لا تنشر حديثا قبل التأكد من صحته


علي بن مختار بن محمد بن محفوظ



كل يوم يصلني عبر البريد الإلكتروني حديث أو أكثر، وقد ندخل بعض المنتديات، أو نزور بعض المواقع نجد تساهلا كبيرا في التسابق لنشر الأحاديث، فهذا حديث يصل من أحد المحسنين، أو هذه رواية يرسلها أحد الخيرين الذين يرغبون في نشر الخير، ويتسابقون في إذاعة الفضائل ونشر الطاعات، والتسابق للخيرات، ولكن لا بد ألا تتسرع في النشر قبل التأكد من صحة الحديث، ولنتذكر هذا الحديث الرهيب:
عن أنس رضي الله عنه قال: "‏إنه ليمنعنى أن أحدثكم حديثًا كثيرًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"من تعمد علي كذبًا فليتبوأ مقعده من النار" رواه البخارى ومسلم.
فالرجاء أو يجب التأكد من صحة الأحاديث قبل نشرها.

وأقول: ينبغي أن ننشر هذه الرسالة في المنتديات و نجتهد في إرسالها بالبريد فنقول:

جزاك الله خيرا يا أخي الفاضل خير الجزاء، وأرجو أن تقبلي / تقبل كلامي بصدر رحب

أولا جزاك الله خيرا على هذا المجهود

بارك الله فيك على نشر الفوائد النافعة

ولي تعليق خفيف لكنه مهم وهو:

الرجاء التثبت قبل إرسال الرسائل أو قبل نقل الأخبار، أو قبل نشر الأحاديث النبوية الشريفة.

فمن قواعد النشر التوثيق والتحقق قبل النشر، وهذا منهج إسلامي أصيل، وهو بيان أن المقال أو الحديث منقول من كتاب كذا أو من مصدر كذا وذلك لتوثيق المعلومات، والتحقق من صحة الحديث.
فهذا الكلام ليس بالهين و لكنه النار، فيجب أن نتأكد من أي حديث نرسله إلى أي شخص والله يشهد أننا لسنا متعمدين.. و يعلم صدق نوايانا.. و هذا كان من جهلنا.. و نعوذ بالله أن نَضل أو نُضل.
اعلموا أن هذا الأمر أمانة، وله علماء متخصصون، وإذا أردتم أن تفيدوا الناس ففي النقل من الكتب الصحيحة المعتمدة عند علماء أهل السنة، والتي شهد لها علماء الأمة بالقبول والصحة، وهما الكتابان المعروفان بصحيح الإمام البخاري وصحيح الإمام مسلم.
وأما غيرهما من السنن والمسانيد والتصانيف فلا نرسل حديثا منها إلا من الكتب التي حققت منها، وتم تمييز الصحيح فيها عن الضعيف، فالنقل من كتب السنن والمسانيد لا بد أن يكون من النسخ المحققة تحقيقا علميا معتمدا، والحمد لله فالآن عدد كبير من كتب السنة قد حققت، وتميز فيها الصحيح من الضعيف، مثل سنن أبي داود وسنن الترمذي وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه وغيرها من الكتب المحققة، مثل المسانيد فقد تم تحقيق مسند الإمام أحمد، ومسند أبي يعلى ومسند أبي داود الطيالسي، وصارت أعداد الكتب المحققة المطبوعة أكثر من الكتب غير المحققة والتي لا يتم التميز فيها بين الصحيح عن غيره.
وفي الصحيح غنية عن الضعيف، وللأسف يرسل كثير من الناس (خصوصا البنات مع العلم أن وضع الأحاديث اشتهر قديما عن الرجال فقط ).
وللأسف يرسل كثير من الناس أدعية وأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير أن يتأكدوا هل هذه الأحاديث رويت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أم هي كذب وافتراء عليه، وهذا ناتج عن عدم تقديرهم لخطورة ذلك، فنحن أو أنتم تنقلوا للناس الأصل الثاني من أصول الإسلام المعتمدة بعد القرآن الكريم؛ فلا بد من التثبت والتأكد قبل النشر، وأذكركم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوأ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ". متفق عليه.

قد تقول لا أنا لا أتعمد الكذب عليه، فلا تتعجل (تتعجلِ) أو تتسرع (تتسرعي) بنشر هذه الأحاديث بغير تحقق منها، وليس معنى أنها وصلتكِ أن تعفى من المسؤولية فهناك الكثير من الأحاديث منتشرة بين الناس ولم يقلها رسول الله صلى الله وسلم وهي مخترعة أو مكذوبة ومصنوعة عليه صلى الله عليه وسلم.
كيف نتعرف على خطورة التساهل في النشر؟ وكيف نحكم على الحديث؟

ويحسن أن نراجع بعض الكتب لمعرفة خطورة الوضع في الحديث، أو النقل دون تثبت أو تأكد، راجعوا مثلا أي كتاب في مصطلح الحديث كتدريب الراوي أو تيسير مصطلح الحديث للطحان أو كتاب المنار المنيف لابن قيم الجوزية، أو رسالة الوضع في الحديث لعمر حسن فلاتة لمعرفة أسباب الوضع و لنحذر جميعا من رواية الأحاديث دون تثبت.
ويمكن أيضا الرجوع لبعض الكتب أو الموسوعات أو المواقع المعتمدة في هذا الشأن مثل: موقع المحدث، أو الدرر السنية، أو الشبكة الإسلامية، ولكن الرجوع للكتب للحكم على الحديث له رجاله، فأما أن تنقل من الصحيحين، أو الكتب المحققة المعتمدة أو لا تنقل ولا تنشر.
و اعلموا أن الأحاديث التي ترسلوها للناس أنت مسؤول/ مسؤولة عنها ومحاسبة عليها فأنت لا تتحدث عن نفسك بل تنقل شرعا وعلما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحذر كل الحذر من أن ترسلوا شيئا مكذوبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن لم يتوافر لك طريقة للتأكد من صحة الأحاديث أو ورودها فعلا في كتب الحديث؛ فتوقفوا عن إرسال أي رسالة دينية إن لم تتحقق مما فيها من الأحاديث، وهذا أفضل من أن تنقل شيئا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعلم أحق هو أم باطل؟ أصدق هو أم كذب؟ وأكرر أنت تتحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فهل أنت تقدر (تقدري) لهذه المسؤولية؟.