تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: موقف أهل الإحسان من صفات الرحمن

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي موقف أهل الإحسان من صفات الرحمن

    موقف أهل الإحسان من صفات الرحمن
    محمد صفوت نور الدين



    مقدمة:
    إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].
    (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء: 1].
    (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب: 70-71].
    أما بعد:
    فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وآله وسلم -، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
    أما بعد:
    بعث الله - سبحانه - الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - وهو أفصح الناس في أمة هي أفصح الأمم وأرسل عليه كتاباً عربياً جعله بياناً للناس في الإيمان بالغيب وفي العبادات والمعاملات والآداب، ففهموا كلام ربهم وعملوا بأوامره واجتنبوا نواهيه، وإن وقع بينهم خلاف فهو بين أحد أمرين، خلاف تنوع يسوغ تعدد الصواب فيه كتلاوة القرآن الكريم على أحرفه السبعة التي نزل بها. أو خلاف خطأ وصواب في المسائل العملية يرجع المخطئ عن خطئه عند ظهور الدليل له بغير مكابرة أو مماراة. ولقد قبض الله - سبحانه - رسوله الكريم بعد أن فهم الصحابة أصول الدين وفروعه، وبلغهم ذلك كله وتركهم على طريق ناصع البياض.
    ظل الحال على ذلك طوال القرن الأول وقد اتسعت الفتوحات ودخل كثير من الفرس والرومان في دين الله، ونقلوا فلسفاتهم إلى أهل الإسلام، عندئذ بدأ ظهور رواد المذاهب المنحرفة في فهم العقيدة ونحمد الله - سبحانه - على أن ظهورها لم يتأخر حيث كان أهل السنة متوافرون، وأقوال النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه الكرام منتشرة، فكانوا يردون على كل مخالف لدين الله أولاً بأول، ونضرب لذلك مثالاً بأول حديث في صحيح مسلم جاء في مقدمته من قول يحيى بن يعمر: إن أول من أظهر الكلام في القدر في البصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبدالرحمن الحميري حاجين أو معتمرين وقلنا إن لقينا أحداً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سألناه عما يقول القوم، قال فوفق لنا عبدالله بن عمر داخلاً المسجد....الخ.
    والشاهد أن الصحابة ومن سار على دربهم كانوا هم المرجع عند الخلاف فأبقى الله بهم المنهج الحق الذي ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمة عليه، ولما طال الزمان وتداخلت أقوال أهل الكلام، اتسعت رقعت الفرق تكون منهجان منحرفان:
    الأول: مذهب التأويل الذي يقول به المعتزلة حيث يجعلون العقل حاكماً على نصوص الشرع فيوجبون تأويل النصوص لتوافق - كما يزعمون - العقل.
    ولست أدري أي عقل يحاكم النص الشرعي والعقول تتفاوت، بل ما فائدة الوحي إذا كان العقل هو الحاكم عليه.
    الثاني: مذهب المشبهة وهم الذين بالغوا في إثبات الصفات حتى شبهوا الخالق - سبحانه - بالمخلوق، ثم ظهر مذهب ثالث: تزعمه (عبدالله بن كلاب) حاول التوفيق بين مذهب المعتزلة ومذهب أهل السنة وإلى هذا المذهب ينتسب الأشاعرة اليوم، ذلك مع أن الأشعري كان في آخر حياته على مذهب أهل السنة والجماعة وقد نقلنا من كلامه في هذه العجالة من كتاب الإبانة ما يدل على ذلك.
    ولما كانت المذاهب الأخرى من أهل التأويل والتعطيل تحاول أن تدافع على أنها المذهب الحق، لذا جمعت في هذه العجالة ما يبين المنهج الصواب في عقيدة أهل السنة والجماعة آملاً من الله - سبحانه - أن يكون في ذلك الكفاية وأن يهدينا إلى سبيل الرشاد وأن يوفقنا لسعادة الدارين والله من وراء القصد.
    صفات الرحمن بين السلف والخلف:
    الحمدلله له صفات الكمال والصلاة والسلام على نبيه خير من أخبر عن ربه في أحكامه وأخباره وصفاته وأفعاله، فبعثه الله بكتاب هداية وامتدح من تدبره، وجعله كتاباً عربياً ويسره لمن أراد أن يتذكر أو أراد شكوراً، ونشهد أن لا إله إلا الله الفرد الصمد الذي ليس كمثله شيء وهو السميع البصير القوي القادر الحي القيوم لا يشبهه أحد من خلقه وإن اتحدت الصفات في ألفاظها فإنها تختلف في كيفيتها فالفرق بين صفة الله وصفة المخلوق كالفارق بين ذات الله وذات المخلوق[1] فله صفات الجلال والكمال والجمال، فكل صفاته كمال - سبحانه -، وبعد فالله - سبحانه - هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر له الأسماء الحسنى والصفات العلى وهي كلها صفات جلال وكمال فهو - سبحانه - لم يلد ولم يولد وهي له صفات جلال وكمال ولكنها إن كانت في مخلوق كانت نقصاً. وهو الجبار المتكبر وهي من صفات كماله وجلاله فله الكبرياء - سبحانه - وهو صاحب الجبروت وهي صفات إن كانت في المخلوق كانت عيباً ورب العزة - سبحانه - ذكر لنا صفاته في كتابه فكانت صفات إيجاب وصفات سلب.
