فَرَجٌ قَرِيبُ


محمود أبو زهرة*

قرأنا جميعاً ونحفظ سورة الشرح والتي من آياتها (فإن مع العسر يسرا. إن مع العسر يسرا) وتأتي كلمات الصادق المصْدوق العذبة الصافية النديَّة لتفصِّل ما أجمل من القرآن في قوله صلى الله عليه وسلم (إن النصر مع الصبر، وإن الفرج مع الكرب، ولا يغلب عسر يسرين) (1)حديث شريف.

ومن معايشتي لهذه المعاني خلصت إلى الآتي:

• من لمح فجْر أمر اليُسر هَان عليه مرارة ألم العُسْر.
• استقبل لحظات العسر بفرح وسعادة فسوف يعقبه لحظات يُسْر.

• لا تفرح بأوقات اليسر والسعة، فسيعقبها أوقات عُسر وضيق وهذه هي الحياة.
• الأحوال واللحظات والأوقات تستوي عند كل مسلم، فهو لا يفرح بيسر ولا يحزن بعسر.
• الفرحة الحقيقية والسعادة الأصيلة تكون بفضل الله وطاعته، والتوفيق للعمل التطوعي الخيري.
• كان السلف يتمنون ساعات العسر لولا وصية الرسول صلى الله عليه وسلم: لا تتمنوا لقاء العدو.
• في ساعات الضيق والعسر: يكون القلب منكسرا، والجسم ذليلا، والعمل خالصا.
ويشعر المسلم بفقره وحاجته لله تعالى؛ فيدعو بإخلاص ويسأله بصدق أن يفرج عنه ما هو فيه.
• الله يمنع الفتح واليسر، لأنه يحب أن يسمع أنين المذنبين وتنهُّدات الأوَّابين.
• عين المنع عطاء كما يقول ابن عطاء، وعين العطاء منع فافهم عن الله.
• إن الله يمنع الدنيا عن أحدكم، كما تمنعون الطعام الذي يضر عن مريضكم.
• الكيس الفطن هو الذي لا يشكو ولا يتوجع ولا يتضجر في حالات العسر والضيق.
• استعينوا بالكتمان على قضاء حوائجكم، فعالم السر منكم سيكشف الكرب عنكم.
• لا تحسبن المجد تمرا أنت آكله .. لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر.
• الله خزائنه ملأى، ويده معطاءة، وهو الكريم الذي يعطي دون أن يُسأل.
• سل الله كل شيء، ولا تستعظم شيئا، فهو يقدر على كل شيء، ويعلم كل شيء.
• لا تحمل هم شيء فرزقك مكفول، وعمرك معلوم، وآخرتك مكتوبة فخذ بالأسباب.
• تمتع بروح الدعابة والمرح والرضا خاصة في حالات العسر مع زوجتك وأهلك.
• تفاءل ولا تتشاءم، فالخير كل الخير في التفاؤل، واسع بهذه الروح بين الناس.
• نظِّم أوقاتك واكتشف قدراتك، وأطلق مواهبك ولا تحتقر نفسك بلا تعالِي.
• أخلص نيتك، واجتهد مع عباد الله عطاء وتفريجا فالجزاء من جنس العمل.
• كن من أهل الفضل الذين إذا قُطِعوا وصلوا، وإذا حُرِموا أعطوا، يفرَّج عنك كربك.
· ملازمة الاستغفار تفرج الكرب، كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل هم فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب"(2).
• نظن جميعا أن الفرج واليسر سيتأخَّر، لا والله هو أقرب إليك من شراك نعلك.
· ابحث عن الوسائل التي تعينك على تقوى الله تعالى للوصول لفضائلها و منها البركة،يقول تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ} الأعراف:96.

كتبت هذه السطور مع مروري بمواقف ضيق وعسر، فذقت مرارتها، والآن ألمح حلاوة الأمل في خطوات متتابعة بين يوم وآخر، كنت أظن أن الأمر صعب جهيد حتى أصل إلى ما كنت أرجو أو أريد، لكن والله الأمر أقرب من ذلك.

أكتب إليكم بقلب ممتلئ بالفأل الحسن، واليقين في الرزق الواسع، والواقع يشهد والحمد لله رب العالمين، فلا تحرم نفسك من الفرحة، ولا من السعادة التي أنتشيها الآن، واكسر قيودك، وارض طموحك، وانطلق محلقا في سماء المجد محققا أحلامك، واصلا لطريقك، منفِّذا لأهدافك، ولا تنس أبدا أن الله معك، يؤيدك .. يعينك ... يفتح عليك ... يدفع عنك ... يكلل مساعيك بالتوفيق والنجاح..
لكن انتبه، احمل مع السعي نوايا جادَّة .. إنك في حالات الفتح عليك .. ستفتح على عباد الله ... ستعين الضعفاء ... ستمدّ أيادي العون للمحتاجين معطاءة بلا حدود.
ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــ ــــــــ

* محمود أبو زهرة: مدرب تنمية بشرية، وباحث في العلوم الإسلامية.

(1) الحديث رواه البيهقي وغيره، وضعفه بعض العلماء، وحسنه بعضهم ببعض الشواهد، ومنهم الألباني في السلسة الصحيحة.
(2) رواه أحمد، وأبو داود وابن ماجه، وضعفه بعض العلماء، وحسنه بعضهم منهم الشيخ أحمد شاكر في تخريجة لمسند الإمام أحمد.