تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: هلاك قوم لوط بالرجم وليس بالسقوط

  1. #1

    افتراضي هلاك قوم لوط بالرجم وليس بالسقوط

    بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
    قال تعالى في كتابه العزيز
    ﴿وَلَمّا جاءَت رُسُلُنا إِبراهيمَ بِالبُشرى قالوا إِنّا مُهلِكو أَهلِ هذِهِ القَريَةِ إِنَّ أَهلَها كانوا ظالِمينَ ۝ قالَ إِنَّ فيها لوطًا قالوا نَحنُ أَعلَمُ بِمَن فيها لَنُنَجِّيَنَّه ُ وَأَهلَهُ إِلَّا امرَأَتَهُ كانَت مِنَ الغابِرينَ ۝ وَلَمّا أَن جاءَت رُسُلُنا لوطًا سيءَ بِهِم وَضاقَ بِهِم ذَرعًا وَقالوا لا تَخَف وَلا تَحزَن إِنّا مُنَجّوكَ وَأَهلَكَ إِلَّا امرَأَتَكَ كانَت مِنَ الغابِرينَ ۝ إِنّا مُنزِلونَ عَلى أَهلِ هذِهِ القَريَةِ رِجزًا مِنَ السَّماءِ بِما كانوا يَفسُقونَ ۝ وَلَقَد تَرَكنا مِنها آيَةً بَيِّنَةً لِقَومٍ يَعقِلونَ﴾ [العنكبوت: 31-35]

    شرح الآيات
    قوله تعالى ( جاءت رسلنا ..... قالوا إنا مهلكو )
    تدل الآيات أنهم مجموعة ملائكة جاؤوا لإهلاك قوم لوط
    لأن لفظ ( قالوا ) أنهم أكثر من اثنين
    ثم قالوا
    ( إنا مهلكوا أهل هذه القرية ) تدل على أن هذه المجموعة من الملائكة جند من جنود الله (هذه القرية ) أنها قريبة من مكان إبراهيم عليه السـلام حين جاءت إليه الملائكة
    ثم تكررت نفس العبارة في قول الملائكة لنبي الله لوط
    ( إنا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء )
    يدل أن الملائكة سوف تنزل الحجارة على أهل القرية وتصيبهم بالعذاب والهلاك
    فالرجم سيصيب أهل القرية مباشرة من علو لقوله ( رجزا من السماء ) سواء هم داخل البيوت أو خارجها
    قال تعالى

    ﴿قالَ فَما خَطبُكُم أَيُّهَا المُرسَلونَ ۝ قالوا إِنّا أُرسِلنا إِلى قَومٍ مُجرِمينَ ۝ لِنُرسِلَ عَلَيهِم حِجارَةً مِن طينٍ ۝ مُسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلمُسرِفينَ ۝ فَأَخرَجنا مَن كانَ فيها مِنَ المُؤمِنينَ ۝ فَما وَجَدنا فيها غَيرَ بَيتٍ مِنَ المُسلِمينَ ۝ وَتَرَكنا فيها آيَةً لِلَّذينَ يَخافونَ العَذابَ الأَليمَ﴾ [الذاريات: 31-37]

    في هذه الآيات أيضا يدل على أنهم مجموعة ملائكة والله أرسلهم لقول الله ( قالوا إنا أرسلنا ) يعني الله أرسلهم
    وقوله تعالى ( لنرسل عليهم حجارة من طين ) اللام لام التعليل فهم بأنفسهم سيرسلون العذاب ويرجمون أهل القرية وأن العذاب هو حجارة من طين مطبوخ وهو السجيل وينزل عليهم نزول المطر المتتابع يؤخذ من قوله
    (( وَأَمطَرنا عَلَيها حِجارَةً مِن سِجّيلٍ مَنضودٍ﴾) [هود: 82]

    والمنضود هو المتتابع وبقوة تجعل سبل النجاة منه مستحيلة
    وليست كما قيل أنها تحتمل أنها براكين فإن البركان يجعل القريب منه يتعذب أكثر من البعيد منه وأيضا البركان عادة تخرج منه حمم تقذف وحمم تسيل في الأرض ولا ينطبق هذا على العذاب الذي نزل على قوم لوط وهو مطر السوْء الذي نزل عليهم من فوقهم
    وبطبيعة الحال نزول الحجارة التي هي من سجيل منضود متتابع عام شامل للقرية شمول المطر يجعل أعلى ما في بنيان القرية أسفلها لأن القصف المتتابع جاء من فوقهم فسوف تسقط وتهوي البيوت على أهلها وأسرع ما يسقط من البيوت التي يتحصن بها أهلها عند القصف أعلاها فتنكشف البيوت ومع استمرار مطر السوْء

    يكون أعلى ما في القرية أسفلها وقد أصبح ملقى وساقطا على الأرض
    كما هو مشاهد في عالمنا اليوم عندما تتعرض قرية لقصف جوي مكثف تجد أعلى المبنى ساقطاً على الأرض ويظهر للمشاهد والمار قواعد المبنى باقية ،،

    وبعد هلاك القوم وانتهاء أمرهم وقطع شرهم
    تبقى هناك دلائل على هلاكهم وعذابهم لتكون عبرة لمن اعتبر قال تعالى

    ﴿فَكَأَيِّن مِن قَريَةٍ أَهلَكناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُروشِها وَبِئرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصرٍ مَشيدٍ﴾ [الحج: 45]

    قال تعالى عن قوم لوط في سورة الذاريات
    ۝ وَتَرَكنا فيها آيَةً لِلَّذينَ يَخافونَ العَذابَ الأَليمَ﴾ [الذاريات: 31-37]

    وقال عنهم في سورة العنكبوت
    ۝ إِنّا مُنزِلونَ عَلى أَهلِ هذِهِ القَريَةِ رِجزًا مِنَ السَّماءِ بِما كانوا يَفسُقونَ ۝ وَلَقَد تَرَكنا مِنها آيَةً بَيِّنَةً لِقَومٍ يَعقِلونَ﴾ [العنكبوت: 33-35]
    يعني بعد العذاب بقيت هناك آية بينة يعني علامة واضحة على هلاكهم

    وفي سورة الصافات يبين الله لكفار قريش بقوله أنكم تمرون على قرى لوط التي عذبت بالصباح وبالليل
    ﴿وَإِنَّ لوطًا لَمِنَ المُرسَلينَ ۝ إِذ نَجَّيناهُ وَأَهلَهُ أَجمَعينَ ۝ إِلّا عَجوزًا فِي الغابِرينَ ۝ ثُمَّ دَمَّرنَا الآخَرينَ ۝ وَإِنَّكُم لَتَمُرّونَ عَلَيهِم مُصبِحينَ ۝ وَبِاللَّيلِ أَفَلا تَعقِلونَ﴾ [الصافات: 133-138]

    حاثاً لهم للتعقل والتدبر وأخذ العظة والعبرة أن لا يصبهم ما أصابهم

    وقد ذكرهم الله في سورة الفرقان بالعذاب المشهور عنهم بدون ذكر اسم النبي
    ﴿وَلَقَد أَتَوا عَلَى القَريَةِ الَّتي أُمطِرَت مَطَرَ السَّوءِ أَفَلَم يَكونوا يَرَونَها بَل كانوا لا يَرجونَ نُشورًا﴾ [الفرقان: 40]
    ذكر بأنه أهلكم بالمطر ولم يقل بقلب ديارهم ولا شك أنه لو وقع قَلْبٌ لديارهم لذكر الله قي كتابه ،، فإن القلب أشد فتكاً وإهلاكاً من مطر السوء

    وقوله (( أَفَلَم يَكونوا يَرَونَها )) استفهام معناه التعجب من حالهم ، يرون آثار عذاب قوم لوط وما حل بهم إلا أنهم لم يتعظوا والسبب أنهم لا يرجون نشورا
    وفي آية الفرقان والصافات أن آثار مطر السوء وما حل بقوم لوط بهم وبديارهم بقيت بعدهم و ظاهرة للعيان وفيها آية بينة واضحة لما جرى
    وهذا يدل على أنها لم تقلب القرية ولو قلبت لما أمكن رؤيتها ولما حاجج الله كفار قريش على عدم الاتعاظ بهم
    وقد ذكر الله في عدة آيات من القرآن أن الملائكة أهلكتهم بالحجارة
    وهي غير قلب الديار
    وأيضا لو قلبت الديار بمن فيها ثم نزلت الحجارة لكان إهلاكهم بالقلب لا بالحجارة
    وقد قالت الملائكة (( إِنّا مُنزِلونَ عَلى أَهلِ هذِهِ القَريَةِ رِجزًا مِنَ السَّماءِ ))
    يعني أن العذاب النازل وهو السجيل ينزل على أهل القرية بمعنى يصيبهم إصابة مباشرة فيهلكوا بالسجيل وهو الطين لا بقلب ديارهم
    ويتبين لك أيها القارئ عدم صحة ما يتناقله عامة أهل التفسير بأن الذي أهلكهم هو جبريل عندما رفعهم إلى السماء حتى سمع أهل السماء صياح الديكة ونباح الكلاب ثم قلبها عليهم
    فإن هذا الأثر لا يثبت له سنداً ولا يصح متناً فإن قوم لوط أهلكتهم مجموعة ملائكة وهم ملائكة العذاب كما هو واضح من سياق الآيات

