لماذا انتشرت الاحتفالات بعيد الأم؟



تحقيق من ثلاثة بلاد.

كل عام من شهر مارس تستعد المحلات للاحتفال بعيد الأم، والتنافس لتجهيز وتسويق الهدايا؛ وصار هذه المناسبة فرصة لزيادة الأرباح.
فما سبب اهتمام الناس بهذا اليوم؟ ولماذا لم ينتشر بينهم أنه ليس بعيد، ولا يجوز الاحتفال عند المسلمين ـ كما علمنا ديننا الحنيف ـ إلا بعيدي الفطر والأضحى. ولماذا تساهل المسلمون في بلاد عديدة للاحتفال بهذا العيد أو هذا اليوم أكثر من غيره مثل: عيد الحب، أو عيد العمال، أو غيره من الأيام التي أضافها المسلمون وتساهلوا فيها؟

هل لمكانة الأم العالية في الإسلام، ومنزلتها الرفيعة؟ أم لضعف الشخصية الإسلامية، وتقليدها لبعض الأمم الأخرى التي لا تهتم بالبر بالأم، ولا تحسن للوالدين؛ ولذلك خصصت يوما واحدا في العام لتذكر الأم، والإحسان إليها فانتقلت هذه البدعة، أو تلك العادة إلى بعض المسلمين، أم لعدم أو ضعف تمسك المسلمون بدينهم، وعدم اعتزارهم بقيمهم ومبادئهم التي تأمرهم بالإحسان للوالدين طوال العام، بل وبعد وفاتهما.

فلماذا لا نعلم نحن بقية الأمم التي تزعم التقدم هذه الأخلاقيات، ولماذا لا ننشر هذه القيم، أو نصدر لهم تلك المبادئ؟
هل لضعف إعلامنا؟ أو لضعف تمسكنا بمنهجنا الشامل، أو لشعورنا بتخلفنا العلمي؟

أم لسبب آخر وهو أن بعض المسلمين رفض الاحتفال ببعض الاحتفالات البدعية مثل عيد الحب، أو لم يتحمس للاحتفال بعيد النصر أو يوم التحرير أو اليوم الوطني، ولكن بعض المسلمين تحمس، وقبل الاحتفال بعيد الأم فهل لأن له أصل في الشرع؟

فبعض العلماء في بعض البلاد بدأوا ينشرون هذا الأمر، ويرددون أن هذه الأعياد المستحدثة من باب العادات، والأمر في العادات مبني على السعة فالأصل فيها الجواز أو الإباحة، وما دامت هذه الأعياد تتم وفق إسلامنا وضوابطنا ولها أصل في شريعتنا فلا حرمة فيها أو لا كراهة.

ولمعرفة الآراء حول هذا الموضوع، فقد قام فريق من مراسلي موقع لها أون لاين في ثلاثة بلاد بإجراء هذا التحقيق للوقوف على أراء الناس، واستطلاع اتجاهاتهم. وسنعرض للآراء كما جاءت ثم نلخصها في النهاية.

فهذا تحقيق من مصر بعنوان عيد أم يوم للأم.

يقول فيه الأستاذ منير أديب :"عيد الأم من أهم المناسبات التي يلتف الكثير من المصريين حولها رجالا ونساء، فتختلف طريقة الاحتفال بهذا اليوم من بيت إلى بيت ومن أسرة إلى أخرى، كما تختلف رؤية الحكم الشرعي لهذا اليوم، فكما أن أسر ترى أنه لا حرج شرعي في الاحتفال باليوم، ترفض أسر أخرى الاحتفال من منطلق شرعي.
حول كيفية الاحتفال بيوم الأم بين رافض لشكل الاحتفال، وآخر يضعه مرتبة الأعياد المقدسة كالعيدين، كان لنا هذا التحقيق.

