أمان مؤجلة !!



يسرى الخطيب

ربَّما تكون متميزاً في عطائك للآخرين، تمنحهم بغير حساب، تحسّ بمشاعرهم وآلامهم وأحزانهم. وعندما تكون معهم قدلا تلتفت لهمومك وأوجاعك إطلاقاً.

مع شريك حياتك، يشتعل كل ما فيك من عواطف متباينة. تتأرجح بين الحزن والفرح، والأُنس والنفور، والألفة والغرابة، والانطلاق والانزواء، والإقبال والإدبار والسكينة والغربة.
أنت بكل تناقضاتك التي لا تدري من أين تنفجر في أعماقك، وفي الوقت الذي تعجز فيه عن فهم نفسك، وتفشل في تحليل ذاتك، وتستسلم أمام كآبتك وحزنك، تطلب من شريك حياتك أن يتفهمك ويشعر بك ويحيطك بالحبّ والحنان ! وهنا تكون الصدمة في شريك الحياة الذي لا يفهمنا، ولا يشعر بنا ولا يستوعبنا !!
إنَّ طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة متداخلة وشائكة وتؤثِّر فيها عوامل نفسية، ونوازع داخلية، وإيحاءات وحاجات دفينة، وأحلام مستترة، وأمان مكبوتة، مؤجلة منذ الطفولة ، اُزدهرت فينا ، كبرت معنا، وُلدت في لحظة كان الحلم والأمنية فيها أكبر منا نحن الصغار.
ففي صدر كل منا، نبتت عشرات الأماني والأحلام، وفي قلب كل واحد فينا ُدفنت أيضاً عشرات الإحباطات وخيبات الأمل على مدى السنين.
كنا نحلم بالحبِّ والراحة والأمان، نتمنى صدراً نزرع فيه عطاءنا الأخضر، وقلباً ندفن فيه أحزاننا، وروحاً تعرف روحنا وتألفها. نحلم بعينين نهديها وجهنا بابتساماته ودموعه. ونفسٍ تسقط أمامها كل الأقنعة، تسكن في حناياها نفسنا وتأنس بها.
كيف كانت تلك الأماني والأحلام تنمو وتزهر؟ كيف كنّا نلفلفها ونخبّئها، نطويها وننشرها، نحبها ونهابها، تُبهجنا وتُقلقنا ؟! هي في حركة دائمة في أعماقنا، نغزلها بأيامنا وسنين عمرنا، فيزداد تعلقنا بها، إنَّها أمانينا المؤجلة، نحتفظ بها لشريك العمر ولشريك العمر فقط !!
لذا يدخل الرجل والمرأة بيت الزوجية وهما محمّلان بالعشرات من الأماني المؤجلة، فهل يحقق كل منهما أماني الآخر وأحلامه؟!
ما أجمل أن نصنع معا ربيعاً وفجراً جديداً نحقق فيه كل أحلامنا وأمانينا المؤجلة !!