذلك:
    قال الله تعالى في سورة الإسراء: (و آتينا موسى الكتاب و جعلناه هدى لبني إسرائيل) - إن الضمير المتصل في (جعلناه) يحتمل أن يكون عائداً إلى موسى عليه السلام أو إلى الكتاب أو إليهما معاً كما ذكر علماء التفسير.
    قال الله تعالى في سورة الانشقاق: (يا أيها الإنسان إتك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) - إن الضمير المتصل في (فملاقيه) يحتمل أن يكون عائداً إلى الكدح أي ملاق عملك، أو عائداً إلى الله عز و جل أي ملاق ربك أو إليهما معاً كما ذكر علماء التفسير.


    لكن سؤال: هل يمكن للضمير المتصل المفرد في الآيتين السابقتين أن يكون معبراً عن المثنى؟
    أي أن موسى عليه و السلام و الكتاب كلاهما هدى لبني إسرائيل و أنك أيها الإنسان ملاق ربك و ملاق عملك؟


    نعم اللغة العربية بحر عميق لا ساحل له، فيمكن في اللغة أن تستخدم ضمير المفرد للتعبير عن المثنى كما قال الله تعالى في سورة التوبة: (يحلفون بالله لكم ليرضوكم و الله و رسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين)، فقد قال تعالى: (يرضوه) لأن رضا الله و رسوله رضا واحد و هما لا يتعارضان فمن أرضى الله فقد أرضى الرسول و من أرضى الرسول فقد أرضى الله.


    و صلى الله على نبينا محمد و على آله و صحبه أجمعين.

  2. #2

    افتراضي رد: قصيدة: خير جار

    خطر ببالي خاطر بتعديل بسيط على قصيدتي يحسن من جودتها، التعديل يظهر في البيت الثاني بين قوسين:

    محمدُ داركم هي خير دار *** رسولَ الله أنتم خير جار
    أتيت نبينا أرجو سلاماً *** (إليكم إن شوقي) مثل نار
    أيا خير الأنام عليك صلى *** إلهي ما سرى بالليل سار

  3. #3

    افتراضي رد: قصيدة: خير جار

    تصحيح خطأ:

    قال الله تعالى في سورة الإسراء: (و آتينا موسى الكتاب و جعلناه هدى لبني إسرائيل) - إن الضمير المتصل في (جعلناه) يحتمل أن يكون عائداً إلى موسى عليه السلام أو إلى الكتاب كما ذكر علماء التفسير.
    قال الله تعالى في سورة الانشقاق: (يا أيها الإنسان إتك كادح إلى ربك كدحاً فملاقيه) - إن الضمير المتصل في (فملاقيه) يحتمل أن يكون عائداً إلى الكدح أي ملاق عملك، أو عائداً إلى الله عز و جل أي ملاق ربك كما ذكر علماء التفسير.




    راجعت بعض كتب التفسير فلم أجد أحداً من المفسرين قال أن الضمير المتصل في (جعلناه) يحتمل أن يكون عائداً إلى الكتاب و موسى عليه السلام في آن واحد.
    و كذلك لم أجد أحداً من المفسرين قال أن الضمير المتصل في (فملاقيه) يحتمل أن يكون عائداً إلى الله عز و جل و العمل في آن واحد.


    أعتذر عن هذين الخطأين في المقالة الأساسية.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •