شعبة بن الحجاج
زياد أبو رجائي


هو شعبة بن الحجاج بن الورد العتكى الأزدى ، أبو بسطام الواسطى ، مولى عبدة بن الأغر ، مولى يزيد بن المهلب بن أبى صفرة . قال أبو بكر بن منجويه : مولده سنة اثنتين و ثمانين
أقوال أهل الحديث فيه :
قال البخارى ، عن على ابن المدينى : له نحو ألفى حديث .
و قال أبو طالب ، عن أحمد بن حنبل : شعبة أثبت فى الحكم من الأعمش و أعلم بحديث
الحكم ، و لولا شعبة ذهب حديث الحكم ، و شعبة أحسن حديثا من الثورى ، لم يكن فى زمن شعبة مثله فى الحديث ، و لا أحسن حديثا منه قسم له من هذا حظ . و روى عن
ثلاثين رجلا من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان .
و قال محمد بن العباس النسائى : سألت أبا عبد الله ـ يعنى : أحمد بن حنبل ـ : من أثبت شعبة أو سفيان ؟ فقال : كان سفيان رجلا حافظا و كان رجلا صالحا ، و كان شعبة أثبت منه و أنقى رجالا ، و سمع من الحكم قبل سفيان بعشر سنين .
و قال الفضل بن زياد : سئل أحمد بن حنبل : شعبة أحب إليك حديثا أو سفيان ؟
فقال : شعبة أنبل رجالا و أنسق حديثا .
و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : كان شعبة أمة وحده فى هذا الشأن ـ يعنى فى الرجال و بصره بالحديث و تثبته و تنقيته للرجال ـ .
و قال عبد الله بن المبارك : حدثنا معمر أن قتادة كان يسأل شعبة عن حديثه .
و قال حماد بن زيد : قال لنا أيوب : الآن يقدم عليكم رجل من أهل واسط هو فارس
فى الحديث فخذوا عنه .
قال حماد : فلما قدم شعبة أخذت عنه .
و قال أبو الوليد الطيالسى : اختلف إلى حماد بن سلمة قبل أن أختلف إلى شعبة ،
فقال لى حماد : إذا أردت الحديث فالزم شعبة .
و قال أبو الوليد أيضا : سمعت حماد بن زيد يقول : ما أبالى من خالفنى إذا
وافقنى شعبة ، لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة ، إذا خالفنى شعبة فى
شىء تركته .
و قال سعيد بن عامر الضبعى ، عن شعبة : كتب عنى سعد بن إبراهيم حديثى كله .
و قال أبو بكر بن أبى الأسود ، عن خاله عبد الرحمن بن مهدى : كان سفيان يقول : شعبة أمير المؤمنين فى الحديث .
و قال محمد بن يحيى الذهلى ، عن سلم بن قتيبة : قدمت من البصرة فأتيت الكوفة ، فأتيت سفيان ، فقال لى : من أين أنت ؟ فقلت : من البصرة فقال : ما فعل أستاذنا شعبة ؟ .
و قال يحيى بن معين ، عن أبى قطن : كتب لى شعبة إلى أبى حنيفة يحدثنى ، فقال : كيف أبو بسطام ؟ فقلت : بخير . قال : نعم حشو المصر هو .
و قال محمد بن عبيد بن أبى الأسد ، عن سلمة السعدى : سمعت ابن إدريس يقول :
رأيت فى المنام كأنى أفجر بحرا ، فقدمت إلى هذه المدينة ـ يعنى بغداد ـ فلقيت شعبة بن الحجاج .
و قال حرملة بن يحيى ، عن الشافعى : لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق ، و كان يجىء إلى الرجل : فيقول : لا تحدث و إلا استعديت عليك السلطان .
و قال أبو زيد الهروى : قال رجل لشعبة : يا أبا بسطام ، سمعت ؟ فقال : والله لأن أتقطع أحب إلى من أن أقول لما لم أسمع : سمعت .
و قال عبد الرحمن بن مهدى : قال شعبة : ما سمعت من رجل حديثا إلا قال لى :
حدثنى أو حدثنا ، إلا حديثا واحدا .