    وجعل صفات السلب لبيان كمال الإيجاب فهو الحكم العدل وقال: (وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)[الكهف: 49]، فلبيان كمال عدله وحكمه نفى الظلم عن نفسه، وهو الحي القيوم وقال: (لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ)[البقرة: 255]، لبيان كمال حياته وقيوميته. قال (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)[الإخلاص: 4]، لبيان كمال أحديته وصمديته، وهكذا كل صفات السلب إنما وردت لبيان كمال الإيجاب لأن السلب[2] لا يفيد كمالاً ولا مدحاً، فعلى المسلم أن يتحرى الصواب في صفات الله - تعالى -حكاية ونقلاً وفهماً وتدبراً[3].
    قال الشيخ عبدالقادر الجيلاني في كتابه الغنية: باب معرفة الصانع - عز وجل -: وهو بجهة العلو مستوٍ على العرش محتوٍ على الملك محيط علمه بالأشياء، إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون.. إلى أن قال: ... والماء فوق السماء السابعة وعرش الرحمن فوق الماء والله - تعالى -على العرش.. ثم قال: ... وهو منزه عن مشابهة خلقه ولا يخلو من علمه مكان ولا يجوز وصفه بأنه في كل مكان.
    بل يقال: إنه في السماء على العرش كما قال جل ثناؤه: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه: 5]، ثم ساق آيات وأحاديث قال بعدها: وينبغي إطلاق صفة الاستواء من غير تأويل وأن استواء الذات على العرش لا على معنى القعود كما قالت المجسمة والكرامية. ولا على معنى العلو[4] والرفعة كما قالت الأشعرية، ولا على معنى الاستيلاء والغلبة كما قالت المعتزلة لأن الشرع لم يرد بذلك ولا نقل عن أحد من الصحابة والتابعين من السلف الصالح من أصحاب الحديث ذلك بل المنقول عنهم حمله على الإطلاق انتهى كلامه.
    وقال أبو الحسن الأشعري الذي ينتسب إليه الأشاعرة في كتابه الإبانة: "إن قال قائل ما تقولون في الاستواء؟ قيل له: نقول: إن الله - عز وجل - يستوي على عرشه كما يليق به من غير طول الاستقرار كما قال: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)، وقد قال الله - عز وجل -: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)[فاطر: 10]، وقال: (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ)[النساء: 158]، وقال: (يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ)[السجدة: 5]، وقال حكاية عن فرعون: (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا)[غافر: 36-37]، فكذَّب فرعون نبي الله موسى - عليه الصلاة والسلام - في قوله: إن الله - عز وجل - فوق السماوات، وقال عزل وجل: ? أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ ? [الملك: 16]، فالسموات فوقها العرش. فلما كان العرش فوق السماوات قال: ? أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ ?، لأنه مستوٍ على العرش الذي فوق السماوات، وكل ما علا فهو سماء فالعرش أعلى السماوات وليس إذا قال ? أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاء ?، يعني جميع السماوات وإنما أراد العرش الذي هو أعلى السماوات (إلى أن قال). ورأينا المسلمين جميعاً يرفعون أيديهم إذا دعوا نحو السماء لأن الله - عز وجل - مستوٍ على العرش الذي هو فوق السماوات فلولا أن الله - عز وجل - على العرش لم يرفعوا أيديهم نحو العرش كما لا يحيطونها إذا دعوا إلى الأرض... ).
    ثم أفاض الشيخ أبو الحسن الأشعري في الرد على من قال: استوى يعني استولى وملك وقهر، ونسب ذلك القول إلى المعتزلة والجهمية والحرورية وأخذ في سرد الأدلة والرد على الشبهة، ونأمل أن يراجع ذلك من ينتسب إلى الأشعري حتى لا يخالفه في عقيدته مع انتسابه إليه.
    وأهل السنة والجماعة موقفهم من صفات الله - عز وجل - إمرارها كما جاءت بغير تأويل ولا تعطيل ولا تكييف، ولقد ضلت كثير من الفرق فخالفت ما ترك النبي - صلى الله عليه وسلم - عليه أصحابه وما تابعهم عليه من بعدهم من التابعين لهم بإحسان، فكانت الجهمية قد نفت أن يوصف الله بصفة حتى قالوا: إن الله لم يكلم موسى تكليماً ولا اتخذ إبراهيم خليلاً، وأما المعتزلة فأولوا جميع الصفات، ثم جاءت الكرامية بتجسيم صفات الخالق - سبحانه -. أما الأشاعرة فتناقضوا لأنهم أثبتوا البعض ونفوا البعض من أن دليل ما أثبتوه يبطل تأويل ما نفوه، واحتجوا على تأويلهم بأن الجاهل قد يفهم تجسيماً مع أنه من المعلوم أن مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحضرها العالم والجاهل والذكي والبليد والأعرابي الجافي ونقيضه والعبد والحر والشريف والوضيع، ويخبرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنصوص الشرع وصفات رب العالمين من الفوقية واليدين ونحوهما ولم ينقل عنه تفريق في الإخبار ولا تحذير من الإيمان بالظاهر بل لما قالت الجارية إن الله في السماء وهو - صلى الله عليه وسلم - يختبر إيمانها قال: إنها مؤمنة فكيف نرد عليه - صلى الله عليه وسلم - حكمه.
