خلافات الوالدين والأثر السلبي
أجاب عنها : يحيى البوليني

السؤال:
شاب يبلغ من العمر 17 عاما ويشتكي دائما من الخلافات بين والديه مما أثر على حالته النفسية فما الحل؟



الجواب:
ولدي الكريم:
يظل المرء يتقلب في الدنيا بين الابتلاءات التي يختبره الله بها ليزيد نصيبه عنده إن صبر وتحمل ورضي بتقديره سبحانه، وقد جعل الله كل الناس لبعضهم نوعا من الاختبار وطالبنا بالصبر فقال سبحانه: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً) أي أن الله قد جعل من كل تصرف يتصرفه الناس – كل الناس – فتنة واختبارا وسألنا جميعا عن صبرنا على ذلك ثم ختم الآية الكريمة بإعلامنا أن الله مطلع على أفعالنا بصير بكل شيء لا يحتاج إلى شكوى أو إيضاح فهو البصير الذي يسمع ويرى ويعلم كل شيء، وبهذا يطمئن قلب المؤمن ويستريح ويعلم أن الله قادر على أن يجزي المؤمن على صبره وأن يهدي ويغير كل نفس.
والأبوان يا ولدي لهما موقع عظيم عند الإنسان فهما مصدر الأمان وواحة الاطمئنان وهما جناحا الطائر الذي يحلق بهما أبناؤهما في عالم الأمل في المستقبل فهما العدة والعتاد، ولهذا يصعب على المرء أن يرى ذيتك الجناحين مصطدمين وغير متفقين وأن يراهما مختلفين متشاجرين فتتحطم مسيرته وتتأثر نفسيته وخاصة لو كان مؤمنا تقيا يحب أبويه كلاهما ويتألم لخلافهما معا.
ولكي تخرج من تلك الحالة النفسية وهذه المعاناة الرهيبة أنصحك بأمور:
1- اجتهد أن لا تكون موجودا أثناء خلافهما فوجود الأبناء أثناء خلاف الأبوين يزيد من تعقيد المشكلة لتمسك كل منهما بموقفه وعدم رضوخه للحق وإصراره على الخطأ فلا يعتذر كي لا تشعف صورته أمام الأبناء، فابتعد قدر إمكانك واجمع إخوتك إن كان لك إخوة واعزلهم بعيدا عن مكان الخلاف.
2- لا تشترك في الخلاف أيا كان الدافع ولا تبد رأيا فيه ولا تجعل لنفسك موقفا بينهما بالتأييد لطرف دون الآخر لأنك يا ولدي قد لا تدرك السبب الحقيقي للخلاف بينهما – وربما يجدر بك ألا تعرفه – وقد تكون كل الأسباب المعلنة للخلاف أسبابا واهية تجعلك في حيرة من أمرك ويكون للخلاف أسباب أخر لا يفصحان بها.
3- لابد لك وأن تخرج نفسك من الوقوع في خطأ التحكيم بين الأبوين أو حتى تقييمهما بناء على خلافاتهما معا لأنك في كلا الأحوال خاسر إن حاولت أن تنحاز لطرف دون الآخر إلا إذا كان هناك ظلم وتجبر من أحدهما على الآخر فتعاطف مع الضعيف منهما دون أن تصل إلى كراهية الآخر.
4- لا تتحدث مع أحدهما عن الآخر بسوء وتجنب أن تستمع لأي سوء في حق أحدهما في غيابه ورد غيبته وتكلم بما تعلم من فضائله الذي قد ينساها الطرف الشاكي أثناء شكواه، فرد غيبة المسلم من أعظم الفضائل كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث الحسن الذي رواه الترمذي عن أبي الدرداء) من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة (!! فكيف إن كان هذا المسلم أحد الوالدين؟!!!
5- لا تفش سرهما خارج حدود الأسرة فلا تحاول أن تجد لك مبررا بأن تخرج ذلك السر إن كان الخلاف مقتصرا داخل حدود المنزل ولا تحاول أن تجد أو تتوهم أن الأمان في أي أحد غير أبويك ولا مانع من استشارة شيخ أو عالم دون أن تذكر التفاصيل لكي تعرف ما يجب عليك فعله دون هتك لسترهما.
6- اجتهد في أدائك لوظائفك الدراسية أو العملية واجعل من ذلك الخلاف دافعا قويا لإنهاء الخلافات بينهما فكثيرا ما كان نجاح الأبناء دافعا لالتئام شمل الأسرة وللتغاضي عن مشكلاتها حين يستشعر كل منهما مسئوليته تجاه نجاح أسرته.
اسأل الله أن يوفقك ويصرف عنك كل سوء.