قال شعبة : قال قتادة : قال أنس : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من حسن الصلاة إقامة الصف " أو كما قال . فكرهت أن يفسد على من أجل جودة الحديث .
و قال محمد بن المنهال الضرير : سمعت يزيد بن زريع غير مرة يقول : كان شعبة من
أصدق الناس فى الحديث .
و قال عمرو بن على : سمعت أبا بحر البكراوى يقول : ما رأيت أعبد لله من شعبة ، لقد عبد الله حتى جف جلده على ظهره ليس بينهما لحم .
و قال مسلم بن إبراهيم : ما دخلت على شعبة فى وقت صلاة قط إلا رأيته قائما يصلى
و كان أبو الفقراء و أمهم ، و سمعته يقول : والله لولا الفقراء ما جلست لكم .
و قال أيضا : كان شعبة إذا قام فى مجلسه سائل لا يحدث حتى يعطى ، فقام يوما سائل ثم جلس ، فقال : ما شأنه ؟ قالوا : ضمن عبد الرحمن بن مهدى أن يعطيه درهما .
و قال النضر بن شميل : ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة ، و كان إذا رأى المسكين لا يزل ينظر إليه حتى يغيب عن وجهه .
و قال يحيى بن سعيد القطان : كان شعبة من أرق الناس ، كان ربما مر به السائل فيدخل إلى بيته فيعطيه ما أمكنه .
و قال قراد أبو نوح : رأى على شعبة قميصا فقال : بكم أخذت هذا ؟ قلت : بثمانيةدراهم . قال لى : ويحك أما تتقى الله تلبس قميصا بثمانية دراهم ، ألا اشتريت قميصا بأربعة دراهم ، و تصدقت بأربعة . قلت : أنا مع قوم نتجمل لهم . قال : ايش تتجمل لهم ! .
و قال يحيى بن معين : شعبة إمام المتقين .
و قال عيسى بن شاذان ، عن عمرو بن العباس الرزى : سمعت عبد الرحمن بن مهدى يقول : ما رأيت أعقل من مالك بن أنس ، و لا أشد تقشفا من شعبة ، و لا أنصح للأمة من عبد الله بن المبارك .
و قال أبو الورد عبد الله بن عبيد الله بن حكام ، عن عمه عمرو بن حكام : أتى شعبة شيخ من جيرانه محتاج ، فسأله ، فقال له شعبة : لم سألتنى ، عندى شىء ؟ قال : فذهب الشيخ لينصرف ، فقال له شعبة : اذهب فخذ حمارى فهو لك . فقال : لا أريد حمارك . قال : اذهب فخذه قال : فذهب فأخذه فمر به على مجالس أصحابنا بنى جبلة فاشتراه بعضهم بخمسة دراهم فأهداه إلى شعبة .
و قال أبو عمرو أحمد بن محمد الحيرى ، عن أبيه : سمعت محمد بن معاوية ، و سليمان بن حرب إلى جابنه يقول : خرج الليث بن سعد يوما فقوموا ثيابه و دابته
و خاتمه و ما كان عليه ثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألفا . فقال سليمان بن حرب : خرج شعبة يوما فقوموا حماره و سرجه و لجامه ثمانية عشر درهما إلى عشرين درهما .
و قال أبو زرعة ، عن مقاتل بن محمد الرازى : سمعت وكيعا يقول : إنى لأرجو أن يرفع الله لشعبة فى الجنة درجات بذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
و قال عفان بن مسلم ، عن يحيى بن سعيد القطان : ما رأيت أحدا قط أحسن حديثا من شعبة .
و قال أبو سعيد الأشج ، عن الوليد بن حماد بن زياد : سمعت عبد الله بن إدريس يقول ما جعلت بينك و بين الرجال مثل شعبة و سفيان .
و قال حنبل بن إسحاق ، عن على ابن المدينى : سألت يحيى بن سعيد أيما كان أحفظ للأحاديث الطوالات سفيان أو شعبة ؟ فقال : كان شعبة أمر فيها .