    وأنا أقتطف من رسالة للجويني والد إمام الحرمين جاء فيها: وبعد فهذه نصيحة كتبتها إلى إخواني في الله أهل الصدق والصفا والإخلاص والوفاء ثم يقول: وكنت أخاف من طلاق القول بإثبات العلو والاستواء والنزول مخافة الحصر والتشبيه ومع ذلك فإذا طالعت النصوص الواردة في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - أجدها تشير إلى حقائق هذه المعاني وأجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد صرح بها مخبراً عن ربه واصفاً له بها (ثم أطاق الشيخ في سرد الأدلة وقال بعدها): إذا علمنا ذلك واعتقدنا، تخلصنا من شبه التأويل وعماوة التعطيل وحماقة التشبيه والتمثيل وأثبتنا علو ربنا - سبحانه - وفوقيته واستواءه على عرشه كما يليق بجلاله وعظمته. والحق واضح في ذلك والصدور تنشرح له فإن التحريف تأباه العقول الصحيحة مثل تحريف الاستواء بالاستيلاء وغيره، والوقوف في ذلك جهل وغي مع كون أن الرب - تعالى -وصف نفسه بهذه الصفات لنعرفه بها فوقوفنا عن إثباتها، ونفيها عدول عن المقصود منه في تعريفنا إياها، فما وصف نفسه بها إلا لنثبت ما وصف به نفسه لنا ولا نقف في ذلك. وكذلك التشبيه والتمثيل حماقة وجهالة فمن وفقه الله - تعالى -للإثبات بلا تحريف ولا تكييف ولا وقوف فقد وقع على الأمر المطلوب منه إن شاء الله - تعالى - (انتهى من رسالة الإثبات والفوقية للجويني المتوفى سنة 438هـ).
    وقال ابن قدامة المقدسي في لمعة الاعتقاد والتي طبعت ملحقاً لمجلة الأزهر جاء فيها بعد سرد أدلة الصفات من القرآن والسنة قوله: فهذا وما أشبهه مما صح سنده وعلت روايته نؤمن به ولا نرده ولا نجحده ولا نتناوله بتأويل يخالف ظاهره ولا نشبهه بصفات المخلوقين ولا بسمات المحدثين ونعلم أن الله - سبحانه - لا شبيه له ولا نظير: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[الشورى: 11]، وكل ما يخيل في الذهن أو خطر بالبال فإن الله - تعالى - بخلافه.
    وعن كتاب العقيدة الطحاوية قال: روى شيخ الإسلام أبو إسماعيل الأنصاري في كتابه الفاروق بسنده إلى مطيع البلخي: أنه سأل أبا حنيفة عمن قال: لا أعرف ربي في السماء أم في الأرض؟ فقال: قد كفر لأن الله يقول: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه: 5]، وعرشه فوق سبع سموات. قلت: فإن قال: إنه على العرش ولكن يقول: لا أدري العرش في السماء أم في الأرض؟ قال: هو كافر لأنه أنكر أنه في السماء ومن أنكر أنه في السماء فقد كفر. وزاد غيره لأن الله في أعلى عليين وهو يدعي من أعلى لا من أسفل. انتهى.
    وينسب بعض الناس إلى السلف الصالح أنهم كانوا لا يعلمون معاني آيات صفات رب العزة - سبحانه -: وهذا خطأ بين لأن السلف كانوا يعلمون المعاني ولكن لا يعلمون الكيف لأنه لا طاقة للخلق بمعرفة الكيف، ولأن القرآن جاء بلغة العرب فهم يعرفون معاني الألفاظ، والله خاطبهم بما يعرفون، أما الكيف فلا سبيل لمعرفته (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)[طه: 110].
    قال القرطبي في تفسير الآية 54 من سورة الأعراف، وقد كان السلف الأول - رضي الله عنهم - لا يقولون بنفي الجهة ولا ينطقون بذلك بل نطقوا هم والكافة بإثباتها لله - تعالى - كما نطق كتابه وأخبرت رسله، ولم ينكر أحد من السلف أنه استوى على العرش حقيقة وخص العرش بذلك لأنه أعظم المخلوقات، وإنما جهلوا كيفية الاستواء فإنه لا تعلم حقيقته، قال مالك - رحمه الله - الاستواء معلوم - يعني في اللغة - والكيف مجهول والسؤال عن هذا بدعة. انتهى.
    هذا وأدلة السمع والعقل دالة على أن ما أخبر الله به عن نفسه معلوم من حيث المعنى ومجهول من حيث الكيف. أما المعنى فأدلة السمع في قوله - تعالى -: (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا)[محمد: 24]، وقوله - سبحانه -: (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ)[ص: 29]، فحث الله - تعالى - على تدبر القرآن كله ولم يستثن، وبين أن الحكمة من إنزاله أن يتدبره فيتعظ به أصحاب العقول ولولا أن له معنى يعلم بالتدبر لكان الحث على تدبره من لغو القول، ولكان الاشتغال بتدبره إضاعة للوقت لأنه لا يعقل، والحث على تدبر القرآن شامل لجميع الآيات الخبرية العلمية والحكمية العملية إذ لا يمكن العمل ولا الاعتقاد بدون فهم للمعاني.
    وأما أدلة العقل: فهل يعقل أن يكون ما أخبر الله به عن نفسه أدنى مما أخبر عن فرعون والمكذبين من الأقوام فيكون الإخبار عن الله مجهول المعنى وعن غيره معلوم المعنى فيكون وصف الكريم الرحيم مجهولاً بمنزلة الحروف المقطعة.
    وأما الكيف فمجهول وأدلة السمع في قوله - تعالى -: (وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا)[طه: 110]، وقوله: (وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا)[الإسراء: 36]، وقوله - تعالى -: (قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)[الأعراف: 33].
    وأما أدلة العقل: فإن الشيء لا تدرك كيفيته إلا بمشاهدته أو مشاهدة نظيره أو الخبر الصادق عنه، وكل ذلك لا سبيل له في كيفية صفات الله - تعالى -. فكل ما خطر على بال أحد من الخلق فالله بخلافه بل أعظم وأجل وأفضل.