في البداية تقول سلوى حماصي أم لثلاثة بنات وولدين: "إن أسرتها تحتفل بهذا العيد منذ 25 عاما؛ وأن هذه الأسرة الصغيرة المكونة من أولادها وزوجها ورثوا هذا الاحتفال عن آبائهم وأجدادهم؛ فمنذ أدركت وهي تحتفل بهذا العيد".
تضيف سلوى، أنها وأسرتها يستعدون لهذا العيد بإعداد الطعام وبعض الحلويات فيكون فرصة لتجميع الأسرة على مائدة واحدة، وبالتالي نقضي سهرة طويلة يتخللها إعطاء الأسرة بعض الهدايا الرمزية للأم من قبل الزوج والأبناء.
ولفتت، إلى أن زوجها زرع الاحتفال بهذا العيد في قلوب الأبناء فمنذ تزوجت من 25 عاما فكان زوجي يقوم بتقديم هدية سنوية؛ في بعض الأوقات كانت هذه الهدية رمزية مثل: وردة وهذه الهدية الرمزية عندما كنا نمر بضائقة مالية وكانت تصل في بعض السنوات لبعض الأساور الذهبية، ولذلك فأنا أتذكر 25 عيدا مروا عليّ كما أتذكر الهدايا التي أخذتها في هذا العيد.
وحول طريقة الاهتمام بهذه المناسبة تقول سلوى:" كان زوجي يقوم بشراء بعض الهدايا وإعطائها للأبناء كي يقوموا بتقديمها في هذا العيد، وكانت كل هدية تختلف عن الأخرى حسب اختيار الابن أو الابنة للهدية.

بدع اليوم
تقول فتحية حسان أم لخمسة من الأبناء، إنها لا تجد حرجا هي وأسرتها في الاحتفال بهذه المناسبة، غير أنها رجعت وقالت:"إن طريقة احتفالها بهذه المناسبة بعيد تمام البعد عن تقديس اليوم، وإعطائه أكبر من حجمه الحقيقي فهو في البداية والنهاية يوم ابتدعه الناس للاحتفال بالأم لا لإعطائه القدسية والهائلة التي يرفعها الناس حول هذا اليوم".

تضيف، أننا نأخذ من هذا اليوم خيره، وننتهز فرصة لتعريف الأبناء بأهمية احترام الوالدين وتوقيرهم وبالتالي احترام حقوق الوالدين.

ولفتت، إلى أهمية استخدام أي طريقة حتى وإن كانت "بدعة"، طالما أنها تصب في مربع القيم الإسلامية، وهذه المناسبة فرصة للاهتمام والاعتناء بالوالدين، وفي مثل هذه المواقف قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه "بدعة و نعمة البدعة" فالاحتفال بهذا اليوم يربي في الناس حب الوالدين وأهمية الاعتناء بهم حتى وإن كان لفترة بسيطة.
وأكدت، أنها تخرج من ذلك بأنها تعرّف أولادها بأن هذه المناسبة لا تعدو أنها مجرد احتفال "بشري" بالأم، وأن هذا الاحتفال لابد أن يكون مستمرا ودائما، وألا يقتصر على يوم واحد في العام، بل يكون خلال العام كله، فضلا أنه "يوم" وليس "عيداً" لأن المسلمين ليس لهم سوى عيدين هما عيد الفطر والأضحى.
موقف الشرع
وحول موقف الشرع يقول الشيخ جمال قطب رئيس لجنة الفتوى بالأزهر الشريف سابقا، هناك مدارس ومذاهب ذهب بعضها إلى تحريم الاحتفال، وذهب البعض الأخر بعدم المنع بهذا الاحتفال بشروط.
قال:"البعض رأى أنه لا حرج شرعي، على اعتبار أن الاحتفال بهذا اليوم هو أحد مظاهر البر فضلا عن أنه مظهر إنساني يجمع الأسرة بعضها البعض".

وأضاف، البعض يقف عند حرفية اللفظ وعدم جواز الاحتفال لأنه ليس بـ"عيد" وبالتالي لا يجوز اعتباره ضمن الطقوس الشرعية؛ لأنها مرهونة بالله عز وجل ولا يجوز لبشر أن يشرّع غير الله.
وحول وجهته نظرة، قال:"الشرع لا يمانع في ذلك طالما كان بعيدا عن المخالفات الشرعية فالمناخ العام يتحمل الإضافة طالما أنها لا تخالف ولا تعارض الإسلام كمنهج حياة".
وأنهى كلامه بأن شكل الاحتفال هو الذي يحدد عما إذا كان ذلك مقبولا شرعا أم مرفوضا، فإذا اقتصر ذلك على التكريم دون الاحتفال والتخصيص فلا مانع، أما إذا كان غير ذلك فهناك حرج شرعي.

وإن شاء الله في الحلقة القادمة سنستكمل التحقيق، وننشر الآراء القادمة من فلسطين من الأخت محاسن أصرف، ومن جدة من الأخت غادة بخش، ثم نلخص النتائج، نسأل الله تعالى الإعانة والتوفيق.
منقول