و قال : سمعت يحيى يقول : كان شعبة أعلم بالرجال فلان عن فلان كذ و كذا ، و كان سفيان صاحب أبواب .
و قال أبو عبيد الآجرى : سمعت أبا داود ، قال : لما مات شعبة قال سفيان : مات الحديث . قيل له : هو أحسن حديثا من سفيان ؟ فقال : ليس فى الدينا أحسن حديثا من شعبة و مالك على القلة ، و الزهرى أحسن الناس حديثا ، و شعبة يخطىء فيما لا يضره و لا يعاب عليه ـ يعنى : فى الأسماء ـ .
و قال محمد بن سعد : كان ثقة مأمونا ثبتا حجة ، صاحب حديث ، و كان أكبر من الثورى بعشر سنين .
و قال يحيى بن سعيد القطان : شعبة أكبر من الثورى بعشر سنين ، و الثورى أكبر من ابن عيينة بعشر سنين .
و قال أحمد بن عبد الله العجلى : واسطى سكن البصرة ثقة ثبت فى الحديث ، و كان يخطىء فى أسماء الرجال قليلا .
و قال صالح بن محمد البغدادى : أول من تكلم فى الرجال شعبة بن الحجاج ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ، ثم تبعه أحمد بن حنبل و يحيى بن معين .
و قال أبو أحمد بن عدى : يقال : إن هشيما تزوج بأم شعبة و كان موسرا ، و قال : تزوجت بأم شعبة لأغنيه .

وفاته :
قال محمد بن سعد : توفى بالبصرة فى أول سنة ستين و مئة .
و قال أبو بكر بن منجويه : مولده سنة اثنتين و ثمانين ، و مات سنة ستين و مئة فى أولها ، و له يوم مات سبع و سبعون سنة و كان من سادات أهل زمانه حفظا
و إتقان و ورعا و فضلا ، و هو أول من فتش بالعراق عن أمر المحدثين ، و جانب الضعفاء و المتروكين ، و صار علما يقتدى به ، و تبعه عليه بعده أهل العراق .
قال الحافظ أبو بكر الخطيب : حدث عنه سعد بن إبراهيم ، و على بن الجعد و بين وفاتيهما مئة و خمسن سنين ، و قيل مئة و ثلاث سنين .
روى له الجماعة .
و قال صالح بن سليمان : كان لشعبة أخوان يعالجان الصرف ، و كان شعبة يقول لأصحاب الحديث : ويلكم الزموا السوق فإنما أنا عيال على إخوتى .
و قال ابن معين : كان شعبة صاحب نحو و شعر .
و قال الأصمعى : لم نر أحدا أعلم بالشعر منه .
و قال بدل بن المحبر : سمعت شعبة يقول : تعلموا العربية فإنها تزيد فى العقل .
و قال ابن إدريس : شعبة قبان المحدثين ، و لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما لزمت غيره .
و قال أبو قطن : ما رأيت شعبة ركع إلا ظننت أنه قد نسى .
و فى " تاريخ ابن أبى خيثمة " : قال شعبة : ما رويت عن رجل حديثا إلا أتيته
أكثر من مرة ، و الذى رويت عنه عشرة أتيته أكثر من عشر مرار .
و قيل لابن عوف : مالك لا تحدث عن فلان ؟ قال : لأن أبا بسطام تركه .
و قال الحاكم : شعبة إمام الأئمة فى معرفة الحديث بالبصرة ، رأى أنس بن مالك ،
و عمرو بن سلمة : الصحابيين ، و سمع من أربع مئة من التابعين . اهـ .
قال الحافظ في تهذيب التهذيب 4 / 345 :
هذا بعينه ( أى ما نقل آنفا ) كلام ابن حبان فى « الثقات » نقله ابن منجويه منه ، و لم يعزه إليه ، لكن عند ابن حبان أن مولده سنة ثلاث و ثمانين .
و ذكر ابن أبى خيثمة أنه مات فى جمادى الآخرة . و أما ما تقدم من أنه كان يخطىء فى الأسماء ، فقد قال الدارقطنى فى « العلل » : كان شعبة يخطىء فى أسماء الرجال كثيرا لتشاغله بحفظ المتون .