    قال ابن كثير في تفسير الآية 54 من سورة الأعراف: وأما قوله - تعالى -: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ)[الأعراف: 54]، فللناس في هذا المقام مقالات كثيرة جداً ليس هذا موضع بسطها وإنما نسلك في هذا المقام مذهب السلف الصالح مالك والأوزاعي والثوري والليث بن سعد والشافعي وأحمد وإسحاق بن راهويه وغيرهم من أئمة المسلمين قديماً وحديثاً، وهو إمرارها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل، والظاهر المتبادر إلى أذهان المشبهين منفي عن الله فإن الله لا يشبهه شيء من خلقه: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)[الشورى: 11]، بل الأمر كما قال الأئمة منهم نعيم بن حماد شيخ البخاري قال: من شبه الله بخلقه كفر ومن جحد ما وصف الله نفسه فقد كفر.
    وليس فيما وصف الله به نفسه ولا رسوله تشبيه، فمن أثبت لله - تعالى - ما وردت به الآيات الصريحة والأخبار الصحيحة على الوجه الذي يليق بجلال الله ونفى عن الله - تعالى - النقائص فقد سلك سبيل الهدى. انتهى.
    وإن استدلالات القائلين بالتأويل تبلغ في بطلانها درجة عجيبة، حتى أن أهم نص عندهم في ذلك بيت من الشعر قال: ابن كثير في البداية والنهاية في ترجمة بشر بن مروان في أحداث عام 74هـ وقد امتدحه الفرزدق والأخطل. والجهمية تستدل على الاستواء على العرش بأنه الاستيلاء ببيت الأخطل:
    قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف ودم مهراق
    وليس فيه دليل فإن هذا الاستدلال باطل من وجوه كثيرة وكان الأخطل نصرانياً. انتهى.
    ولقد كان منغمساً في نصرانيته قال الذهبي: إن الأخطل قيده الأسقف وأهانه فليم في صبره له، فقال: إنه الدين إنه الدين. ولم يكن الأخطل محتاجاً ولا مغموراً فلقد كان كما شهد له الفرزدق بأنه أحسن الشعراء في المدح فلما سئل من أشعر الناس قال: (ابن النصرانية إذا امتدح). ولذا فلقد حصّل أموالاً طائلة من الأمراء في مدحهم بشعره هذا ولقد نشأ الأخطل في الحيرة بأطراف العراق فهو شاعر مولد لا يجوز الاستدلال بشعره على معاني كلمات الوحي. هذا ولقد جاء في لسان العرب مادة (سوا) قال داود بن علي الأصبهاني: كنت عند ابن الأعرابي[5] فأتاه رجل فقال: ما معنى قول الله - عز وجل -: ? الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ?، فقال ابن الأعرابي: هو على عرشه كما أخبر. فقال: يا أبا عبدالله إنما معناه استولى. فقال ابن الأعرابي: ما يدريك؟ إن العرب لا تقول استولى على الشيء حتى يكون له مضاد فأيهما غلب فقد استولى أما سمعت قول النابغة:
    ألا لمثلك أو من أنت سابقه *** سبق الجواد إذا استولى على الأمد
    وسئل مالك بن أنس: استوى كيف استوى؟ فقال: الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإيمان به واجب والسؤال عنه بدعة. انتهى.
    خلاصة القول أن يعلم المسلم أن الصحيح هو قول أهل السنة وأن التفويض في المعنى هو قول الجهمية أما أهل السنة فإنهم يثبتون المعنى ويفوضون الكيف فلا يعلمه إلا الله - سبحانه -، فلقد كان السلف الصالح يحرصون كل الحرص على عدم التكلف بالتأويل والتحريف دون الوقوع في التشبيه، فيفهمون معاني النصوص بحسب وضعها اللغوي، أما الخلف فقد تكلفوا التأويل وقالوا على الله بغير علم وأهل السنة وسط بين هذه الفرق المجسمة والمعطلة والمفوضة والمؤولة وذلك فضل الله على كل من لزم أهل السنة والجماعة وسار مع الفرقة الناجية المنصورة.
    الرحمن على العرش استوى:
    كان ولا يزال من أكثر الصفات التي وقعت فيها فرق الأمة في الخلاف بين تأويل وتعطيل وتجسيم وتفويض هي صفة الاستواء وهي ثابتة بالقرآن والسنة، وقد كان الكلام السابق عن الصفات جملة والاستواء خاصة وقد حاولت أن أنقل أقوال أئمة لا يسع المعارض إلا أن يسلم لهم بالإمامة في العلم والدين وقدمت ذلك على نقل الأدلة من القرآن السنة.
    ولقد تصفحت الكتب وأولها القرآن الكريم فوجدت أن الأدلة يضيق المقام عن حصرها وأن الجهابذة من العلماء قد صنفوا فيها بين مطولات ومختصرات، ثم وقفت على مقال لعالم جليل شغل في جامعة الأزهر ثم في جامعات المملكة العربية السعودية مناصب رفيعة وكان له باع طويل في الدعوة إلى الله من خلال جماعة أنصار السنة المحمدية، وله تلامذة يجلونه ويحملون الدعوة من بعده ولقد قبض - رحمه الله - وله جولات مكثفة للدعوة إلى الله - سبحانه - في مدن وقرى مصر وحول البلد التي كان يسكنها (طنطا).
    وجدت في هذا المقال اختصاراً لطيفاً غير مخل ولا مطول ولقد كتبه بروح المتحمس للدعوة إلى الله - سبحانه -، والمدافع عن عقيدة أهل السنة والجماعة حماساً ظهر في مقاله الذي ننقله هنا.
    يقول الشيخ - رحمه الله تعالى -: اعلم أن أهل الإثبات بحمد الله عندهم من هذه النقول ما يملأ مجلدات وهم لا ينقلون إلا عن كل إمام ثقة في علمه ودينه من سلف الأمة. الذين هم أكملها علماً وإيماناً وأبرها قلوباً وأقلها تكلفاً وأهداها سبيلاً.