    وملائكة العذاب جاء لهم ذكرٌ في حديث قاتل المئة

    كما قال رسول الله " ﷺ" كان فيمن كان قبلكم رجلٌ قتل تسعةً وتسعين نفسًا . فسأل عن أعلمِ أهلِ الأرضِ فدُلَّ على راهبٍ فأتاه فقال : إنَّه قتل تسعةً وتسعين نفسًا . فهل له من توبةٍ ؟ فقال : لا . فقتله . فكمَّل به مائةً . ثمَّ سأل عن أعلمِ أهلِ الأرضِ فدُلَّ على رجلٍ عالمٍ . فقال : إنَّه قتل مائةَ نفسٍ . فهل له من توبةٍ ؟ فقال : نعم . ومن يحولُ بينه وبين التَّوبةِ ؟ انطلق إلى أرضِ كذا وكذا . فإنَّ بها أُناسًا يعبدون اللهَ فاعبُدِ اللهَ معهم . ولا ترجِعْ إلى أرضِك فإنَّها أرضُ سوءٍ . فانطلق حتَّى إذا نصَف الطَّريقَ أتاه الموتُ . فاختصمت فيه ملائكةُ الرَّحمةِ وملائكةُ العذابِ . فقالت ملائكةُ الرَّحمةِ : جاء تائبًا مقبلًا بقلبِه إلى اللهِ . وقالت (( ملائكةُ العذابِ )) : إنَّه لم يعمَلْ خيرًا قطُّ . فأتاه ملَكٌ في صورةِ آدميٍّ . فجعلوه بينهم . فقال : قِيسوا ما بين الأرضين . فإلى أيَّتِهما كان أدنَى ، فهو له . فقاسوه فوجدوه أدنَى إلى الأرضِ الَّتي أراد . فقبضته ملائكةُ الرَّحمةِ . قال قتادةُ : فقال الحسنُ : ذُكِر لنا ؛ أنَّه لمَّا أتاه الموتُ نأَى بصدرِه،، انتهى
    صحيح مسلم

    وأيضا لو رفعت القرية بسرعة لما تمكنت الديكة من الصياح لرؤيتها الملائكة ولم تنبح الكلاب لرؤيتها الشياطين

    هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على الهادي البشير وعلى آله وصحبه أجمعين

    ﴿ رَبَّنَا اغفِر لَنا وَلِإِخوانِنَا الَّذينَ سَبَقونا بِالإيمانِ وَلا تَجعَل في قُلوبِنا غِلًّا لِلَّذينَ آمَنوا رَبَّنا إِنَّكَ رَءوفٌ رَحيمٌ﴾ [الحشر: 10]


    أخوكم / سالم الهواش
    الكويت في
    22 جمادى الأولى 1440
    28 – 1 – 2019

  2. #2

    افتراضي رد: هلاك قوم لوط بالرجم وليس بالسقوط

    لا بد من تأمل أمرين:
    الأمر الأول:
    وصف الملائكة بأنهم: (ضيف)، ولم يقل (ضيوف) المفيدة للكثرة، وهذا دليل على قلة العدد.
    قال تعالى: {وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ}وقال: {وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ}
    وقال: {قَالَ إِنَّ هَؤُلَاءِ ضَيْفِي فَلَا تَفْضَحُونِ}
    وقال: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ}
    وقال: {وَلَقَدْ رَاوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنَا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُرِ}

    ولم يرد التعبير بـ(ضيوف) الدال على الكثرة في شيء من القرآن.
    والضيفُ: أصله المصدر، ويقال في الواحد والجماعة.
    ويستأنس على قلة عددهم: ضيافةُ سيدنا إبراهيم، قال تعالى: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ}
    وقال: {فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ}
    فما زاد على عجل واحدٍ.

    الأمر الثاني:
    ترتيب العذاب في الآيات:
    قال تعالى: {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلَا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ وَامْضُوا حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65) وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}، ثم قال: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ (73) فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ}
    وقال: {فَلَمَّا جَاءَأَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهَا حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنضُودٍ (82) مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ}

    فتبين من هذه الآيات أن:
    نجاة لوط وأهل بيته قبل الفجر، قال تعالى: {إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ}، وقال {فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ}.
    أن بداية العذاب الصبح، قال تعالى: {وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَؤُلَاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ}
    أن أولَ العذاب كان الصيحة عند إشراق الشمس، قال تعالى: قال: {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ}
    ثم تبع الصيحة: أمران، جَعْلُ عاليها سافلها، وعطف عليه: إمطارَ الحجارة، والعطف يقتضي المغاية
    وقدَّم جعل العالي سافلا على الإمطار، وفيه إشارة لتقدمه، فقال تعالى في الأولى: {فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} والفاء تفيد الترتيب أي بعد الصيحة.
    وفي الثانية جعلهما في جواب (لَمَّا)، قال تعالى: {فَلَمَّا جَاءَأَمْرُنَا جَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا}
    فأفهمت الآيتان: أن هناك جعل عال سافلا، وأن هناك إمطارا، وقدم فيهما الجعل على الإمطار
    فما ذكره المفسرون يفهم من الآيات

    أما ما أردتُه من أن نزول الحجارة يوجب جعل العالي سافلا، فلعل التعبير المناسب له أن يقال: (فأمطرنا عليهم حجارة فجعلنا عاليها سافلها)، لأن جعل العالي سافلا بمفهومك: مترتب على إمطار الحجارة، وليس عذابا آخر

    والله أعلم

  3. #3

    افتراضي رد: هلاك قوم لوط بالرجم وليس بالسقوط

    احسن الله اليك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •