بسم الله الرحمن الرحيمليلة القدر؟
احذر, ثم احذر
فليلة القدر يحتمل فيها الشفع كالوتر
فلا تتكاسل وجد في الطلب وشمر
عسى أن تفوز بكامل الأجر وتظفر
وذلك مصداقا لما رواه البخاري عن ابن عياس (الْتَمِسُوهَا فِى الْعَشْرِ الأوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِى تَاسِعَةٍ تَبْقَى، فِى سَابِعَةٍ تَبْقَى، فِى خَامِسَةٍ تَبْقَى)
فاذا كان الشهر كاملا و كان الحساب ابتداء من الآخر كانت ليالي الأشفاع هي المتعينة
لذلك روى البخاري أيضا عن ابن عباس موقوفا عليه ((الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ) )
وهذا مروي أيضا عن بلال رضي الله عنه وكذا هو مذهب الحسن وقتادة من التابعين
وهذا لا يتعارض مع الحديث الصحيح أنها في الوتر ياعتبار الحساب بالباقي وليس من الأول
قال ابن بطال الأندلسي في شرح حديث البخاري
(وإنما يصح معناه وتوافق ليلة القدر وترًا من الليالى على ما ذكر فى الحديث إذا كان الشهر ناقصًا، فأما إن كان كاملاً فإنها لا تكون إلا فى شفع فتكون التاسعة الباقية ليلة ثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة ست
وعشرين، والسابعة الباقية ليلة أربع وعشرين على ما ذكره البخارى عن ابن عباس، )
و قال شيخ الاسلام
( وَتَكُونُ فِي الْوِتْرِ مِنْهَا. لَكِنَّ الْوِتْرَ يَكُونُ بِاعْتِبَارِ الْمَاضِي فَتُطْلَبُ لَيْلَةَ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ خَمْسٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَلَيْلَةَ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ. وَيَكُونُ بِاعْتِبَارِ مَا بَقِيَ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {لِتَاسِعَةٍ تَبْقَى لِسَابِعَةٍ تَبْقَى لِخَامِسَةٍ تَبْقَى لِثَالِثَةٍ تَبْقَى} .
فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الشَّهْرُ ثَلَاثِينَ يَكُونُ ذَلِكَ لَيَالِيَ الْأَشْفَاعِ. وَتَكُونُ الِاثْنَيْنِ وَالْعِشْرِينَ تَاسِعَةً تَبْقَى وَلَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ سَابِعَةً تَبْقَى. وَهَكَذَا فَسَّرَهُ أَبُو سَعِيدٍ الخدري فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ. )) انتهى
فصلتم بحمد الله تعالى وتوفيقه العثور على الأحاديث المرفوعة والتي تدل على أن ليلة القدر قد تكون في شفع من الليالي , وكان بالامكان الاكتفاء بأقوال الصحابة في ذلك لكن المرفوع أقوى وأرفع
الحديث الأول
رواه الطيالسي في مسنده ورجاله ثقات
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنِ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ»
قال عنه شيخ الاسلام ( رواه الطيالسي في «مسنده» بإسناد جيد.) انتهى.
وله شاهد من حديث بلال عند أحمد والطحاوي والبزار والطبراني
وهو الحديث الثاني
قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ , عَنْ أَبِي الْخَيْرِ، عَنِ الصُّنَابِحِيِّ , عَنْ بِلَالٍ , أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ , لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ» .
وفيه عبد الله بن لهيعة , سيء الحفظ مختلط , وقد خالفه من هو أوثق منه فرواه عن بلال موقوفا عليه من قوله , وهو الأصح
ولها شاهد من حديث ابن عباس
عند المروزي
وهو الحديث الثالث
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ , أَخْبَرَنَا الثَّقَفِيُّ , ثنا خَالِدٌ الْحَذَّاءُ , عَنْ عِكْرِمَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْتَمِسُوا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ»
لكن رواه البخاري في الصحيح موقوفا على ابن عباس
ويشهد لها الحديث الرابع عن معاوية
عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ أَنّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ أَرْبَعٍ وَعِشْرِينَ ))
وأعله الدارقطني بالوقف على معاوية , لكن الذي رفعه (معاذ بن معاذ ) هو ثقة ثبث ولم يتفرد فقد توبع على رفعه
وينضم الى الروايات الأربعة , حديث أبي ذر في قيام الليل ففي بعض طرقه أنه صلى بهم ليلة أربع وعشرين وست وعشرين , وهذا الذي رجحه ابن حبان
وآخرها هو الحديث السادس
الذي رواه أبو داود والنسائي وهو صحيح ان شاء الله تعالى وان غمزه ابن عبد البر في أحد رواته وليس له ذلك
عَنْ عَبَّادِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ ضَمْرَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أُنَيْسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ فِي مَجْلِسٍ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، وَأَنَا أَصْغَرُهُمْ، فَقَالُوا: مَنْ يَسْأَلُ لَنَا رَسُولَ اللهِ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَذَلِكَ صَبِيحَةَ إِحْدَى وَعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ؟ فَخَرَجْتُ فَوَافَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْمَغْرِبِ، ثُمَّ قُمْتُ بِبَابِ بَيْتِهِ فَمَرَّ بِي، فَقَالَ: «ادْخُلْ» فَدَخَلْتُ، فَأُتِيَ بِعَشَائِهِ فَرَأَيْتُنِي أَكُفُّ عَنْهُ مِنْ قِلَّتِهِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: نَاوِلْنِي نَعْلِي، فَقَامَ وَقُمْتُ مَعَهُ قَالَ: «كَأَنَّ لَكَ حَاجَةً؟» قُلْتُ: أَجَلْ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ رَهْطٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يَسْأَلُونَكَ عَنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَالَ: «كَمِ اللَّيْلَةُ؟» قُلْتُ: اثْنَتَانِ وَعِشْرُونَ قَالَ: «هِي اللَّيْلَةُ» ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: «أَوِ الْقَابِلَةُ» يُرِيدُ لَيْلَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ.))
وفي الحديث الاحتمال بين الليلتين المتواليتين .
قال شيخ الاسلام في شرح العمدة (وينبني على ذلك: أنه لو نذر قيام ليلة القدر؛ لزمه, ولم يجزه في غيرها, فيلزمه قيام ليالي العشر كلها؛)