    وإليك أيها القارئ طائفة من الحجج والبينات التي يعتمد عليها أهل الحق والإثبات في هذا الباب، لكي تدرك الفرق بين ما يسوقه المعطلة من شبه واهية ساقطة، وبين ما يستند إليه أهل الحق من أدلة ناصعة قاطعة.
    يتبع
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jan 2018
    المشاركات
    40,506

    افتراضي رد: موقف أهل الإحسان من صفات الرحمن

    موقف أهل الإحسان من صفات الرحمن
    محمد صفوت نور الدين

    أدلة القرآن الكريم:
    فمن الكتاب العزيز نسوق هذه الآيات البينات التي لا تقبل جدلاً ولا تحتمل تأويلاً إلا عند من في قلوبهم زيغ، ممن يصرفونها عن معانيها المفهومة منها، إلى ما لا تحتمله من المعاني الفاسدة، جرياً وراء أهوائهم، فيحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون على الله بغير علم:
    1- أخبر الله - عز وجل - في سبعة مواضع من كتابه أنه استوى على العرش، ولا معنى لذلك أبداً إلا علوه وارتفاعه عليه، كما فسره بذلك مجاهد وأبو العالية وغيرهما من أئمة التفسير، كما رواه عنهم الإمام البخاري في صحيحه عند رده على الجهمية والمعطلة. وكل من حاول صرف هذه الألفاظ عما دلت عليه فقد اتهم الله - عز وجل - بالقصور في البيان، واتهم كتابه العزيز بالغموض والتعمية والألغاز. فإن اللغة التي نزل بها القرآن لم تستعمل أبداً لفظ الاستواء متعدياً بعلى إلا بمعنى العلو والارتفاع، ونحن نتحدى أن يأتي أحد بنقل صحيح عمن يعتد بهم في لغة العرب أنه ذكر للاستواء معنى غير ذلك.
    وأما تأويله بالاستيلاء على العرش استناداً إلى قول الشاعر المجهول:
    قد استوى بشر على العراق *** من غير سيف ودم مهراق
    فهو من أسمج التأويلات وأشدها فساداً إذ يقتضي أن العرش كان في حوزة غيره - سبحانه -، فلما خلق السموات والأرض ملكه واستولى عليه، مع أنه - سبحانه - لم يزل مستولياً على العرش وعلى الملك كله منذ خلقه، وأيضاً لو كان الاستواء بمعنى الاستيلاء كما يزعمون لما كان الاستواء معنى خاصاً بالعرش، بل لجاز أن يقال استوى على الأرض، كما يقال استوى على العرش. إذ هو مستول عليها كاستيلائه على العرش.
    وليس في استيلائه على العرش معنى يمدح به، فإن العرش لا يعدو أن يكون من جملة مخلوقاته، وإنما يظهر المدح في ارتفاعه وعلوه عليه لتدبير أمور خلقه، كما قال من سورة يونس - عليه السلام -: (ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ)[يونس: 3].
    2- سمى الله - عز وجل - نفسه في كتابه بأنه (العلي والأعلى والمتعال) وإطلاق هذه الأسماء يقتضي بثبوت كمال العلو له - سبحانه -، بأن يكون العلو ثابتاً من كل وجه فيتناول علو ذاته فوق خلقه، وعلو مكانته وقدره وعلو غلبته وقهره. فمن خص علوه ببعض هذه المعاني دون بعض فقد قيد ما أطلق الله، ونقص من معنى العلو الذي هو صفة كمال بغير حجة.
    3- أخبر الله - عز وجل - أن بعض الأشياء تنزل من عنده كقوله في شأن القرآن الكريم: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ)[النحل: 102]، وقوله: (تَنْزِيلُ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[السجدة: 2]، كما أخبر أن بعض الأشياء تصعد إليه، كقوله - سبحانه -: (إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ)[فاطر: 10]، (تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ)[المعارج: 4]، (يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ)[آل عمران: 55]، (بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ)[النساء: 158]، فكيف يتحقق أن يكون - سبحانه - مبدأ لما ينزل أو منتهى لما يصعد، إذا لم يكن عالياً في خلقه. وإذا كان لا يليق بأحد منا أن يقول لغيره أئت إلي في مكان كذا: ثم يذهب فلا يجده هناك، أليس ذلك غشاً وتضليلاً يتنزه عنه أحكم الحاكمين.
    4- أخبر الله - سبحانه - أنه في السماء بقوله في سورة الملك: (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ * أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ)[الملك: 16-17]، فهل هناك أصرح في إثبات علوه - تعالى - على خلقه، من إخباره عن نفسه بأنه في السماء أي في تلك الجهة ؟ وهل يليق بأحد من العقلاء أن يقول أنا في البيت أو في المسجد من غير أن يكون فيه؟ وما الذي يدعوه - سبحانه - إلى أن يثبت لنفسه ما ليس بثابت، بل ما هو في زعمكم مستحيل الثبوت؟ ومن العجيب أن هاتين الآيتين قد سيقتا في معرض التهديد والوعيد لإحداث الخشية والمهابة، فإذا لم يكن هو - سبحانه - في السماء كما أخبر، فأي معنى لذلك التهديد وهل يبقي له في النفس أثر؟
    5- قال الله - تعالى - في شأن الملائكة: (يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[النحل: 50]، ولا شك أن لفظ الفوق إذا جاء مجروراً (بمن) لا يفهم عنه إلا فوقية المكان، كما في قوله - تعالى -: (إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ)[الأحزاب: 10]، وكقوله: (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ)[الأنعام: 65]، وإذا لم تكن هذه فوقية مكان فما عسى أن تكون؟ لعلكم تقولون إنها فوقية قهر وقدرة، فما الموجب لصرفها عن حقيقتها؟ وأي مدح في تلك الفوقية مع أن قدرته على الخلق كلهم ليست محل شك.
