د. سلام نجم الدين الشرابي

إنهم لا يلعبون...


هل بدأت تخفين علبة صغيرة في محفظتك النسائية وتخشين أن يراها أحد؟!!
هل تقومين بتهوية غرفتك وفتح نوافذها بعد انتهائك منها مخافة أن يدخل غرفتك أحدهم، فيعرف أنها رافقتك لدقائق؟!
ربما هو الأمر كذلك...
ففي حين تسعى وزارة الصحة في كل مكان بالعالم للقضاء على هذه العادة السيئة تسعى شركات التبغ الأجنبية في سياستها الحالية إلى استقطاب النساء كعملاء جدد وهدف تسويقي مهم في الدول النامية.
هذا ما بينه تقرير نشر في مؤتمر دولي ضد التدخين في العاصمة الفنلندية "هيلسنكي".
رسمت هذه الشركات خطتها بعد ما تبين لها أن نسبة المدخنين من الرجال في العالم تبلغ 47 % بينما تمثل هذه النسبة بين النساء 12% فقط.. هذا يعني أنه يوجد سوق كبير غير مستغل للسجائر يجب الالتفات له ضمن خطتهم التسويقية القادمة..
تقوم استراتيجية هذه الخطة على ما بنته جمعيات تحرير المرأة والمؤسسات التغريبية التي حاولت تصدير صورة المرأة المثالية المتمثلة في المرأة الغربية المتحررة من كل القيم الدينية والأخلاقية إلى نساء الدول النامية.
لذلك فهي تسعى ضمن حملاتها الدعائية إلى استغلال صور تعبر عن الاستقلال لدى المرأة الغربية والمساواة مع الرجل وربطها بالمرأة المدخنة، في محاولة لكسر الحظر التقليدي ضد الأنثى التي تدخن في الدول النامية حسب تعبيرهم.
ولأنهم لا يلعبون فإنهم يحسبون لكل شيء حسابه.. فلابد أن يواجهوا في حملتهم الدعائية نساء لم تؤثر فيهم جميع تلك المحاولات التغريبية، فتوجهوا لهن بإعلانات تستهدف المرأة كأنثى من خلال رسم أفكار إيجابية عن التدخين وربطه بالرشاقة وما يولده من راحة نفسية واسترخاء بعد التعب والغضب، إضافة إلى أنه يساهم في إنقاص الوزن!!
وقبل ذلك كله سعت هذه الشركات إلى استقطاب النساء من خلال صنع أنواع من السجائر خاصة بهن، فاعتنوا بجمالها وجمال العلبة الموضوعة بها.
و لم تكتف شركات التبغ باستهداف المرأة عن بعد, بل حرصت في خطتها الحالية على إقامة علاقة مباشرة معها من خلال رعاية حفلات ملكات الجمال في العالم، ورعاية المسابقات الرياضية والحفلات الموسيقية والفنية، والإعلان لدى المنظمات النسائية التي لها قدرة على التأثير بين الفتيات والنساء في الدول النامية.
ويقول التقرير الذي نشر الأسبوع الماضي أن المجهودات التي تبذلها شركات التبغ العالمية قد لاقت نجاحاً في إحداث تغيرات جديدة بين النساء في الدول النامية.
و استعرض التقرير الدولي معلومات مهمة وخطيرة عن صناعة إنتاج التبغ في العالم وحجم التجارة به وحجم استهلاكه في العالم والقوانين التي تخصه والأمراض التي أثبتت الدراسات العلمية أنه سبب رئيسي فيها، وشملت هذه الدراسة 196 بلدا حول العالم.
و يشير التقرير إلى أن نصف الوفيات بمرض السرطان الناجم عن التدخين تحدث بين شعوب الدول النامية، وأن هذه النسبة ستزداد عام 2020م لتصل إلى نسبة 70% في الدول النامية.
وقال التقرير إن التدخين كان سببا مباشرا في موت حوالي 4.9 مليون شخص عام 2000م، من المتوقع أن يزيد هذا الرقم على 9 ملايين وفاة بسبب التدخين عام 2020.