اختلف العلماء في حكم الوفاء بالوعد على ثلاثة أقوال :
فذهب جمهور العلماء على أن الوفاء به مستحب وليس بواجب لا ديانة ولا قضاء وهو مذهب الأئمة الثلاثة : أبي حنيفة والشافعي وأحمد .
قال الحافظ : ونقل الإجماع في ذلك مردود فإن الخلاف فيه مشهور لكن القائل به قليل واستلوا على ذلك بأدلة :
منها : ما أخرجه أبوداود والترمذي وحسنه : أنه صلى الله عليه وسلم قال : إذا واعد أحدكم أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف فلا شيء عليه ."
ومنها : أن الرجل إذا وعد وحلف واستثنى بقوله :" إن شاء الله " سقط عنه الحنث بالنص والإجماع فهذا دليل على سقوط الوعد منه .
وذهب ابن شبرمة : إلى لزوم الوفاء بالوعد ديانة وقضاء وهو مذهب بعض السلف منهم عمر بن عبد العزيز والحسن البصري وإسحاق بن راهويه والظاهرية .
واستدل أصحاب هذا الرأي بنصوص من الكتاب والسنة منها :
قول الله تعالى ( يأيها الذين ءامنوا أوفوا بالعقود ) وقوله تعالى ( يأيها الذين ءامنوا لم تقولون مالا تفعلون ) وغيرهما من الآيات .
وبما جاء البخاري ومسلم عن النبي صلى الله وسلم قال :" آية المنافق ثلاث " وذكر منها :" إذا وعد أخلف " وبهذا يكون إخلاف الوعد من صفات المنافقين ويكون محرما" .
وما أخرجه الترمذي أن النبي صلى الله وسلم قال :" لا تمار أخاك ولا تمازحه ولا تعده موعدا" فتخلفه ".
وذهب المالكية : إلى التفصيل فقالوا : يجب الوفاء به إذا كان الوعد على سبب كأن يأمر بأن يدخل لشراء سلعة أو قيام بمشروع فإذا تورط الموعود رجع الواعد بوعده فهذا يجب عليه الوفاء ديانة وقضاء .
وأما إن لم يحصل ضرر على الموعود من الرجوع بالوعد فلا يلزم الوعد . وحجة هؤلاء في تفصيلهم هذا : أن النصوص الشرعية في هذه المسألة تعارضت وهذا أحسن جمع بينها .
قال قال الشنقيطي في تفسيره : اختلف العلماء في لزوم الوفاء بالعهد :
فقال بعضهم : يلزم الوفاء به مطلقا" .
وقال بعضهم : لا يلزم مطلقا" .
وقال بعضهم : إن أدخله بالوعد في ورطة لزم الوفاء به وإلا فلا .
والذي يظهر : أن إخلاف الوعد لا يجوز لكونه من علامات المنافقين ولكن الواعد إذا امتنع من إنجاز الوعد لا يحكم عليه به ولا يلزم به جبرا" بل يؤمر به ولا يجبر عليه .
وهذا اختيار الشيخ عبد الرحمن السعدي و ابن عثيمين وعبد الرحمن القاسم ومصطفى الزرقاء وعبد الله البسام وغيرهم .