    ألم تر أن السيف ينقص قدره *** إذا قيل أن السيف أمضى من العصا
    6- أخبر الله - سبحانه - عن بعض الأشياء أنها عنده، كقوله عن الملائكة: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَه ُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)[الأعراف: 206]، (وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَلَا يَسْتَحْسِرُونَ )[الأنبياء: 19].
    وكقوله عن أهل الجنة: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ)[القمر: 54-55]، (لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ)[الزمر: 34]، وكقوله حكاية عن امرأة فرعون: (رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ)[التحريم: 11]، فما معنى هذه العندية إذا لم تقتض المجاورة والقرب؟ وإذا كانت كل الأشياء سواء بالنسبة إليه - سبحانه -، لا تفاوت بينها بالقرب والبعد، كما يزعم هؤلاء المعطلة: أن محمداً وهو عند سدرة المنتهى لم يكن أقرب إلى الله من يونس وهو في بطن الحوت، فكيف يصح تخصيص بعض الأشياء بكونها عنده؟
    7- قال الله - تعالى - في شأن فرعون: ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا) [غافر: 36- 37]، فمن الذي أخبر فرعون بأن إله موسى في السماء، حتى أمر هامان ببناء الصرح ليصل إليه؟ لا شك أن الذي أخبره بذلك هو موسى - عليه السلام - نفسه. بدليل قول فرعون بعد ذلك: (وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا) أي فيما أخبرني به من أن إلهه في السماء. ولا يعقل أن يكون فرعون فعل ذلك من عند نفسه لأنه نفى أن يكونه معه إله: فكيف يفترض وجود إله أعلى منه في السماء؟
    8- أخبر الله - عز وجل - أنه يجيء يوم القيامة لفصل القضاء بين عباده، كقوله: (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَة ُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ)[البقرة: 210]، (وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا) [الفجر: 22].
    فمن أين يجيء الرب جل شأنه. هل يجيء من أمامهم أم من خلفهم أم عن أيمانهم أم عن شمائلهم أم من تحتهم؟
    وإذا كانت كل هذه الجهات الخمس لا تصلح أن يأتي منها الرب فلم يبق إلا أن يأتيهم من فوقهم - سبحانه وتعالى -.
    ونكتفي بهذا القدر من آيات الكتاب العزيز ففيه لطالب الهدى كفاية ومقنع. وننتقل إلى السنة المطهرة التي أثبتت ما أثبته الكتاب، ولم يرد فيها أصلاً نفي أو تأويل لما ورد في الصفات. وسنجتزئ منها بالصحيح خوفاً من التطويل وحتى لا نفتح المجال لقال أو لقيل.
    أدلة السنة المطهرة:
    1- منها حديث معاوية بن الحكم السلمي قال: كانت لي غنم بين أحد والجوانية فيها جارية لي فأطلقتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة، وأنا رجل من بني آدم. فأسقفت فصككتها فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فذكرت له ذلك فعظم ذلك علي. فقلت: يا رسول الله أفلا أعتقها؟ فقال: أدعها فدعوتها فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء قال: من أنا؟ قالت: أنت رسول الله، قال: اعتقها فإنها مؤمنة.
    أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي.
    2- ومنها حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثم يعرج إليه الذين باتوا فيكم فيسألهم وهو أعلم بهم، كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون)) متفق عليه.
    3- حديث جابر بن عبدالله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم عرفة: ((ألا هل بلغت)) فقالوا: نعم يرفع أصبعه إلى السماء وينكتها إليهم ويقول: ((اللهم اشهد)) أخرجه مسلم.
    4- حديث أبي هريرة: ((إن الله لما قضى الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي)) متفق عليه.
    5- حديث أبي سعيد الطويل في الخوارج قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني الوحي صباحاً ومساءً)).
    6- حديث عبدالله بن عمرو بن العاص، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)).
    7- حديث أنس بن مالك أن زينب بنت جحش كانت تفخر على أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول: "زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات". وفي لفظ أنها قالت للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "زوجنيك الرحمن من فوق عرشه" صحيح رواه البخاري.
    8- حديث أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا كان الذي في السماء ساخطاً عليها)) أخرجه مسلم.
    9- حديث أبي هريرة أيضاً قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يصعد إلى الله إلا الطيب، فإنها يتقبلها بيمينه ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تصير مثل الجبل)) أخرجه البخاري.
    10- حديث سعد بن أبي وقاس أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسعد بن معاذ يوم بني قريظة: ((لقد حكمت فيهم بحكم الملك من فوق سبع سموات)).
    11- حديث قتادة عن أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث الشفاعة الطويل: ((فأستأذن على ربي في داره فيؤذن لي عليه)).
    وفي رواية: ((فآتي باب الجنة فيفتح لي فآتي ربي - تبارك وتعالى - وهو على كرسيه أو سريره فأخر له ساجداً)).
    12- حديث أبي هريرة وغيره في نزول الرب - تبارك وتعالى - وهو حديث متواتر، ولفظه: ((ينزل ربنا - تبارك وتعالى - كل ليلة إلى سماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ فلا يزال هكذا حتى يطلع الفجر)).
    وقد ورد في بعض الروايات: ((لا أسأل عن عبادي غيري)) فهل يعقل نزول إلا ممن هو عال؟ لكن بعض الناس يمارون في حديث النزول ويعترضون عليه بأن في كل لحظة من الزمان ثلث ليل آخر، فهلا اعترضوا بذلك على قائله؟ - عليه الصلاة والسلام -.
    إذا كان هذا هو مبلغ إيمان هؤلاء بكلام نبيهم، فماذا نملك نحن لهم؟ اللهم إنها فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء.
    12- حديث الإسراء والمعراج، وهو متواتر أيضاً، وفيه: ((ودنا الجبار فتدلى حتى كان قاب قوسين أو أدنى)) وفيه أيضاً أن موسى قال لنبينا عليهما الصلاة والسلام: ((ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف)) وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مازلت أرجع بين ربي وبين موسى)).
    ونجتزئ بهذا القدر من السنة المطهرة، وكلها أحاديث متونها وأسانيدها كالشمس في الإشراق، ولكن المعطل الجاحد بما في قلبه من غرض التعطيل لا يسيغها بل يشرق بها:
    ومن يك ذا فم مر مريض *** يجد مراً به الماء الزلالا
    وأورد بعد ذلك ما يتسع له المجال من كلام الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أئمة الهدى الذين هم أعرف بالله ودينه وكتابه، وأشد تنزيهاً له من هؤلاء النافين الجاحدين.
    أدلة أقوال أئمة أهل العلم:
    1- أخرج البخاري في تاريخه من حديث نافع عن ابن عمر قال: "لما قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أبو بكر - رضي الله عنه -: "أيها الناس: إن كان محمد إلهكم الذين تعبدون فإنه قد مات وإن كان إلهكم الذي في السماء، فإن إلهكم لم يمت".
    2- قال عمر - رضي الله عنه - في شأن خولة بنت ثعلبة "هذه امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات".
    3- قال عبدالرحمن بن غنم: سمعت عمر بن الخطاب يقول: "ويل لديان الأرض من ديان السماء يوم يلقونه، إلا من أمر بالعدل فقضى بالحق ولم يقض على هوى ولا على قرابة ولا على رغبة ورهبة، وجعل كتاب الله مرآة عينيه".
    4- روى عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال: "العرش فوق الماء والله فوق العرش لا يخفى عليه شيء من أعمالكم".
    5- وصح عن ابن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "من قال سبحان الله والحمد لله والله أكبر، تلقاهن ملك فعرج بهن إلى الله فلا يمر بملأ من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن، حتى يجيء بهن وجه الرحمن - عز وجل -".
    6- وصح عنه كذلك أنه قال: "إن العبد ليهم بالأمر من التجارة والإمارة حتى إذا تيسر له، نظر الله إليه من فوق سبع سموات، فيقول للملائكة اصرفوه عنه فإنه إن يسرته له أدخلته النار".
    7- وصح عن عائشة أنها قالت يوم قتل عثمان: "وأيم الله إني لأخشى لو كنت أحب قتله لقتلت، ولكن علم الله فوق عرشه أني لم أحب قتله".
    8- روى الحسن عن أمه عن أم سلمة - رضي الله عنها - في قوله - تعالى -: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه: 5]، قالت: "الكيف غير معقول والاستواء غير مجهول والإقرار به إيمان والجحود به كفر" وهذا القول محفوظ كذلك عن ربيعة الرأي ومالك بن أنس وأبي جعفر الترمذي وغيرهم.
    9- كان مسروق إذا حدث عن عائشة يقول: "حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة من فوق سبع سموات".
    10- قال نوف البكالي - من وعاظ التابعين- "إن موسى - عليه السلام - لما سمع كلام الله قال: من أنت الذي يكلمني؟ قال: أنا ربك الأعلى".
    11- وروى الإلكائي عن ثابت البناني قال: "كان داود يطيل الصلاة ثم يرفع رأسه إلى السماء ويقول إليك رفعت رأسي، نظر العبيد إلى أربابها، يا ساكن السماء".
    12- روى مقاتل بن حيان عن الضحاك في قوله - تعالى -: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ)[المجادلة: 7]، قال: "هو على عرشه وعلمه معهم - وفي لفظ- هو فوق العرش وعلمه معهم حيث كانوا".
    13- قال الحكم بن عبدالله البلخي صاحب الفقه الأكبر: سألت أبا حنيفة عمن يقول: لا أعرف ربي في السماء أو في الأرض. فقال: قد كفر. لأن الله - تعالى - يقول: (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى)[طه: 5]، وعرشه فوق سمواته. فقلت: إنه يقول: أقول على العرش استوى لكن قال: لا يدرى العرش في السماء أو في الأرض. فقال: إذا أنكر أنه في السماء فقد كفر.
    14- قال الأوزاعي إمام أهل الشام: "كنا والتابعون متوافرون، نقول: إن الله - عز وجل - فوق عرشه ونؤمن بما وردت به السنة من صفاته".
    15- روى البيهقي بإسناده عن مقاتل بن حيان وهو إمام ثقة في قوله - تعالى -: (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ)[الحديد: 3]، قال: "هو الأول قبل كل شيء، والآخر بعد كل شيء والظاهر فوق كل شيء، والباطن أقرب من كل شيء، وإنما قربه بعلمه وهو فوق عرشه".
    16- روي عن سفيان الثوري أنه قال في أحاديث الصفات: "أمرها كما جاءت بلا كيف".
    17- روى عبدالله بن رافع عن مالك إمام دار الهجرة أنه قال: "الله في السماء وعلمه في كل مكان لا يخلو منه شيء".
    18- روي عن علي بن الحسن بن شقيق أنه قال: "قلت لعبدالله بن المبارك: كيف نعرف ربنا - عز وجل -؟ قال: في السماء السابعة على عرشه، ولا نقول كما تقول الجهمية: إنه هاهنا في الأرض".
