ارحمي أعصابك



فاطمة عبد الرءوف





كثيرة هي الضغوط التي تتعرضين لها منذ لحظة استيقاظك وحتى تلك اللحظة التي تضعين فيها رأسك على الفراش.. تتذكرين أيامك الماضية بشيء من الحسرة وقتها كنت تنامين ملء عينيك بكل عمق وتقضين الساعات في الثرثرة مع صديقاتك وتجدين وقتا لكل شيء لهواياتك المحببة للتسوق ..للتنزه.. وتخصصين وقتا لطلب العلم وحضور الدروس ومع ذلك كله تجدين وقتا فائضا لا تعرفين أين تصرفينه ..أما الآن فأنت بحاجة لأربع وعشرين ساعة إضافية حتى تنتهي من جدولك اليومي الذي يشتمل على الضروريات فقط ولا تجدين ساعة لنفسك تستمتعين فيها بفنجان من القهوة وذهن خال من المشاغل والأفكار.

الضغوط التي تعانين منها ليس فقط لازدحام يومك بالعديد من المسئوليات فالكثيرات يستطعن التكيف مع كثرة الأعباء ولكن هناك أمور إضافية هي التي تضغط على أعصابك مستوى أولادك التعليمي ..سلوكهم وكيفية تعديله ..علاقتك المتوترة مع أهل زوجك ..التطلع لمستوى معيشي أرقى والأكثر من ذلك كله تلك المخاوف التي تنتابك ومشاعر القلق التي تعتريك في علاقتك بزوجك ..نقده الكثير لك ..حديثه الإيجابي عن أخريات زميلات وقريبات ..شبح الزوجة الثانية ينغص عليك حياتك وعندما تعرفين أو تسمعين أن رجلا ما تزوج بأخرى يثور الدم في شرايينك وأنت تتخيلين أن هذا سوف يحدث لك.

حتى صديقاتك القدامى تمزقت علاقتك بهم وأصبحت حياتك خالية من إنسانة قريبة تسمعك وتخفف عنك بعض ما تجدين .

لقد أصبحت مستثارة فمرض ابن لك كفيل بإثارة أعصابك وقلقك واكتئابك ..لم تعودي قادرة على الاستماع الهادئ للمشكلات التي يعانيها ابنك وأنت لم تكوني كذلك فيما سبق كنت هادئة ورقيقة ومستمعة جيدة فما الذي حدث لك وأوصلك لهذه النتيجة القاسية والأهم كيف تستطيعين الخروج من هذه الحياة المؤلمة التي لم تكوني تتخيلي يوما أن تصلي إليها.

طبيعة الحياة

إن نظرتك الواقعية للحياة كفيلة أن تساعدك كي تضعي قدميك على أرض صلبة فالحياة مراحل ومرحلة قبل الزواج تختلف عن مرحلة ما بعد الزواج تختلف عن مرحلة ما بعد الأمومة ولو تأملت حال زميلاتك وصديقاتك التي توقفت بهن الحياة عند مرحلة ما قبل الزواج فلن تجدينهم سعداء بالمرة رغم قلة المسئوليات التي يقومون بها وستجدينهم يتطلعون لهذه المسئوليات بلهفة وشغف إذن أنت في نعمة ولكن عدم تأملك وتفكرك فيها هو الذي يحول بينك وبينها .

نظمي المسئوليات

هناك مقولة رائعة تقول: النظام نصف العمل ولو تأملتي حياة الناجحين والناجحات ستجدينها مليئة بالمسئوليات ولكنك أيضا ستجدينها مليئة بالتنظيم فما المانع أن تنضمي لهؤلاء الناجحين والناجحات ..احضري ورقة وقلم واكتبي كل المسئوليات الملقاة على عاتقك وتأمليها جيدا ..احذفي ما يمكن حذفه مثلا بند كي الملابس يمكنك ارسالها للكي ..غسيل الملابس ضعي في خطتك شراء غسالة آلية ..تدريس الأولاد فوضي والدهم لتدريس بعض المواد ..لديك ابن مريض كنت ساهرة بجواره لا تطبخي في هذا اليوم واطلبي وجبة جاهزة أو تناولوا بعض الشطائر الخفيفة في المنزل حتى لا تتحملي عبئين ..بسطي المسئوليات الملقاة على عاتقك واشركي الجميع معك ..دربي أولادك على تحمل نصيبهم من المسئولية ..قولي لهم تريدون أن أحكي لكم قصة ولكني مشغولة في الترتيب هيا رتبوا حجرتكم حتى نجد الوقت الكافي للقصة ..إنهم لايؤدون المهام بالشكل المطلوب وتبذلين الوقت والجهد لتعليمهم لا بأس بعد فترة من هذا التدريب ستنعمين بأولاد يشاركون في المسئوليات.

توكلي على الله

لا يوجد علاج فعال لمواجهة مشاعر القلق والتوتر التي تنتابك أفضل من التوكل على الله الذي خلقك ورزقك ودبر أمرك فلقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :"من قال في كل يوم حين يُصْبح وحين يُمسي، حسبي الله، لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم، سبع مرات؛ كفاه الله – عز وجل- همه من أمر الدنيا والآخرة".

فهلا توقفت كل صباح وكل مساء بضع دقائق لتذكري نفسك بهذه الحقائق الخالدة وتذكرين الله بصدق وإخلاص وتلقين بين يديه أوجاعك ومشاغلك ومخاوفك صدقيني ستشعرين ان طمأنينة حلت بقلبك وتسامح وطاقة كأنما قد اغتسلت روحك.

وعندما تهاجمك هذه المخاوف توقفي واستغفري 100مرة ستجدين أنها قد زالت وستجدين أن كل مخاوفك صغيرة فكل مصيبة تهون إلا مصيبة الدين .

أختاه ابذلي جهدك وخذي بالأسباب وتوكلي على الله



تذكري ضحن

تسألين ما هي ضحن هذه ؟ أقول لك: هذه لافتة يضعها طبيب نفسي شهير جدا على مكتبه وكل من يجلس قبالته يسأله عن سر ضحن هذه فيقول له : هذه وصفتي للسعادة وعلاج الاكتئاب والتوتر.

فالضاد تعني ضوء فيجب على الإنسان أن يتعرض لضوء الشمس الطبيعي ـ طبعا في غير أوقات الذروة ـ حيث أن التعرض لهذا الضوء يفرز هرمونات تمنح الإنسان السعادة وترفع من حالته المزاجية وتمنحه الحيوية اللازمة للقيام بأنشطته المختلفة .

والحاء تعني حركة فالحركة النشطة أو ممارسة الرياضة أفضل من أي علاج لمضادات الاكتئاب وهي تخفض ضغط الدم وتخلص الإنسان من شحنة التوتر وتزيد كمية الدم الواصلة للدماغ فيستطيع الإنسان أن يفكر بطريقة أفضل وأكثر إيجابية.

والنون تعني الناس فالإنسان كائن اجتماعي لا يستطيع الحياة بدون الناس وبداية أي مرض نفسي تبدأ بالعزلة لذلك لابد للإنسان الذي يريد أن يحيا حياة طيبة أن يجدد علاقاته بالناس وأن يسعى من أجل وصلات جديدة معهم.