كراهة حجز مكان في الصفوف الأولى من المسجد
قد يحتج من أعتاد حجز الأماكن بالحديث الذي رواه مسلم ,( اذا قام الرجل من مجلسه ثم عاد اليه فهو احق به )) , لكن هذا خاص بمن جلس ابتداء في مكان معين ثم قام عنه لأجل حاجة كالوضوء , ثم في نيته أن يرجع اليه بعد زوال حاجته وهذا زمن يسير لا يبطل به اختصاصه بالمكان لذلك جاء في رواية أحمد والترمذي (وإن كانت له حاجة فقام إليها، ثم رجع؛ فهو أحق به ))
قال النووي(( قال أصحابنا هذا في حق من جلس في موضع من المسجد أو غيره لصلاة مثلا ثم فارقه ليعود إليه كإرادة الوضوء مثلا أو لشغل يسير ثم يعود لا يبطل اختصاصه به وله أن يقيم من خالفه وقعد فيه وعلى القاعد أن يطيعه )
لذلك عد شيخ الاسلام هذا الفعل أي حجز مكان معين كالأرض المغصوية
ففي مجموع الفتاوى لابن تيمية ج: 24 ص: 216
(وسئل عن فرش السجادة فى الروضة الشريفة هل يجوز أم لا فأجاب
ليس لأحد أن يفرش شيئا ويختص به مع غيبته ويمنع به غيره هذا غصب لتلك البقعة ومنع للمسلمين مما أمر الله تعالى به من الصلاة والسنة أن يتقدم الرجل بنفسه )) انتهى
سبحان الله , هذا مع ما للروضة المشرفة من فضيلة ومزية ؟
وقول شيخ الاسلام (مع غيبته ) ينطبق تماما على هؤلاء الذين يحجزون مكانا ثم يتركونه ويغيبون عنه فترة طويلة ثم يأتون في الأخير اذا حضرت الصلاة فيجدونه فارغا وقد امتنع المصلون من الجلوس والتقدم اليه , وهذا الفعل أقرب الى البدعة في الدين منه الى العبادة , لذلك قال شيبخ الاسلام (السنة أن يتقدم الرجل بنفسه )
أي لا يتقدم الى الصف الأول بوضع شيء من أغراضه ليحجز هذا المكان ويغتصبه ظلما وعدوانا بغير حق , فمن أراد التقدم الى مكان معين فليتقدم هو بنفسه وبجلس فيه منتظرا الصلاة
ولذلك قال العلامة ابن ياز رحمه الله تعالى:
(ولا يجوز الحجز للناس، بل الصف لمن تقدم، من تقدم فهو أولى بالصف الأول.. وهكذا، ولا يجوز الحجز حتى يتأخر، ولكن من تقدم فهو أولى)) انتهى
وسئل الشيخ عبد المحسن العباد حفظه الله هذا السؤال:
ما حكم من يضع كتاباً في المسجد قبل الصلاة، ثم يأتي بعد الصلاة فيجد أحداً في مكانه، هل يجوز له أن يطرده من ذلك المكان محتجاً بأنه مكانه؟
فأجاب بقوله :
هذا لا يجوز، وإذا أقيمت الصلاة لا يتركون فجوة للكتاب! بل يجب عليهم أن يرفعوا الكتاب وأن يصفوا ويصلوا الصفوف. والإنسان إذا جاء المسجد وصلى في مكان مشاع فهو أحق به، أما كون الإنسان يضع شيئاً يحجز به مكاناً ثم بعد ذلك يريد أن يكون له ذلك المكان فلا يجوز ذلك، وإذا جاء إنسان وصلى في مكان وجلس في مصلاه فلا أحد يقيمه من مكانه.)) انتهى
وهذه فتوى الشيخ مختار الشنقيطي في عدم الجواز الا لمن ذهب للضرورة أي قضاء الحاجة ثم يرجع الى مكانه الذي احتجزه
( يشتكي بعض الإخوة من قضية حجز الأماكن وإتيان بعض المتأخرين وإيذائهم لمن تقدم عليهم ، وسبقهم إلى الأماكن فأولاً مسألة حجز المكان لا يحل لمسلم في بيت من بيوت الله عز وجل أن يحجز مكاناً له إلا في حالة واحدة وهي أن يقوم لقضاء حاجته في دورة المياه وهي الحاجة التي لابد منها ،
أما لو انتقل إلى حلقة علم أو أراد أن يسلم على شخص أو يذهب إلى ركن المسجد أو يستند إلى سارية فليس من حقه أن يحجز مكانين في المسجد ، وهذا أمر ينبغي التناصح فيه وتواصي بعضنا بعضاً ..))
وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها
أحمد بوعسلة