    19- روي من طريق صحيح عن الشافعي - رحمه الله - أنه قال: "القول في السنة التي أنا عليها ورأيت الذين رأيتهم، مثل سفيان ومالك وغيرهما: إقرار بشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وأن الله على عرشه في سمائه يقرب من خلقه كيف شاء، وينزل إلى السماء الدنيا كيف شاء".
    20- روى أبوبكر الخلال قال: قيل لأبي عبدالله - يعني أحمد بن حنبل - رحمه الله -: "ألله فوق السماء السابعة على عرشه بائن من خلقه وقدرته وعلمه بكل مكان؟ قال: نعم هو على عرشه ولا يخلو شيء من علمه. انتهى ما نقله الشيخ محمد خليل هراس - رحمه الله تعالى - برحمته الواسعة.
    ختاماً: إخوة الإسلام فإن القرآن هو كتاب الهداية وإن الرسول الكريم هو نبي الرشاد وإن دين الإسلام هو النجاة. ورأس الأمر اعتقاد صحيح وأركان الاعتقاد الصحيح ستة هي: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله. واليوم الآخر والقدر خيره وشره، فأول ما ينبغي أن يصححه العبد اعتقاده في الله - عز وجل - وقد تعرف الله - سبحانه - لنا في كتابه وعرفنا به نبيه فذكر لنا صفاته - سبحانه - وهي صفات حسنى وأسماؤه وكلها عليا، وهي تدل على جلاله، وكماله، وجماله، فكان الإثبات للكمال والجمال يقتضي نفي ما نفاه عن نفسه ونحذر من اتباع فلسفات خرجت على الناس من غير الكتاب والسنة لذا كان شأن السلف الكرام إثبات ما أثبته الله لنفسه كما يليق بجلاله وعظيم سلطانه بغير تأويل ولا تحريف ولا تعطيل ولا تمثيل ولقد جاءت نصوص الإثبات مفصلة لذلك الإثبات، فنثبت له الحياة والعلم والقدرة والوحدانية والقيومية والوجه واليد والاستواء وكل ما أثبته لنفسه وننفي عنه المماثلة (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)[الشورى: 11]، والولد والوالد والمكافئ: (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)[الإخلاص: 3-4]، هذا وكتاب الله - سبحانه - جاء بإثبات الصفات مفصلا ًوالنفي مجملاً على خلاف طريقة أهل الكلام الذين يأتون بالنفي مفصلاً والإثبات مجملاً.
    فمن عرف ربه عبَده على حق أما المؤول فيعبد عدماً والمجسم يعبد صنماً والذي يثبت ما أثبته وينفي ما نفاه فإنه يعبد الحي القيوم السميع البصير القوي القادر الذي ليس كمثله شيء.
    تلك هي عقيدة الأنبياء والمرسلين والصحابة والتابعين وأئمة العلم المهتدين والفقهاء العاملين والمحدثين الحافظين ومن سار على سيرتهم من المؤمنين المحسنين.
    هذه نبذة سريعة عن عقيدة أهل الإحسان في صفات الرحمن فاللهم إنا نسألك حبك وحب نبيك وحب الصالحين الذين أحبوك والسير على كتابك وسنة نبيك بغير انحراف أو معصية ونسألك أن ترزقنا توبة مقبولة وأن تجمعنا مع أهل القرآن وخاصته في الجنة يا رب العالمين.
    _____________
    [1] الاشتراك في أسماء الصفات لا يقتضي التماثل فالله سمى نفسه سمعياً بصيراً وسمى الإنسان كذلك: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا)[النساء: 58]، (إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا)[الإنسان: 2]، وليس السمع كالسمع ولا البصر كالبصر وكذلك العلم وسائر الصفات فالفرق بين الصفة والصفة كالفرق بين ذات الخالق وذات المخلوق.
    [2] قولك فلان لا يجهل لا تثبت له علماً حتى تقول هو عالم فنفي الجهل لا يفيد علماً فإن قلت عالم لا يجهل فقد أثبت له كمالاً في العلم وإن قلت: فلان لا يظلم لم تثبت له عدلاً حتى تقول: عادل فإن أردت بيان الكمال قلت: عادل لا يظلم.
    [3] لقد أخطأ بعض من كتب في صفات الله- تبارك وتعالى - في قوله - تعالى -: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)[الذاريات: 47]، فقالوا: إن أيد جمع يد مع أن اليد ثابتة بآيات أخرى مثل قوله - تعالى -: (مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ)[ص: 75]، فقوله (أيد) لفظة عربية معناها القوة وليست جمع يد قال الراغب: قال الله - عز وجل -: (أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ)[المائدة: 110]، فعلت من الأيد أي القوة الشديدة وقال - تعالى -: (وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ)[آل عمران: 13]، أي بكثرة تأييده ويقال إدته أئيده أيداً نحو بعته أبيعه بيعاً وأيدته على التكثير، قال - عز وجل -: (وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ)[الذاريات: 47].
    [4] فالأشاعرة نفت علو الله على عرشه وقالوا: علو المنزلة والمكانة والقدر فنفوا بعض ما أثبته الله لنفسه بغير دليل من كتاب ولا سنة ولا قول السلف.
    [5] ابن الأعرابي إمام اللغة عالم صالح زاهد ورع صدوق كان يحضر مجلسه زهاء مائة إنسان، وليس بيده كتاب قط، انتهى إليه علم اللغة والحفظ، حفظ ما لم يحفظه غيره، وله مصنفات كثيرة أدبية وتاريخ القبائل، وكان صاحب سنة واتباع
    اذا الايمان ضاع فلا أمان
    ولا دنيا لمن لم يحى دينا
    ومن رضى الحياة بغير دين
    فقد جعل الفنـاء له قرينا

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •