المتبرجة .. متسولة!



محمد السحيم


النفوس ما بين مزدرية للسائل ومشفقة عليه، ومتعففة عن المسألة، وأسوأ التسول ما كان عن ظهر غنى، وكان استجداء لمشاعر يفتقر إليها السائل، كمن يسأل لفتة حب، ونظرة إعجاب، ولمسة حنان.. وما ذاك إلاّ لأنَّه إعلان صريح أنَّ صاحبه محتاج إلى الحب ومفتقر إلى الحنان، ومشتاق إلى العطف والإعجاب.
وأسوأ منه حينما يسأل المتسول من لا يستطيع الوفاء بمسألته كمن يسأل اللصوص وقطاع الطريق.
إذا اتضح لك ذلك جلياً أدركت أنَّ المرأة التي تخرج من بيتها لتعرض مفاتنها على كلّ غاد ورائح لسان حالها يقول: نظرة لو تكرمتم، شفقة إن أحسنتم، إنني بحاجة إلى من يملأ قلبي حباً وحناناً، إنني أعلن لكم أنني متسولة مشاعر وفقيرة عواطف.
وتعلم أنَّ من أمامها رجلان: رجل قد استغنى بالله وعف عمَّا حرم الله عليه، فلا ينظر إلى ما حرم الله عليه، فهي تعلم أنَّها لا تجد حاجتها لديه.
ورجل لم يستغن بالله، أطلق لبصره العنان، يرمق هذه وينظر إلى تلك، يتطاول بنظره إلى عرض غيره، ويمتد إلى ما لا يحل له، مثله كمثل اللص يسرق المتاع، بل انتهاك الأعراض والجراءة على المحارم أعظم بشاعة، ومن بضاعته التطاول على الأعراض، والجراءة على المحارم.. لا ينتظر منه أن يمنح الحب أو يحفظ الجناح حناناً أو يعطف على محتاج؛ بل غاية مرامه إشباع شهوة حاضرة لا يعنيه من يدفع ثمنها.