قال النووي: (قد جرى في هذا الحديث كلام له تعلق بأشياء نفيسة وهو قولها: (فأتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خديجة)، وقد ذكرنا أن ابن عم منصوب يكتب بالألف بدل من ورقة، ولهذا نظائر تتكرر في الحديث، ينبغي لطالب العلم أن يتحققها؛ فإنها معرضة لأن يغلط فيها، بل يغلط فيها غالبًا الكبار ممن لم يتقن هذا الفن، وقد رأيت ذلك مرات فمن ذلك:
عبد الله ابن بُحينة الصحابي رضي الله عنه، بحينة أمه، وأبوه: مالك ابن القِشْب –بكسر القاف وإسكان الشين المعجمة وبعدها موحدة- فيأتي في الصحيحين، وغيرهما: حدثنا عبد الله بن مالك ابن بحينة، فيجب أن ينون مالك ويكتب بحينة بالألف، ويعرب إعراب عبد الله في رفعه ونصبه وجره؛ لأنه بدل من عبد الله لا صفة لمالك، فلو جر ابن بحينة، أو كتب بغير ألف لفسد المعنى؛ لأنه يجعل مالكًا ابن بحينة، وذلك غلط فإنه زوجها.
ومن ذلك:
محمد بن علي ابن الحنفية، ينون علي، ويكتب ابن الحنفية بالألف، ويعرب إعراب محمد؛ لأن عليًا أبوه والحنفية أمه.
ومن ذلك:
المقداد بن عمرو ابن الأسود، وينون عمرو، ويكتب ابن الأسود بالأف، ويعرب المقداد؛ لأن عمرًا هو أبو المقداد حقيقة، وأما الأسود فتبنى المقداد، وليس أباه حقيقة.
ومنه:
إسماعيل بن إبراهيم ابن عُليِّة، يكتب ابن علية بالأف؛ لأنها أم إيماعيل.
ومثله:
إسحاق بن إبراهيم ابن راهويه، يكتب ابن راهويه بالأف، ويعرب إسحاق؛ لأن راهويه لقب إبراهيم.
ومثله:
أبو عبد الله بن يزيد ابن ماجه؛ لأن ماجه لقب يزيد.
ومنه: عبد الله بن أبي ابن سلول، ينون: (أبي)، ويكتب ابن سلول بالأف، ويعرب إعراب عبد الله، لأن سلول أم عبد الله، هذا هو الصحيح، وفيه خلاف، نذكره في موضعه إن شاء الله تعالى، ولهذا نظائر كثيرة، لعلنا نستوفيها في جزء مستقصاه إن شاء الله تعالى، وغرضي هنا التنبيه على لطائف دون الإطناب، ومقصودهم في كل هذه الأسماء تعريف الشخص بوصفيه جميعًا؛ ليكمل تعريفه، فقد يكون الإنسان عارفًا بأحد وصفيه دون الآخر، فإذا جُمِعا تم تعريفه لكل أحد، وبالله التوفيق، وهو أعلم، وله الحمد والنعمة، وبه التوفيق والعصمة).
[شرحه للبخاري: (صـ 243 – 245)].
قال عبد الله بن عمر الدِّميجي: وهناك كتاب بعنوان: (تنبيه الأبيه فيمن نسب إلى غير أبيه)، للفيروزآبادي، وبحث للدكتور الفاضل: يحيى الشهري بعنوان: النسبة إلى الجد وأثرها على الرواة والمرويات، نشر في مجلة جامعة أم القرى للعلوم الشرعية والعربية وآدابها، ج15، ع27 جمادى الثانية 1424 هجريًا، (صـ 37).